البحث

عبارات مقترحة:

الحكيم

اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

الجبار

الجَبْرُ في اللغة عكسُ الكسرِ، وهو التسويةُ، والإجبار القهر،...

نزول عيسى عليه السلام

نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان من جملة عقائد أهل السنة والجماعة، ودل عليه القرآن والسنة المتواترة وإجماع المسلمين، ومن الحكم في نزوله: الرد على اليهود حيث زعموا أنهم قتلوه، وينزل سيدنا عيسى عليه السلام فينصر الدين ويحكم بشريعة محمد ، وقد تشكك في نزوله بعض أهل البدع، وبعض العلماء المتأخرين وردَّ عليهم في ذلك أهل الحق وبينوا خطأهم.

التعريف

التعريف لغة

النزول لغة: الانحطاط من علو إلى سفل، قال ابن فارس: «النُّونُ وَالزَّاءُ وَاللَّامُ كَلِمَةٌ صَحِيحَةٌ تَدُلُّ عَلَى هُبُوطِ شَيْءٍ وَوُقُوعِهِ» "مقاييس اللغة" (5/417) وقال الراغب: «النُّزُولُ في الأصل هو انحِطَاطٌ من عُلْوّ» "المفردات" (ص799) وقال الزبيدي: «النُّزول، بالضَّمّ: الحُلول وَهُوَ فِي الأصلِ انحِطاطٌ من عُلو» "مقاييس اللغة" (30/478) وعيسى بن مريم: هو علم على نبي من أنبياء الله تعالى، ونسب إلى أمه لأنه ولد بلا أب كما قال تعالى: ﴿قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا﴾ [مريم: 19-22]

التعريف اصطلاحًا

نزول عيسى بن مريم اصطلاحًا: يقصد به نزوله من السماء إلى الأرض في آخر الزمان، فهو نزولٌ مخصوص، ويكون بكيفية مخصوصة، كما ثبتت بذلك الأحاديث.

