البحث

عبارات مقترحة:

الخبير

كلمةُ (الخبير) في اللغةِ صفة مشبَّهة، مشتقة من الفعل (خبَرَ)،...

المتعالي

كلمة المتعالي في اللغة اسم فاعل من الفعل (تعالى)، واسم الله...

الوكيل

كلمة (الوكيل) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (مفعول) أي:...

معركة الجسر

في السنة الثالثة عشرة من الهجرة جاء بهمن جاذويه ومعه راية كسرى والفيل إلى منطقة قُسِّ الناطف بالكوفة، فقال لأبي عبيد: إما أن تعبروا إلينا، وإما أن تدعونا نعبر إليكم، فأشار الناس على أبي عبيد أن لا يعبر اليهم، إلا أنه لم ياخذ برايهم فعبر إليهم، فكانت المعركة، فهابت الخيول من الفيلة فلم تقدم عليهم، وترجل أبو عبيد والناس، ثم أقبلوا على الفيلة، فتعلق أبي عبيد ببطان احدها فقطعه، وفعل القوم مثل ذلك، فما تركوا فيلا إلا حطوا رحله، وقتلوا أصحابه، وقُتِلَ من المشركين ستة آلاف في المعركة، ولما قطع أبو عبيدة زنام الفيل خبطه الفيل ووقع عليه فقتله، فأخذ اللواء سبعة من المسلمين بعده، كلهم يقتل فيقتل، حتى أخذه المثنى، وبادر عبد الله بْن مرثد الثقفي الجسر فقطعه، وانتهى الناس إليه والسيوف تأخذهم، فألقوا بأنفسهم في الفرات، فأصيب من المسلمين أربعة آلاف ما بين غريق وقتيل، وهرب ألفان، وبقي ثلاثة آلاف، وحمى المثنى وشجعان المسلمين الناس حتى عقدوا الجسر وعبروهم، ورجعت الفرس لما سمعوا أن الناس بالمدائن قد ثاروا برستم.

اسم المعركة

تسمى معركة الجسر، أو وقعة الْمَرْوَحَة، أو وقعة قُسِّ الناطف، أو وقعة القرقس.

وقتها

ذكره أهل السير والمغازي من أحداث السنة الثالثة عشرة من الهجرة سنة 13ه /634م، في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في شهر شعبان. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (3 /454)، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (4 /147)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (2 /276)، "البداية والنهاية" لابن كثير (7 /27)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 47).

موقعها

وقعت معركة الجسر على شاطئ ا لفرات، بالقرب من الكوفة في العراق. قال الحموي: «وقُسِّ الناطف هو موضع قريب من الكوفة على شاطئ الفرات الشرقي، والمروحة: موضع بشاطئ الفرات الغربي كانت به وقعة بين الفرس والمسلمين في سنة 13 في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (4 /349). وكذا انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (3 /454)، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (4 /147)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (2 /276)، "البداية والنهاية" لابن كثير (9 /594)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 47).

الطرف الأول

جيش المسلمين بقيادة أبي عبيد بن مسعود الثقفي.

الطرف الثاني

جيش الفرس بقيادة بهمن جاذويه ومعه الجالينوس.

سببها

بعد الاخفاقات التي حلت بالفرس، وخصوصًا بعد هزيمة الجالينوس أمام جيش المسلمين أرادوا الانتصار على أهل الإسلام وجمعوا كلمتهم على بهمن. ينظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (3 /454)، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (4 /147)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (2 /276)، "البداية والنهاية" لابن كثير (7 /27)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 47).

