البحث

عبارات مقترحة:

العظيم

كلمة (عظيم) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وتعني اتصاف الشيء...

الحسيب

 (الحَسِيب) اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على أن اللهَ يكفي...

المقدم

كلمة (المقدِّم) في اللغة اسم فاعل من التقديم، وهو جعل الشيء...

سب الله تعالى

الانتقاص من ذات الله العلية بألفاظ الشتم والتقبيح، أونسبة مالا يليق به،وهو فعل شنيع مخرج من الملة بإجماع الأمة من علماء وعامة، سواء كان قاصداً أم غير قاصد، هازلاً أو غير هازل. وسبُّ رسول الله هو سبٌ لله، وقد توعد الذين يؤذون الله ورسوله بعذاب مهين.

الأهمية

إن السب لله تعالى أعظم كفرًا من الإلحاد، لأن الملحد نفى وجود خالقٍ وربٍ، ولسان حاله: أني لو أثبته لعظَّمتُه، وأما من زعم إيمانه بالله؛ فهو يثبت ربه ويسبه، وهذا أظهر عنادًا وتحدِّيًا. ونصب الأصنام في بلد من البلدان، والطواف حولها والسجود لها والتبرك بها؛ أهون عند الله من اشتهار سب الله في نوادي ذلك البلد وشوارعه وأسواقه ومجالسه؛ لأن اشتهار سبّه - سبحانه - أعظم من تشريك الأوثان معه، مع كون الفعليْن كفراً؛ إلا أن المشرك يعظم الله، والسابّ يحقره! تعالى الله عن ذلك. وسب الله واشتهاره في بلد، أعظم من استحلال الزنا وتشريعه فيها، وأعظم من فاحشة قوم لوط وتشريعها، لأن كفر استحلال الفواحش كفر سببه جحد تشريع من تشريعات الله، واستهانة بأمر من أوامره، وأما السب؛ فكفر سببه الكفر بذات المُشرِِّع، والكفر باذا المشرِّع يلزم منه كفر بجميع تشريعه، واستهانة بها، وهذا أعظم وأشد، مع كون كلا الفعلين كفرًا؛ إلا أن الكفر دركات كما أن الإيمان درجات. "تعظيم الله وحكم شاتمه" للطريفي (ص19-20).

التعريف

التعريف لغة

قال ابن فارس: «السين والباء حدَّه بعض أهل اللغة ـ وأظنه ابن دريد ـ أن أصل هذا الباب: القطع، ثم اشتق الشتم، وهذا الذي قاله صحيح، وأكثر الباب موضوع عليه؛ من ذلك السِّب: الخمار؛ لأنه مقطوع من منسجه». "مقاييس اللغة" (3/63). السب: مصدر: سببته سبًّا، وهو: الشتم، وقد سبَّه يسُبّه بمعنى: قطعه، ولا قطيعة أقطع من الشتم، والتسابُّ: التشاتم والتقاطع، ويقال: رجل سُبَبة؛ إذا كان يسب الناس كثيرًا. انظر: "تهذيب اللغة" (12/312)، و"الصحاح" للجوهري (1/144)، و"مقاييس اللغة" (3/63)، و"لسان العرب" (6/137).

التعريف اصطلاحًا

السب لفظ معروف عند جميع البشر بكل لغاتهم، حتى أنك تجد قلة من العلماء من عرّف السبّ واعتبر التعريف اللغوي كافياً. ولكن مِن العلماء مَن تناول تعريف الشتم، فهذا ابن حجر يقول: «والشتم هو الوصف بما يقتضي النقص». "فتح الباري"(6/291). بينما وسّع ابن تيمية ألفاظ السبّ حتى تستوعب ما عليه العُرف، فقال : «وهو أمر يرجع فيه إلى العرف، فإنّ كل ما ليس له حدٌ في الشرع، ولا في اللغة، يرجع فيه إلى العرف والعادة، فما عدّه أهل العرف سبًا قلنا هو سبّ، وما لا فلا»"الصارم المسلول على شاتم الرسول"(ص431). وخلاصة تعريف السبِّ أنه الكلام الذي يقصد به الانتقاص من ذات الله سبحانه، كاللعن والتقبيح وغيره.

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

السبُّ بمعناه اللغوي قطع وشتم، وفيه قطع صلته بالله بشتمه والانتقاص منه، بألفاظ السب والشتم، والعياذ بالله.

الأدلة

القرآن الكريم

سب الله تعالى في القرآن الكريم
قال الله تعالى: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ *وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ *لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ [التوبة]. وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِيناً ﴾ [الأحزاب]. وقال تعالى: ﴿وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: 108]. وقال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا﴾ [الأحزاب: 57].