الأدلة

دل على نزول سيدنا عيسى بن مريم في آخر الزمان: الكتاب والسنة والإجماع. فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾ [النساء: 159] قال ابن جزي: «فيها تأويلان: أحدهما: أنّ الضمير في موته لعيسى، والمعنى أنه كل أحد من أهل الكتاب يؤمن بعيسى حين ينزل إلى الأرض، قبل أن يموت عيسى، وتصير الأديان كلها حينئذ دينا واحدا، وهو دين الإسلام» "التسهيل لعلوم التنزيل" (1/218) وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ [الزخرف: 61] قال البغوي: «﴿وَإِنَّهُ﴾ يَعْنِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، ﴿لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ يَعْنِي نُزُولَهُ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ يُعْلَمُ بِهِ قُرْبُهَا» "تفسير البغوي" (7/219) وأما الحديث فقد تواترت الأحاديث في إثبات نزول عيسى بن مريم آخر الزمان، قال ابن كثير: «فهذه أحاديث متواترة عن رسول الله من رواية أبي هريرة، وابن مسعود، وعثمان بن أبي العاص، وأبي أمامة، والنواس بن سمعان، وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومجمع بن جارية وأبي سريحة وحذيفة بن أسيد، رضي الله عنهم. وفيها دلالة على صفة نزوله ومكانه، من أنه بالشام، بل بدمشق، عند المنارة الشرقية، وأن ذلك يكون عند إقامة الصلاة للصبح» "تفسير ابن كثير" (2/464) ونقل القنوجي عن الشوكاني قوله: «جميع ما سقناه بالغ حد التواتر كما لا يخفى على من له فضل اطلاع، فتقرر أن الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة، والأحاديث الواردة في الدجال متواترة، والأحاديث الواردة في نزول عيسى ابن مريم متواترة» "الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة" (ص198) ومن هذه الأحاديث حديث أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ، حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ» أخرجه البخاري برقم (2467) ومسلم برقم (155) وحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لاَ، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الأُمَّةَ» أخرجه مسلم برقم (156) وحديث حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ ، قَالَ : اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ ، فَقَالَ : «مَا تَذَاكَرُونَ؟» قَالُوا : نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قَالَ: «إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ، فَذَكَرَ ، الدُّخَانَ ، وَالدَّجَّالَ ، وَالدَّابَّةَ ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَثَلاَثَةَ خُسُوفٍ : خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ» أخرجه مسلم برقم (2901) وكذلك انعقد الإجماع على نزول المسيح عيسى ابن مريم، قال ابن عطية: «وأجمعت الأمة على ما تضمنه الحديث المتواتر من أن عيسى عليه السلام في السماء حي، وأنه ينزل في آخر الزمان فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويقتل الدجال ويفيض العدل ويظهر هذه الملة ملة محمد ويحج البيت ويعتمر» "تفسير ابن عطية" (1/444) وقال السفاريني: ««و» مِنها أيْ مِن عَلاماتِ السّاعَةِ العُظْمى العَلامَةُ الثّالِثَةُ أنْ يَنْزِلَ مِنَ السَّماءِ السَّيِّدُ «المَسِيحُ» عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام ونُزُولُهُ ثابِتٌ بِالكِتابِ والسُّنَّةِ وإجْماعِ الأُمَّةِ... وأمّا الإجْماعُ فَقَدْ أجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلى نُزُولِهِ ولَمْ يُخالِفْ فِيهِ أحَدٌ مِن أهْلِ الشَّرِيعَةِ، وإنَّما أنْكَرَ ذَلِكَ الفَلاسِفَةُ والمَلاحِدَةُ مِمَّنْ لا يُعْتَدُّ بِخِلافِهِ، وقَدِ انْعَقَدَ إجْماعُ الأُمَّةِ عَلى أنَّهُ يَنْزِلُ ويَحْكُمُ بِهَذِهِ الشَّرِيعَةِ المُحَمَّدِيَّةِ ولَيْسَ يَنْزِلُ بِشَرِيعَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ عِنْدَ نُزُولِهِ مِنَ السَّماءِ وإنْ كانَتِ النُّبُوَّةُ قائِمَةً بِهِ وهُوَ مُتَّصِفٌ بِها، ويَتَسَلَّمُ الأمْرَ مِنَ المَهْدِيِّ ويَكُونُ المَهْدِيُّ مِن أصْحابِهِ وأتْباعِهِ». "لوامع الأنوار" (2/94، 95). وإن كان ابن حزم قد حكى فيه خلافًا فقال: «اتفقوا.. أَنه لَا نَبِي مَعَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا بعده أبدا الا أَنهم اخْتلفُوا فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَيَأتِي قبل يَوْم الْقِيَامَة أم لَا؟». "مراتب الإجماع" (ص173). ولكن نقل الأبي عن ابن رشد قوله: «لا بد من نزوله لتواتر الأحاديث بذلك... فما ذكر ابن حزم من الخلاف في نزوله لا يصح». "إكمال إكمال المعلم" (1/265)

الحكم

يجب الإيمان بنزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان، والإيمان بذلك من جملة عقائد أهل السنة، قال الطحاوي: «ونُؤْمِنُ بِأشْراطِ السّاعَةِ مِن خُرُوجِ الدَّجّالِ ونُزُولِ عِيسى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام مِنَ السَّماء، ونُؤْمِنُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها». "العقيدة الطحاوية" (ص31). وقال قوام السنة الأصبهاني: «وَأهل السّنة يُؤمنُونَ بنزول عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلامُ -». "الحجة في بيان المحجة" (2/463). وقال الموفق ابن قدامة: «ويجب الإيمان بكل ما أخبر به النبي وصح به النقل عنه فيما شاهدناه، أو غاب عنا، نعلم أنه حق، وصدق، وسواء في ذلك ما عقلناه وجهلناه، ولم نطلع على حقيقة معناه... ومن ذلك أشراط الساعة، مثل خروج الدجال ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام فيقتله، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وأشباه ذلك مما صح به النقل». "لمعة الاعتقاد" (ص28-31). وقال ابن حمدان: «يجب الإيمان جزمًا بالساعة وأشراطها من الدجال، ويأجوج ومأجوج، ونزول عيسى، وخروج النار والدابة». "نهاية المبتدئين" (ص54).

