البحث

عبارات مقترحة:

الرحيم

كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...

الآخر

(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

معركة البويب

في السنة الثالثة عشرة من الهجرة بلغ رستم والفيرزان أن المثنى خرج في آثار القوم بعد معركة الجسر، فأسر منهم وقتل، وبعث إلى من يليه من العرب فاجتمع إليه جمع عظيم، فبعثا إلى مواجهته مهران الهمذاني، فجمع المثنى النّاس ب الْبُوَيْب، في غرب نهر الفرات، فنزل بإزائه مهران من وراء الفرات ، ثم عبر إليهم من جانبهم، والتقى الجيشان، وحميت الحرب، فلما طال القتال واشتد حمل المثنى على قلب مهران فأزاله وأفنى أهله، ووثب مجنبات المسلمين على مجنبات المشركين، حتى كثر القتل فيهم بنحو مائة ألف، وهزموا الفرس، وكان النصر حليف المسلمين.

اسم المعركة

تسمى معركة الْبُوَيْبِ أو وقعة النخيلة أو وقعة مِهْرَانَ.

وقتها

ذكره أهل السير والمغازي من أحداث السنة الثالثة عشرة من الهجرة سنة 13ه /634م، في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في شهر رمضان. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (3 /461)، "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (4 /148)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (2 /279).

موقعها

وقعت معركة الْبُوَيْب في منطقة الْبُوَيْب في العراق. قال الحموي: «نهر كان بالعراق موضع الكوفة، فمه عند دار الرزق يأخذ من الفرات، كانت عنده وقعة أيام الفتوح بين المسلمين والفرس». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (1 /512). والحِيرَة: قال الحموي: «مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة على موضع يقال له النّجف، زعموا أن بحر فارس كان يتّصل به». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (2 /328). وكذا انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (3 /461)، "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (4 /148)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (2 /279).

الطرف الأول

جيش المسلمين بقيادة المثنى بن الحارثة، ومعه جرير بن عبد الله البجلي وعاصم بن عمرو والمعتى بن حارثة وغيرهم..

الطرف الثاني

جيش الفرس بقيادة مهران بن باذان، ومعه مرزبان الحيرة ومردانشاه.

سببها

بعدما انسحب المثنى بقواته من معركة الجسر وجد حامية صغيرة من الفرس تسير على نهر الفرات، فحاصرها وقتل من فيها، فأحدثت هزّة عنيفة في الفرس، قرر الجيش الفارسي بسببه التوجه لمقابلة المثنى بن حارثة من جديد، الذي عسكر بجوار الحيرة. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (3 /461)، "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (4 /148)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (2 /279)، "البداية والنهاية" لابن كثير (9 /597).

