البحث

عبارات مقترحة:

الحيي

كلمة (الحيي ّ) في اللغة صفة على وزن (فعيل) وهو من الاستحياء الذي...

الحافظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...

العليم

كلمة (عليم) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

المهدي

المهدي هو خليفة عادل من آل البيت، من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب، يظهر في آخر الزمان، فيملأ الأرض عدلًا بعد أن مُلِئَتْ جَوْرًا، يصلحه الله تعالى في ليلة، والمهدي ثابت بالأحاديث الصحيحة، بل حكم عليها عدد من العلماء بالتواتر، وأخطأ في شأن المهدي جماعة، فخالف في ذلك البعض فأنكر المهدي رأسًا، وغلط في صفته آخرون، منهم الشيعة الاثنا عشرية، حيث يعتقدون أنه محمد بن الحسن العسكري، وأنه في سرداب سامراء، وأباطيلهم في شأنه كثيرة.

التعريف

التعريف لغة

المهدي: اسم مفعول، من هدى يهدي، قال الجوهري: «الهُدى: الرشادُ والدلالةُ، يؤنَّث ويذكَّر. يقال: هَداهُ الله للدين هدى». "الصحاح" (6/2553). وقال ابن الأثير: «الْمَهْدِيّ: الَّذِي قَدْ هَداه اللَّه إِلَى الحَقّ». "النهاية" (5/254). وراجع "لسان العرب" (15/354) و"تاج العروس" (40/294).

التعريف اصطلاحًا

المهدي يراد به في الاصطلاح: هو المهدي الذي بشر به الرسول أنه يأتي في آخر الزمان، قال ابن الأثير: «الْمَهْدِىُّ: الَّذِي قَدْ هَداه اللَّه إِلَى الحَقّ. وَقَدِ اسْتُعْمِل فِي الْأَسْمَاءِ حَتَّى صَارَ كالأسْماء الغالِبَة. وَبِهِ سُمِّي المَهْديُّ الَّذِي بَشَّر بِهِ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَجيء فِي آخِر الزَّمان». "النهاية" (5/254). وقال عبد العليم البستوي: «وقد اشتهر هذا الاصطلاح عند المتأخرين، فأصبحت هذه الكلمة يراد منها عند إطلاقها: هو المهدي الذي بشرت به الأحاديث أنه يخرج آخر الزمان، ولزيادة التوضيح يقال له: (المهدي المنتظر) أيضًا». "المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة" (ص28). وأما اسمه فقد ثبت من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَذْهَبُ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا» أخرجه الحاكم في "المستدرك" برقم (8364). ولذلك قال ابن كثير: «وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيُّ الفاطمي الحسني رضي الله عنه». "النهاية في الفتن والملاحم" (1/55). وراجع "أشراط الساعة" لعبد الله الغفيلي (ص70 ، 71).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

التعريف اللغوي أعم من التعريف الاصطلاحي، فالمهدي لغة يصدق على كل من تحققت له الهداية، أما في الاصطلاح فاختص بشخص معين بشَّر به النبي .

