البحث

عبارات مقترحة:

المتين

كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...

المقيت

كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...

الباسط

كلمة (الباسط) في اللغة اسم فاعل من البسط، وهو النشر والمدّ، وهو...

الزنا

حرمت الشريعة الإسلامية العلاقات التي لا تتناسب مع الفطرة الإنسانية، وأخذت أسباب الوقاية ومنعت العوامل التي تؤدي إليها من قول وفعل. فإن تخطى المسلم أسباب الوقاية ووقع في إثم الزنا، فقد اقترف على نفسه هلاكًا وغضبًا من الله.

التعريف

التعريف لغة

للزنا معنيان متقاربان أحدهما يعني الالتصاق واللجوء، زنا: زنا الى الشيء يزنأ زنوءًا: لجأء إليه. أزناه الى الأمر: ألجأه. وزنا عليه إذا ضيق عليه، انظر "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص42)، وزنأ الجبل صعد إليه، وزنأ الأرض أي لصقها. أما الآخر فهو المعنى المتعارف عليه وهو: زنى يزني زنى بكسرها: فَجَر. انظر "القاموس المحيط" (ص1667)، وقال ابن فارس: «الزنا معروف ويقال إنه يمد، ويقصر». انظر "معجم مقاييس اللغة" (3/24).

التعريف اصطلاحًا

وطء مكلف فرج امرأة لا تحل له متعمدًا، على غير نكاح صحيح مشهود. قال الماوردي: «هو أن يطأ الرجل المرأة بغير عقد ولا شبهة عقد، ولا بملك، ولا شبهة ملك». "الحاوي الكبير" للماوردي (464/13).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاح هي علاقة العموم والخصوص المطلق، فالزنا التصاق خاص، بينت الشريعة صفته.

الفروق

الفرق بين الزنا و اللواط

اللواط يعني إتيان الذكران للذكران، واكتفاء الذكر بالذكر دون الأنثى، وأول من قام بهذه الفاحشة العظيمة هم قوم لوط، قال تعالى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: 80]. وأما الزنا فهو إتيان ذكر لأنثى في قبلها وهي لا تحل له. ويسمى كلٌّ من الزنا واللواط بالفاحشة. انظر: اللواط

الأدلة

القرآن الكريم

الزنا في القرآن الكريم
نهى الله تعالى عن كل ما يقرب الى الزنا من قول وفعل لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [اللإسراء: 32] وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ [المؤمنون: 5، 6، 7]. قال ابن كثير في تفسير هذه الآيات: «أي: والذين قد حفظوا فروجهم من الحرام، فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا أو لواط، ولا يقربون سوى أزواجهم التي أحلها الله لهم، وما ملكت أيمانهم من السراري، ومن تعاطى ما أحله الله له فلا لوم عليه ولا حرج، ولهذا قال : ﴿ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ ﴾ أي: غير الأزواج والإماء، ﴿ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ أي : المعتدون». انظر "تفسير ابن كثير" (ص1291). وعقوبة الزنا في قوله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 2]. وقوله تعالى: ﴿ الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 3] وسمي الزنا بالفاحشة في الآية الكريمة: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 135]

