البحث

عبارات مقترحة:

الرفيق

كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...

الغفور

كلمة (غفور) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) نحو: شَكور، رؤوف،...

خروج الدخان

خروج الدخان هو من علامات الساعة، التي تظهر في آخر الزمان، كما ثبت في كتاب الله - على خلاف بين العلماء في تفسير الآية -، وكما ثبت في صحيح السنة النبوية، ويجب الإيمان بذلك وأنه حق، وما ورد من مخالفة بعض الصحابة فيه فلعله لم يبلغهم الحديث، أو أنهم نازعوا في تفسير الآية دون إنكار دخان ثانٍ آخر الزمان، كما حُكِيَ عن ابنِ مسعود رضي الله عنه.

التعريف

التعريف لغة

الخروج لغة: نقيض الدخول، وهو البروز من الحال أو المقرّ، قال الراغب: «خَرَجَ خُرُوجاً: برز من مقرّه أو حاله، سواء كان مقرّه دارا، أو بلدا، أو ثوبا» "المفردات" (ص278) وقال ابن منظور: «خرج: الخُروج: نَقِيضُ الدُّخُولِ. خَرَجَ يَخْرُجُ خُرُوجاً ومَخْرَجاً، فَهُوَ خارِجٌ وخَرُوجٌ وخَرَّاجٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ وخَرَجَ بِهِ.» "لسان العرب" (2/249) وقال الزبيدي: «(خَرَجَ خُرُوجاً)، نقيضِ دَخَلَ دَخُولاً» "تاج العروس" (5/508) وأما الدخان فمعروف، وهو المستصحب للهيب، قال الراغب: «الدّخان كالعثان: المستصحب للهيب» "المفردات" (ص310) وانظر "مقاييس اللغة" لابن فارس (2/336)، و"لسان العرب" لابن منظور " (13/149)، و"تاج العروس" للزبيدي (34/512)

التعريف اصطلاحًا

خروج الدخان اصطلاحًا: هو خروج دخان مخصوص في آخر الزمان، يأخذ بأنفاس الكفار، ويأخذ المؤمنين منه كهئية الزكام، وهو من علامات الساعة. قال القنوجي: «ومن أشراط الساعة: الدخان، وهو بعد دابة الأرض، ويمكث في الأرض أربعين يومًا، كما في الحديث المرفوع من رواية حذيفة بن أسيد عند مسلم والترمذي وابن ماجه». "الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة" (ص214).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

لا يختلف التعريف اللغوي عن التعريف الاصطلاحي، لأن (أل) في (الدخان) عهدية، يقصد بها الدخان الذي يخرج في آخر الزمان فيأخذ بأنفاس الكفار، ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام، إلا أنا بينا في التعريف اللغوي أصل الاشتقاق، والمعهود إليه في التعريف الاصطلاحي

الأدلة

دل على خروج الدخان من القرآن قوله تعالى: ﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ﴾ [طه: 10-12 ] واختلف المفسرون في المقصود بالدخان في هذه الآية، فقيل هو: ما أصاب أهل مكة من شدة الجوع حتى صار بينهم وبين السماء كهيئة الدخان لما دعا عليهم رسول الله ، وقيل: أنه يوم فتح مكة لما حجبت السماء الغيوم , وقيل: أنه دخان يأتي قبل قيام الساعة، وهو من أماراتها، وانظر "تفسير الماوردي" (5/247) وقال بالقول الثالث من الصحابة: ابنُ عمر، وابنُ عبَّاس، وحذيفةُ بن اليمان، وأبو مالك الأشعري، وغيرُهم. انظر "تفسير الطبري" (21/18-20) والقول الثالث هو الذي رجحه ابن كثير، فقال: «وقال آخرون: لم يمض الدخان بعد، بل هو من أمارات الساعة، كما تقدم من حديث أبي سريحة حذيفة بن أسيد الغفاري، رضي الله عنه، قال: أشرف علينا رسول الله من غرفة ونحن نتذاكر الساعة، فقال: "لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدخان، والدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج عيسى ابن مريم، والدجال، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس -أو: تحشر الناس-: تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا" تفرد بإخراجه مسلم في صحيحه... قال ابن جرير: حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية عن ابن جريج، عن عبد الله بن أبي مليكة قال: غدوت على ابن عباس، رضي الله عنهما، ذات يوم فقال: ما نمت الليلة حتى أصبحت. قلت: لم؟ قال: قالوا طلع الكوكب ذو الذنب، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق، فما نمت حتى أصبحت وهكذا رواه ابن أبي حاتم، عن أبيه، عن ابن عمر، عن سفيان، عن عبد الله بن أبي يزيد، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن ابن عباس فذكره. وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن. وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين أجمعين، مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرهما، التي أوردناها مما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة، مع أنه ظاهر القرآن». "تفسير ابن كثير" (7/247-249). قال السفاريني في حديثه عن خروج الدخان: «هو ثابت بالكتاب والسنة، أما الكتابُ: فقال سبحانه وتعالى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)﴾ [الدخان: 10] قال ابن عباس وابن عمر والحسن وزيد بن علي هو دُخان قبل قيام الساعة، يدخلُ في أسماع الكفار والمنافقين، ويعتري المؤمنين منه كهيئة الزكام، وتكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه ولم يأت بعد، وهو آت». "البحور الزاخرة" (2/677). وكذلك دلت عليه السنة، كما ثبت في حديث حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ ، قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ ، فَقَالَ : مَا تَذَاكَرُونَ ؟ قَالُوا : نَذْكُرُ السَّاعَةَ ، قَالَ : «إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ ، فَذَكَرَ ، الدُّخَانَ ، وَالدَّجَّالَ ، وَالدَّابَّةَ ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَثَلاَثَةَ خُسُوفٍ : خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ». أخرجه مسلم برقم (2901). قال النووي: «هذا الحديث يؤيد قول من قال إن الدخان دخان يأخذ بأنفاس الكفار ويأخذ المؤمن منه كهيئة الزكام، وأنه لم يأت بعد، وإنما يكون قريبًا من قيام الساعة، وقد سبق في كتاب بدء الخلق قول من قال هذا وانكار بن مسعود عليه وأنه قال إنما هو عبارة عمَّا نال قريشًا من القحط حتى كانوا يرون بينهم وبين السماء كهيئة الدخان، وقد وافق ابن مسعود جماعة، وقال بالقول الاخر حذيفة وبن عمر والحسن ورواه حذيفة عن النبي وأنه يمكث في الأرض أربعين يوما ويحتمل أنهما دخانان للجمع بين هذه الاثار». "شرح النووي على مسلم" (18/27). وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قَالَ: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوِ الدُّخَانَ، أَوِ الدَّجَّالَ، أَوِ الدَّابَّةَ، أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ، أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ». أخرجه مسلم برقم (2947).

