البحث

عبارات مقترحة:

الحكم

كلمة (الحَكَم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعَل) كـ (بَطَل) وهي من...

الرءوف

كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...

الشافي

كلمة (الشافي) في اللغة اسم فاعل من الشفاء، وهو البرء من السقم،...

يأجوج ومأجوج

يأجوج ومأجوج: قبيلتان كبيرتان من أولاد يافث بن نوح، مفسدتان في الأرض، بنى ذو القرنين عليهما سدًّا منعهما من الخروج إلى الناس، ثم يخرجان آخر الزمان، وخروجهما من أشراط الساعة الكبرى الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، ويجب الإيمان بخروجهما آخر الزمان. وقد أنكر خروجهما بعض المتأخرين، وردَّ عليهم العلماء، وبينوا فساد قولهم.

التعريف

التعريف لغة

يأجوج ومأجوج: اسمان أعجميان، واشتقاق مثلهما من كلام العرب يخرَّج من أجّت النار، ومن الماء الأجاج، لشدة اضطرابهم وكثرة تموجهم. قال الأزهري: «قَالَ - يعني الليث -: وهما اسمان أعْجَميان واشتقاق مثلهمَا من كَلَام الْعَرَب يخرج من أَجَّتِ النَّار، وَمن الماءِ الأُجاج، وَهُوَ الشّديد الملوحة والمرارة، مثل مَاء الْبَحْر، المُحْرِق من مُلوحته... قَالَ: وَهَذَا لَو كَانَ الاسمان عَرَبِيَّين لَكَانَ هَذَا اشتقاقُهما، فَأَما الأعجميَّة فَلَا تُشْتَقُّ من الْعَرَبيَّة». "تهذيب اللغة" (11/159، 160). وقال ابن فارس: «وأجيج النار: توقدها، وممكن أن يكون اشتقاق ياجوج وماجوج (من هذا)». "مجمل اللغة" (ص78). وقال الراغب في مادة "أجّ": «ويأجوج ومأجوج منه، شبّهوا بالنار المضطرمة والمياه المتموّجة لكثرة اضطرابهم». "المفردات" (ص64). وانظر "لسان العرب" لابن منظور (2/207)، و"تاج العروس" للزبيدي (5/400). وتنطق بهمز وغير همز، وبكليهما جاء القرآن، قال ابن الجزري: «وأما يأجوج ومأجوج فقرأهما عاصم بالهمز، وقرأهما الباقون بغير همز». "النشر في القراءات العشر" (1 /394، 395).

التعريف اصطلاحًا

يأجوج ومأجوج: هما قبيلتان عظيمتان من أولاد يافث بن نوح، مفسدتان في الأرض، تظهران في آخر الزمان، ويقتلان خلقًا كثيرًا من الناس، حتى يهلكهم الله تعالى. قال السفاريني: «وقد ذكر الإمام ابن عبد البر الإجماع على أنهم من ولد يافث بن نوح عليه السلام». "لوامع الأنوار البهية" (2/115).

الأدلة

دل القرآن على خروج يأجوج ومأجوج دلالة واضحة في قوله تعالى: ﴿قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98) وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا﴾ [الكهف: 98، 99]. قال الطبري: «يقول: فإذا جاء وعد ربي الذي جعله ميقاتا لظهور هذه الأمة وخروجها من وراء هذا الردم لهم. جعله دكاء، يقول: سواه بالأرض، فألزقه بها». "تفسير الطبري" (15/412). وقال البقاعي: «﴿فَإذا جاءَ وعْدُ رَبِّي﴾ بِقُرْبِ قِيامِ السّاعَةِ ﴿جَعَلَهُ دَكّاءَ﴾ بِإقْدارِهِمْ عَلى نَقْبِهِ وهَدْمِهِ وتَسْهِيلِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ». "نظم الدرر" (12/140). ودلت عليه السنة أيضًا في أحاديث كثيرة، منها حديث زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: «لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ» وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا، قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ». أخرجه البخاري برقم(3346) ومسلم برقم (2880). ومنها حديث حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقَالَ: «مَا تَذَاكَرُونَ؟» قَالُوا : نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قَالَ: «إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ، فَذَكَرَ ، الدُّخَانَ ، وَالدَّجَّالَ ، وَالدَّابَّةَ ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَثَلاَثَةَ خُسُوفٍ : خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ». أخرجه مسلم برقم (2901). ومنها حديث النواس بن سمعان الطويل، وفيه: «فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى : إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي ، لاَ يَدَانِ لأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا ، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ : لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ ، حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِئَةِ دِينَارٍ لأَحَدِكُمُ الْيَوْمَ ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمُ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ ، فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ». أخرجه مسلم برقم (2937). والأحاديث فيه كثيرة، قال القنوجي: «والأحاديث الواردة فيهم كثيرة». "الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة" (ص203)، وكذلك قال السفاريني، انظر "البحور الزاخرة" (ص626). وكذلك انعقد الإجماع على خروجهم، قال السفاريني: «وأما الإجماع: فقد أجمعت الأمّة على خرُوجهم». "البحور الزاخرة" (2/626).