السنة النبوية

الزنا في السنة النبوية
قال أبو هريرة: «أتى رسول الله رجل من الناس وهو في المسجد فناداه يا رسول الله إني زنيت يريد نفسه فأعرض عنه النبي فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله فقال يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه فجاء لشق وجه النبي الذي أعرض عنه فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي فقال أبك جنون قال لا يا رسول الله فقال أحصنت قال نعم يا رسول الله قال اذهبوا به فارجموه قال ابن شهاب أخبرني من سمع جابرا قال فكنت فيمن رجمه فرجمناه بالمصلى فلما أذلقته الحجارة جمز حتى أدركناه بالحرة فرجمناه». متفق عليه. وأيضًا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر» أخرجه مسلم (107). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولايشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» أخرجه البخاري (2343). وإنَّ من أعظم الزنا وأشده الزنا بحليلة الجار، ف قد ذكر النَّبيُّ أن من أكبر الكبائر: «أنْ تزاني حليلة جارك». أخرجه البخاري (4477) ومسلم (141) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. قال ابن القيم : «وأعظم أنواع الزنا أنْ يزني بحليلة جاره ، فإنَّ مفسدة الزنا تتضاعف ما ينتهكه من الحرمة ، فالزنا بالمرأة التي لها زوج أعظم إثماً وعقوبة من التي لا زوج لها ؛ إذ فيه انتهاك حرمة الزوج وإفساد فراشه ، وتعليق نسب غيره عليه ، وغير ذلك من أنواع أذاه فهو أعظم إثماً وجرماً من الزنا بغير ذات البعل ، فإنْ كان زوجها جاراً له انضاف إلى ذلك سوء الجوار». وقد قال النبي : «لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه». أخرجه مسلم (46) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وكذلك إنَّ من أشد الزنا الزنا بنساء المجاهدين في سبيله ، وقد قال النَّبيُّ : «حرمةُ نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم ، وما من رجلٍ من القاعدين يخلف رجلاً من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم إلا وق ف يوم القيامة فيأخذ من حسناته ما شاء حتى يرضى». أخرجه مسلم (1897) (139) و43 (1897) (139) و(140) من حديث بريدة ابن الحصيب رضي الله عنه.

الإجماع

أجمع العلماء على تحريم الزنا وأنه يوجب الجلد على الزاني غير المحصن، وممن ذكر الإجماع ابن حزم وابن بطال وابن عبد البر وابن رشد الحفيد والنووي وابن حجر وغيرهم. انظر " شرح صحيح البخاري" (429/8). وأجمعوا أن المحصن يرجم، ويداوم عليه الرجم حتى يموت، وأجمعوا على أن المرأة المحصنة التي اعترفت بالزنا وهي حامل، تُمهَل حتى تضع حملَها، ثم يُقام عليها الحد، وأجمعوا على أن الزاني البكر يُنفى وانفرد النعمان وابن الحسن فقالا: «لا يغربان». انظر كتاب " الإجماع" لابن المنذر (112/1).

أقوال أهل العلم

وعلم من ذلك أيضًا أن الزنا له مراتب: فهو بأجنبية لا زوج لها عظيم، وأعظم منه بأجنبية لها زوج، وأعظم منه بمحرم، وزنا الثيب أقبح من البكر بدليل اختلاف حديهما، وزنا الشيخ لكمال عقله أقبح من زنا الشاب، والحر والعالم لكمالهما أقبح من القن - أي العبد- والجاهل. المَرْداوي ابن حجر الهيتمي
فمَنْ عَفَّ تَقْوَى عنْ مَحارِمِ غيرِهِ*****يَصُنْ أهلَهُ حَقًّا وإنْ يَزْنِ يُفْسِدِ فلوْ لمْ يكُنْ فِعْلُ الزِّنَاءِ كبيرةً*****ولمْ يَخْشَ مِنْ عُقباهُ ذُو اللُّبِّ في غَدِ لكانَ جَديرًا أنْ يَصُونَ حَرِيمَهُ*****بِهَجْرِ الزِّنا خَوْفَ القِصاصِ كما ابْتُدِي فصِخْ وصُنِ الأَرابَ كُلٌّ لهُ زِنًا*****ولكنْ زِنَا الفرْجِ الكبيرةُ فاعْدُدِ فقدْ قَرَنَ اللَّهُ الزِّنَا بالدِّعا الفتَى*****معَ اللَّهِ رَبًّا في عذابٍ مُخَلَّدِ "الألفية في الآداب الشرعية" (ص30-31).