الإجماع

قال إسحاقُ بنُ راهَوَيه: «أجمع المُسلِمونَ على أنَّ من سَبَّ اللهَ أو سَبَّ رَسولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. .. أنَّه كافِرٌ بذلك، وإن كان مقرًّا بكُلِّ ما أنزل اللهُ». "الصارم المسلول" (2 /15). وقال القاضي عياض: «لَا خِلَاف أَنّ ‌سابّ ‌اللَّه تَعَالَى من الْمُسْلِمِين كافر حلال الدّم». "الشفا" (2/270). وحكى الإجماع أيضًا ابن حزم وغيره، ونص على الكفر أئمة، كابن أبي زيد القيرواني، وابن قدامة، وغيرهما. "المحلى" لابن حزم (11/411)، و"المغني" لابن قدامة (9/33)، و"الصارم المسلول" لابن تيمية (ص512)، و"الفروع" لابن مفلح (6/162)، و"الإنصاف" للمرداوي (10/326)، و"التاج والإكليل" للمواق (6/288).

وجه عده من النواقض

السب ينافي الإيمان الظاهر والباطن، ينافي قول القلب، وهو التصديق بالله والإيمان بوجوده وحقه بالعبادة، وكذلك ينافي عمل القلب، وهو محبة الله وتعظيمه وتوقيره، فلا يقبل زعم التعظيم لأحد وأنت تسبه، كتعظيم الله وتوقير الوالدين، فمن زعم توقير والديه وهو يسبهما ويستهزىء بهما؛ فهو كاذب في زعمه. "تعظيم الله وحكم شاتمه" للطريفي (ص20).

أقوال أهل العلم

«كل من ذكر شيئًا يعرض بذكر الربِّ تبارك وتعالى، فعليه القتل مُسلمًا كان أو كافرًا». الإمام ابن حَنْبَل "الصارم المسلول على شاتم الرسول"(546)
«اعلم - وفقني الله وإياك - أن علماءنا ذكروا تحتم قتل جماعة من الزنادقة وأهل الإلحاد ؛ لعدم قبول إسلامهم بحسب الظاهر كالزنديق، ومن تكررت ردته، أو كفر بسحره، أو سب الله، أو رسوله، أو تنقصه، وأما حكمهم في الآخرة، فإن صدقوا قبل بلا خلاف». السَّفَّارِيني "لوامع الأنوار البهية" (1/390).
«من سب الله أو سبَّ أحدًا من الأنبياء فاقتلوه». عمر بن الخطاب رواه حرب في "مسائله" كما في "الصارم المسلول" (ص102).
«أيما مسلم سبَّ الله أو سبَّ أحدًا من الأنبياء فقد كذب برسول الله ، وهي ردة، يستتاب، فإن رجع وإلا قتل، وأيما معاهد عاند فسب الله أو سب أحدًا من الأنبياء أو جهر به ‌فقد ‌نقض العهد فاقتلوه». ابن عباس رواه حرب في "مسائله" كما في "الصارم المسلول" (ص201).

