البحث

عبارات مقترحة:

الباسط

كلمة (الباسط) في اللغة اسم فاعل من البسط، وهو النشر والمدّ، وهو...

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

إظهار الشماتة بالمسلم

من علامات الإيمان أن يحب المؤمن لأخيه ما يحب لنفسه؛ وديننا يحث على مكارم الأخلاق، وحسن التعامل مع الآخرين، والشماتة تنافي ذلك فهي خلق ذميم، وسلوك قبيح شائن ، وهي صفة ليست من صفات المسلم الملتزم بالأخلاق الإسلامية، بل هي من صفات النفس الظالمة الحقودة، وهي مظهر قبيح، يتنافى مع مبدأ الأخوة الإيمانية التي تقتضي مشاركة الأخ في آلامه وآماله، وتتنافى مع تحريم أعراض الآخرين.

التعريف

التعريف لغة

«مصدر قولهم: شمت به يشمت، وهو مأخوذ من مادّة (ش م ت) الّتي تدلّ على فرح ببليّة العدوّ، قال في اللّسان: الشّماتة: فرح العدوّ (أي ببليّة عدوّه)، وقيل: الفرح ببليّة تنزل بمن تعاديه، والفعل منها شمت به (بالكسر) يشمت شماتة وشماتا إذا فرح بمصيبة نزلت به، ويقال: خرج القوم في غزاة، فقفلوا شماتى ومتشمّتين، قال: والتّشمّت أن يرجعوا خائبين، لم يغنموا، يقال: رجع القوم شماتًا من متوجّههم، بالكسر: أي خائبين». انظر: "مقاييس اللغة" لابن فارس (3 /210)، و"الصحاح" للجوهري (3 /210)، و"لسان العرب" لابن منظور (2 /51- 52).

التعريف اصطلاحًا

قال الرّاغب: «الشّماتة الفرح ببليّة من تعاديه ويعاديك». "المفردات" (273). وقال الغزالي: «وأما الشماتة، فالفرح بالشر الواصل إلى غير المستحق، ممن يعرِفُه الشامت». "ميزان العمل" (ص286). وقال القرطبيّ: «الشّماتة: السّرور بما يصيب أخاك من المصائب في الدّين والدّنيا». " الجامع لأحكام القرآن" (7 /291).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

لا يخرج المعنى الاصطلاحي عن أصله اللغوي.

الأدلة

القرآن الكريم

إظهار الشماتة بالمسلم في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾. [الأعراف: 150]. قال القرطبي: «الشماتة محرّمة منهيّ عنها، وهي في قراءة مجاهد: (لا تشمت بي الأعداء) أي لا تفعل بي ما تشمت من أجله الأعداء، أي: لا يكون ذلك منهم لفعل تفعله أنت بي». " تفسير القرطبي" (7 /185). وقال تعالى: ﴿قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [آل عمران: 12]. وقال تعالى: ﴿إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا﴾. [آل عمران: 120]. وقال تعالى: ​﴿إِنَّ الَّذِيْنَ يُحِبُّوْنَ اَنْ تَشِيْعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِيْنَ اٰمَنُوْا لَهُمْ عَذَابٌ اَلِيْمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْاٰخِرَةِ وَاللّٰهُ يَعْلَمُ وَاَنْتُمْ لَا تَعْلَمُوْنَ﴾ [النور: 19].

