البحث

عبارات مقترحة:

السلام

كلمة (السلام) في اللغة مصدر من الفعل (سَلِمَ يَسْلَمُ) وهي...

المجيب

كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...

الشهيد

كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...

صرف العبادة لغير الله تعالى

العبادة حق خالص لله تعالى، لا يشركه فيها غيره كائنا من كان، إذ هو المتفرد بالربوبية والألوهية، فمن صرف شيئًا من أنواع العبادة لغير الله، فقد خرج من الملّة.

الأهمية

العبادة هي ركن الدين، بل هي الدين، فصرف شيء منها لغير الله تعالى كفر، وما تقرّب أحد إلى الله بمثل عبادته جلّ وعلا، فهي حق الله الخالص، وقد يقع من بعض المنتسبين للإسلام مظاهر فيها صرف للعبادة لغير الله تعالى، كصرف شيء من المحبة أو الخوف أو الرجاء أو الدعاء، أو غير ذلك، فتعيّن التنبيه إلى خطر هذا الأمر، وبيان حكمه الشرعي.

التعريف

التعريف لغة

العبادة في اللغة: مشتقة من (عبد)، وهو يطلق على معنيين أصليين: الأول: يدل على لين وذل، ومنه: العبد المملوك، وجمعه عبيد، ومنه: العبادة: يقال: عبد يعبد عبادة، وتعبد يتعبد، ولا يقال إلا لمن يعبد الله - تعالى، فالعبادة فيها معنى الذل والخضوع لله تعالى. الثاني: يدلّ على غلظ وشدة، يقال: هذا ثوب له عبدة، إذا كان صفيقًا قويًا. انظر: "مقاييس اللغة" لابن فارس (4 /205).

التعريف اصطلاحًا

العبادة اصطلاحًا: «الانقياد والخضوع لله تعالى على وجه التقرب إليه بما شرع مع المحبة» "منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى" خالد عبد اللطيف (1 /55). قال الصنعاني: «العبادة أقصى باب الخضوع والتذلل، ولم تُستعمل إلاَّ في الخضوع لله؛ لأنَّه مُولي أعظم النِّعم، وكان لذلك حقيقاً بأقصى غاية الخضوع» " تطهير الاعتقاد" (ص: 53). وعلى هذا فالمراد بصرف العبادة لغير الله تعالى: هو جعل شيء مما يتعبد به لغير الله عز وجل، سواء كان من العبادات المحضة أو غير المحضة إذا فعلت على غير وجهها الشرعي، كدعاء الأموات، والذبح على وجه القربة والتعظيم لغير الله، ونحو ذلك.

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

التضمن للمعنى اللغوي الأول: الذل والخضوع، فالعبادة غاية الذل والخضوع لله جلّ وعلا مع المحبة والتعظيم.

الأقسام والأنواع

العبادة باعتبار كيفية أدائها على خمسة أنواع: 1- اعتقادية: كأن يعتقد أنَّه الربُّ الواحد الأحدُ الذي له الخلق والأمر، وأنَّه لا معبود بحق غيره، وغير ذلك من لوازم الإلَهية. 2- لفظية: كالنطق بكلمة التوحيد. 3- بدنية: كالقيام والركوع والسجود في الصلاة، ومنها الصوم وأفعال الحج والطواف. 4- مالية: كإخراج جزء من المال امتثالاً لِمَا أمر الله تعالى به. انظر: "تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد" الصنعاني (ص: 54).

الأدلة

القرآن الكريم

صرف العبادة لغير الله تعالى في القرآن الكريم
الأدلة من الكتاب على توحيد العبادة، وأن صرف شيء منها لغير الله من نواقض الإسلام متواترة، وهي على قسمين: الأول: الآيات الدالة على الأمر بعبادة الله وحده، والتحذير من الإشراك به، ومنها: قوله تعالى: ﴿يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾، وقوله: ﴿أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ﴾، وقوله: ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ﴾، وقوله: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: 36]. قال صديق حسن خان القنوجي في تفسير قوله تعالى: ﴿أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: 23]: «قد تقرر أن العبادة لا تجوز إلا لله، وأنه هو المستحق لها، فكل ما يسمى في الشرع عبادة ويصدق عليه مسماها فإن الله يستحقه، ولا استحقاق لغيره فيها، ومن أشرك فيها أحداً من دون الله فقد جاء بالشرك، وكتب اسمه في ديوان الكفر». "الدين الخالص" (2 /52). الثاني: الآيات الدالة على أفراد العبادات أنها مستحَقَّة لله، وصرفها لغيره إشراك به، كالدعاء والمحبة والخوف والرجاء وذبح النسك، وغيرها. ومنه قوله تعالى: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [غافر: 14]، قال ابن تيمية: «هو دعاء العبادة ، والمعنى : اعبدوه وحده ، وأخلصوا عبادته لا تعبدوا معه غيره». " مجموع الفتاوى" (15 /13). وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60] وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 175] وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: 24]. وقوله تعالى: ﴿لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [فصلت: 37]. وقوله سبحانه: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ﴾ [الأنعام: 162-163] وقوله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44]. وقوله تعالى: ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 31]. وهذه الآيات قاطعة بأن صرف شيء من العبادات المحضة لغير الله مخرج من الملّة.