العقوبة

كانت النصوص الشرعية واضحة فيما يتعلق بعقوبة حد الزنا، تعزيرا لمرتكبها نكالا بما ارتكب هذه المعصية الكبيرة، وقد اختلفت العقوبة بين الزاني المحصن والزاني الغير المحصن، وفي التالي تبيان ذلك : عقوبة الزاني غير المحصن وهي: الإيذاء والتوبيخ: لقوله تعالى: ﴿ وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴾ [النساء: 16]. الجلد كعقاب حسي: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 2] العقاب المعنوي للزاني: با لتغريب سنة. وعقوبة الزاني المحصن: الرجم حتى الموت: عن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه أنه جاء ماعز بن مالك إلى النبي ، فقال: يا رسول الله، طهرني، فقال: ويحك، ارجع فاستغفر الله وتب إليه، قال: فرجع غير بعيد، ثم جاء، فقال: يا رسول الله، طهرني، فقال رسول الله : ويحك، ارجع فاستغفر الله وتب إليه، قال: فرجع غير بعيد، ثم جاء، فقال: يا رسول الله، طهرني، فقال النبي : مثل ذلك حتى إذا كانت الرابعة، قال له رسول الله: فيم أطهرك؟ فقال: من الزنى، فسأل رسول الله : أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال: أشرب خمرا؟ فقام رجل فاستنكهه، فلم يجد منه ريح خمر، قال، فقال رسول الله : أزنيت؟ فقال: نعم، فأمر به فرجم، فكان الناس فيه فرقتين، قائل يقول: لقد هلك، لقد أحاطت به خطيئته، وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز، أنه جاء إلى النبي فوضع يده في يده، ثم قال: اقتلني بالحجارة، قال: فلبثوا بذلك يومين، أو ثلاثة، ثم جاء رسول الله وهم جلوس، فسلم ثم جلس، فقال: استغفروا لماعز بن مالك، قال: فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك، قال، فقال رسول الله : لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم. يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: «وخصّ سبحانه حدَّ الزنى من بين الحدود بثلاث خصائص: أحدها: القتل فيه أشنعَ القتلات، وحيث خفّفه فجمع فيه بين العقوبة على البدن بالجلد، وعلى القلب بتغريبه عن وطنه سنة. الثاني: أنه نهى عباده أن تأخذهم بالزناة رأفةٌ في دينه، بحيث تمنعهم من إقامة الحدّ عليهم. فإنّه سبحانه من رأفته ورحمته بهم شرع هذه العقوبة، فهو أرحم منكم، ولم تمنعه رحمته من أمره بهذه العقوبة، فلا يمنَعْكم أنتم ما يقوم بقلوبكم من الرأفة من إقامة أمره. وهذا وإن كان عامًّا في سائر الحدود، ولكن ذُكِرَ في حدّ الزنى خاصّةً، لشدّة الحاجة إلى ذكره. فإنّ الناس لا يجدون في قلوبهم من الغلظة والقسوة على الزاني ما يجدونه على السارق والقاذف وشارب الخمر، فقلوبهم ترحم الزاني أكثر مما ترحم غيره من أرباب الجرائم، والواقع شاهد بذلك، فنُهُوا أن تأخذهم هذه الرأفة، وتحملهم على تعطيل حدّ الله. وسبب هذه الرحمة أنّ هذا ذنب يقع من الأشراف والأوساط والأرذال، وفي النفوس أقوى الدواعي إليه، والمشارك فيه كثير، وأكثر أسبابه العشق، والقلوب مجبولة على رحمة العاشق، وكثير من الناس يعدّ مساعدته طاعةً وقربةً، وإن كانت الصورة المعشوقة محرّمة عليه. ولا يُستنكَر هذا الأمر، فهو مستقِرّ عند ما شاء الله من أشباه الأنعام. ولقد حكي لنا من ذلك شيء كثير، أكثرُه عن ناقصي العقول كالخدّام والنساء. وأيضًا فإنّ هذا ذنبٌ غالبُ ما يقع مع التراضي من الجانبين، ولا يقع فيه من العدوان والظلم والاغتصاب ما ينفّر النفوس منه، وفيها شهوة غالبة له، فتُصوِّر ذلك لنفسها، فيقوم بها رحمةٌ تمنع إقامة الحدّ. وهذا كلّه من ضعف الإيمان. وكمالُ الإيمان أن يقوم به قوة يقيم بها أمرَ الله، ورحمة يرحم بها المحدود، فيكون موافقًا لربّه تعالى في أمره ورحمته. الثالث: أنه سبحانه أمر أن يكون حدّهما بمشهد من المؤمنين، فلا يكون خلوةً حيث لا يراهما أحد. وذلك أبلغ في مصلحة الحدّ وحكمة الزجر. وحدّ الزاني المحصن مشتقّ من عقوبة الله سبحانه لقوم لوط بالقذف بالحجارة. وذلك لاشتراك الزنى واللواط في الفحش، وفي كلّ منهما فساد يناقض حكمة الله في خلقه وأمره. فإنّ في اللواط من المفاسد ما يفوت الحصر والتعداد. ولأنْ يُقتل المفعولُ به خير له من أن يُؤتى، فإنّه يَفسد فسادًا لا يرجى له بعده صلاح أبدًا. ويذهب خيره كلّه، وتمُصّ الأرض ماويّة الحياء من وجهه، فلا يستحي بعد ذلك لا من الله ولا من خلقه، وتعمل في قلبه وروحه نطفة الفاعل ما يعمل السمّ في البدن». "الجواب الكافي" (ص380-383).