السنة النبوية

إظهار الشماتة بالمسلم في السنة النبوية
عن واثلةَ بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «لا تُظْهِرِ الشَّماتَةَ لأخِيكَ فَيَرْحَمُهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ». أخرجه الترمذي (2506). وعن أبي هريرة رضي الله عنه: «أنَّ النَّبيَّ كان يتعوَّذ مِن سوء القضاء، ومِن درك الشَّقاء، ومِن شَمَاتَة الأعداء، ومِن جهد البلاء». أخرجه البخاري (6347) واللفظ له، ومسلم (2707). يقول ابن بطال: «شَمَاتَة الأعداء ما ينكأ القلب، ويبلغ مِن النَّفس أشدَّ مبلغ، وإنَّما تعوَّذ النَّبيُّ مِن ذلك تعليمًا لأمَّته، فإنَّ الله تعالى آمنه مِن جميع ذلك. قال الحافظ: ولا يتعيَّن ذلك، بل يُحْتَمل أن يكون استعاذ بربِّه مِن وقوع ذلك بأمَّته». "مرعاة المفاتيح" للمباركفوري (214/8). ويقول الشوكاني: «استعاذ مِن شَمَاتَة الأعداء وأمر بالاستعاذة منها؛ لعظم موقعها، وشدَّة تأثيرها في الأنفس البَشريَّة، ونُفُور طباع العباد عنها، وقد يتسبَّب عن ذلك تعاظم العداوة المفْضِية إلى استحلال ما حرَّمه الله سبحانه وتعالى». "تحفة الذاكرين" (ص442). وعن أبي برزة الأسلمي عن البراء رضي الله عنهما عن النبي قال: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه! لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع ‌عورة أخيه المسلم تتبع اللَّه عورته، ومن تتبع اللَّه عورته يفضحه ولو في جوف بيته». أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الألباني في "صحيح المشكاة" (5044). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي : «يبصر أحدكم القذى في عين أخيه، وينسى الجذع في عينه». أخرجه أبو نعيم في "الحلية" وصححه الألباني في "الصحيحة" (33). قال المناوي: «مثل ضرب لمن يرى الصغير من عيوب الناس ويعيرهم به وفيه من العيوب ما نسبته إليه كنسبة الجذع إلى القذاة، وذلك من أقبح القبائح وأفضح الفضائح، فرحم اللَّه من حفظ قلبه ولسانه، ولزم شأنه وكف عن عرض أخيه، وأعرض عما لا يعنيه، فمن حفظ هذه الوصية دامت سلامته وقلت ندامته». "فيض القدير".

أقوال أهل العلم

«كان يقال: من عَيَّرَ أخاهُ بذنبٍ تابَ منه لم يمُت حتى يبتليه الله به». الحسن البَصْري "رسائل ابن رجب" (2 /413).

الأقسام والأنواع

- الشماتة بالمسلم: لا يجوز للمسلم أن يفرح بضر أصاب أخاه المسلم، إلا أن يكون الفرح من حيثيات، ذكرها أهل العلم، فأفتى العز بن عبد السلام بأنه لا ملام في الفرح بموت العدو من حيث انقطاع شره عنه، وكفاية ضرره. "اللآلىء الحسان" لولد الخديم (ص34). - الشماتة بالكافر المحارب والمنافق: وهي جائزة، قال تعالى: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ﴾ [التوبة: 14-15].

العقوبة

- أن يبتلِيَهُ الله، ويعافيَ من شمت به: فإن الجزاء من جنس العمل، وشواهد ذلك لا تحصى. لما ركب ابن سيرين الدين وحبس به قال: «إني أعرف الذنب الذي أصابني هذا، عَيَّرتُ رجُلًا منذ أربعين سنة فقلت له: يا مفلس». "رسائل ابن رجب" (2/413). -أن يفضحَه الله: فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال: «لاَ تؤذوا المسلِمينَ ولاَ تعيِّروهم ولاَ تتَّبعوا عَوراتِهِم، فإنَّهُ مَن تَتبَّع عورةَ أخيهِ المسلمِ تَتبَّعَ اللَّهُ عورتَهُ، ومَن تتبَّع اللَّهُ عورتَهُ يفضَحْهُ ولَو في جَوفِ رَحلِهِ». أخرجه الترمذي (2032) واللفظ له، وابن حبان (5763).

وسائل الاجتناب

- معرفة حكم الشماتة بالمسلم وعظم حرمتها، وعقوبتها. - حب المسلمين وولائهم والفرح لأفراحهم والحزن لآلامهم، وسلامة الصدر نحوهم، وذلك أن الشماتة والتعيير وإشاعة الفاحشة من خصال الفجار، والفاجر لا غرض له في زوال المفاسد ولا في اجتناب المؤمن للمعائب والنقائص، إنما غرضه في مجرد إشاعة العيب في أخيه المؤمن، وهتك عرضه، فهو يعيد ذلك ويبديه، ومقصوده تنقص أخيه المؤمن في إظهار عيوبه ومساوئه للناس ليدخل عليه بذلك الضرر في الدنيا. "رسائل ابن رجب" (2/411). - صحبة الصالحين.