البحث

عبارات مقترحة:

السلام

كلمة (السلام) في اللغة مصدر من الفعل (سَلِمَ يَسْلَمُ) وهي...

القهار

كلمة (القهّار) في اللغة صيغة مبالغة من القهر، ومعناه الإجبار،...

الجواد

كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...

الإنابة

الإنابة إلى الله تعالى: هي رجوع القلبِ إلى الله عزّ وجل عبوديّةً ومحبّة، وانصراف دواعي القلب، وجواذبه إليه، مع عكوف الجوارح على طاعته والإخلاص له والمُتابعة لرسوله.

التعريف

التعريف لغة

الإنابة لغةً: الرجوع. انظر "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (1 /39)، "مختار الصحاح" للرازي (ص32)

التعريف اصطلاحًا

الإنابة إلى الله تعالى: هي رجوع القلبِ إلى الله عزّ وجل عبوديّةً ومحبّة، وانصراف دواعي القلب، وجواذبه إليه، مع عكوف الجوارح على طاعته والإخلاص له والمُتابعة لرسوله. وهي أوسع من التوبة، ولها فضلٌ عظيم، وفوائد ومصالح عديدة، وقد تكرر ذكر الإنابة في القرآن الكريم كثيراً.

الفروق

الفرق بين الإنابة و سورة التوبة

الإنابة أوسع من التّوبة؛ فالإنابة تكون بالرجوع عن الذّنب، والإقبال على الله بفعل الطّاعات بالقلب، واللسان، والجوارح، وبالإقبال عليه صلى الله عليه وسلّم بإنزال الحاجات والضراعة إليه، والدّعاء. قال بعضُ أهلِ العلم: من خافَ العِقاب فهو صاحبُ توبة، ومن تابَ طمعاً في الثّواب، فهو مُنيب، ومَن تابَ لمُراعاة أمر الله فهو صاحب أوبة. انظر "أعمال القلوب" للسبت (2 /515). انظر: سورة التوبة

الفضل

قال ابن القيّم رحمه اللّه تعالى: «من نزل في منزل التّوبة، وقام في مقامها نزل في جميع منازل الإسلام، فإذا استقرّت قدمه في منزل التّوبة نزل بعده في منزل الإنابة، وقد أمر اللّه تعالى بها في كتابه، وأثنى على خليله بها، فقال: ﴿وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ﴾ [الزمر: 54] وقال: ﴿إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ﴾ [هود: 75]. وأخبر سبحانه أنّ البشرى منه، إنّما هي لأهل الإنابة فقال: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرى﴾ [الزمر: 17]». انظر "مدارج السالكين" لابن القيم (1 /466).

الأدلة

القرآن الكريم

الإنابة في القرآن الكريم
تكرّر ذكر الإنابة إلى الله تعالى في القرآن كثيراً، وقد أمر الله تبارك وتعالى بها عباده في قوله تعالى: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ [الزمر: 54]. وأثنى الله تعالى على بعض أنبيائه بها، كما في قوله تعالى عن خليله عليه السلام: ﴿إِنَّ إِبْرَٰهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّٰهٌ مُّنِيبٌ﴾[هود: 75]. وقال تعالى عن داود عليه السلام: ﴿وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ﴾ [ص: 24]. وحكى الله عزّ وجل عن شعيب: ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88].

السنة النبوية

الإنابة في السنة النبوية
كان النّبي صلى الله عليه وسلّم يقول في دعائه: «ربِّ اجعلني لَكَ شَكَّارًا، لَكَ ذَكَّارًا، لَكَ رَهَّابًا، لَكَ مِطواعًا، لَكَ مُخبتًا، إليكَ أوَّاهًا مُنيبًا، ربِّ تقبَّل توبَتي، واغسِل حوبَتي، وأجِب دعوتي، وثبِّت حجَّتي، واهدِ قلبي، وسدِّد لِساني، واسلُل سخيمةَ قلبي». أخرجه ابن ماجة (3103). وفي حديث جابر بن عبد الله عن الرسول أنه قال: «لا تتمنَّوُا الموتَ، فإنَّ هولَ المطلعِ شديدٌ، وإنَّ من السعادةِ أن يطولَ عمرُ العبدِ، ويرزقُه اللهُ الإنابةَ». أخرجه أحمد (14564).