اعتراضات وأجوبتها

يعتذر بعض الجهمية وغلاة المرجئة عن شاتمي الله تعالى ورسوله بأن تكفير المعين من شرطه أن يقصد الكفر في ما يقترفه من الكفر، وجعلوا سبّ الله تعالى ليس بكفر ما لم يكن صاحبه يقصد الكفر من سبه! والجواب عن هذا: أنه قد تقدمت الأدلة على أن ساب الله تعالى يكفر، ولم يشرط أحد من أهل العلم لذلك أن يكون يقصد من سبه الكفر بالله تعالى. «فاعتذار الإنسان بأن سب الله تعالى ولعنه سبحانه يجري على لسانه من غير قصد التنقص أو تعمد الإهانة: اعتذار يُسوِّلُه إبليس للإنسان حتى يبقيَهُ على كفره، ويسكنه على بغيه وظلمه لنفسه في حق ربه ، فالشيطان لا يسول للإنسان الكفر إلا أوجد له ما يطمئنه به من الشبه العقلية الواهية والشبه الشرعية الضعيفة التي لا تقوم على ميزان الفهم الصحيح المتجرد من الهوى». "تعظيم الله وحكم شاتمه" للطريفي (ص29). وعلينا أن فرق في جواب هذه الشبهة بين نوعين من القصد أحدهما شرط في الحكم بالتكفير، والآخر ليس شرطًا. فأما الأول: فهو أن يقصد الإنسان إلى الفعل ويتعمده ولا يكون مخطئًا فيه، فهذا القصد يشترط لتكفير صاحبه. ومثال انتفاء هذا القصد ما جاء في حديث الرجل الذي أضل راحلته، فقال: «اللهم أنت عبدي وأنا ربك». وأما الثاني: فهو أن يقصد الإنسان الكفرَ بفعله الذي تعمده، فهذا القصد ليس شرطا لتكفير صاحبه، ولايمنع انتفاؤه أو ادعاء انتفائه من المؤاخذة بالفعل المكفر. إذ لو اشترطنا وجود هذا القصد في إلحاق حكم الكفر، لم يعجز أحد من الواقعين في الأقوال والأفعال الشركية أن يعتذر بعدم قصده الكفر بفعله، ولكان ذلك سببًا في إغلاق باب التكفير مطلقًا. والحق أن كثير من الكفار يعتقدون أنهم على حق فيما يقولونه ويفعلونه، وأنهم لايقصدون الوقوع في الكفر أو الشرك، كما في قوله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ﴾. قال ابن جرير الطبري رحمه الله: «وهذا من أدل الدلائل على خطإ قول من زعم أنه لايكفر بالله أحد إلا من حيث يقصد إلى الكفر بعد العلم بوحدانيته، وذلك أن الله تعالى ذكرُه أخبر عن هؤلاء الذين وصف صفتهم في هذه الآية أن سعيهم الذي سعوا في الدنيا ذهب ضلالًا، وقد كانوا يحسبون أنهم محسنون في صنعهم ذلك، وأخبر عنهم أنهم هم الذين كفروا بآيات ربهم، ولو كان القول كما قال الذين زعموا أنه لايكفر بالله أحد إلا من حيث يعلم، لوجب أن يكون هؤلاء القوم في عملهم الذي أخبر الله عنهم أنهم كانوا يحسبون فيه أنهم يحسنون صنعه مثابين مأجورين عليه، ولكن القول بخلاف ما قالوا، فأخبر جل ثناؤه عنهم أنهم بالله كفرة وأن أعمالهم حابطة». "تفسير الطبري" (8/295). ومن أدلة هذا التفريق قوله تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾. قال شيخ الإسلام رحمه الله: «. .. فدل على أنهم لم يكونوا عند أنفسهم قد أتوا كفرا، بل ظنوا أن ذلك ليس بكفر، فبين أن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه، فدل على أنه كان عندهم إيمان ضعيف، ففعلوا هذا المحرَّم الذي عرفوا أنه محرم، ولكن لم يظنوه كفرًا، وكان كفرا كفروا به، فإنهم لم يعتقدوا جوازه». "مجموع الفتاوى" (7/273). وقال أيضا في بيان التفريق بين هذين النوعين من القصد: «. .. وبالجملة فمن قال أو فعل ما هو كُفر كَفرَ بذلك ، وإن لم يقصد أن يكون كافرا، إذ لايقصد الكفرَ أحد إلا ما شاء الله». "الصارم المسلول" (ص177-178). ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح حديث المارقة «يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية): «وفيه أن من المسلمين من يخرج من الدين من غير أن يقصد الخروج منه، ومن غير أن يختار دينًا على دين الإسلام». "فتح الباري" (12/373).

