البحث

عبارات مقترحة:

السلام

كلمة (السلام) في اللغة مصدر من الفعل (سَلِمَ يَسْلَمُ) وهي...

العالم

كلمة (عالم) في اللغة اسم فاعل من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

الطيب

كلمة الطيب في اللغة صيغة مبالغة من الطيب الذي هو عكس الخبث، واسم...

الرضا

الرّضا: هو التسليم بالقضاء، والقناعة بما قُسم، قلَّ أو كثر، والسكون إلى الله، وعدم التّسخط، أو الاعتراض على وقع من قضاء الله الكوني. وجاء في القرآن الكريم آياتٌ كثيرة تدلّ على رضا الله عن المؤمنين ورضاهم عنه. وله فضلٌ عظيم؛ فهو من أعلى مقامات المقرّبين. وعلى المُسلم أن يسعى لاكتسابه ويحرص على ذلك؛ باتباع كل ما يُعينه على ذلك كي ينالَ فوائده وأجره.

التعريف

التعريف لغة

الرّضا: مصدر ضدّ السُّخط، والسُّخط: الكراهيّة للشيء، وعدم الرّضا به. انظر "لسان العرب" لابن منظور (5 /235)

التعريف اصطلاحًا

الرضا: هو سرور القلب بمرِّ القضاء. انظر "التعريفات" للجرجاني (ص116)، فإن من المأمورات المتعلقة بالقلوب: التسليم لأمر الله تبارك وتعالى، بترك الاعتراض ظاهرًا، وترك الكراهة باطنًا، والرضا هو سرور النفس بفعل الله تعالى زيادة على التسليم. "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص638). وقيل: هو ارتفاعُ الجزعِ في أي حكمٍ كان. وقيل: هو سكونُ القلب تحت مجاري الأحكام. وقيل: ألّا يتمنى خِلاف حاله. انظر "مدارج السالكين" لابن القيم (2 /177) ويُمكن تعريف الرّضا بالقضاء بأنه: التسليم بالقضاء، والقناعة بما قُسم، قلَّ أو كثر، والسكون إلى الله، وعدم التّسخط، أو الاعتراض على وقع من قضاء الله الكوني. انظر "أعمال القلوب" للسبت (2 /340)

الفروق

الفرق بين الرضا و الصبر

قال عمر بن عبد العزيز: «الرّضا عزيز، ولكنّ الصبر معوَّل المؤمن». أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد الزّهد" (ص293) وقال سليمان الخواص: «الصبر دونَ الرّضا، الرّضا: أن يكونَ الرجل قبل نزول المصيبة راضياً بأي ذلك كان، والصَّبر: أن يكون بعد نزول المصيبة يصبر». أخرجه ابن أبي الدنيا في "الرضا عن الله" (48) وقال ابن رجب: «والفرقُ بين الرّضا والصّبر: أنّ الصبر كفُّ النّفس وحبسها عن التسخط، مع وجود الألم، والرضا: يوجب انشراح الصدر وسعته بالقضاء، وإن وُجد الإحساس بالألم، لكن الرّضا يخففه؛ لما يُباشر القلب من روح اليقين والمعرفة، وإذا قوي الرّضا فقد يُزيل الإحساس بالألم بالكُليّة» "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (ص368) وقال بعض السلف: «إنّ الراضي لا يتمنّى غير حاله التي هو عليها، بخلاف الصّابر» أخرجه ابن أبي الدنيا في "الرضا عن الله" (100) انظر: الصبر

