البحث

عبارات مقترحة:

الحكم

كلمة (الحَكَم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعَل) كـ (بَطَل) وهي من...

الرحيم

كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...

الظاهر

هو اسمُ فاعل من (الظهور)، وهو اسمٌ ذاتي من أسماء الربِّ تبارك...

المراء والجدال

المراء والجدال والخصومة من الآفات القاتلة، فيصطبغ الحوار بصبغة التعنت والعناد، ولا يعود القصد هو الحق ولا الهدى، ويقع المجادل في غوائل كثيرة، من الحقد والعجب وحب الجاه.

التعريف

التعريف لغة

الجدل لغةً: «الجدل: اللدد في الخصومة والقدرة عليها، وجادله أي: خاصمه، مجادلة وجدالًا. والجدل: مقابلة الحجة بالحجة؛ والمجادلة: المناظرة والمخاصمة، والجدالُ: الخصومة؛ سمي بذلك لشدته». «مجمل اللغة» لابن فارس (1/179)، «لسان العرب» لابن منظور (11/105). وأما المراء لغةً: «المراء: الجدال. والتماري والمماراة: المجادلة على مذهب الشكِّ والريبة، ويقال للمناظرة: مماراة، وماريته أماريه مماراة ومراء: جادلته». "لسان العرب" لابن منظور (15/278)، "المصباح المنير" للفيومي (2/569).

التعريف اصطلاحًا

قال الراغب: «الجِدَال: المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة. "المفردات في غريب القرآن" (ص 189). وقال الجرجاني: «الجدل: دفع المرء خصمه عن إفساد قوله: بحجة، أو شبهة، أو يقصد به تصحيح كلامه». "التعريفات" للجرجاني (ص 74). وحَدَّهُ الغزالي بقوله: «وأما المجادلة فعبارة عن قصد إفحام الغير، وتعجيزه وتنقيصه بالقدح في كلامه، ونسبته إلى القصور والجهل، وهو أمر يتعلق بإظهار المذاهب وتقريرها». "الإحياء" (5 /424، 428). أما المراء: فق ال الجرجاني: «المراء: طعن في كلام الغير لإظهار خلل فيه، من غير أن يرتبط به غرض سوى تحقير الغير». "التعريفات" (ص 209). وحَدَّهُ أبو حامد الغزالي بقوله: «هو كل اعتراض على كلام الغير بإظهار خللٍ فيه؛ إما في اللفظ، وإما في المعنى، وإما في قصد المتكلم، من غير أن يرتبط به غرض سوى تحقير الغير، وإظهار مزية الكياسة». "الإحياء" (5 /423، 428).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

عند تأمل معاني الجدال لغةً واصطلاحًا يظهر الترابط بينهما في النقاط الآتية: -الجدال استحكام الشيء وانتظامه؛ والمتجادلين يحكم كل منهما حجته، وينظّم أفكاره؛ ليقنع الخصم أو يفحمه. -الجدال امتداد الخصومة، واللدد فيها؛ والجدال يقوم على التدافع والتخاصم بين المتجادلين، وقد يترتب عليه امتداد الخصومة، وحصول القطيعة. -الجدال مراجعة الكلام؛ فالمتجادلان يحرص كل منهما على مراجعة كلامه وتكراره؛ ليتضح مقصوده، ويفهم مراده. -الجدال منازعة ومفاوضة؛ وكلا المتجادلين يفاوض خصمه وينازعه الحجة؛ لعله يظفر منه بإقرار أو إفحام. "موسوعة التفسير الموضوعي" لمجموعة من الباحثين.

الفروق

الفرق بين المراء والجدال و الحجاج

«الفرق بين الجدال والحجاج: الفرق بينهما أن المطلوب بالحجاج: هو ظهور الحجة، والمطلوب بالجدال: الرجوع عن المذهب». "الفروق اللغوية" لأبي هلال العسكري (ص 158).

الفرق بين المراء والجدال و المراء

قيل: هما بمعنى. «غير أن المراء مذموم، لأنه مخاصمة في الحقِّ بعد ظهوره، وليس كذلك الجدال». "الفروق اللغوية" لأبي هلال العسكري (ص 159). «ولا يكون المراء إلا اعتراضًا، بخلاف الجدال، فإنَّه يكون ابتداء واعتراضًا». "المصباح المنير" للفيومي (2/569).

الفرق بين المراء والجدال و المناظرة

«الجدل يُراد منه إلزام الخصم ومغالبته. أما المناظرة: فهي تردد الكلام بين شخصين، يقصد كل واحد منهما تصحيح قوله، وإبطال قول صاحبه، مع رغبة كلٍّ منهما في ظهور الحق. والمحاورة: هي المراجعة في الكلام، ومنه التحاور أي التجاوب، وهي ضرب من الأدب الرفيع، وأسلوب من أساليبه، وقد ورد لفظ الجدل والمحاورة في موضع واحد من سورة المجادلة في قوله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾ [المجادلة: 1] وقريب من ذلك المناقشة والمباحثة». «مناهج الجدل في القرآن الكريم» لزاهر الألمعي (ص 25).