أحداثها

لما رجع الجالينوس إلى رستم منهزما ومن معه من جنده وهاربا مما لقي من المسلمين، لما ارسله إلى نرسي ليقاتل أبا عبيد، تذامرت الفرس بينهم، وقال رستم: أي العجم أشد على العرب؟ قال: بهمن جاذويه المعروف بذي الحاجب، وإنما قيل له ذو الحاجب لأنه كان يعصب حاجبيه بعصابة ليرفعهما كبرا، فوجهه رستم ومعه فيلة، ورد الجالينوس معه وقال لبهمن: إن انهزم الجالينوس ثانية فاضرب عنقه. فأقبل بهمن جاذويه ومعه راية أفريدون وتسمى درفش كابيان، وكانت الفرس تتيمن بها، وحملوا معهم راية كسرى، وكانت من جلود النمر، عرضها ثمانية أذرع، وطولها اثني عشر ذراعا، فنزل بقس الناطف، وأقبل أبو عبيد فنزل بالمروحة، فرأت دومة امرأة أبي عبيد أن رجلا نزل من السماء بإناء فيه شراب، فشرب أبو عبيد ومعه نفر، فأخبرت بها أبا عبيد فقال: لهذه إن شاء الله شهادة! وعهد إلى الناس فقال: إن قتلت فعلى الناس فلان، فإن قتل فعليهم فلان، حتى أمر الذين شربوا من الإناء، ثم قال: فإن قتل فعلى الناس المثنى. وصل الفرس إلى المسلمين وبينهم نهر الفرات وعليه جسر، وبعث بهمن جاذويه إلى المثنى يقول: إما أن تعبر إلينا وندعكم والعبور، وإما أن تدعونا نعبر إليكم، فنهاه الناس عن العبور، ونهاه سليط أيضا، فلج وترك الرأي وقال: لا يكونوا أجرأ على الموت منا. ثم عبر إليهم على جسر عقده ابن صلوبا للفريقين، فاقتحم إليهم فاجتمعوا في مكان ضيق، فاقتتلوا قتالا شديدا لم يعهد مثله، والمسلمون في نحو من عشرة آلاف، وقد جاءت الفرس معهم بأفيلة كثيرة عليها الجلاجل، قائمة لتذعر خيول المسلمين، فلما نظرت الخيول إلى الفيلة رأت شيئا منكرا لم تكن رأت مثله، فجعل المسلمون إذا حملوا عليهم لم تقدم عليهم خيولهم، وإذا حملت الفرس على المسلمين بالفيلة والجلاجل فرقت خيولهم وكراديسهم ورموهم بالنشاب، فنالوا منهم خلقا كثيرا، وقتل المسلمون منهم مع ذلك ستة آلاف. واشتد الأمر بالمسلمين، فترجل أبو عبيد والناس، ثم مشوا إليهم ثم صافحوهم بالسيوف، فجعلت الفيلة لا تحمل على جماعة إلا دفعتهم، فنادى أبو عبيد: احتوشوا الفيلة واقطعوا بطانها واقلبوا عنها أهلها، ووثب هو على الفيل الأبيض فضربه ووقع الذين عليه، وفعل القوم مثل ذلك، فما تركوا فيلا إلا حطوا رحله وقتلوا أصحابه. ولما قطع أبي عبيد زلوم الفيل حمي الفيل، وصاح صيحة هائلة وحمل، وخبطه الفيل برجليه فوقع، فوطئه الفيل وقام عليه فقتله، فلما بصر به الناس تحت الفيل خشعت أنفس بعضهم، ثم أخذ اللواء الذي كان أمره بعده، فقاتل حتى تنحى عن أبي عبيد، فأخذه المسلمون فأحرزوه، ثم قتل الفيل الأمير الذي بعد أبي عبيد، وتتابع سبعة أنفس من ثقيف، كلهم يأخذ اللواء ويقاتل حتى يموت، ثم أخذ اللواء المثنى. فلما رأى المسلمون ما لقي أبو عبيد وخلفاؤه وهنوا عند ذلك، ولم يكن بقي إلا الظفر بالفرس، وضعف أمرهم، وذهب ريحهم، وولوا مدبرين، وساقت الفرس خلفهم فقتلوا بشرا كثيرا، وانكشف الناس فكان أمرا بليغا، ولما رأى عبد الله بن مرثد الثقفي ما يصنع الناس بادرهم إلى الجسر فقطعه، وقال: يا أيها الناس، موتوا على ما مات عليه أمراؤكم أو تظفروا! فأوقع المسلمين في ضيق وكرب، وحاز المشركون المسلمين إلى الجسر، فبدا المسلمون يلقون بأنفسهم في الفرات، ف إنا لله وإنا إليه راجعون. وقاتل عروة بن زيد الخيل قتالًا شديدًا، وأبو محجن الثقفي، وقاتل أبو زبيد الطائي حمية للعربية، وكان نصرانيًّا قدم الحيرة لبعض أمره، وكان آخر من قتل عند