أقوال أهل العلم

«فالقلبُ لا يصلح، ولا يفلح، ولا يتلذذ، ولا يسر، ولا يطيب، ولا يسكن، ولا يطمئن، إلا بعبادة ربه، وحبّه، والإنابة إليه. ولو حصلَ له كل ما يتلذذ به من المخلوقات لم يطمئن، ولم يسكُن؛ إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه، ومن حيث هو معبوده، ومحبوبه، ومطلوبه. وبذلك يحصُل له الفرح، والسّرور، واللّذة والنّعمة، والسّكون، والطّمأنينة» ابن تَيْمِيَّة "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (5 /188_189)
«فائدة الإنابة عكوف القلب على اللّه عزّ وجلّ كاعتكاف البدن في المسجد لا يفارقه، وحقيقة ذلك عكوف القلب على محبّته، وذكره بالإجلال والتّعظيم، وعكوف الجوارح على طاعته بالإخلاص له والمتابعة لرسوله، ومن لم يعكف قلبه على اللّه وحده، عكف على التّماثيل المتنوّعة» ابن القَيم "الفوائد" لابن القيم (196)

الصور

تنقسم الإنابة إلى الله تعالى إلى قسمين: الأول: إنابة عامة: وهي لجميع الناس مؤمنهم وكافرهم، وذلك لربوبيته تعالى، ولا تستلزم الإسلام، بل قد تكون في الشرك والكفر وهذه الإنابة العامة مذكورة في قوله تعالى: ﴿إِذَا مَسَّ اْلنَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْاْ رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾ [الروم: 33] الثاني: إنابة خاصّة بأوليائه: وهي إنابة لألوهيته، إنابة عبودية ومحبة لله تعالى، وهذه الإنابة الخاصة مذكورة في قوله تعالى: ﴿وَاْلَّذِينَ اْجْتَنَبُواْ اْلطَّٰغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوٓاْ إِلَى اْللَّهِ لَهُمُ اْلْبُشْرَىٰ ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ﴾ [الزمر: 17] انظر "التحفة العراقية" لابن تيمية (ص283)

وسائل الاكتساب

يقول ابن القيم: «وإنّما يستقيم الرجوع إليه حالاً بثلاثة أشياء: بالإياس من عملك، وبمُعاينة اضطرارك، وشيْم برق لطفه بك». "مدارج السالكين" لابن القيم (1 /473). أوّلًا: الإياس من العمل، ويُفسر بشيئين: أنّه إذا نظر بعين الحقيقة إلى الفاعل الحق، والمحرك الأول، وأنه لولا مشيئته لما كان منك فعل؛ فمشيئته أوجبت فعلك لا مشيئتك. أن تيأس من النجاة بعملك، وترى النّجاة إنما هي برحمة الله تعالى وفضله. ثانيًا: مُعاينة الاضطرار: فإنه إذا أيس من عمله بدايةً، وأيس من النّجاة به نهايةً، شهد به في كلّ ذرّة منه ضرورة تامة إليه، وليست ضرورته من هذه الجهة وحدها، بل من جميع الجهات، وجهات ضرورته لا تنحصر بعدد، ولا لها سبب، بل هو مضطر إليه بالذّات، كما أنّ الله عزّ وجل غنيٌ بالذات؛ فإنّ الغني وصفٌ ذاتيٌ للرب، والفقر والحاجة والضرورة وصفٌ ذاتيٌ للعبد. ثالثًا: شيم برق لطفه عز وجل: فإنه إذا تحقق له قوة ضرورية، وأيس من عمله، والنّجاة به نظر إلى ألطاف الله وشام برقها، وعلِمَ أنّ كل ما هو فيه وما يرجوه وما تقدم له: لطفٌ من الله به، ومِنّةٌ منَّ بها عليه، وصدقةٌ تصدق بها عليه بلا سبب منه؛ إذ هو المحسن بالسبب والمسبب. والأمرُ لهُ من قبل ومن بعد، وهو الأول والآخر، لا إله غيره، ولا ربَّ سواه. انظر "مدارج السالكين" لابن القيم (1 /473-474).

الفوائد والمصالح

أخبر الله عزّ وجل أنّ ثوابه وجنته لأهل الخشية والإنابة، قال تعالى: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ﴾ [ق: 31_33] وأخبر تعالى أنّ البشرى منه إنّما هي لأهل الإنابة، فقال: ﴿وَاْلَّذِينَ اْجْتَنَبُواْ اْلطَّٰغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوٓاْ إِلَى اْللَّهِ لَهُمُ اْلْبُشْرَىٰ ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ﴾ [الزمر: 17] انظر "مدارج السالكين" لابن القيم (1 /467) كما أنَّ الإنابةُ إلى الله مانعةٌ من عذابِ الله، قال تعالى: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ﴾ [الزمر: 54] والإنابةُ إلى اللهِ هي مفتاحُ السّعادة والهدايةِ، قال سبحانه: ﴿قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ﴾ [الرعد: 27]