الفضل

يقول ابن قدامة: «وأمّا الرّضا بقضاء الله تعالى؛ فهو من أعلى مقامات المُقرّبين، وهو من ثمار المحبّة، وحقيقته غامضة، ولا ينكشفُ الأمر فيه إلا لمن يفهمه» "مختصر منهاج القاصدين" لابن قدامة ص336 والرّضا بالقضاء من أسباب السّعادة، والتّسخط على القضاء من أسباب الشقاوة، قال : «مِنْ سعادةِ ابنِ آدمَ استخارتُه اللهَ ، ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضاه الله ، ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله ، ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضى الله عز وجل» أخرجه الترمذي (3342). انظر "التحفة العراقية" لابن تيمية (ص209) والرّضا مطردةٌ للهموم والغموم، مذهبة للأحزان، وهو علاجُ التّردد والحَيرة والاضطراب؛ لأنه التسليم بالحكمة، والتصديق بالشّرع، والاطمئنانُ إلى حُسن الاختيار. قال أحمد بن حنبل: «أجمع سبعون رجلاً من التابعين، وأئمة المُسلمين، وفقهاء الأمصار على أنَّ السُّنة التي توفي عليها رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أوّلها: الرضا بقضاء الله، والتّسليم لأمره، والصبر تحت حُكمه، والأخذُ بما أمر الله به، والنهي عما نهى عنه، وإخلاصُ العمل لله، والإيمانُ بالقدر خيره وشرّه» أخرجه ابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" (1 /249-250). وقال ابن القيم: «الرّضا آخذٌ بزمام مقامات الدّين كلها، وهو روحها وحياتها؛ فإنّه روح التوكل وحقيقته، وروح اليقين، وروح المحبة، وصحبة المُحب، ودليل صدق المحبة، وروح الشّكر ودليله» "مدارج السالكين" لابن القيم (2 /117-118).

الأدلة

القرآن الكريم

الرضا في القرآن الكريم
الآيات الّتي تدلّ على رضا الله عن المؤمنين ورضاهم عنه كثيرة، منها: قوله تعالى: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ﴾ [المجادلة: 22]. وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة: 100].

السنة النبوية

الرضا في السنة النبوية
وعن العباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «ذاقَ طعمَ الإيمانِ من رضيَ باللَّهِ ربًّا وبالإسلامِ دينًا وبمحمَّدٍ نبيًّا» أخرجه مسلم (34) وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «مَن قالَ حِينَ يَسْمَعُ المُؤَذِّنَ أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، رَضِيتُ باللَّهِ رَبًّا وبِمُحَمَّدٍ رَسولًا، وبالإسْلَامِ دِينًا، غُفِرَ له ذَنْبُهُ». أخرجه مسلم (386)

الإجماع

أجمع العُلماء على أنّ الرضا مُستحب، مؤكدٌ استحبابه. قال ابن تيمية: «ولَمْ يجيء الأمر به، كما جاء الأمر بالصّبر، وإنّما جاء الثناء على أصحابه ومدحهم» "مدارج السالكين" لابن القيم (2 /178)

أقوال أهل العلم

قال داود عليه السلام: «ربِّ أي عبادك أبغض إليك؟ قال: عبد استخارني في أمرٍ، فخرتُ له، فلَم يرضَ به» ابن عَوْن داود عليه السلام
«اعلم أنّ العبد لن يُصيب حقيقة الرّضا، حتّى يكون رضاه عند الفقرِ والبؤس كرضاه عند الغناء والرّخاء، كيف تستقضي اللهَ في أمرك، ثمّ تسخطُ إن رأيتَ قضاءهُ مُخالفاً لهواك، ولعلَّ ما هويتَ من ذلك لو وُفّقَ لكَ لكان فيه هلكتك، وترضي قضاءه إذا وافق هواك، وذلك لقلّة علمك بالغيب، وكيفَ تستقضيه إن كنتَ كذلك؟ ما أنصفتَ من نفسكَ، ولا أصبت باب الرضا» ابن مَسْعُود أخرجه ابن أبي الدنيا في "الرضا عن الله" (69)
«إنّ الله تعالى بقسطه وعمله، جعلَ الرّوح والفرح في اليقين والرّضا، وجعل الهمّ والحزن في الشّك والسّخط» عَلْقَمَة الفَحل "مختصر منهاج القاصدين" لابن قدامة (ص337)
وقال علقمة في قوله عزّ وجل: ﴿وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ [التغابن: 11]. قال: «هي المُصيبة تُصيب الرّجل، فيعلمُ أنّها من عند الله، فيُسلم لها ويرضى» ابن المُبَارَك "مختصر منهاج القاصدين" لابن قدامة (ص337)
«من أعطي الرضا، والتّوكل، والتفويض، فقد كفي». غيلان بن جرير أخرجه ابن أبي الدّنيا في "الرضا عن الله" (101)
‌ «سخاء النفس عما في أيدي الناس أكبر من ‌سخاء النفس بالإعطاء، والقناعة والرضا أكبر من مروءة الإعطاء». "المروءة" لابن المرزبان (ص82).