الجسر سليط بن قيس، الذي نصح أبا عبيد من قبل بعدم العبور إلى الفرس، وكان سليط مع المثنى عند الجسر يحمي الناس لعبوره بسلام، وهو من القادة الشجعان. عمد المثنى مع عدد من فرسان المسلمين على شد الجسر وربط الجبال، وكان الناس لما انهزموا جعل بعضهم يلقي بنفسه في الفرات فيغرق، ثم نادى المثنى: أيها الناس فاعبروا على هينتكم، ولا تدهشوا، ولا تغرقوا نفوسكم، فإني واقف على فم الجسر، لا أجوزه حتى لا يبقى منكم أحد هاهنا على هينتكم، ونادى: من عبر نجا، فجاء العلوج فعقدوا الجسر وعبر الناس، وقام يحرسهم هو وشجعان المسلمين، وقد جرح أكثرهم وأثخنوا، ومن الناس من ذهب في البرية لا يدرى أين ذهب، ومنهم من رجع إلى المدينة النبوية مذعورًا، ولما عبر المثنى ارفض عنه أهل المدينة وبقي المثنى في قلة، وكان قد جرح وأثبت فيه حلق من درعه، أدت إلى وفاته بعد ذلك بشهرين. وأراد بهمن جاذويه العبور خلف المسلمين، فأتاه الخبر باختلاف الفرس، وأنهم قد ثاروا برستم، ونقضوا الذي بينهم وبينه، وصاروا فريقين: الفهلوج على رستم، وأهل فارس على الفيرزان، فرجع إلى المدائن، فركب الفرس إلى المدائن ولحقهم المثنى بن حارثة في نفر من المسلمين، فعارضه أميران من أمرائهم في جيشهم، فأسرهما وأسر معهما بشرًا كثيرًا فضرب أعناقهم. ثم أرسل المثنى إلى من بالعراق من أمراء المسلمين يستمدهم، فبعثوا إليه بالأمداد، وبعث إليه عمر بن الخطاب بمدد كثير فيهم جرير بن عبد الله البجلي، في قومه بجيلة بكمالها، وغيره من سادات المسلمين حتى كثر جيشه. وكان قد هرب من الناس بشر كثير على وجوههم، وافتضحوا في أنفسهم، واستحيوا مما نزل بهم، ولم يؤنب عمر من فر من الناس إلى المدينة، بل قال: أنا فيئكم، وأُخْبِر عمن سار في البلاد من الهزيمة مستحييا، فاشتد عليه حالهم، وقال: اللهم إن كل مسلم في حل مني، أنا فئة كل مسلم، يرحم الله أبا عبيد! لو كان انحاز إلي لكنت له فئة. وكان بين وقعة اليرموك والجسر أربعون ليلة. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (3 /454- 459)، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (4 /147- 148)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (2 /276- 278)، "البداية والنهاية" لابن كثير (7 /27- 29)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 47- 49).

نتيجتها

انتهت المعركة بهلاك أربعة آلاف من المسلمين، ما بين شهيد وغريق، ومن الشهداء الأمراء السبعة، وهرب ألفان، وبقي ثلاثة آلاف، وخسر المسلمين قائدا من أعظم قادتهم وهو أبو عبيد الثقفي، وكان فيمن قتل بالجسر عقبة وعبد الله وعباد أبناء قيظى بن قيس، وقتل أيضًا قيس بن السكن بن قيس أبو زيد الأنصاري، وقتل يزيد بن قيس بن الحطيم الأنصاري، وفيها قتل أبو أمية الفزاري، والحكم بن مسعود أخو أبي عبيد، وابنه جبر بن الحكم بن مسعود. قُتِل من الفرس يومئذ في المعركة ستة آلاف. كانت لهذه المعركة وقع شديد في نفوس المسلمين، حتى إن ألفين من الجيش فروا حتى دخلوا البادية حياءً. استعادت الإمبراطورية الفارسية في هذه المعركة بعض الاعتبار والهيبة. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (3 /454)، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (4 /147)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (2 /278)، "البداية والنهاية" لابن كثير (9 /594)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 47).