الأدلة

ثبتت البشارة بالمهدي بعدد من الأحاديث النبوية، منها حديث أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي، مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ». أخرجه أبو داود برقم (4284). ومنها حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَهْدِيُّ مِنِّي، أَجْلَى الْجَبْهَةِ، أَقْنَى الْأَنْفِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا، كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ» أخرجه أبو داود برقم (4285) ومنها حديث علي، قال: قال رسول الله : «المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة». أخرجه أحمد برقم (645). أي: يتوب عليه، ويوفقه، ويلهمه، ويرشده بعد أن لم يكن كذلك. وعن أبي الطفيل، عن محمد بن الحنفية، قال: ‌كنا ‌عند ‌علي رضي الله عنه، فسأله رجل عن المهدي، فقال علي رضي الله عنه: هيهات، ثم عقد بيده سبعًا، فقال: " ذاك يخرج في آخر الزمان إذا قال الرجل: الله الله قتل، فيجمع الله تعالى له قوما قزعًا كقزع السحاب، يؤلف الله بين قلوبهم لا يستوحشون إلى أحد، ولا يفرحون بأحد، يدخل فيهم على عدة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون، وعلى عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر، قال أبو الطفيل: قال ابن الحنفية: أتريده؟ قلت: «نعم» ، قال: إنه يخرج من بين هذين الخشبتين، قلت: «لا جرم والله لا أريهما حتى أموت» ، فمات بها يعني مكة حرسها الله تعالى. أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4/596)، وقال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه». وهذه الأحاديث وغيرها من الأحاديث التي يحتج بها على ثبوت المهدي: صحيحة، قال ابن تيمية: «الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة، رواها أبو داود، والترمذي، وأحمد، وغيرهم، من حديث ابن مسعود وغيره.». "منهاج السنة" (8/254). وحكم عليها عدد من العلماء بالتواتر، قال الآبري: «قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى -يعني في المهدي- وأنه من أهل بيت النبي ، وأنه يملك سبع سنين، ويملأ الأرض عدلاً وأنه يخرج مع عيسى بن مريم، ويساعده في قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين، وأنه يؤم هذه الأمة, وعيسى يصلي خلفه». "مناقب الشافعي" (ص95). وقال السفاريني: «قد كثرت الأقوال في المهدي حتى قيل لا مهدي إلا عيسى، والصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى، وأنه يخرج قبل نزول عيسى، وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم». "لوامع الأنوار" (2/84). راجع "عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر" لعبد المحسن العباد (ص19-23).

الحكم

يجب الاعتقاد بأن المهدي سيأتي آخر الزمان ويملأ الأرض عدلًا، تصديقًا لبشارة النبي ، قال السفاريني: «فالإيمان بخروج المهدي واجب، كما هو مقرر عند أهل العلم، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة». "لوامع الأنوار" (2/84).

الحكمة

الحكمة من كون المهدي من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن الحسن تنازل عن الخلافة لمعاوية من غير عرض دنيوي وإنما لوجه الله تعالى، فكافأه الله تعالى بجعل المهدي من ذريته، قال ابن القيم: «وَفِي كَوْنِهِ مِنْ وَلَدِ الْحَسَنِ سِرٌّ لَطِيفٌ وَهُوَ أن الحسن رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ تَرَكَ الْخِلافَةَ لِلَّهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ مِنْ وَلَدِهِ مَنْ يَقُومُ بِالْخِلافَةِ الحقّ المتضمن للعدل الَّذِي يَمْلأُ الأَرْضَ، وَهَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ فِي عِبَادِهِ أَنَّهُ مَنْ ترك لأجله شَيْئًا أَعْطَاهُ اللَّهُ أَوْ أَعْطَى ذُرِّيَّتَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَهَذَا بِخِلافِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِنَّهُ حَرِصَ عَلَيْهَا، وَقَاتَلَ عَلَيْهَا، فَلَمْ يَظْفَرْ بِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ» "المنار المنيف" (ص151) وراجع "نهاية العالم" للعريفي (ص183)

