البحث

عبارات مقترحة:

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

المؤمن

كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...

الرجاء

الرجاء: هو الاستبشار بجود وفضل الله تبارك وتعالى، والارتياح لمُطالعة كرمه سبحانه. وقد امتدح الله عز وجل الذين يرجون رحمته في كثير من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، وجعل لهم أجراً كبيراً وفضلاً عظيماً. ومما يُعين على تحقيق الرّجاء: ذكر سوابق فضل الله على العبد، وذكر وعد الله من جزيل ثوابه وعظيم كرمه وجوده، وذكر سعة رحمة الله. كما أنّ للرجاء فوائد ومصالح عظيمة، منها: أنّ الرجاء محبوب عند الله، وأن الراجي يتخلص من غضب الله، وأنه يوصل العبد إلى أعلى المقامات.

التعريف

التعريف لغة

(رجي) الراء والجيم وحرف العلة: أصلان متباينان، يدلُّ أحدهما على الأمَل، والآخر على ناحية الشّيء. فالرجاء بالمد: من الأمل ضد اليأس. يُقال: فعلتُ رجاء كذا بمعنى: طمعي فيه وأملي. انظر "غذاء الألباب لشرح منظومة الآداب" للسفاريني (1 /401) والرّجا بالقصر: ناحية البئر وحافاتاها وكل ناحية رجا. انظر "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (4 /334)، "مختار الصحاح" للرازي (ص236) وأمّا المهموز: فإنه يدل على التأخير، يُقال: أرجأت الشيء، أي: أخّرته. انظر "مقاييس اللغة" لابن فارس (2 /411) وقد يكون الرّجاء بمعنى الخوف، كما في قوله تعالى: ﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ [نوح: 13] أي: ما لكم لا تخافون لله عظمة وقدرته على أحدكم بالعقوبة. انظر "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (18 /303)

التعريف اصطلاحًا

قيل: هو تعليقُ القلب بمحبوبٍ يحصل حالاً. انظر "فيض القدير" للمناوي (5 /67) وقيل هو: ارتياحٌ لانتظار محبوب متوقع، ولا بدّ أن يكون له سبب. انظر "فيض القدير" للمناوي (5 /408) وقال ابن القيم: «هو امتداد القلبِ وميله إلى المحبوب، منقطعاً عما يقطعه عنه». "الروح" لابن القيم (246) وقال أيضاً: «الرجاء حادٍ يحدو القلوب إلى بلاد المحبوب، وهو الله والدّار الآخرة، ويطيّب لها السّير. وقيل: هو الاستبشار بجود وفضل الله تبارك وتعالى، والارتياح لمُطالعة كرمه سبحانه. وقيل: هو الثّقة بجود الرّب تعالى». "مدارج السالكين" لابن القيم (2 /35) وقال الغزالي: «هو ارتياحُ القلب لانتظار ما هو محبوبٌ عنده». "إحياء علوم الدين" للغزالي (4 /133).

الفروق

الفرق بين الرجاء و التمني

الفرق بين الرّجاء والتّمني: أنّ التمني يكون مع الكسل، ولا يسلك بصاحبه طريق الجد والاجتهاد، والرّجاء يكون مع بذل الجهد وحسن التّوكل. فالأول: كحال من يتمنى أن يكون له أرض يبذرها ويأخذ زرعها. والثّاني: كحال من يشق أرضه ويفلحها ويبذرها، ويرجو طلوع الزّرع. ولهذا أجمع الباحثون أنّ الرّجاء لا يصحّ إلا مع العمل. انظر "الإكسير" لمجموعة من الباحثين (ص128) وقال الزرّكشي في الفرق بين التمني والرّجاء: «أنّ التّرجي لا يكون إلا في المُمكنات، والتّمني يدخل المُستحيلات» "البرهان" للزركشي (2 /323) يقول المناوي: «التمني مذموم، والرّجا محمود؛ لأنّ التمني يفضي بصاحبه إلى الكسل، بخلاف الرّجاء فإنه تعليق القلب بمحبوبٍ يحصلُ حالاً. قال الغزالي: والرجاء يكون على أصل، والتمني لا يكون على أصل؛ فالعبد إذا اجتهد في الطّاعات، يقول: أرجو أن يتقبل الله مني هذا اليسير ويتم هذا التّقصير ويعفو، وأحسن الظّن، فهذا رجاء، وأما إذا غفَل، وترك الطّاعة، وارتكب المعاصي، ولم يُبالِ بوعد الله ولا وعيده، ثم أخذ يقول: أرجو منه الجنّة والنجاة من النّار؛ فهذه أمنية، لا طائل تحتها، سماها: رجاءٌ وحسن ظن، وذلك خطأ وضلال». "فيض القدير" للمناوي (5 /67).