الحكم

يجب الإيمان بالدخان، وأنه من أشراط الساعة، كما ثبت في صحيح السنة عن رسول الله ، قال ابن الحداد في "عقيدته" الذي ذكر أنه يجب اعتقاده، وحكى عليه إجماع الصدر الأول وعلماء السلف: «وأن الآيات التي تظهر عند قرب الساعة من الدجال، ونزول عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، والدخان، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وغيرها من الآيات التي وردت بها الأخبار الصحاح = حق». انظر "اجتماع الجيوش الإسلامية" لابن القيم (1/266). لكن الخلاف في تفسير الآية بالدخان الذي هو من علامات الساعة = خلاف سائغ، لا يجب فيه اختيار قول على قول، وأما الدخان الذي هو من علامات الساعة فأدلة السنة صريحة فيه، فيجب الإيمان به. ولذلك مع أن ابن جرير الطبري رجّح قول ابن مسعود في تفسير الآية، إلا أنه لم ينكر الدخان الذي لم يأت بعد، فقال: «غير منكر أن يكون أحل بالكفار الذين توعدهم بهذا الوعيد ما توعدهم، ويكون محلًا فيما يستأنف بعد بآخرين دخانًا على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله عندنا كذلك، لأن الأخبار عن رسول الله قد تظاهرت بأن ذلك كائن، فإنه قد كان ما روى عنه عبد الله بن مسعود، فكلا الخبرين اللذين رويا عن رسول الله صحيح، وإن كان تأويل الاية في هذا الموضع ما قلنا». "تفسير الطبري" (21/21).

مذاهب المخالفين

ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه ما يفيد إنكار خروج الدخان، كما ثبت عن مَسْرُوقٍ، قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي كِنْدَةَ، فَقَالَ: يَجِيءُ دُخَانٌ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَأْخُذُ بِأَسْمَاعِ المُنَافِقِينَ وَأَبْصَارِهِمْ، يَأْخُذُ المُؤْمِنَ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ، فَفَزِعْنَا، فَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَغَضِبَ فَجَلَسَ، فَقَالَ: مَنْ عَلِمَ فَلْيَقُلْ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنَ العِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لاَ يَعْلَمُ: لاَ أَعْلَمُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ﴾، وَإِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَئُوا عَنِ الإِسْلاَمِ، فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ» فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا، وَأَكَلُوا المَيْتَةَ وَالعِظَامَ، وَيَرَى الرَّجُلُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ جِئْتَ تَأْمُرُنَا بِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللَّهَ، فَقَرَأَ: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿عَائِدُونَ﴾ أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمْ عَذَابُ الآخِرَةِ إِذَا جَاءَ ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى﴾ يَوْمَ بَدْرٍ وَلِزَامًا: يَوْمَ بَدْرٍ ﴿الم غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ إِلَى ﴿سَيَغْلِبُونَ﴾ وَالرُّومُ قَدْ مَضَى». أخرجه البخاري برقم (4774) ومسلم برقم (2798). ولكن يجاب عن هذا بأن الأحاديث قد صحَّت في إثبات الدخان، ولعل الحديث لم يبلغه، وإلا لما أنكر ذلك، وأيضًا فإنه قد ورد عنه أنهما دخانان، أحدهما مضى، والآخر من علامات الساعة، فلو ثبت هذا فلا إشكال. قال السفاريني: «قال العلامة الشيخ مرعي في "بهجته" كغيره: كلام ابن مسعود رضي الله عنه موافق لظاهر الاية؛ فلا دليل فيها لما ذهب الجمهور، وإنما دليلهم السنة، وكأن ذلك لم يبلغِ ابنَ مسعود رضي الله عنه حين أنكر ذلك، مع أنه ورد عنه أيضًا أنه كان يقول: هما دخانان مضى واحد، والذي بقي يملأ ما بين السماء والأرض، ولا يجد المؤمن منه إلا كالزكمة، وأما الكافر فيشق مسامعه، فيبعث الله عند ذلك الريح الجنوب من اليمن، فتقبض روح كل مؤمن، ويبقى شرار الناس». "لوامع الأنوار البهية" (2/131).