البحث

عبارات مقترحة:

التواب

التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...

المبين

كلمة (المُبِين) في اللغة اسمُ فاعل من الفعل (أبان)، ومعناه:...

الطيب

كلمة الطيب في اللغة صيغة مبالغة من الطيب الذي هو عكس الخبث، واسم...

نار تسوق الناس إلى محشرهم

من أشراط الساعة الكبرى خروج نار تسوق الناس إلى محشرهم، وقد ثبت ذلك بالسنة الصحيحة، ويجب الإيمان به. وقد ورد في بعض الأحاديث أن خروجها أول أشراط الساعة، وفي بعضها أنها آخر أشراط الساعة، وكل من المعنيين صحيح باعتبار.

التعريف

التعريف لغة

النار لغة: تطلق على اللهيب الذي يبدو للحاسة، وأصل المادة (ن و ر) يدل على الاضطراب وقلة الثبات، قال ابن فارس: «النُّونُ وَالْوَاوُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِضَاءَةٍ وَاضْطِرَابٍ وَقِلَّةِ ثَبَاتٍ. مِنْهُ النُّورُ وَالنَّارُ، سُمِّيَا بِذَلِكَ مِنْ طَرِيقَةِ الْإِضَاءَةِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مُضْطَرِبًا سَرِيعَ الْحَرَكَةِ». "مقاييس اللغة" (5/368). وقال الزبيدي: «(والنارُ: م) أَي مَعْرُوفَة، أُنْثَى، تقال للَّهيب الَّذِي يَبْدُو للحاسّة، نَحْو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النارَ الَّتِي تُورُون﴾ وَقد تُطلَق على الْحَرَارَة المُجرّدة، وَمِنْه الحَدِيث: أنّه قَالَ لعشرةِ أَنْفُسٍ فيهم سَمُرَة: آخِرُكم يَمُوت فِي النَّار». "تاج العروس" (14/304) وراجع "المفردات" للراغب الأصفهاني (ص828)، و"لسان العرب" لابن منظور (5/242). والسوق لغة: هو الحدو، وسوق الإبل: جلبها وطردها، قال ابن فارس: «السِّينُ وَالْوَاوُ وَالْقَافُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ حَدْوُ الشَّيْءِ. يُقَالُ سَاقَهُ يَسُوقُهُ سَوْقًا. وَالسَّيِّقَةُ: مَا اسْتِيقَ مِنَ الدَّوَابِّ». "مقاييس اللغة" (3/117). وقال الراغب: «سَوْقُ الإبل: جلبها وطردها، يقال: سُقْتُهُ فَانْسَاقَ، والسَّيِّقَةُ: ما يُسَاقُ من الدّوابّ. وسُقْتُ المهر إلى المرأة، وذلك أنّ مهورهم كانت الإبل». "المفردات" (ص436). وراجع "لسان العرب" لابن منظور (10/166). والناس: معروف، ويطلق على الجن والإنس، قال الجوهري: «والناسُ قد يكون من الإنسِ ومن الجنّ، وأصله أناسٌ فخفِّف. ولم يجعلوا الالف واللام فيه عوضا من الهمزة المحذوفة، لأنه لو كان كذلك لما اجتمع مع المعوض منه في قول الشاعر: إن المنايا يطلع‍. .. ن على الأناس الآمنينا». "الصحاح" (3/987). وقال الراغب: «النَّاس قيل: أصله أُنَاس، فحذف فاؤه لمّا أدخل عليه الألف واللام، وقيل: قلب من نسي، وأصله إنسيان على إفعلان، وقيل: أصله من: نَاسَ يَنُوس: إذا اضطرب... والناس قد يذكر ويراد به الفضلاء دون من يتناوله اسم الناس تجوّزا، وذلك إذا اعتبر معنى الإنسانيّة، وهو وجود العقل، والذّكر، وسائر الأخلاق الحميدة، والمعاني المختصّة به، فإنّ كلّ شيء عدم فعله المختصّ به لا يكاد يستحقّ اسمه كاليد، فإنّها إذا عدمت فعلها الخاصّ بها فإطلاق اليد عليها كإطلاقها على يد السّرير ورجله، فقوله: آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ أي: كما يفعل من وجد فيه معنى الإنسانيّة، ولم يقصد بالإنسان عينا واحدا بل قصد المعنى». "المفردات" (ص829)، وانظر "تاج العروس" (16/585). والمحشر هو اسم مكان من الحشر، والحشر في اللغة: الجمع والتسيير، قال ابن فارس: «وَهُوَ السُّوقُ وَالْبَعْثُ وَالِانْبِعَاثُ. وَأَهْلُ اللُّغَةِ يَقُولُونَ: الْحَشْرُ الْجَمْعُ مَعَ سَوْقٍ، وَكُلُّ جَمْعٍ حَشْرٌ». "مقاييس اللغة" (2/66). وقال ابن منظور: «والمَحْشَرُ: الْمَجْمَعُ الَّذِي يُحْشَرُ إِليه الْقَوْمُ، وَكَذَلِكَ إِذا حُشِرُوا إِلى بَلَدٍ أَو مُعَسْكَر أَو نَحْوِهِ». "لسان العرب" (4/190). وانظر "تاج العروس" للزبيدي (11/20).

التعريف اصطلاحًا

هي نار تخرج في آخر الزمان، وهي آخر أشراط الساعة الكبرى كما ثبت في السنة، تسلط النار على الناس فيهربون منها، ثم يموتون، ثم يُحشَرُون إلى القيامة. انظر "كشف المشكل" لابن الجوزي (3/288).