مذاهب المخالفين

أنكر بعض العلماء خروج المهدي، منهم: ابن خلدون، فظاهر كلامه إنكاره أو التردد فيه، قال في مقدمة تاريخه: «فهذه جملة الأحاديث الّتي خرّجها الأئمّة في شأن المهديّ وخروجه آخر الزّمان، وهي كما رأيت لم يخلص منها من النّقد إلّا القليل والأقلّ منه». "تاريخ ابن خلدون" (1/401). ومنهم محمد رشيد رضا حيث يقول: «وَأَمَّا التَّعَارُضُ فِي أَحَادِيثِ الْمَهْدِيِّ فَهُوَ أَقْوَى وَأَظْهَرُ ; وَالْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ فِيهِ أَعْسَرُ، وَالْمُنْكِرُونَ لَهَا أَكْثَرُ، وَالشُّبْهَةُ فِيهَا أَظْهَرُ ; وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْتَدَّ الشَّيْخَانِ بِشَيْءٍ مِنْ رِوَايَاتِهَا فِي صَحِيحَيْهِمَا. وَقَدْ كَانَتْ أَكْبَرَ مَثَارَاتِ الْفَسَادِ وَالْفِتَنِ فِي الشُّعُوبِ الْإِسْلَامِيَّةِ. ..» "تفسير المنار" (9/416). ومنهم عبد الله بن زيد آل محمود، قال: «والحاصل الذي نعتقده وندين الله به أنه لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر، وأنه لا ينكر على من أنكره، إذ إنكاره لا ينقص من الإيمان، وإنما الإنكار يتوجه على من يجادل في وجوده وصحة خروجه». رسالة "لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر" (ص9). وكذلك أنكره عدد من المفكرين المعاصرين كأحمد أمين، ومحمد فريد وجدي وغيرهم. انظر "نهاية العالم" للعريفي (ص206). ويرد على ما ذكره محمد رشيد رضا بأنه لا تعارض بين الأحاديث الصحيحة الواردة في شأن المهدي، ولا عبرة بالأحاديث الضعيفة والموضوعة، فلا يرد الحديث الصحيح لأجل تعارض الضعيف والموضوع معه، وأما قوله بأن المنكرين لها أكثر فهذا غير صحيح، بل المثبتون لها أكثر، وقد تواترت الأحاديث الدالة عليه، ورواها ستة وعشرون صحابيًا عن النبي ، بل إن ابن خلدون نفسه أقر بأن المثبتين للمهدي أكثر حيث يقول: «اعلم أنّ في المشهور بين الكافّة من أهل الإسلام على ممرّ الأعصار أنّه لا بدّ في آخر الزّمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيّد الدّين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلاميّة ويسمّى بالمهديّ» "تاريخ ابن خلدون" (1/388) وأما احتجاجه بأن الشيخين لم يوردا أحاديث المهدي في صحيحهما فلا دلالة فيه، لأنهما لم يلتزما جمع كل الصحيح كما ذكرا ذلك، قال البخاري كما في رواية الإسماعيلي عنه: «لم أخرج في هذا الكتاب الا صحيحا وما تركت من الصحيح أكثر» انظر "فتح الباري" (1/7) وقال مسلم: «ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ها هنا إنما وضعت ها هنا ما أجمعوا عليه» "صحيح مسلم" عند الحديث رقم (404) وراجع في الرد على محمد رشيد رضا "آراء محمد رشيد رضا العقائدية في أشراط الساعة الكبرى وآثارها الفكرية" لمشاري المطرفي (ص249: 269) وغلطت طائفة في المهدي وهم الرافضة الاثني عشرية، إذ يعتقدون أن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري، وهو عندهم من ولد الحسين بن علي لا من ولد الحسن، قال الشيخ المفيد: «وكان الإمام بعد أبي محمد عليه السلام – يعني الحسن العسكري – ابنه المسمى باسم رسول الله صلى الله عليه وآله، المكنَّى بكنيته، ولم يخلِّف أبوه ولدًا ظاهرًا ولا باطنًا غيره، وخلَّفه غائبًا مستترًا... وكان الخبر بغيبته ثابتًا قبل وجوده، وبدولته مستفيضًا قبل غيابه، وهو صاحب السيف من أئمة الهدى (ع) والقائم بالحق المنتظر لدولة الإيمان... وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: «لن تنقضي الأيام والليالي حتى يبعث الله رجلًا من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، يملأها قسطا وعدلا، كما ملئت ظلمًا وجورًا»» "الإرشاد" (ص346) وقال ابن كثير: «ويكون ظهوره من بلاد المشرق لا من سرداب سامراء كما تزعمه جهلة الرافضة من أنه موجود فِيهِ الْآنَ وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ خُرُوجَهُ فِي آخِرِ الزمان، فإن هذا نوع من الهذيان وقسط كثير مِنَ الْخِذْلَانِ وَهَوَسٌ شَدِيدٌ مِنَ الشَّيْطَانِ إِذْ لا دليل عليه ولا برهان لا من كتاب ولا من سنة ولا من معقول صحيح ولا استحسان» "النهاية في الفتن والملاحم" (1/55)