الحكمة

ذكر العلماء بعض الحكم من نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان، منها: الرد على اليهود في زعمهم أنهم قتلوه، ومنها: أنه نزل ليدفن في الأرض لأنه ليس لمخلوق من تراب ألا يدفن في الأرض، ومنها: أنه لما رأى صفة أمة محمد دعا الله أن يجعله منهم فاستجاب الله دعاءه. قال ابن حجر: «قال العلماء: الحكمة في نزول عيسى دون غيره من الأنبياء الرد على اليهود في زعمهم أنهم قتلوه فبين الله تعالى كذبهم وأنه الذي يقتلهم، أو نزوله لدنو أجله ليدفن في الأرض إذ ليس لمخلوق من التراب أن يموت في غيرها. وقيل: إنه دعا الله لما رأى صفة محمد وأمته أن يجعله منهم، فاستجاب الله دعاءه، وأبقاه حتى ينزل في آخر الزمان مجددًا لأمر الإسلام، فيوافق خروج الدجال فيقتله، والأول أوجه». "فتح الباري" (6/493).

الأحداث

كيفية نزول سيدنا عيسى عليه السلام

ينزل سيدنا عيسى وقت صلاة الفجر، عند المنارة البيضاء الشرقية بدمشق، واضعًا كفيه على أجنحة ملكين، لابسًا ثوبين مصبوغين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه الماء على شكل اللؤلؤ في صفائه، كما ثبت في حديث النواس بن سمعان الطويل، وفيه: «فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فَلاَ يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلاَّ مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ». أخرجه مسلم برقم (2937). قال النووي في تفسير قوله: (مَهْرُودَتَيْنِ): «أيْ ثَوْبَيْنِ مَصْبُوغَيْنِ بِوَرْسٍ، ثُمَّ بِزَعْفَرانٍ، وقِيلَ: هُما شَقَّتانِ، والشَّقَّةُ نِصْفُ المُلاءَة». "شرح النووي على مسلم" (18/67). وقال : "ينزلُ عيسى ابنُ مريم عند المنارةِ البيضاء شرقي دمشق". "صحيح الجامع" (8169). وفي رواية: "ينزل عيسى بنُ مريمَ عليه السلامُ عند المنارةِ البيضاءِ شَرقِيَّ دمشقَ، عليه مُمَصَّرتانِ كأنَّ رأسَه يقطُرُ منه الجُمانُ". أخرجه الربعي في"فضائل الشام ودمشق" ، قال الألباني في "التخريج": صحيح. "مُمَصَّرتانِ"؛ ثوبان مصبوغان بصفرة خفيفة، و " الجُمانُ"؛ اللؤلؤ! قال ابن كثير: «هذا هو الأشهر في موضع نزوله أنه على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق، وقد رأيت في بعض الكتب أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي جامع دمشق فلعل هذا هو المحفوظ، وتكون الرواية فينزل على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق فتصرف الراوي في التعبير بحسب ما فهم. وليس بدمشق منارة تعرف بالشرقية سوى التي إلى شرق الجامع الأموي. وهذا هو الأنسب والأليق، لأنه ينزل وقد أقيمت الصلاة فيقول له: يا إمام المسلمين، يا روح الله، تقدم، فيقول: تقدم أنت فإنها أقيمت لك، وفي رواية بعضكم على بعض أمراء، يكرم الله هذه الأمة. وقد جدد بناء المنارة في زماننا في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة من حجارة بيض، وكان بناؤها من أموال النصارى الذين حرقوا المنارة التي كانت مكانها، ولعل هذا يكون من دلائل النبوة الظاهرة حيث قيض الله بناء هذه المنارة البيضاء من أموال النصارى حتى ينزل عيسى ابن مريم عليها فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ولا يقبل منهم جزية، ولكن من أسلم قبل من إسلامه وإلا قتل، وكذلك حكم سائر كفار الأرض يومئذ، وهذا من باب الإخبار عن المسيح بذلك، والتشريع له بذلك فإنه إنما يحكم بمقتضى هذه الشريعة المطهرة». "تفسير ابن كثير" (1/192، 193). وفي حديث عثمان بن أبي العاص: «وَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَيَقُولُ لَهُ أَمِيرُهُمْ: يا رُوحَ اللَّهِ، تَقَدَّمْ صَلِّ، فَيَقُولُ هَذِهِ الْأُمَّةُ أُمَرَاءُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَيَتَقَدَّمُ أَمِيرُهُمْ فَيُصَلِّي، فَإِذَا قَضَى صَلَاتَهُ، أَخَذَ عِيسَى حَرْبَتَهُ، فَيَذْهَبُ نَحْوَ الدَّجَّالِ». أخرجه أحمد في "مسنده" برقم (17900). وفي رواية: «ينزلُ عيسى ابنُ مريمَ، فيقولُ أميرُهمُ المهديُّ: تعالَ صلِّ بِنا، فيقولُ: لا؛ إن بعضَهم أميرُ بعضٍ؛ تَكرِمةُ اللهِ لهذه الأمةِ». " السلسلة الصحيحة" (2236). وفي رواية: «فبَيْنَما إمامُهم قد تَقَدَّم يُصَلِّي بهِمُ الصُّبْحَ، إذ نزل عليهم عيسى ابنُ مريمَ الصُّبْحَ، فرجع ذلك الإمامُ يَنْكُصُ يَمْشِي القَهْقَرَى ليتقدمَ عيسى ، فيضعُ عيسى يدَه بين كَتِفَيْهِ، ثم يقولُ له: تَقَدَّمْ فَصَلِّ؛ فإنها لك أُقِيمَتْ، فيُصَلِّى بهم إمامُهم». أخرَجَه أبو داود، وغيرُه، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7875).

