البحث

عبارات مقترحة:

الفتاح

كلمة (الفتّاح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من الفعل...

المقيت

كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...

جحد نصوص الوعد والوعيد أو تأويلها

من الأنواع التي اشتمل عليها القرآن: الوعد والوعيد، فالوعد يتعلق بالجنة، والرضوان، والثواب، والوعيد يتعلق بالنار، أو الغضب أو اللعن، أو العقاب، فمن أنكر شيئًا من ذلك، أو أولها بما يخرج عن معانيها، فقد كفر بإجماع المسلمين، لمخالفته الكتاب والسنة. والجحد هو التكذيب بوجوده، كقول الدهرية، والتأويل: هو صرف معناها عن ظاهره، والزعم بأنها مجرد تخييل لا وجود له على الحقيقة، وهو كقول الفلاسفة.

الأهمية

تعد نصوص الوعد والوعيد من أركان الإيمان إذ هي مندرجة في الإيمان باليوم الآخر، والنصوص في إثباتها متواترة وقاطعة، وجحدها أو تأويلها تأويلًا يُخرِجُها عن معناها؛ يلزمُ منه أنَّ الله تعالى لم يبيِّن الكلام، وخدَعَ الناس بأشياء لا وجود لها، وأضلهم، وهذا من أكبر الكفر.

التعريف

التعريف لغة

الوعد في اللغة: يدل على الترجية، فهي كلمة تبعث الرجاء، يقال: وعدته أعده وعدًا، وتطلق على الوعد بالخير والشر، وفي الشر تفيد التحذير، يقال: وعدتُه خيراً ووعدتُه شرًّا، وأما الوعيد والإيعاد فلا يطلق إلا بالشر، وإذا اجتمعا فالوعد بالخير، والوعيد بالشر. انظر: "الصحاح" للجوهري (2 /551)، " مقاييس اللغة" لابن فارس (6 /125).

التعريف اصطلاحًا

يمكن تعريف الوعد بأنه: ما أخبر الله تعالى أو نبيه أنّه أعده ثوابًا وجزاءً لمن أطاعه، والوعيد: ما رهبّ الله به عباده، وحذرهم عقابًا وجزاءً لمن عصاه، وخالف أمره. فالوعد: أسلوب ترغيبٍ يحث الله به عباده، كالإخبار بأن لهم ما يسرهم، كالجنة، والرضوان، والفلاح، وغير ذلك. والوعيد: أسلوب ترهيبٍ يحذر الله به عباده، كالإخبار بأن من قصر أو خالف بأن لهم ما يسوؤهم، كالنار، والعذاب، وغير ذلك. انظر: "التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة" القرطبي (1 /263)، "الكليات" للكفوي (ص: 939). وعلى هذا يكون المراد بجحد نصوص الوعد والوعيد: إنكار ما جاء به الشرع ثوابا وترغيبا للطائعين، وزجرا وترهيبا للعاصين. ويكون المراد بتأويل نصوص الوعد والوعيد: هو صرف معاناها عن ظاهره، مما يخرجه عن حقيقته، كقول الفلاسفة بأنّ الوعد والوعيد مجرد تخييل ذكره الرسل ليحثوا الناس، وليس ثمة جنة ولا نار. فالجحود: إنكار. "الصحاح" للجوهري (2 /451)، والتأويل: صرف اللفظ عن ظاهره. " مجموع الفتاوى" لابن تيمية (4 /69).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

المعنى الاصطلاحي هو المعنى اللغوي، فكلا المعنيين يتضمن الوعد بالخير، والوعيد بالشر.

