البحث

عبارات مقترحة:

الودود

كلمة (الودود) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) من الودّ وهو...

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

البارئ

(البارئ): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (البَرْءِ)، وهو...

معركة الأوراس

وفي سنة أربع وسبعين من الهجرة سَيّر عبد الملك بن مروان حسان بن النعمان إلى الكاهنة ثانية، والتي خرجت غضبا لمقتل كسيلة البربري حليف الروم، وملكت بلاد إفريقية جميعها، وعملت بأهلها الأفاعيل القبيحة، وظلمتهم الظلم الشنيع، ونال مَنْ بالقيروان من المسلمين منها أذى شديدا بعد قتل زهير بن قيس سنة 69ه، فسار حسان إليها في جيوش كثيفة، فالتقى الجيشان واقتتلوا، واشتد القتال، وكثر القتل حتى ظن الناس أنه الفناء، ثم نصر الله المسلمين، وانهزم البربر وقتلوا قتلا ذريعا، وانهزمت الكاهنة، ثم أدركت فقتلت، ثم عاد حسان إلى القيروان.

اسم المعركة

معركة الأوراس.

وقتها

ذكره أهل السير والمغازي من أحداث سنة أربع وسبعين من الهجرة سنة 74هـ /693م، في خلافة عبد الملك بن مروان الأموي. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (3 /416)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 70).

موقعها

وقعت المعركة في جبال الأوراس في إفريقية. قال الحموي: «جبل بأرض إفريقية فيه عدة بلاد وقبائل من البربر». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (1 /278). وقال محمود مقديش: «وجبل أوراس قطعة يقال إنها متصلة من جبل درن بالمغرب كالاّم محني الأطراف، وطوله نحو من اثني عشر ميلا، ومياهه كثيرة، وعماراته متسعة، وفي أهله نخوة وتسلّط على من جاورهم من الناس». "نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار" لمحمود مقديش (1 /96).

الطرف الأول

جيش المسلمين بقيادة حسان بن النعمان.

الطرف الثاني

جيش البربر بقيادة الكاهنة.

سببها

لما ملك المسلمون قرطاجنة ومدن الساحل وصلح أمر الناس في إفريقية سأل حسان بن النعمان عن مكان الشوكة منهم، وقال: دلوني على أعظم من بقي من ملوك إفريقية، فدلوه على امرأة تملك البربر تعرف بالكاهنة، وكانت تخبرهم بأشياء من الغيب، ولهذا سميت الكاهنة، وكانت بربرية، وهي بجبل أوراس، وقد اجتمع حولها البربر بعد قتل كسيلة، فسأل أهل إفريقية عنها، فعظموا محلها وقالوا له: إن قتلتها لم تختلف البربر بعدها عليك، فسار حسان إليها. وذكر الواقدي أن الكاهنة خرجت غضبا لقتل كسيلة، وملكت إفريقية جميعها، وعملت بأهلها الأفاعيل القبيحة، وظلمتهم الظلم الشنيع، ونال من بالقيروان من المسلمين أذى شديدا بعد قتل زهير بن قيس سنة سبع وستين 69ه، فاستعمل عبد الملك على إفريقية حسان بن النعمان، فسار في جيوش كثيرة وقصد الكاهنة. انظر: «الكامل في التاريخ» لابن الأثير (3 /416- 418)، "تاريخ الجزائر في القديم والحديث" لمبارك الميلي (2 /31)، "نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار" لمحمود مقديش (1 /224)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 70- 71).