أعمال سيدنا عيسى عليه السلام

دلت نصوص السّنَّة الثابتة عن النبي ، أن المسيح عليه السلام، سينزل إلى الأرض حكَماً عَدْلاً، وإماماً مقسطاً، وأنه سيقوم بجملة من المهام والأعمال العظيمة، والتي منها: قتله للمسيح الأعور الدجال، حيث تكون فتنته قد اشتدت على الناس، وكسر الصليب ومحوه، وقتل الخنزير، ووضع الجزية؛ فلا يقبلها من أحد؛ فلا يقبل منهم إلا الإسلام، والجزية لا يعمل بها، وتوضع الزكاة؛ لاستفاضة المال في زمانه، فلا يوجد من يأخذه، وغيرها من الأعمال. 1- قتل الدجال: كما في حديث مُجَمِّعَ بْنَ جَارِيَةَ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ: «يَقْتُلُ ابْنُ مَرْيَمَ الدَّجَّالَ بِبَابِ لُدٍّ» أخرجه ابن حبان في صحيحه برقم (6811)، وثبت كذلك في حديث النواس بن سمعان الطويل في صحيح مسلم رقم (2937) 2- تحكيم الشريعة: في صحيح مسلم - والتبويب للشراح - : «باب نزول عيسى ابن مريم حاكماً بشريعة نبينا محمد » من حديث ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن نافع، مولى أبي قتادة، عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم فأمَّكم منكم؟»، فقلت لابن أبي ذئب: إن الأوزاعي، حدثنا عن الزهري، عن نافع، عن أبي هريرة : «وإمامكم منكم» قال ابن أبي ذئب: «تدري ما أمَّكم منكم؟» قلت: تخبرني، قال: «فأمكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى، وسنة نبيكم ». وقال : «ينزلُ عيسَى ابنُ مريمَ حكَمًا مقسِطًا، فيكسرُ الصَّليبَ، ويقتلُ الخنزيرَ، وتكونُ الدَّعوةُ للهِ ربِّ العالمينَ». أخرجه ابن عبد البَر في "الاستذكار" (7/339)، وقال: «حديث ثابت». ومن تحكيمه للشريعة: أنه يكسِر الصليب، ويقتُل الخنزير، قال الإمام أبو سليمان الخطَّابي رحمه الله تعالى: «فيه دليلٌ على وجوب قتل الخنازير، وبيان أن أعيانَها نجسة، وذلك أن عيسى عليه السلام إنما ينزل في آخر الزمان وشريعة الإسلام باقية». وكذلك فإن عيسى عليه السلام يضعُ الجزية، ووضعه الجزية إما لأنه لا تبقى ملة إلا الملة الإسلامية، أو لأن المال يفيض حتى لا يقبلُه أحد – كما قال النبي - فيُستغنى بذلك عن الجزية، قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى في مُشكل الآثار: «الجزية إنما جعلها الله تعالى على من جعلها عليه لتصرف فيما يحتاج إليه من قتال ومما سواه مما يجب صرفها فيه فإذا ذهب ذلك ولم يكن لها أهل تصرف إليهم سقط فرضها». «شرح مشكل الآثار» (1/100). وذكر الشيخ تقيُّ الدين السبكي معنى آخر لوضع عيسى بن مريم عليه السلام الجزية في آخر الزمان فقال رحمه الله: «فإنَّا لو لم نبقهم في بلاد الإسلام لم يسمعوا محاسنه فلم يسلموا، ولو بقيناهم بلا جزية ولا صغار غروا وأنفوا، فبقيناهم