السنة النبوية

صرف العبادة لغير الله تعالى في السنة النبوية
الأحاديث التي تدل على أنّ العباده تكون لله وحده، وصرف شيئ منها يعد من الكفر الأكبر متواترة، وهي على قسمين: الأول: الأحاديث الدالة من جهة العموم أنّ العبادة لله وحده، وصرفها لغير شرك، ومنها: 1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: «الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَبِلِقَائِهِ، وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ». قَالَ: مَا الإِسْلاَمُ؟ قَالَ: «الإِسْلاَمُ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، وَلاَ تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ» أخرجه البخاري (50)، ومسلم (9). 2- عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ، قَالَ: مَا لَهُ مَا لَهُ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَبٌ مَا لَهُ، تَعْبُدُ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ» أخرجه البخاري (1396). 3- عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ، فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَمَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ؟»، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ؟ قَالَ: «لاَ تُبَشِّرْهُمْ، فَيَتَّكِلُوا» أخرجه البخاري (2856)، ومسلم (30). الثاني: الأحاديث الدالة من جهة الخصوص على أنّ صرف شيء من أفراد العبادة لغير الله شرك، ومنها: 1- عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: سمعت النبي يقرأ: ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ﴾ [التوبة: 31] فقلت: إنا لسنا نعبدهم؟ فقال : «أليس يحرمون ما أحل الله، فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله، فتحلونه؟ قال: قلت: بلى. فقال : فتلك عبادتهم» أخرجه الترمذي (3095) 2- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول: «إن الرقى، والتمائم، والتولة شرك» وأبو داود (3883) وابن ماجه (3576). 3- وقال : «لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثا، لعن الله من غير منار الأرض» أخرجه مسلم (1978).

الإجماع

أجمع المسلمون أنّ صرف العبادة لغير الله كفر، قال الرازي: «أجمع كل الأنبياء عليهم السلام على أنّ عبادة غير الله تعالى كفر، سواء اعتقد في ذلك الغير كونه إلها للعالم، أو اعتقدوا فيه أن عبادته تقرّبهم إلى الله تعالى» "التفسير الكبير" (14 /232)، ويوافق أبو حيان الرازي فينقل في "تفسيره" (5 /157) كلامه موافقًا له. وقال ابن تيمية: «من جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار مثل أن يسألهم غفران الذنب وهداية القلوب وتفريج الكروب وسد الفاقات: فهو كافر بإجماع المسلمين». " مجموع الفتاوى" (1 /124). ونقل هذا الإجماع على جهة الإقرار به والتسلم جماعة من أهل العلم منهم ابن مفلح في "الفروع" (6 /165)، والمرداوي في "الإنصاف" (10/327)، والحجاوي في "الإقناع" (4/297).

العقل

العقل يدل على حسن توحيد الله بعبادته جلّ وعلا فهو المتصف بصفات الكمال والجلال، المنزّه عن جميع النقائص، المتفرد بالربوبية، المستحق للألوهية، فمن كانت هذه صفاته حسن توحيد العبادة له، وقبح صرفها لغيره، بل هو من عين الحور والسفه، قال ابن تيمية: «فلولا أن حسن التوحيد وعبادة الله وحده لا شريك له، وقبح الشرك، ثابتٌ في نفس الأَمرِ، معلومٌ بالعقل، لم يخاطبهم بهذا، إذ كانوا لم يفعلوا شيئًا يُذمُّون عليه». "مجموع الفتاوى" (11 /682). والطريقة القرآنية السنية السلفية العقلية الصحيحة في الاستدلال على توحيد الألوهية : الاستدلال عليها بتوحيد الربوبية. قال تعالى: ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 111] هو من الاستدلال بتوحيد الربوبية - الذي ينافيه كل ما ذكر في الآية، على توحيد الألوهية، فهو من جنس قوله تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا ﴾ [فاطر: 40]. ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الأحقاف: 4]. ﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ ﴾ [سبأ: 22].

وجه عده من النواقض

إذا كان الله تعالى هو المستحق وحده للعباده، وهذا أساس التوحيد والدين، فصرفها لغيره من الشرك البيّن، قال سليمان بن عبد الله: «مَن عبد غير الله بنوع من أنواع العبادة فقد أشرك، سواء كان المعبود ملكًا أو نبيًا أو صالحًا أو صنما» " تيسير العزيز الحميد" (ص: 43).