أحداثها

لما بلغ عمر خبر وقعة أبي عبيد بالجسر ندب الناس إلى المثنى، وكان فيمن ندب بجيلة، وكان أمر بجيلة إلى جرير بن عبد الله؛ وذلك لأنه كان قد جمعهم من القبائل وكانوا متفرقين فيها، فسأل النبي أن يجمعهم فوعده ذلك، فلما ولي عمر طلب منه ذلك فكتب إلى عماله: إنه من كان ينسب إلى بجيلة في الجاهلية وثبت عليه في الإسلام فأخرجوه إلى جرير، ففعلوا ذلك، فلما اجتمعوا أمرهم عمر العراق، وأبوا إلا الشام، فعزم عمر على العراق وينفلهم ربع الخمس، فأجابوا، وسيرهم إلى المثنى بن حارثة، وبعث عصمة بن عبد الله الضبي فيمن تبعه إلى المثنى، وكتب إلى أهل الردة فلم يأته أحد إلا رمى به المثنى، وبعث المثنى الرسل فيمن يليه من العرب، فتوافوا إليه في جمع عظيم، وكان فيمن جاءه أنس بن هلال النمري في جمع عظيم من النمر نصارى، وقالوا: نقاتل مع قومنا. وبلغ الخبر رستم والفيرزان، فبعثا مهران الهمذاني إلى الحيرة، فسمع المثنى ذلك وهو بين القادسية وخفان، وكتب إلى جرير وعصمة وكل من أتاه ممدا له يعلمهم الخبر، ويأمرهم بقصد الْبُوَيْب، في غرب نهر الفرات، فهو الموعد، فانتهوا إلى المثنى وهو بالْبُوَيْب ومهران بإزائه من وراء الفرات، فكان النهر يفصل بين الجيش الإسلامي والجيش الفارسي القادم من المدائن، فاجتمع المسلمون بالْبُوَيْب مما يلي الكوفة اليوم، وجاء المدد الإسلامي، وانضم إلى جيش المثنى، وأصبح قوام الجيش ثمانية آلاف، والجيش الفارسي ما بين الستين والسبعين ألفاً على الضفة الأخرى لنهر الفرات. وأرسل مهران إلى المثنى يقول: إما أن تعبر إلينا، وإما أن نعبر إليك. فقال المثنى: اعبروا. فعبر مهران، فنزل على شاطئ الفرات، وعبى المثنى أصحابه، وكان في رمضان، فأمرهم بالإفطار ليقووا على عدوهم، فأفطروا. كان على مجنبتي المثنى بَشِيرُ بْنُ الْخَصَاصِيَّةِ، وبُسْرُ بْنُ أَبِي رُهْمٍ، وعلى مجردته الْمُعَنَّى أخوه، وعلى الرجل مسعود أخوه، وعلى الردء مذعور، وكان على مجنبتي مهران بن الْأَزَاذَبَهْ مَرْزُبَانُ الحيرة وَمَرْدَانْشَاهْ. وأقبل الفرس في ثلاثة صفوف، مع كل صف فيل، ورجلهم أمام فيلهم ولهم زُجَّلٌ، فقال المثنى للمسلمين: إن الذي تسمعون فشل، فالزموا الصمت. ودنا جيش الفرس من المسلمين، وطاف المثنى في صفوفه يعهد إليهم وهو على فرس، فوقف على الرايات يحرضهم ويهزهم، فنادى المثنى في الناس: انهدوا لعدوكم، قم قال: إني مكبر ثلاثا فتهيئوا، ثم احملوا مع الرابعة، فلما كبر أول تكبيرة أعجلهم فارس فخالطوهم وحميت الحرب، فلما طال القتال واشتد قال المثنى لأنس بن هلال النمري: إنك امرؤ عربي وإن لم تكن على ديننا، فإذا حملت على مهران فاحمل معي، فأجابه، فحمل المثنى على قلب مهران، فأزاله حتى دخل في ميمنته، ثم خالطوهم واجتمع القلبان، وارتث مسعود أخو المثنى يومئذ وجماعة من أعيان المسلمين، فلما أصيب مسعود تضعضع من معه، فقال: يا معشر بكر، ارفعوا رايتكم رفعكم الله، ولا يهولنكم مصرعي. وأوجع قلب المسلمين في قلب المشركين، وقتل غلام نصراني من تغلب مهران واستوى على فرسه، فجعل المثنى سلبه لصاحب خيله، وكان التغلبي قد جلب خيلا هو وجماعة من تغلب، فلما رأوا القتال قاتلوا مع العرب، وأفنى المثنى قلب المشركين، وارتفع الغبار والمجنبات بعضها يقاتل بعضا، فلما رأوه قد أزال القلب وأفنى أهله وثب مجنبات المسلمين على مجنبات المشركين، وجعلوا يردون الأعاجم على أدبارهم، وجعل المثنى والمسلمون في القلب يدعون لهم بالنصر، حتى كثر القتل فيهم وهزموا الفرس، وكان النصر حليف المسلمين، فما كانت بين المسلمين والفرس وقعة أبقى رمة منها، بقيت عظام القتلى دهرا طويلا، وكانوا يحزرون القتلى مائة ألف، وسمي ذلك اليوم الأعشار، أحصي مائة رجل قتل كل رجل منهم عشرة، وسبقهم المثنى إلى الجسر وأخذ طريق الأعاجم، فافترقوا مصعدين ومنحدرين، وأخذتهم خيول المسلمين حتى قتلوهم وجعلوهم جثثًا. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (3 /461- 470)، "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (4 /148- 149)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (2 /279- 282)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 50- 51).