بالجزية لا قصدًا فيها، بل في إسلامهم. ولهذا إذا نزل عيسى عليه السلام لا يقبَلُها، لأن مدة الدنيا التي يُرجَى إسلامهم فيها فرَغت، والحكم يزول بزوال علَّتِه، فزال حكم قبول الجزية بزوال علته، وهو انتظار إسلامهم، وذلك حكمٌ من أحكام شريعة النبي ، وليس حكمًا جديدًا، فإن عيسى عليه السلام إنما ينزل حاكمًا بشريعة النبي ». «فتاوى السبكي» (2/388). كما في حديث أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ، حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ» أخرجه البخاري برقم (2467) ومسلم برقم (155) وعنه أيضًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ - يَعْنِي عِيسَى - وَإِنَّهُ نَازِلٌ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ: رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْنِ، كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ، فَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ، وَيُهْلِكُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ» أخرجه أبو داود برقم (4324) 3- رجوع الأمن والأمان، وتوقف الحروب، وظهور البركة في القطر والزرع : كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَنْزِلُ ابْنُ مَرْيَمَ إِمَامًا عَادِلًا، وَحَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيُرْجِعُ السَّلْمَ، وَيَتَّخِذُ السُّيُوفَ مَنَاجِلَ، وَتَذْهَبُ حُمَةُ كُلِّ ذَاتِ حُمَةٍ، وَتُنْزِلُ السَّمَاءُ رِزْقَهَا، وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ بَرَكَتَهَا، حَتَّى يَلْعَبَ الصَّبِيُّ بِالثُّعْبَانِ، فَلَا يَضُرُّهُ، وَيُرَاعِي الْغَنَمَ الذِّئْبُ، فَلَا يَضُرُّهَا، وَيُرَاعِي الْأَسَدُ الْبَقَرَ، فَلَا يَضُرُّهَا» أخرجه أحمد في مسنده برقم (10261) 4- زيارته البيت الحرام: كما في حديث أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ ، حَاجًّا ، أَوْ مُعْتَمِرًا ، أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا» أخرجه مسلم برقم (1252) وقال : «يَنزِلُ عيسى ابنُ مريمَ، فيَقتُلُ الخِنزيرَ، ويَمحو الصَّليبَ، وتُجمَعُ له الصَّلاةُ، ويُعطِي المالَ حتَّى لا يُقبَلَ، ويَضَعُ الخَراجَ، ويَنزِلُ الرَّوْحاءَ فيَحُجُّ منها أو يَعتَمِرُ أو يَجمَعُهُما. .». أخرجه أحمد في "مسنده"، وقال أحمد شاكر في تخريجه (15/27): «إسناده صحيح». وفي رواية: «ليَهْبِطَنَّ عيسى ابنُ مريمَ حَكَمًا وإمامًا مُقْسِطًا، ولَيَسْلُكَنَّ فَجًّا فَجًّا، حاجَّا أوْ معْتَمِرًا، وَليأْتِيَنَّ قَبْرِي حتى يُسَلِّمَ عَلَيَّ، ولَأَرُدَّنَّ علَيْهِ». ذكره السيوطي في "الجامع الصغير" (7723)، وقال: «حديث صحيح».