الحكم

يجب الإيمان بيأجوج ومأجوج وأن خروجهم حق، قال معمر بن أحمد في عقيدته التي ذكر فيها ما كان عليه أهل الأثر والحديث: «وَأَن الدَّجَّال ودابة الأَرْض، ويأجوج وَمَأْجُوج وطلوع الشَّمْس من مغْرِبهَا حق وصدق». "الحجة في بيان المحجة" لقوام السنة الأصبهاني (1/235). وقال الموفق ابن قدامة: «ويجب الإيمان بكل ما أخبر به النبي وصح به النقل عنه فيما شاهدناه، أو غاب عنا، نعلم أنه حق، وصدق، وسواء في ذلك ما عقلناه وجهلناه، ولم نطلع على حقيقة معناه... ومن ذلك أشراط الساعة، مثل خروج الدجال ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام فيقتله، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وأشباه ذلك مما صح به النقل». "لمعة الاعتقاد" (ص28-31). و قال ابن حمدان: «يجب الإيمان جزمًا بالساعة وأشراطها من الدجال، ويأجوج ومأجوج، ونزول عيسى، وخروج النار والدابة». "نهاية المبتدئين" (ص54).

الأحداث

خروجهم آخر الزمان

ورد في كيفية خروجهم من السد حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي في السد قال: «يحفرونه كل يوم، حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غدًا، فيعيده الله كأشد ما كان، حتى إذا بلغ مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس. قال الذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غدًا إن شاء الله واستثنى»، قال: «فيرجعون فيجدونه كهيئته حين تركوه فيخرقونه، فيخرجون على الناس، فيستقون المياه، ويفر الناس منهم، فيرمون بسهامهم في السماء فترجع مخضبة بالدماء، فيقولون: قهرنا من في الأرض وعلونا من في السماء، قسوة وعُلُوًّا». أخرجه الترمذي برقم (3153)، والحاكم برقم (8501).

حصارهم لسيدنا عيسى ومن معه ثم هلاكهم

ورد ذكر حصار سيدنا عيسى ومن معه، وجوعهم الشديد، وفزعهم إلى الله حتى يخلصهم من يأجوج ومأجوج، واستجابة الله دعاءهم، في حديث النواس بن سمعان الطويل، وفيه: «فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى: إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لاَ يَدَانِ لأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ: لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِئَةِ دِينَارٍ لأَحَدِكُمُ الْيَوْمَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمُ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ، فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الأَرْضِ، فَلاَ يَجِدُونَ فِي الأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلاَّ مَلأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللهِ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا لاَ يَكُنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ، فَيَغْسِلُ الأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلأَرْضِ : أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ». أخرجه مسلم برقم (2937). قال النووي: «النَّغَفُ: بِنُونٍ وغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ فاءٍ، وهُوَ دُودٌ يَكُونُ فِي أُنُوفِ الإبِلِ والغَنَمِ، الواحِدَةُ نغفة، والفرسى بِفَتْحِ الفاءِ مَقْصُورٌ أيْ قَتْلى، واحِدُهُمْ فَرِيسٌ». "شرح النووي على مسلم" (18/69).

مذاهب المخالفين

أنكر عدد من المتأخرين أشراط الساعة الكبرى جملة، ومنها: يأجوج ومأجوج، ومنهم: محمد رشيد رضا، حيث يقول: «ما ورد من الأشراط الكبرى الخارقة للعادة يضع العالم به في مأمن من قيام الساعة قبل وقوعها كلها، فهو مانع من حصول تلك الفائدة، فالمسلمون المنتظرون لها يعلمون أن لها أشراطا تقع بالتدريج، فهم آمنون من مجيئها بغتة في كل زمن، وإنما ينتظرون قبلها ظهور الدجال والمهدي والمسيح عليه السلام ويأجوج ومأجوج، وهذا الاعتقاد لا يفيد الناس موعظة ولا خشية، ولا استعدادا لذلك اليوم أو لتلك الساعة، فما فائدة العلم به إذا؟». "تفسير المنار" (9/407، 408). وتلقف اعتراضاته محمود أبو رية المشكك في السنة النبوية كما في كتابه "أضواء على السنة المحمدية" (ص214-216) مستشهدًا بكلام رشيد رضا. ويرد على ما ذكروه بأن الأحاديث النبوية إذا صحت بل وتواترت لا يعترض عليها بمثل ذلك، بل يجب التسليم لها والإيمان بها، وإن قصرت عقول بعض الناس عن فهمها، وأما ما ذكره من أن ذلك يوجب غفلة الناس وأمنهم، بأن أشراط الساعة في نفسها فتنة، ولا يدري الناس متى تأتي، ويجب الاستعداد لها حتى لا يفتن المرء إذا وقعت، وأيضًا فإن طلوع الشمس من مغربها لا تقبل بعده توبة، فإذا كانت أول علامة كبرى فإن الإيمان والتوبة لا ينفعان بعدها، فهذا يوجب الخوف والاستعداد لا الأمن كما تصور. وراجع "آراء محمد رشيد العقائدية في أشراط الساعة الكبرى" لمشاري المطرفي (ص166-170).