الأدلة

القرآن الكريم

المراء والجدال في القرآن الكريم
قال الله تعالى: ﴿فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾. [البقرة: 197]. وقال جلَّ في علاه: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [غافر: 4]. وقال سبحانه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ﴾ [الحج: 8]. قال السعدي: «ومن الناس طائفة وفرقة سلكوا طريق الضلال، وجعلوا يجادلون بالباطل الحقَّ، يريدون إحقاق الباطل وإبطال الحق، والحال أنهم في غاية الجهل، ما عندهم من العلم شيء». "تيسير الكريم الرحمن" لابن سعدي (ص 533). وقال جل شأنه: ﴿وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [العنكبوت: 46].

السنة النبوية

المراء والجدال في السنة النبوية
فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «ما ضلَّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أُوتوا الجدل. ثم قرأ رسول الله هذه الآية: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ [الزخرف: 58]». أخرجه الترمذي (3253)، وابن ماجه (48). وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله : «إنَّ أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصم». أخرجه البخاري (2457)، ومسلم (2668) وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء، وإن كان محقًّا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه». أخرجه أبو داود (4800).

أقوال أهل العلم

«لا تمار عالمًا ولا جاهلًا؛ فإنَّك إذا ماريتَ عالمًا خَزنَ عنكَ علمَه، وإن ماريتَ جاهلًا خشَّن صدرَك». الرَّقِّي أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" برقم (835).
«لا تمارِ أخاك؛ فإنَّ المراء لا تفهم حكمته، ولا تُؤمَن غائلته». ابن عبَّاس "لسان العرب" لابن منظور (11 /507).
«من استحقاق حقيقة الإيمان ترك المراء، والمرء صادق». أَبو ذَرّ الغِفاَري "الزهد" لهناد (2/557).
«المراء يقسِّي القلوب، ويُورث الضغائن». الإمام مالِك "إحياء علوم الدين" للغزالي (3/117).
«‌الجدال ‌والخصام وهو المراء، سواء كان في المناظرة العلمية أو في الأمور الدنيوية، فإن سببَه حظُّ النفس، وهو سبب في الحقد والعدواة، ويجوز إذا كان القصدُ إظهارَ الحق». ابن جُزَيّ الكَلْبي "القوانين الفقهية" (ص636).
«‌الإسراف في الجدال يوجب عداوة الرجال، وينشر الفتن، ويولد الإحن، ويقلل الهيبة، ويكثر الخيبة، فما يبقى لمبتدِىءٍ قَرار، ولا لمنتهٍ اختيار». ابن حَمْدَان "نهاية المبتدئين" (ص83).

الصور

إذا كان المُناظِر مُعانِدًا يَظهرُ له الحق فلا يقبله، ويجادل في الحق بعد تبينه. إذا كان المناظر مخاصمًا بالباطل، كمن يخاصم بالكلام المخالف للكتاب والسنة. أن يغلب على ظنه أن خصمه لا ينتفع بالجدال. أن تكون المناظرة في ما ليس تحته عمل. أن يقصد المناظر إفحام خصمه وإسكاته وإظهار الفضل والشرف عند الناس، والمباهاة واستمالة القلوب، لما في ذلك من جلب المهلكات، كالحقد والحسد والعجب والمنافسة وحب الجاه وتزكية النفس والغيبة والكذب، والفرح بمساءة المناظر، والاستكبار عن الحق، والرياء. إذا كان المناظر ضعيف العلم بالحجة وجواب الشبهة، فيخاف عليه أن يفسده ذلك المضل. انظر "درء تعارض العقل والنقل" لابن تيمية (7/172-174)، و"الآلىء الحسان" لولد الخديم (ص47-50). من صور الجدال والمراء المذموم ما ذكره ابن رجب الحنبلي في رسالته "فضل علم السلف على الخلف" والتي بين فيها كثيرًا من تلك الصور حيث قال: «ومما أنكره أئمة السَّلف: الجدال والخصام والمراء في مسائل الحلال والحرام أيضًا، ولم يكن ذلك طريقةَ أئمة الإسلام، وإنما أحدث ذلك بعدهم كما أحدثه فقهاء العراقين في مسائل الخلاف بين الشافعية والحنفية، وصنفوا كتب الخلاف ووسعوا البحث والجدال فيها، وكل ذلك محدث لا أصل له، وصار ذلك علمهم، حتى شغلهم عن العِلْم النافع». ثم قال: «وقد فتن كثير من المتأخرين بهذا، وظنوا أن من كثر كلامه وجداله وخصامه في مسائل الدين؛ فهو أعلم ممن ليس كذلك، وهذا جهل محض. وانظر إِلَى أكابر الصحابة وعلمائهم كأبي بكر، وعمر، وعلي، ومعاذ، وابن مسعود، وزيد بن ثابت كيف كانوا؟ كلامهم أقل من كلام ابن عباس وهم أعلم منه. وكذلك كلام التابعين أكثر من كلام الصحابة، والصحابة أعلم منهم. وكذلك تابعو التابعين كلامهم أكثر من كلام التابعين، والتابعون أعلم منهم. فليس العِلْم بكثرة الرواية ولا بكثرة المقال، ولكنه نور يقذف في القلب يَفْهَم به العبدُ الحق، ويميز به بينه وبين الباطل، ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد».