أحداثها

بعد أن اطمأن الحكم لعبد الملك بن مروان وصفا له الأمر اهتم بشؤون إفريقية، وكانت المنطقة قد خلت من القيادة الإسلامية بعد مقتل زهير بن قيس سنة سبع وستين 69ه، فجهز عبد الملك جيشا كثيفا، وعين عليه حسان بن النعمان، وأمده بالعساكر، فسار حسان إلى القيروان ففتحها، ثم غزا الساحل وافتتح قرطاجنة ومدن الساحل، ثم أمره عبد الملك بغزو الكاهنة في إفريقية، فلما قارب حسان من الكاهنة هَدَمَتْ حصن باغاية ظنا منها أنه يريد الحصون، فلم يعرج حسان على ذلك وسار إليها، فالتقوا على نهر نيني، واقتتلوا أشد قتال رآه الناس، فانهزم المسلمون وقتل منهم خلق كثير، وانهزم حسان وأسر جماعة كثيرة أطلقتهم الكاهنة، سوى خالد بن يزيد القيسي، وكان شريفا شجاعا، فاتخذته ولدا. فرجع حسان حتى فارق إفريقية، وكتب إلى عبد الملك يعلمه الحال، فأمره عبد الملك بالمقام إلى أن يأتيه أمره، فأقام بعمل برقة خمس سنين، فسمي ذلك المكان قصور حسان إلى الآن، وملكت الكاهنة إفريقية كلها، وأساءت السيرة في أهلها وعسفتهم وظلمتهم. ثم سيّر عبد الملك إلى حسان الجنود والأموال سنة أربع وسبعين 74ه، وأمره بالمسير إلى إفريقية وقتال الكاهنة، فأرسل حسان رسولا سرا إلى خالد بن يزيد، وهو عند الكاهنة، بكتاب يستعلم منه الأمور، فكتب إليه خالد جوابه في رقعة يعَرّفه تفرق البربر، ويأمره بالسرعة، وجعل الرقعة في خبزة، وعاد الرسول، فخرجت الكاهنة ناشرة شعرها تقول: ذهب ملكهم فيما يأكل الناس. فطلب الرسول فلم يوجد، فوصل إلى حسان وقد احترق الكتاب بالنار، فعاد إلى خالد وكتب إليه بما كتب أولا، وأودعه قربوس السرج. فسار حسان اليها، فلما علمت الكاهنة بمسيره قالت: إن العرب يريدون البلاد والذهب والفضة، ونحن إنما نريد المزارع والمراعي، ولا أرى إلا أن أخرب إفريقية حتى ييأسوا منها، وفرقت أصحابها ليخربوا البلاد، فخربوها وهدموا الحصون ونهبوا الأموال، وهذا هو الخراب الأول لإفريقية. فلما قرب حسان من البلاد لقيه جمع من أهلها من الروم يستغيثون من الكاهنة، ويشكون إليه منها، فسره ذلك، وسار إلى قابس، فلقيه أهلها بالأموال والطاعة، وكانوا قبل ذلك يتحصنون من الأمراء، وجعل فيها عاملا، وسار إلى قفصة ليتقرب الطريق، فأطاعه من بها واستولى عليها وعلى قسطيلية ونفزاوة، وبلغ الكاهنة قدومه، فأحضرت ولدين لها وخالد بن يزيد، وقالت لهم: إنني مقتولة، فامضوا إلى حسان، وخذوا لأنفسكم منه أمانا، فساروا إليه وبقوا معه، وسار حسان نحوها، فالتقوا واقتتلوا، واشتد القتال، وكثر القتل حتى ظن الناس أنه الفناء، ثم نصر الله المسلمين، وانهزم البربر وقتلوا قتلا ذريعا، وانهزمت الكاهنة، ثم أدركت فقتلت. ثم إن البربر استأمنوا إلى حسان، فآمنهم وكتب الخراج عليهم وعلى من معهم من الروم والفرنج، وشرط عليهم أن يكون منهم عسكر مع المسلمين عدتهم اثنا عشر ألفا يجاهدون العدو، فأجابوه إلى ذلك، فجعل على هذا العسكر ابني الكاهنة، ثم فشا الإسلام في البربر، وعاد حسان إلى القيروان في رمضان من السنة، واستخلف على إفريقية رجلا اسمه صالح من جنده، وأقام هو لا ينازعه أحد إلى أن توفي عبد الملك. انظر: «الكامل في التاريخ» لابن الأثير (3 /416- 418)، "تاريخ ابن خلدون" (4 /238- 239)، "نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار" لمحمود مقديش (1 /224- 228)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 70- 71).

نتيجتها

انتصر المسلمون انتصارا عظيما، وانهزم البربر وقتلوا قتلا ذريعا، وانهزمت الكاهنة، وأدركت فقتلت. كان من نتيجة هذه المعركة فتح جبال الأوراس، وجعلها في قبضة المسلمين، وامن حسان البربر، وكتب الخراج عليهم وعلى من معهم من الروم والفرنج، وشرط عليهم أن يكون منهم عسكر مع المسلمين عدتهم اثنا عشر ألفا لا يفارقونه في مواطن جهاده. استغل حسان سوء سمعة الكاهنة وسوء معاملتها ومعاشرتها مع أهل البلدان وظلمها للعباد، ففتح قفصة وقسطيلة ونفزاوة، وتقدم إلى معقلها في جبل الاوراس فقاتلها. استطاع حسان أن يقضي أخيرا على مقاومة البربر في المنطقة مثلما قضى من قبل على جحافل الروم. أصبح حسان سيد الموقف، فقصده البربر مستسلمين، وبدؤوا يدخلون في دين الله أفواجًا. انظر: «الكامل في التاريخ» لابن الأثير (3 /416- 418)، "تاريخ ابن خلدون" (4 /238- 239)، "تاريخ الجزائر في القديم والحديث" لمبارك الميلي (2 /30- 32)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 70- 71).