الأدلة

القرآن الكريم

جحد نصوص الوعد والوعيد أو تأويلها في القرآن الكريم
الآيات المثبتة للوعد والوعيد متواترة، منها: 1- قوله عز وجل: ﴿وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ [الأحقاف: 16]. قال ابنُ جريرٍ: «يقولُ: وعَدَهم اللهُ هذا الوَعْدَ، وَعْدَ الحَقِّ لا شَكَّ فيه أنَّه مُوفٍ لهم به، الذي كانوا إيَّاه في الدُّنيا يَعِدُهم اللهُ تعالى، وأمَّا الوعيدُ في حقِّ عُصاة المؤمنين فهو تحت مشيئةِ اللهِ تعالى؛ فقد يقعُ جزاءً وعدلًا، وقد يختَلِفُ في حقِّ بعضِ العُصاةِ؛ لانتفاءِ شَرطٍ أو وجودِ مانعٍ». "تفسير الطبري" (21 /143). 2- وقوله تعالى: ﴿وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ﴾ [التوبة: 68]. 3- وقوله تعالى : ﴿وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾ [التوبة: 72]. 4- وقوله تعالى : ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا﴾ [التوبة: 111].

السنة النبوية

جحد نصوص الوعد والوعيد أو تأويلها في السنة النبوية
دلت الأحاديث دلالة قاطعة على إثبات الوعد والوعيد، والجنة والنار، وهي كثيرة جدا، منها: 1- قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَدْخُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ»، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: «أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ. فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا قَدِ اسْوَدُّوا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الحَيَاة، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي جَانِبِ السَّيْلِ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهَا تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً» أخرجه البخاري (22) ومسلم (184). 2 - وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقُولُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ: «اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ». أخرجه البخاري (7385) ومسلم (769). 3- وقَالَ : «عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الحَائِطِ، فَلَمْ أَرَ كَالخَيْرِ وَالشَّرِّ» أخرجه البخاري (540) ومسلم (2359). 4- وقال: «إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ، فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالعَشِيِّ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ». أخرجه البخاري (3240) ومسلم (2866). 5- وقال: «قَالَ اللَّهُ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ». أخرجه البخاري (3244) ومسلم (2824). 6- «لاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ المِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الجَنَّةَ». أخرجه البخاري(7416) ومسلم (1499).

الإجماع

أجمع المسلمون على أنّ الإيمان بنصوص الوعد والوعيد واجب، وأنّ من جحدها، أو أوّلها بما يخرجها عن معناها، كما يقوله أهل التخييل، كفر وخرج من الملة، يقول إسماعيل الأصبهاني: «أجمع أهل الإسلام متقدموهم ومتأخروهم على رواية الأحاديث في صفات الله، وفي مسائل القدر، والرؤية، وأصل الإيمان والشفاعة، والحوض، وإخراج الموحدين المذنبين من النار، وفي صفة الجنة والنار، وفي الترغيب والترهيب، والوعد والوعيد». "الحجة في بيان المحجة" (2 /217). قال ابن عبد البر: «من أنكر الجنة، أو النار، أو البعث، أو الحساب، أو القيامة فهو كافر بإجماع للنص عليه، وإجماع الأمة على صحة نقله متواتراً، وكذلك من اعترف بذلك، ولكنه قال: إن المراد بالجنة، والنار، والحشر، والنشر، والثواب، والعقاب معنى غير ظاهره وإنها لذات روحيه، ومعان باطنه». "التمهيد" (2 /1077). و قال القاضي عياض: «من أنكَر الجنة والنار والبعث والحساب والقيامة فهو كافِرٌ بإجماع، للنصِّ عليه وإجماع الأمة على نقله متواتِرًا». "الشفا" (2/615). ونقله المجلسي في "لوامع الدرر في هتك أستار المختصر" (13 /342). وقال البقاعي: «اعلم أنه ثبت بالدلائل العقلية والسمعية وإجماع المسلمين أن قول الله حق، وخبره صدق، ذلك واجب له لذاته سبحانه وتعالى، ومن أنكر أن خبر الله حق، أو أن وعده ووعيده صدق فهو كافر بإجماع المسلمين». " تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي" (ص: 159).