أقوال أهل العلم

«قد تبيَّن بهذه الآيات الكثيرة الدالَّة إجمالاً وتفصيلاً على دعوة الرسل أقوامهم إلى إفراد الله بالعبادة أنَّ الواجبَ الاهتمام والعناية بالدعوة إلى توحيد الألوهية، اقتداءً برسل الله الكرام عليهم الصلاة والسلام؛ لأنَّه التوحيد الذي خلق الله الخلق لأَمْرهم به ونهيهم عن صرف العبادة لأحد سواه، وهو الذي من أجله أُرسلت الرسل وأُنزلت الكتب، ولا يجوز التشاغل عنه بالاهتمام والعناية بتقرير توحيد الربوبية؛ لأنَّ ذلك مركوزٌ في الفطر ولَم تُنكره الأُمم، بل هي مقرَّةٌ به، ولم يُدخلهم إقرارُهم به في الإسلام، ومن الآثار السيِّئة المترتِّبة على اشتغال كثير من المنتسبين إلى العلم بتقرير توحيد الربوبية وعدم عنايتهم بتقرير توحيد الألوهية، ما ابتُلي به كثيرٌ من الناس في مختلف البلاد الإسلامية من الافتتان بالقبور والبناء عليها واتخاذها مساجد، وما يحصل من كثير من الناس من دعاء أهلها والاستغاثة بهم وسؤالهم قضاء الحاجات وكشف الكربات، وغير ذلك مِمَّا لا يجوز أن يُطلب من غير الله» السَّنُوسِي الصنعاني
«قد أطبقت رسل المولى تبارك وتعالى وأجمعوا كلهم من لدن آدم عليه الصلاة والسلام إلى خاتم النبيين وسيد المرسلين نبينا ومولانا محمد على أن الله كلف عبيده بتوحيده وحرّم عليهم الشرك في ألوهيته وعبادته، وبلّغوا عن المولى تبارك وتعالى أن من ابتلي بهذا المحرّم - وهو الشرك في الألوهية والعبادة- ومات على ذلك فهو محروم من جميع نعم الآخرة مخلد في العذاب العظيم إلى غير نهاية» ابن أَبي زَمَنِين شرح المقدمات (ص96).
«كُلُّ مَنْ عَبْدَ غَيْرَ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ - فَقَدِ افْتَرَى الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - لأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَمَرَ الْعِبَادَ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا» سُلَيمان بن عبد الله "تفسير القرآن العزيز" (2 /295).
«مَن عبد غير الله بنوع من أنواع العبادة فقد أشرك، سواء كان المعبود ملكًا أو نبيًا أو صالحًا أو صنما.» ابن جَرير الطَّبَري "تيسير العزيز الحميد" (ص: 43).
«﴿إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي﴾ [الأنعام: 162] يَقُولُ: وَذَبْحِي. ﴿وَمَحْيَايَ﴾ [الأنعام: 162] يَقُولُ: وَحَيَاتِي. ﴿وَمَمَاتِي﴾ [الأنعام: 162] يَقُولُ: وَوَفَاتِي. ﴿لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: 2] : يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَهُ خَالِصًا دُونَ مَا أَشْرَكْتُمْ بِهِ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْأَوْثَانِ. ﴿لَا شَرِيكَ لَهُ﴾ [الأنعام: 163] فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَا لِشَيْءٍ مِنْهُمْ فِيهِ نَصِيبٌ، لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِلَّا لَهُ خَالِصًا» الرَّافِعِي "جامع البيان" ط هجر (10 /46)
«اعلَمْ أن الذبْحَ للمعبُودِ وبِاسْمِه نازِلٌ منزلةَ السُّجُودِ له، وكل واحد منهما نوعٌ من أنواع التعظِيم والعبادَةِ المخصُوصَةِ بالله تعالى الذي هو المستحِقُّ للعبادةِ، فمَنْ ذبح لغيره مِنْ حَيَوَانٍ أو جَمَادٍ كالصَّنم على وَجْهِ التعظيم والعبادَةِ -لم تَحِلَّ ذبيحتُه وكان ما يأتي به كُفْراً كمَنْ سَجَدَ لغيرِه سَجْدَةَ عِبَادةٍ، وكذا لو ذَبَحَ له ولغِيْره على هذا الوجه» الحَلِيمي "العزيز شرح الوجيز" (12 /84).
«لم يَثبُتْ في الشَّرعِ جَوازُ الصَّرفِ للأغنياءِ؛ للإجماعِ على حُرمةِ النَّذرِ للمخلوقِ، ولا يَنعقِدُ، ولا تشتغِلُ الذِّمَّةُ به» ابن نجيم البحر الرائق (2 /321).
«اعلَمْ أنَّ النَّذرَ الذي يقَعُ للأمواتِ مِن أكثَرِ العَوامِّ وما يؤخَذُ مِنَ الدَّراهمِ والشمعِ والزَّيتِ ونحوِها إلى ضرائحِ الأولياءِ. .. تقرُّبًا إليهم؛ فهو بالإجماعِ باطلٌ وحرامٌ» الحَصْكَفيُّ الدر المختار (2 /439).
«لا ينبغي أن يكون الرجاء إلا بالله جل جلاله إذ كان المنفرد بالملك والدين ولا يملك أحد من دونه نفعًا ولا ضرًا فمن رجا ممن لا يملك مالا يملك فهو من الجاهلين، و إذا علق رجاءه به جل ثناؤه فينبغي أن يسأله ما يحتاج إليه صغيرًا وكبيرًا؛ لأن الكل بيده لا قاضي للحاجات غيره وسؤاله إنما يكون بالدعاء». "المنهاج في شعب الإيمان" (1/520).