الفضل

الرّجاء حادٍ يحدو بالعبد إلى ربّه تبارك وتعالى، فلولا روح الرّجاء لعُطّلت عبودية القلب والجوارح، وهُدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يُذكر فيها اسم الله كثيراً، بل لولا روح الرّجاء لما تحرّكت الجوارح بالطّاعة، ولولا ريحه الطيبة لما جرت سفن الأعمال في بحر الإرادات. انظر "مدارج السالكين" لابن القيم (2 /42) وقد قيل في الخوف والرّجاء أنهما: «الرّجاء والخوف جناحان، بهما يطير المقرّبون إلى كلّ مقامٍ محمود، ومطيّتان بهما يُقطع من طرق الآخرة كل عقبة كؤود، فلا يقود إلى قُرب الرحمن، وروح الجِنان، مع كونه بعيد الأرجاء، ثقيل الأعياء، محفوفاً بمكاره القلوب، ومشاق الجوارح والأعضاء، إلا أزِمَّة الرّجاء، ولا يصدُّ عن نار الجحيم، والعذاب الأليم مع كونه محفوفاً بلطائف الشهوات وعجائب اللّذات، إلا سياط التّخويف، وسطوات التّعنيف» "إحياء علوم الدين"للغزالي (4 /142) يقول ابن كثير: «فبالخوف ينكَفُ عن المناهي، وبالرّجاء ينبعث على الطّاعات». "تفسير ابن كثير" (5 /89). وقال ابن جزي: «وَيَنْبَغِي أَن يكون الرَّجَاء وَالْخَوْف مُعتدلين، فَإِن ‌الْخَوْف ‌إِذا أفرط قد يقود لى الْيَأْس، وَهُوَ حرَام، والرجاء إِذا فرط قد يعود إِلَى الْأَمْن، وَهُوَ حرَام». "القوانين الفقهية" (ص637).

الأدلة

القرآن الكريم

الرجاء في القرآن الكريم
مدحَ الله المؤمنين الّذين يرجون رحمته ويخافون عذابه، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [البقرة: 218] وقال تعالى: ﴿أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا﴾ [الإسراء: 57] وقد مدح الله القرّاء العاملين بأنهم يرجون ثواباً عند الله لا بدّ من حصوله، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ [فاطر: 29] وأخبر الله تعالى أنّ المؤمنين يرجونَ من الله المثوبة والنّصر والتأييد، وأن الذين لا يؤمنون بالله تعالى لا يرجون شيئاً، قال تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 104] فالكافرون لا يرجون الله عزّ وجل ولا يخافون البعث والحساب ولا يرجون الثواب؛ لأنهم لا يؤمنون بذلك، قال تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ۙ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ﴾ [يونس: 15] وقد توعد الله عز وجل الذين لا يرجون لقاء الله عز وجل حقاً، فهم الذين يعملون الصالحات، ولا يشركون بعبادة ربهم أحداً، قال تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 110] ومن كان يخاف هذا اللقاء ويؤمل الثواب من الله فليعمل صالحاً فإنه لا بدّ أن يأتيه، كما قال تعالى: ﴿مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [العنكبوت: 5] وأرجى آية في كتاب الله تبارك وتعالى، قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53] انظر "التحفة العراقية" لابن تيمية (224_227)