الصور

قال ابن القيم: «في قوله: «ذاقَ طعمَ الإيمانِ من رضيَ باللَّهِ ربًّا وبالإسلامِ دينًا وبمحمَّدٍ نبيًّا» أخرجه مسلم (34)، وقوله: «مَن قالَ حِينَ يَسْمَعُ المُؤَذِّنَ أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، رَضِيتُ باللَّهِ رَبًّا وبِمُحَمَّدٍ رَسولًا، وبالإسْلَامِ دِينًا، غُفِرَ له ذَنْبُهُ». أخرجه مسلم (386) قال: وهذان الحديثان عليهما مدار مقامات الدّين، وإليه ينتهي، وقد تضمنا الرّضا بربوبيّته سبحانه، وألوهيّته، والرّضا برسوله، والانقياد له، والرّضا بدينه، والتّسليم له. ومن اجتمعت له هذه الأربعة فهو الصدّيق حقاً» فصور الرضا أربعة هي: الأولى: الرّضا بألوهية الله عز وجل: وتتضمن الرّضا بمحبته وحده، وخوفه، ورجائه، والإنابة إليه، والتبتل إليه، وانجذاب قُوى الإرادة والحُبّ كلها إليه، فعلُ الرّاضي بمحبوبه كل الرّضا، وذلك يتضمّن عبادته والإخلاص له. الثانية: الرّضا بربوبيته: ويتضمن الرضا بتدبيره لعبده، ويتضمن إفراده بالتّوكل عليه، والاستعانة به، والثقة به، والاعتماد عليه، وأن يكون راضياً بكل ما يفعل به. الثالثة: الرضا بنبيّه رسولاً: فيتضمن كمال الانقياد له، والتّسليم المُطلق إليه، بحيث يكون أولى به من نفسه، ولا يرضى بحُكم غيره البتّة. الرّابعة: الرّضا بدينه: فإذا قال أو حكم أو نَهى رضيَ كلّ الرّضا، ولَم يبقَ في قلبه حرج من حُكمه وسلَّم له تسليماً، ولو كان مخالفاً لمُراد نفسه أو هواها، أو قول مقلّده وطائفته. انظر "مدارج السالكين" لابن القيم (2 /172_181)

وسائل الاكتساب

ذكَر ابن تيمية أن الرّضا يوجبه شاهدان: الأول: عَلمُ العبد بأن الله سبحانه مستوجب لذلك، مُستحقٌ له لنفسه؛ فإنّه أحسن كلّ شي خلقه، وأتقن كلّ شيء، وهو العليم الحكيم، الخبير، الرّحيم. الثّاني: علمه بأنَّ اختيار الله لعبده المؤمن خيرٌ من اختياره لنفسه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «عجبًا لأمرِ المؤمنِ إنَّ أمرَه كلَّه خيرٌ وليس ذلك لأحدٍ إلَّا للمؤمنِ، إنْ أصابَتْه سرَّاءُ شكَر فكانَ خيراً له، وإنْ أصابَتْه ضرَّاءُ صبَر، فكان خيرًا له» أخرجه مسلم (2999) انظر "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (10 /43_44) وذكر ابن جزي في أسباب الرضا بالقضاء ثلاثة أشياء: محبة الله تعالى، فإنَّ فعلَ المحبُوب محبُوب. ومعرفة حكمته في كل ما يفعل. وأن المالك يفعل في ملكه ما يشاء. "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص638).