مسائل متعلقة

مسألة: هل ينتقض عهد الذمي إذا سب الله سبحانه؟ الذميّ ينتسب لأهل الذّمة: وهم الكفّار الّذين أقرّوا في دار الإسلام على كفرهم بالتزام الجزية ونفوذ أحكام الإسلام فيهم. انظر "الشرح الممتع" لابن عثيمين (12/333). قال تعالى: "﴿وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ﴾ (التوبة: 12) ذكر المنذري خلاف أهل العلم في حكم السابّ إذا كان ذمياً، فقال الشافعي يقتل وتبرأ منه الذمة، وقال أبو حنيفة لا يقتل، ما هم عليه من الشرك أعظم، وقال مالك من شتم النبي من اليهود والنصارى قُتِل إلا أن يُسلم. انظر "عون المعبود شرح سنن أبي داود" للعظيم أبادي (12/11). وهذه المسألة يرجع الحكم فيها إلى نقض ذمته، هل بسبّه هذا يكون ناقضاً للذمّة التي بيننا وبينه، أم لا؟ قل الخرقي: «ومن نقض العهد بمخالفة شيء مما صولحوا عليه حل دمه وماله». "مختصر الخرقي" (ص143). وهذا القاضي أبو يعلى يشرح كلام الخِرقي، ويذكر الأمور التي ينتقض بها عهد الذمي فيقول: «فنقض العهد كما لو فعل ما يعود بضرر المسلمين، كالاجتماع على قتل المسلمين، والزنا بمسلمة، . .. إلى أن قال: «أو ذكر الله تعالى ورسوله وكتابه بسوء فإن هذه تنقض العهد». "المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين" (2/386). وقد بين ابن تيمية رحمه الله أن ذمته تُنقض بسبّه، وذلك لأنه مأمور بأن يؤدي الجزية عن يد وهو صاغر، فإذا استهزأ أو سب الله ورسوله، فقد تحرر من صغاره لأن شرط العهد انتقض وهو دفعه الجزية عن صغار. قال رحمه الله: «فمن المعلوم أن من أظهر سب نبينا في وجوهنا، وشتم ربنا على رؤوس الملأ، وطعن في ديننا في مجامعنا، فليس بصاغر، لأن الصاغر: الذليل الحقير، وهذا فعل متعزز مراغم، بل هذا غاية ما يكون من الإذلال لنا والإهانة». "الصارم المسلول" (ص11). فالذي عليه جماهير أهل العلم أن الذمة تنقض بسبه، وقد صح الحديث بقتل النبي لليهودي كعب بن الأشرف الذي كان معاهداً. وذلك لمّا هجى النبي بأبيات فأرسل إليه من يقتله، فكان ناقضاً للعهد الذي بينه وبين رسول الله. فالذي عليه جماهير أهل العلم أن الذمة تنقض بسبّه، وهذا وجيه، فإن كان المسلم يقتل بسبه لله أو رسوله، فالكافر أولى بنقض العهد والقتل ، والله تعالى اعلم. مسألة: سب الله تعالى على قسمين. الاول: أن يسبّه بما لا يتدين به مما هو استهانة به، عند المتكلم وغيره مثل اللعن والتقبيح ونحوه فهذا هو السب الذي لا ريب فيه. والثاني: أن يكون مما يتدين به ويعتقده تعظيماً ولا يراه سباً، ولا انتقاصاً، مثل قول النصراني: إن له ولداً وصاحبة ونحوه، فهذا مما اختلف فيه إذا أظهره الذمي، فقال القاضي وابن عقيل: ينتقض به العهد. ويحكى ذلك عن طائفة من المالكية، ووجه ذلك أنّا عاهدناهم على أن لا يظهروا شيئا من الكفر، وإن كانوا يعتقدونه فمتى أظهروا مثل ذلك فقد آذوا الله ورسوله والمؤمنين بذلك، وخالفوا العهد، فينتقض العهد بذلك، كسب النبي فهذا عمر رضي الله عنه قال للنصراني الذي كذبّ بالقدر: لئن عدت إلى مثل ذلك لأضربن عنقك. انظر "الصارم المسلول على شاتم الرسول" لابن تيمية (ص556). والعبرة بإظهار المتدين بالسب سبّه، فلو قاله في كنيسته أو مكان عبادته مايدين به، فلا يتابع. ولكن لو أظهر ذلك في نوادي المسلمين فإنه يحاسب، حتى لو كان مبادئ دينه. سب الدهر: سب الدهر محرمٌ لأن فيه سباً لله؛ فهو الذي خلق الدهر، وهو الذي قدر المقادير، ولكن الدهر ليس من أسماء الله الحسنى، وهو سبٌ لله بصورة غير مباشرة. جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله قال الله عز وجل: «يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار». رواه البخاري (4826). قال البغوي: «ومعنى الحديث: أن العرب كان من شأنهم ذم الدهر، وسبه عند النوازل، لأنهم كانوا ينسبون إليه ما يصيبهم من المصائب والمكاره، فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر، وأبادهم الدهر. كما أخبر الله تعالى عنهم: وما يهلكنا إلا الدهر، فإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد سبوا فاعلها، وكان مرجع سبهم إلى الله عز وجل، إذ هو الفاعل في الحقيقة للأمور التي يضيفونها إلى الدهر، فنهوا عن سب الدهر». "تفسير البغوي"(4/188). وسب الدهر فيه مفاسد: 1- سبّه ممن ليس أهلاً للسب. 2-سبُّه متضمن للشرك، فإنه سبه لظنه أنه يضر وينفع. 3-أن السبّ منهم إنما يقع على من فعل هذه الأفعال التي لو اتبع الحق فيها أهواءهم لفسدت السماوات والأرض، وإذا وقعت أهواؤهم حمدوا الدهر وأثنوا عليه، ولهذا كانت مؤذية للرب تعالى». انظر "زاد المعاد في هدي خير العباد" (2/324).