الأضرار والمفاسد

الزنا يقترن بكبيرتي الشرك وقتل النفس المحرمة تعظيما لإثمه الفرقان: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾ [الفرقان: 68] وهذا في حد ذاته مفسدة عظيمة للفرد والمجتمع، وجالب لعداوة الله وسخطه. الزنا فاحشة وسبيل سيء، وفيه تقطع الأنساب، وينسب أباء الى أبناء ما جاءوا بهم. لو لم يكن في هذه الجريمة إلا تدنيس العرض والشرف ونزع شعار الطهر والعفاف والفضيلة لكفى هذه الجريمة سوءًا. انظر "حرمة المسلم على المسلم" لماهر ياسين الفحل. انتشار الأمراض الخطيرة التي تنتقل عبر العلاقات المحرمة. قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: 32]. انتشار الاطفال اللقطاء في دور الرعاية، والتبعات النفسية التي تنشأ لديهم نتيجة نشوئهم دون آباء وفي بيئة أسرية سليمة كباقي الأطفال. هذه الجريمة تفسد نظام البيت وتهز كيان الأسرة وتقطع العلاقة الزوجية ، ثم يتعرض الأولاد لسوء التربية مما يتسبب عنه التشرد والانحراف والجريمة. صاحب هذه الجريمة يُكسَى ثوب المقت بين الناس. وجريمة الزنا تشتت القلب وتمرضه إن لم تُمِتْهُ. وللإمام ابن القيم رحمه الله تعالى كلام جامع مهم في بيان مفاسد الزنا، يقول فيه: «ومفسدة الزنا ‌مُنَاقِضة لصلاح العالم، فإنّ المرأة إذا زنت أدخلت العار على أهلها وزوجها وأقاربها، ونَكَّسَت رؤوسهم بين الناس. وإن حملتْ من الزنى، فإنْ قتلتْ ولدها جمعت بين الزنى والقتل، وإن حمّلته الزوجَ أدخلَتْ على أهله وأهلها أجنبيًّا ليس منهم فورِثَهم وليس منهم، ورآهم، وخلا بهم، وانتسب إليهم، وليس منهم؛ إلى غير ذلك من مفاسد زناها. وأما زنى الرجل فإنّه يوجب اختلاط الأنساب أيضًا، وإفساد المرأة المصونة، وتعريضَها للتلف والفساد. وفي هذه الكبيرة خراب الدنيا والدين، وإن عمرت القبور في البرزخ، والنار في الآخرة. فكم في الزنى من استحلال محرّمات، وفوات حقوق، ووقوع مظالم! ومن خاصيته: أنه يوجب الفقر، ويقصر العمر، ويكسو صاحبه سوادَ الوجه وثوبَ المقت بين الناس. ومن خاصيته أيضًا: أنّه يشتّت القلب، ويُمرِضه إن لم يُمِتْه، ويجلب الهمّ والحزن والخوف، ويباعد صاحبه من الملَك، ويقرّب منه الشيطان. فليس بعد مفسدة القتل أعظم من مفسدته. ولهذا شُرع فيه القتل على أشنع الوجوه وأفحشها وأصعبها. ولو بلغ العبدَ أنّ امرأته أو حرمته قُتِلتْ كان أسهل عليه من أن يبلغه أنّها زنت. وقال سعد بن عبادة: لو رأيتُ رجلًا مع امرأتي لضربتُه بالسيف غيرَ مُصْفَح. فبلغ ذلك رسولَ الله فقال: «تعجبون من غيرة سعد؟ واللهِ لأنا أغيَرُ منه، واللهُ أغيَرُ منّي. ومن أجْلِ غيرة الله حرّم الفواحشَ ما ظهر منها وما بطن". متفق عليه وفي الصحيحين أيضًا عنه : «إن الله يغار، وإنّ المؤمن يغار، وغيرةُ الله أن يأتي العبدُ ما حرَّم عليه». وفي الصحيحين عنه : «لا أحدَ أغيَرُ من الله، من أجل ذلك حرّم الفواحشَ ما ظهر منها وما بطن. ولا أحدَ أحب إليه العذرُ من الله، من أجل ذلك أرسل الرسلَ مبشِّرين ومنذرين. ولا أحدَ أحبُّ إليه المدحُ من الله، من أجل ذلك أثنى على نفسه». وفي الصحيحين في خطبته في صلاة الكسوف أنّه قال: «يا أمّة محمَّد، والله إنه لا أحدَ أغيرُ من الله أن يزني عبده أو تزني أمته. يا أمة محمَّد، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا". ثمّ رفع يديه، وقال: "اللهم هل بلّغت؟». وفي ذكر هذه الكبيرة بخصوصها عقيبَ صلاة الكسوف سرّ بديع لمن تأمّله. وظهورُ الزنى من أمارات خراب العالم، وهو من أشراط الساعة، كما في الصحيحين عن أنس بن مالك أنّه قال: لأحدّثنّكم حديثًا لا يحدّثكموه أحد بعدي سمعتُه من النبي . سمعت النبي يقول: «من أشراط الساعة أن يُرفع العلمُ، ويظهر الجهل، ويُشرَب الخمرُ، ويَظهر الزنا، ويقلّ الرجال، وتكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأةً القيّم الواحد». وقد جرت سنّة الله سبحانه في خلقه أنه عند ظهور الزنى يغضب الله سبحانه، ويشتدّ غضبه، فلا بدّ أن يؤثّر غضبه في الأرض عقوبة. قال عبد الله بن مسعود: ما ظهر الربا والزنى في قرية إلا أذِن الله بإهلاكها. ورأى بعض أحبار بني إسرائيل ابنًا له يغامز امرأةً، فقال: مهلًا يا بنيّ، فصُرِع الأب عن سريره، فانقطع نُخاعه، وأسقطت امرأته. وقيل له: هكذا غضبتَ لي؟ لا يكون في جنسك حَبْر أبدًا». "الجواب الكافي" (ص377-380).

وسائل الاجتناب

غض النظر للرجال والنساء، وعدم إبداء الزينة والتبرج للنساء وذلك بهدف لفت النظر، لقوله تعالى: ﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ*وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 30، 31] تجنب كل ما يفضي للعلاقات المحرمة كالاختلاط واتخاذ الأخدان بين النساء والرجال، والتهاون في أوامر الدين. قال تعالى: ﴿ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ [النساء: 25]. تجنب النساء والرجال مواقف الخلوة بغير المحارم. تزويج الشباب عند استعدادهم للزواج، عن عبد الله بن مسعود: قال لنا النبي : «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء» البخاري (5065) تجنب المساهمة في نشر المحتوى الفاحش على قنوات التواصل الحديثة أو دعمه بالمشاهدة أو المشاركة مع الأقران. تربية النشء على الأخلاق وغض البصر، و توضيح أهمية الزواج وإنشاء أسر سليمة على المجتمع، وتثقيفهم فيما يتعلق بعقوبة الزنا وإثمه العظيم.