السنة النبوية

الرجاء في السنة النبوية
جاء في السنة النبوية أحاديث تدل على فضل الرّجاء وحسن الظن بالله تعالى، وأنّ رحمة الله واسعة وأنها تغلب غضبه، وأنه لن يدخل الجنة أحد بعمله. ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَومَ خَلَقَها مِئَةَ رَحْمَةٍ، فأمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وتِسْعِينَ رَحْمَةً، وأَرْسَلَ في خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً واحِدَةً، فلوْ يَعْلَمُ الكافِرُ بكُلِّ الذي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْئَسْ مِنَ الجَنَّةِ، ولو يَعْلَمُ المُؤْمِنُ بكُلِّ الذي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ العَذابِ لَمْ يَأْمَن مِنَ النَّارِ» أخرجه البخاري (6469) ورحمة الله تبارك وتعالى تغلب غضبه، ففي الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال النبي : «لما خلق اللهُ الخلقَ كتب في كتابِه – فهو عنده فوقَ العرشِ – : إنَّ رحمتي تغلبُ غضبي» أخرجه مسلم (2751) وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: «أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي» أخرجه البخاري (7405)، ومسلم (2675)

العقل

إنّ رجاء العبد لربه تعالى من العبادات القلبية التي لا تصرف إلا لله وحده لا شريك له؛ فمن يرجو من مخلوقٍ كما يرجو من الله؛ فيما لا يقدرُ عليه إلا الله كغفران الذنوب، وهداية القلوب، أو إنزال المطر أو حصول الولد، أو نحو ذلك فقد أشرك مع الله غيره. وقد قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ﴾ [النساء: 48] فالرّجاء من عبودية القلب التي لا تصحُّ إلا لله تعالى، وهو أحد محركات القلوب إلى الله تعالى، التي هي: المحبّة، والرّجاء، والخوف. انظر "التحفة العراقية" لابن تيمية (ص224)

حِكَم وأمثال

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «لا يرجون عبد إلا ربه ولا يخافن إلا ذنبه». "طريق الهجرتين" لابن القيم (ص368) وقال أيضاً: «إنّما العالم الذي لا يقنط الناس من رحمة الله تعالى ولا يؤمنهم مكر الله تعالى». "قوت القلوب" لأبي طالب المكي (1 /222) وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «ليغفرنَّ الله عزّ وجل يوم القيامة مغفرة لم تخطر على قلب بشر» "مختصر منهاج القاصدين" لابن قدامة (ص287) قال أبو علي الروذباري: «الخوف والرّجاء، هما كجناحي الطّائر إذا استويا استوى الطّير وتمّ طيرانه، وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص، وإذا ذهبا صار الطّائر في حد الموت». "الرسالة القشيرية" للقشيري (1 /357) وقال أبو عثمان المغربي: «من حمل نفسه على الرجاء تعطل، ومن حمل نفسه على الخوف قنط، ولكن من هذه مرة ومن هذه مرة». "الرسالة القشيرية" للقشيري (1 /358) وقال ابن تيمية: «فإن الراجي الطامع إنّما يطمعُ فيما يحبه لا فيما يُبغضه، والخائف يفرُّ من الخوف لينال المحبوب» "السلوك" لابن تيمية (10 /61)

وسائل الاكتساب

من العوامل الّتي تُساعد في تحقيق الرّجاء في قلب المؤمن: أوّلاً: ذكر سوابق فضل الله على العبد: فيتذكر العبد ويستحضر أنّ الله منَّ عليه بفضائل سابقة، عندما خلقه ووهبه السّمع والبصر، وهيّأ له الأرض للسكنى، وأنزل له الكتب، وأرسل له الرّسل، وهيأه لدخول هذا الدّين. ثانياً: ذكر وعد الله من جزيل ثوابه وعظيم كرمه وجوده: وذلك دون أن يكونَ العبد مستحقاً لهذا الثواب الجزيل؛ فإنّ الله يكافئ العبد بأكثر مما يستحقه، ويهبه ويمنحه رغم قلة عبادة العبد وطاعته، فمتى ما تذكر العبد هذا طمعَ في ثواب الله وكرمه. ثالثاً: تذكّر نعم الله في الحال: وأنّه ما زال ينعم علينا بأنواع النعم والألطاف في الدّين والدّنيا، وفي أبداننا، وأسماعنا وأبصارنا، ويرزقنا الأموال والأولاد والزوجات، فإنّ هذه النعم الحالية التي يرزقها الله للإنسان تحثه على رجائه والرّغبة فيه. رابعاً: ذكر سعة رحمة الله تعالى: وأنّ رحمته سبقت غضبه، وأنّه هو الرّحمن الرّحيم الغني الكريم الرؤوف بعباده المؤمنين، ولذلك فإنّ تحقيق الرّجاء يقوم على معرفة أسماء الله وصفاته. انظر "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص637)، "الرجاء" للمنجد (ص15-16).