وجه عده من النواقض

يعد جحد الوعد والوعيد، أو تأويلها بما يخرجها عن معناها ناقضا؛ لأمور: 1- أن الإيمان بنصوص الوعد والوعيد يتضمن الإقرار بها وتصديقها، وإجلالها وإكرامها، وهذا الإنكار يناقض هذا الإيمان. 2- إن هذا الإنكار أو الاستهزاء بنصوص الوعد والوعيد تكذيب للقرآن الكريم، حيث فرض الله تعالى الإقرار بآياته، وتصديقها، وعدم اتخاذها هزوًا، وحكم بالكفر على من جحد آياته. 3- أن إنكار نصوص الوعد والوعيد وصرفها عن ظاهرها، أو الاستهزاء بها يتضمن طعناً في الأنبياء عليهم السلام، وتنقصاً لهم، وأنهم ربما كذبوا لمصلحة الجمهور كما يزعم ملاحدة الفلاسفة، مع أن الأنبياء عليهم السلام صادقون مصدقون، قد بلغوا البلاغ المبين، وأقاموا الحجة على الناس، فهم أفضل الخلق عند الله تعالى، وأكمل الخلق علماً وعملاً، حيث اختصهم الله تعالى بوحيه واصطفاهم من بين سائر الناس. 4- أن هذا الإنكار أو الاستهزاء مخالف للإجماع، وتكذيب له، فقد أجمعوا على إثبات الوعد والوعيد والتصديق به، وعلى تكفير منكره أو المستهزئ به. انظر: "نواقض الإيمان القولية والعملية" العبد اللطيف (ص 236).

أقوال أهل العلم

«الوعد والوعيد حق، فالوعد حق العباد على الله، ضمن لهم إذا فعلوا كذا أن يعطيهم كذا، ومن أولى بالوفاء من الله، والوعيد حقه على العباد، قال: لا تفعلوا كذا فأعذبكم، ففعلوا، فإن شاء عفا، وإن شاء أخذ لأنه حقه، وأولاهما بربنا تبارك وتعالى العفو والكرم إنه غفور رحيم» يحَيْى بن مُعَاذ الحجة في بيان المحجة (2/230)
«لا رَيبَ أنَّ الكتابَ والسُّنَّةَ فيهما وعدٌ ووعيدٌ، وقد قال اللهُ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ [النساء: 10]، وقال اللهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ [النساء: 29-30]، ومِثلُ هذا كثيرٌ في الكِتابِ والسُّنَّةِ، والعَـبدُ علـيه أن يُصَـدِّقَ بهذا وبهذا» ابن تَيْمِيَّة مجموع الفتاوى (8 /270)
«أَوْ أَنْكَرَ الْجَنَّةَ أَوِ النَّارَ، أَوِ الْبَعْثَ أَوِ الْحِسَابَ، أَوِ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ، وَلَكِنْ قَالَ: الْمُرَادُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ غَيْرُ مَعَانِيهَا» النَّوَوِي "روضة الطالبين وعمدة المفتين" (10 /71).
«كفر الجحود الخاص المقيد: أن يجحد فرضًا من فروض الإسلام، أو تحريمَ محرَّمٍ من محرَّماته، أو صفةً وصف الله بها نفسه، أو خبرًا أخبر الله به= عمدًا، أو تقديمًا لقول من خالفه عليه لغرضٍ من الأغراض». ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "مدارج السالكين" (1/522).
«قد يقول حذاق هؤلاء من الإسماعيلية والقرامطة، وقوم يتصوفون، أو يتكلمون وهم غالية المرجئة: إن الوعيد الذي جاءت به الكتب الإلهية إنما هو تخويف للناس لتنزجر عما نهيت عنه من غير أن يكون له حقيقة... وهؤلاء هم الكفار برسل الله وكتبه واليوم الآخر، المنكرون لأمره، ونهيه، ووعده ووعيده» تقي الدين ابن تيمية مجموع الفتاوى (19 /150).