مدة مكثه ثم وفاته عليه السلام

وبعد انتهاء فتنة يأجوج ومأجوج، تضع الحرب أوزارها، ويتوقف القتال، ويسود الأمن والأمان والسلام في الأرض كلها، فلا يُخشى على الشاة من الذئاب الضارية - كما تقدم في الحديث - ويكون الناس كلهم على ملة واحدة هي ملة الإسلام، وعبادة الله تعالى وحده، تُنتزع من صدورهم الأحقاد، والضغائن، والبغضاء، والتحاسد، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، وتقع البركة في الأرزاق، ويمكث عيسى عليه السلام بين الناس إمامًا مقسطًا وحكمًا عدلًا وهم في هذا الرغد من العيش الهانئ والآمن، أربعين سنةً، هي أفضل وأهنأ سنوات الأرض، ثم يتوفاه الله، فيدفن في الأرض، ويُصلي عليه المسلمون جاء في بعض الأحاديث أن عيسى عليه السلام يمكث في الأرض سبع سنين، كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو: «فَيَبْعَثُ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ ، فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ ، لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ» أخرجه مسلم برقم (2940) وفي بعضها أنه يمكث أربعين سنة، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ - يَعْنِي عِيسَى - وَإِنَّهُ نَازِلٌ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ: رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْنِ، كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ، فَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ، وَيُهْلِكُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ» أخرجه أبو داود برقم (4324). وفي رواية: "ينزلُ عيسَى بنُ مريمَ فيمكثُ في الناسِ أربعينَ سنةً" قال الهيتمي في "مجمع الزوائد" (8/208): «رجاله ثقات». وفي رواية: «ثم يلبثُ عيسى في الأرضِ أربعين سنةً، أو قريبًا من أربعين سنةً، إمامًا عدلًا، وحكمًا مقسطًا». أخرجه ابن حبان كما في "موارد الظمآن" (1599)، وفي رواية: «يمكثُ عيسَى في الأرضِ بعد ما ينزلُ أربعينَ سنةً ثمَّ يموتُ ويصلِّي عليه المسلمونَ ويدفنوهُ» أخرجه أبو داود الطيالسي. وقد قيل في الجمع بينهما: أن الأربعين سنة هي مدة مكثه في الأرض قبل رفعه مضافًا إلى سبع سنين يمكثها بعد نزوله، فتكون السبع مختصة بما بعد النزول قال ابن كثير: «فَهَذَا مع هذا مشكل، اللهم إلا إذا حملت هَذِهِ السَّبْعُ عَلَى مُدَّةِ إِقَامَتِهِ بَعْدَ نُزُولِهِ وتكون مضافة إلى مدة مكثه فيها قبل رفعه إلى السماء، وكان عمره إذ ذاك ثلاثاً وثلاثين سنة على المشهور والله أَعْلَمُ» "النهاية في الفتن والملاحم" (1/163) وتعقبه السفاريني بقوله: «وهذا والله أعلم ليس بشيء لما مر من حديث عائشة عند الإمام أحمد وغيره " «فيقتل الدجال ثم يمكث عيسى في الأرض أربعين سنة»". وقد قال الحافظ جلال الدين السيوطي كنت أفتيت بأن ابن مريم يمكث في الأرض بعد نزوله سبع سنين، قال واستمريت على ذلك مدة من الزمان حتى رأيت الإمام الحافظ البيهقي اعتمد أن مكثه في الأرض أربعون سنة معتمدا ما أفاده الإمام أحمد في روايته بلفظ " «ثم يمكث ابن مريم في الأرض بعد قتل الدجال أربعين سنة» ". وهذا هو المرجع لأن زيادة الثقة يحتج بها، ولأنهم يأخذون برواية الأكثر ويقدمونها على رواية الأقل لما معها من زيادة العلم، ولأنه مثبت والمثبت مقدم. انتهى» "لوامع الأنوار" (2/98، 99)

أقوال أهل العلم

كان أبو هريرة يلقى الفتى الشاب فيقول: يا ابن أخي إنك عسى أن تلقى عيسى ابن مريم، فأقرأه مني السلام. أَبُو هُرَيْرَة "البيان والتحصيل" لابن رشد (18/255).