الفوائد والمصالح

للرجاء فوائد وثمرات كثيرة منها: إظهار العبودية والفاقة لله تعالى؛ فهو مُستشرفٌ إلى إحسان الله، غير مستغنٍ عن إفضاله وإنعامه وإحسانه طرفة عين. أنّ الرجاء محبوبٌ لله؛ فالله يحبُّ من عباده أن يرجوه، ويؤملوه، ويسألوه من فضله؛ لأنه الملك الحق الجواد؛ فهو أجود من سُئل، وأوسع من أعطى، وأحب ما إلى الجواد أن يُرجى ويُسأل. أنّ الراجي يتخلص من غضب الله تعالى؛ فمن لم يسأل الله يغضب عليه، والسائل راجٍ وطالب. أنّ الرجاء حادٍ يحدو بالعبد في سيره إلى الله عزّ وجل؛ فيطلب له المسير، ويحثه عليه، ويبعثه على ملازمته، فلولا الرّجاء لما سار أحد؛ فإن الخوف وحده لا يحرّك العبد، إنما يرحكه الحب، ويزعجه الخوف، ويحدوه الرّجاء. أنّ الرجاء يطرحنا على عتبة المحبة؛ فإنّه كلما اشتدّ الرّجاء وحصل المرجو ازداد العبد حبّاً لربه تعالى، وشكراً له، ورضاً به وعنه. أنّه يوصل العبد إلى أعلى المقامات: وهو مقام الشّكر؛ لأنّ الإنسان إذا حصّل مرجوه، فإن ذلك مؤذنٌ بزيادة شكره. أنّه يوجب للعبد المزيد من معرفة ربه تبارك وتعالى، وأسمائه ومعانيها والتّعلق بها. أنّ المحبة لا تنفك عن الرّجاء بحالٍ من الأحوال، ومن ثمّ فإنّ كل واحدٍ منها يمدّ الآخر ويقويه. أنّ الخوفَ مُستلزمٌ للرجاء، وبناءً عليه؛ فإنَّ الرجاء ينمّي الخوف في قلوبنا، وإذا استحكم حصل للقلب من التخشّع والتذلل نحو ما يحصل له إذا استحكم الخوف فيه، فالخوف والرّجاء متلازمان؛ وذلك أنّ الخائف في حال خوفه يرجو خلاف ما يخافه، كما أنّ الراجي في حال رجائه يخاف خلاف ما يرجو، ويستعيذ بالله مما يخاف. انظر "أعمال القلوب" للسبت (2 /106-112)

نماذج وقصص

عن بكر بن سليمان الصواف قال: دخلنا على مالك بن أنس في العشية التي قُبض فيها، فقلنا: يا أبا عبد الله كيف تجدك؟ قال: ما أدري ما أقول لكم، إلا أنكم ستعاينون غداً من عفو الله ما لم يكُن لكم في الحساب. قال: ثمّ ما برحنا حتى أغمضناه. انظر "موطأ مالك" (1 /63) وقال محمد بن مطرف: دخلنا على أبي حازم الأعرج لما حضره الموت، فقلنا: كيف تجدك؟ قال: أجدني بخير، راجياً لله، حسن الظن به، والله ما يستوي من غدا أو راح في عقد الدنيا يعمرها لغيره، ويرجع إلى الآخرة، لا حظَّ له فيها ولا نصيب. انظر "السير" لابن عبد البر (6 /99) وقد جزم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لنفسه بالجنة من قوة الرذجاء، قال ابنه مصعب: كان رأس أبي في حجري، وهو يقضي، فبكيت، فرفع رأسه إلي، فقال: أي بني ما يُبكيك؟ قلت: لمكانتك وما أرى بك. قال: لا تبكِ، فإنّ الله لا يعذبني أبداً، وإنّي من أهل الجنة. انظر "السير" لابن عبد البر (1 /122)