الفوائد والمصالح

ثمرات الرّضا وفوائده كثيرة، متجددة، ويصعب حصرها، منها: رضا الله تعالى عن العبد: فرضا العبد عن ربه في جميع الحالات يُثمر رضا ربّه عنه؛ فإذا رضيَ عنه بالقليل من الرّزق، رضي ربه عنه بالقليل من العمل. كفاية الله للعبد: فمن عرَض لهُ أمرٌ في فِعله رضا الله وغضب الناس، أوعكسه، فإن فعل الأول رضيَ الله عنه، ودفع عنه شرّ الناس، وإن فعلَ الثّاني وكّله إلى الناس؛ أي: سلط الناس عليه، حتى يؤذوه ويظلموه ولَم يدفع شرّهم عنه. لُطف الله بالعبد: يقول ابن القيم: «يُريح الله عبده المؤمن من الأفكار المُتعبة في أنواع الاختبارات؛ فلو رضيَ باختيار الله أصابه القدَر وهو محمود، مشكور، ملطوف به فيه، وإلا جرى عليه القدر وهو مذمومٌ غير ملطوف به فيه؛ لأنه مع اختياره لنفسه، ومتى صحّ تفويضه ورضاه، اكتنفه المقدور العطف عليه، واللطف به، فيصير عطفه ولُطفه، فعطفه يقيه ما يحذره، ولُطفه يهوّن عليه ما قدّره». "الفوائد" لابن القيم (ص200) أنّه يُبارك له في بالرّضا فيما أعطاه الله: قال الحسن: «من رضيَ بما قسم الله له وسعه، وبارك الله له فيه، ومن لم يرضَ لم يسعه، ولَم يُبارك له فيه» أخرجه ابن أبي الدّنيا في "الرضا عن الله" (95) حصول العِوض مما فاته: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «لمّا حضرَت أبا سلمة الوفاة، قال أمّ سلمة: إلى من تَكِلُني؟ فقال: اللهم إنّك لأمّ سلمة خيرٌ من أبي سلمة، فلمّا توفي خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلّم» أخرجه البخاري في "تاريخه" (7 /62) الرّضا يُثمر الفرح والسّرور أنّه يُخرج الهوى من القلب: فالرّاضي هواه تَبَعٌ لمُراد ربّه منه؛ فلا يجتمع الرّضا واتّباع الهوى في القلبِ أبداً، وإن كان معه شعبة من هذا، شُهبة من هذا، فهو للغالب عليه منهما. الرّضا مفتاح باب حُسن الخلق: قال ابن القيم: «الرّضا يفتح باب حُسن الخلق مع الله تعالى ومع النّاس؛ فإنّ حُسن الخُلق من الرّضا، وسوء الخُلق من السّخط، وحُسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم، وسوءالخُلق يأكل الحسنات كما تأكُل النار الحَطب» "مدارج السالكين" لابن القيم (2 /220) انظر "أعمال القلوب" للسبت (2 /373_382)

نماذج وقصص

إبراهيم عليه السلام لما أضجعَ ابنه ليذبحه، قال: «يا أبتِ شددنا، فإني أخاف أن تنظر إليَّ وأنتَ تذبحني فلا تمضي لأمر ربك، أو أنظرَ إليك وأنتَ تذبحني فلا أدعكَ تمضي لأمر ربك، قال: فكبه لوجهه، فذلك قول الله ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: 103]» أخرجه ابن أبي الدنيا في "الرضا عن الله" (80) ودخلَ أبو الدّرداء رضي الله عنه على رجلٍ وهو يموت وهو يحمد الله تعالى، فقال أبو الدّرداء: أصَبت، إنَ الله عزّ وجل إذا قضى قضاءً أحبَّ أن يرضى به. "مختصر منهاج القاصدين" لابن قدامة (ص337) وعن أبي علي الرّازي قال: «صحبتُ فضيل بن عياض ثلاثين سنة ما رأيته ضاحكماً ولا مبتسماًإلا يوم ماتَ علي ابنه، فقلت له في ذلك، فقال: إنّ الله عزّ وجل أحبَّ أمراً، فأحببت ما أحبّ الله» أخرجه ابن أبي الدّنيا في "الرضا عن الله" (90)