مذاهب المخالفين

أنكر بعض المعتزلة والجهمية نزول سيدنا عيسى في آخر الزمان، محتجين بأن النبي هو خاتم الأنبياء، فلو كان ثبت نزول عيسى عليه السلام لم يكن خاتم الأنبياء، قال القاضي عياض: «ونزول عيسى المسيح وقتله الدجال حق صحيح عند أهل السنة؛ لصحيح الآثار الواردة في ذلك؛ ولأنه لم يرد ما يبطله ويضعفه، خلافًا لبعض المعتزلة والجهمية، ومن رأى رأيهم من إنكار ذلك، وزعمهم أن قول الله تعالى عن محمد : ﴿خاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾، وقوله : «لا نبي بعدى» وإجماع المسلمين على ذلك وعلى أن شريعة الإسلام باقية غير منسوخة إلى يوم القيامة - يرد هذه الأحاديث. وليس كما زعموه؛ فإنه لم يرد في هذه الأحاديث أنه يأتي بنسخ شريعة ولا تجديد أمر نبوة ورسالة، بل جاءت بأنه حكم مقسط، يجيء بما يجدد ما تغير من الإسلام، وبصلاح الأمور والعدل، وكسر الصليب، وقتل الخنزير، أن إمام المسلمين منهم كما قال -.» "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (8/492، 493) وكذلك تشكك فيه بعض المتأخرين مثل محمد رشيد رضا حيث يقول: «وجملة القول أنه ليس في القرآن نص صريح في أن عيسى رفع بروحه وجسده إلى السماء حيًّا حياة دنيوية بهما بحيث يحتاج بحسب سنن الله تعالى إلى غذاء فيتوجه سؤال السائل عن غذائه، وليس فيه نص صريح بأنه ينزل من السماء, وإنما هذه عقيدة أكثر النصارى , وقد حاولوا في كل زمان منذ ظهر الإسلام إلى الآن بثها في المسلمين , وممن حاولوا ذلك بإدخالها في التفسير وهب بن منبه الركن الثاني بعد كعب الأحبار؛ لتشويه تفسير القرآن بما بثه فيه من الخرافات كما تقدم آنفًا» "مجلة المنار" (28/747) وكذلك محمد عبده انظر أيضًا نقل تلميذه محمد رشيد رضا عنه "تفسير المنار" (3/260) وكذلك تشكك فيه مصطفى المراغي حيث يقول: «وعلى ذلك فلا يجب على المسلم أن يعتقد أن عيسى عليه السلام حي بجسمه وروحه، والذي يخالف ذلك لا يعد كافرًا في نظر الشريعة الإسلامية» انظر "الفتاوى" لمحمود شلتوت (ص70) ووافقه محمود شلتوت أيضًا. انظر "الفتاوى" له (ص51: 70) وردَّ جماعة من العلماء على أصحاب هذا القول، منهم: محمد زاهد الكوثري، وعبد الله صادق الغماري، ومحمد حامد الفقي، ومحمد خليل هراس وغيرهم. ونكتفي في الردّ على القائلين بهذا القول بما سبق من أدلة نزوله عليه السلام، وبأنَّ أهل العلم بالحديث جزموا بتواتر أحاديث نزوله، فليس لأحد أن يتشكك في ذلك بعدهم، قال الكوثري: «وقد نص على تواتر حديث نزول عيسى عليه السلام: ابن جرير والآبري وابن عطية وابن رشد الكبير والقرطبي وأبو حيان وابن كثير وابن حجر وغيرهم من الحفاظ وهم أصحاب الشأن، وكذلك صرح بتواتره الشوكاني وصديق خان في مؤلفاتهم» انظر رسالة "نظرة عابرة في مزاعم من ينكر نزول عيسى قبل الآخرة" (ص69) وراجع في الرد على المنكرين لنزول عيسى رسالة الكوثري المتقدمة، ورسالة "فصل المقال في رفع عيسى حيا ونزوله وقتله الدجال" لمحمد خليل هراس، و"آراء محمد رشيد رضا العقائدية في أشراط الساعة الكبرى" (ص290-304)

المواد الدعوية