الأدلة

دلت السنة على خروج نار في آخر الزمان تسوق الناس إلى محشرهم، فمن ذلك حديث أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلاَمٍ مَقْدَمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَأَتَاهُ، فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلاَثٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ قَالَ: مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الجَنَّةِ؟ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ الوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ؟ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ إِلَى أَخْوَالِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «خَبَّرَنِي بِهِنَّ آنِفًا جِبْرِيلُ» قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ذَاكَ عَدُوُّ اليَهُودِ مِنَ المَلاَئِكَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إِلَى المَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وَأَمَّا الشَّبَهُ فِي الوَلَدِ: فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَشِيَ المَرْأَةَ فَسَبَقَهَا مَاؤُهُ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ، وَإِذَا سَبَقَ مَاؤُهَا كَانَ الشَّبَهُ لَهَا» قَالَ: «أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ». أخرجه البخاري برقم (3329). قال ابن الجوزي: «قوله: (نار تحشر الناس) هذا هو الحشر الأول قبل قيام الساعة، تسلط النار على الناس فيهربون منها، وذلك من علامات القيامة، ثم يموتون، ثم يحشرون إلى القيامة». "كشف المشكل" (3/288). وكذلك حديث حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ ، قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ ، فَقَالَ : مَا تَذَاكَرُونَ ؟ قَالُوا : نَذْكُرُ السَّاعَةَ ، قَالَ : «إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ ، فَذَكَرَ ، الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ ، وَالدَّابَّةَ ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلاَثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ». أخرجه مسلم برقم (2901). وهذا الحديث يعارض في الظاهر حديث أنس المتقدم، ويمكن الجمع بينهما بأن حديث أول الأشراط باعتبار أنه أول علامة تفنى بعدها الدنيا، وحديث حذيفة الآخرية فيه باعتبار أنها آخر الآيات التي قبلها. قال ابن حجر: «وهذا في الظاهر يعارض حديث أنس المشار إليه في أول الباب فإن فيه أن أول أشراط الساعة نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وفي هذا أنها آخر الأشراط، ويجمع بينهما بأن آخريتها باعتبار ما ذكر معها من الآيات، وأوليتها باعتبار أنها أول الآيات التي لا شيء بعدها من أمور الدنيا أصلا، بل يقع بانتهائها النفخ في الصور، بخلاف ما ذكر معها، فإنه يبقى بعد كل آية منها أشياء من أمور الدنيا». "فتح الباري" (13/82). وقال السفاريني: «وذكر غيرُه من العلماء بأن النارَ ناران: إحداهما: تحشر الناس من المشرق إلى المغرب. و الثانية: تخرج من اليمن فتطرد الناس إلى المحشر الذي هو أرض الشام، فلعل إحدى النارين في أول الآيات والأخرى في اخرها، وحينئذ فلا حاجة إلى الجمع الذي ذكره الحافظ السخاوي، وإن لم يكن في علم الله إلا نار واحدة فجمع السخاوي موجه». "لوامع الأنوار" (2/150). والجمع الذي ذكره السخاوي هو نفس الجمع الذي قرره الحافظ ابن حجر. ومن الأدلة على خروجها أيضًا حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَتَخْرُجُ نَارٌ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ بَحْرِ حَضْرَمَوْتَ، أَوْ مِنْ حَضْرَمَوْتَ تَحْشُرُ النَّاسَ» قَالُوا: فَبِمَ تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ». أخرجه الترمذي برقم (2217) وأحمد في "مسنده" برقم (5146). وحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلاَثِ طَرَائِقَ: رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ، وَاثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، وَثَلاَثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَيَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ، تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا، وَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا، وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا». أخرجه البخاري برقم (6522) ومسلم برقم (2861). قال النووي: «قال العلماء وهذا الحشر في آخر الدنيا قبيل القيامة، وقبيل النفخ في الصور بدليل قوله بقيتهم النار تبيت معهم وتقيل، وتصبح وتمسي، وهذا آخر أشراط الساعة كما ذكر مسلم بعد هذا في آيات الساعة، قال: «وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن ترحل الناس - وفي رواية: تطرد الناس - إلى محشرهم». "شرح النووي على مسلم" (17/195).

الحكم

يجب الإيمان بخروج نار في آخر الزمان تسوق الناس إلى محشرهم، فهي من جملة أشراط الساعة التي يجب الإيمان بها، قال ابن الحداد في عقيدته الذي ذكر أنه يجب اعتقاده، وحكى عليه إجماع الصدر الأول وعلماء السلف: «وأن الآيات التي تظهر عند قرب الساعة من: الدجال ونزول عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام والدخان والدابة وطلوع الشمس من مغربها وغيرها من الآيات التي وردت بها الأخبار الصحاح = حق». انظر "اجتماع الجيوش الإسلامية" لابن القيم (1/266). وخروج النار التي تسوق الناس إلى محشرهم من هذه الآيات التي وردت بها الأخبار الصحاح. وقال الموفق ابن قدامة: «ويجب الإيمان بكل ما أخبر به النبي وصح به النقل عنه فيما شاهدناه، أو غاب عنا، نعلم أنه حق، وصدق، وسواء في ذلك ما عقلناه وجهلناه، ولم نطلع على حقيقة معناه... ومن ذلك أشراط الساعة». "لمعة الاعتقاد" (ص28-31). و قال ابن حمدان: «يجب الإيمان جزمًا بالساعة وأشراطها من الدجال، ويأجوج ومأجوج، ونزول عيسى، وخروج النار والدابة». "نهاية المبتدئين" (ص54).