نتيجتها

انتصر المسلمين في معركة هي من أشرس المعارك، واستشهد من المسلمين يومئذ أربعة آلاف من المقاتلة، ومات أناس من الجرحى، منهم: مسعود أخو المثنى، وخالد بن هلال، فصلى عليهم المثنى وقال: والله إنه ليهون وجدي أن صبروا وشهدوا الْبُوَيْب، ولم ينكلوا. قتل قائد من أبرز قادة الفرس، وهو مهران بن باذان، وكثر القتل في جيش الفرس، حتى بلغ عدد الهالكين منهم قتلاً وغرقاً حوالي مائة ألف، أي ثلثي الجيش تقريباً. وكان قد أصاب المسلمون غنمًا ودقيقًا وبقرًا، فبعثوا به إلى عيال من قدم من المدينة وهم بالقوادس. وأرسل المثنى الخيل في طلب العجم، فبلغوا السيب وغنموا من البقر والسبي وسائر الغنائم شيئا كثيرا، فقسمه فيهم، ونفل أهل البلاد، وأعطى بجيلة ربع الخمس، وأرسل الذين تبعوا المنهزمين إلى المثنى يعرفونه سلامتهم، وأنه لا مانع دون القوم، ويستأذنونه في الإقدام، فأذن لهم، فأغاروا حتى بلغوا ساباط، وتحصن أهله منهم واستباحوا القرى، ثم مخروا السواد فيما بينهم وبين دجلة، لا يخافون كيدا ولا يلقون مانعا. استفاد المثنى من الأخطاء السابقة، فقرر أن يختار هو مكان المعركة، فكانت النصر والفتح. أحسن المثنى تنظيم جيشه، فكان هو في المقدمة، وجعل فرقة من الجيش في المؤخرة لا تشترك في القتال، حتى تحمي ظهر المسلمين من أي التفاف ربما يحدث من الجيش الفارسي حول الجيش الإسلامي، فتكرر مشهد معركة الجسر، ولكن بعكس الأدوار، فعندما عبر الفرس نهر الفرات، كان الجيش الإسلامي يحاصر المنطقة بكاملها، فدخلت القوات الفارسية في المنطقة الضيقة، وبذلك افتقدوا عنصر الكثرة، لأن المساحة التي تركها المسلمون للفرس ضيقة، ويقف جيشهم بكامله صفوفاً بعضهم خلف بعض، ويقابل صفهم الأول فقط صف المسلمين الأول، ولا يستطيع أحد الدخول في المعركة في الصف الأول من كلا الجيشين، فأصبح لا قيمة لعدد جيش الفرس عندئذ، وهذا ما كان خطط له المثنى بن حارثة. كانت معركة الْبُوَيْب تعويضًا عن معركة الجسر، وشفى الله قلوب المؤمنين. وبهذه المعركة سيطر المسلمون على سواد العراق فيما بينهم وبين دجلة، حيث لم يعد للفرس قوة أو مقاومة تذكر، ووصل المسلمون إلى صفين. جعلت هزيمة البُويب أشراف الفرس يجتمعون حول تولية ملك عليهم من سُلالة كسرى، فأدركوا خُطورة الموقف، وأنَّ ما بعد سُقوط الحيرة وتكريت وساباط سوى سُقوط المدائن. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (3 /461)، "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (4 /148- 149)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (2 /281- 282).