الأقسام والأنواع

ينقسم الجدال إلى نوعين: 1) الجدال المذموم. وقد تقدمت صوره. 2) والجدال المحمود، ومن صوره: 1- أن يقصد إظهار الحق. 2- أن يقصد الرد على المخالف. 3- أن يقصد التثبيت للسائل. 4- أن يقصد تشحيذ الذكاء. 5- أن يقصد تمرين الطالب الذي يراد اختباره بالمناظرة. "الآلىء الحسان" لولد الخديم (ص47-50).

العقوبة

-الجدال معصية: فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «كَفَى بِكَ إِثْمًا أَنْ لاَ تَزَالَ مُخَاصِمًا». أخرجه الترمذي(1965). - بغض الله سبحانه للمجادل والمماري. - الجدال سبب حرمان العلم: عن يونس قال: «كتب إِليَّ ميمون بن مهران: إياك والخصومة والجدال في الدين ولا تجادلن عالما ولا جاهلا أما العالم فإنه يخزن عنك علمه ولا يبالي ما صنعت، وأما الجاهل فإنه يخشن بصدرك ولا يطيعك». أخرجه الدارمي (318)‏. لجدال من خوارم المروءة: قال ذو النُّونِ: «ثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ أَعْمَالِ الْكَيَاسَةِ تَرْكُ الْمِرَاءِ وَالْجِدَالِ فِي الدِّينِ، وَالْإِقْبَالُ عَلَى الْعَمَلِ بِيَسِيرِ الْعِلْمِ، وَالِاشْتِغَالُ بِإِصْلَاحِ عُيُوبِ النَّفْسِ غَافِلًا عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ». "شعب الإيمان" للبيهقي(‏10723). - قد يؤدي الجدال الباطل إلى تكفير الآخرين أو تفسيقهم. - الجدال يورث العداوة والبغضاء ويدعو إلى التشفي من الآخرين، يذكي العداوة، ويورث الشقاق بين أفراد المجتمع، قَالَ مَالِكٌ: «الجِدَالُ فِي الدِّيْنِ يُنشِئُ المِرَاءَ، وَيُذْهِبُ بِنُورِ العِلْمِ مِنَ القَلْبِ وَيُقَسِّي، وَيُورِثُ الضِّغن». " سير أعلام النبلاء" للذهبي(7 /184). الجدال سبب رفع البركة وذهاب الخير: عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ القَدْرِ فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقَالَ: "خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ، وَالسَّابِعَةِ، وَالخَامِسَةِ». أخرجه البخاري(2023). - يقود صاحبه إلى الكذب، يؤدي بالمجادل إلى إنكار الحق ورده. الجدال يفسد العبادة أو يكاد أن يفسدها: قال الله تعالى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ ﴾. - الجدال يقسي القلب ويذهب المروءة، «ما رأيت شيئاً أذهب للدين، ولا أنقصَ للمروءة، ولا أضيع لِلَّذة، ولا أثقل للقلب من الخصومة». "إحياء علوم الدين" للغزالي(3/119).

وسائل الاجتناب

- معرفة حكم الجدال الباطل وتغليظ حرمته: عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله : «إنَّ أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصم». أخرجه البخاري (2457)، ومسلم (2668). - الانشغال بكثرة ذكر الله وقراءة القرآن والطاعة: قال الحسن - إذ سمع قوماً يتجادلون - «هؤلاء ملوا العبادة، وخف عليهم القول، وقل ورعهم فتكلموا». "حلية الأولياء" لأبي نعيم(156/2). - تعويد النفس على ترك الجدال والمراء إلا بالحق. - اجتناب أهل الأهواء والبدع وترك جدالهم، قال أبو قلابة: «لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تحادثوهم؛ فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون». "حلية الأولياء" لأبي نعيم(287/2). - الإقبال على طلب العلم النافع، عن محمد بن واسع، قال: كان مسلم بن يسار يقول: «إياكم والمراء فإنها ساعة جهل العالم، وبها يبتغي الشيطان زلته». "حلية الأولياء" لأبي نعيم(294/2). - ينبغي أن لا يفتح بابه إلا لضرورة وعند الضرورة ينبغي أن يحفظ اللسان والقلب عن تبعات الجدال والخصومة. انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي(3/119). - النظر في سيرة النبي وهديه في الجدال. - صحبة الصالحين.