البحث

عبارات مقترحة:

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

المحسن

كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...

المهيمن

كلمة (المهيمن) في اللغة اسم فاعل، واختلف في الفعل الذي اشتقَّ...

فتح مدينة قصريانة

بعد فتح المسلمون الكثير المدن والقلاع والحصون في جزيرة صِقِلِّيَّة وفتح سرقوسة سار العباس سنة أربع وأربعين ومائتين للهجرة إلى قَصْرِيَانَّة، وسير جيشه بحرا وبرا، فلقيهم في البحر أربعون سفينة للروم، فاقتلوا أشد قتال وهزم الله الروم واستولى المسلمون على عشر سفن، فلما حل الشتاء سير سرية إلى قَصْرِيَانَّة، فخربوا ما حولها وأسروا عددا من الروم، فأخبر أحد الأسرى عن مكان سري يمكن منه فتح المدينة، فانطلق منه المسلمون، ووضعوا السيف في الروم وفتحوا الأبواب لبقية الجند، ودخلوا المدينة عنوة، وصلوا الصبح فيها، وبنى فيها مسجدا، ونصب منبرا، وخطب فيه يوم الجمعة، وقتل من وجد فيها من المقاتلة، وأصابوا فيها ما يعجز الوصف عنه، وذل الشرك يومئذ بصِقِلِّيَّة ذلا عظيما، فلما سمع الروم بذلك أرسل ملكهم بطريقا من القسطنطينية في ثلاثمائة سفينة وعسكر كثير، فقاتلهم المسلمون وهزموهم، وركب الروم في مراكبهم هاربين، وغنم المسلمون منهم مائة سفينة، وكثر القتل فيهم.

اسم المعركة

فتح قَصْرِيَانَّة.

وقتها

ذكره أهل السير والمغازي من أحداث سنة أربع وأربعين ومائتين من الهجرة 244ه /858م، في شوال، في خلافة المتوكل جعفر بن محمد المعتصم العباسي. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (6 /136)، "تاريخ الإسلام" للذهبي (10 /473)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 97).

موقعها

فتح المسلمون قَصْرِيَانَّة. قال الحموي: «اسم لمدينة كبيرة بجزيرة صقليّة على سنّ جبل يشتمل سورها على زروع وبساتين وعيون ومياه». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (4 /365). وقال الحميري: «من أعظم مدائن الروم بصِقِلِّيَّة وأكثرها جمعاً فتحها العباس بن يزيد بن الفضل العامل بصِقِلِّيَّة لأبي إبراهيم أحمد بن محمد بن الأغلب صاحب القيروان...، ولم يكن للروم في تلك النواحي أكبر منها ولا أوسع ولا أكثر قمحاً». "الروض المعطار" للحميري (ص 475- 476).

الطرف الأول

جيش المسلمين بقيادة أمير صِقِلِّيَّة العباس بن الفضل بن يعقوب.

سببها

كان السبب في فتح قَصْرِيَانَّة هو رغبة المسلمين في نشر الإسلام، وامتداد للفتوحات الإسلامية على جزيرة صقلية في الأندلس. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (6 /136)، "تاريخ الإسلام" للذهبي (10 /473)، "تاريخ ابن خلدون" (4 /258)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 97).

أحداثها

وقد ذكر فتح هذه المدينة باختصار في معرض الحديث عن فتح صِقِلِّيَّة، وقد دارت معارك قوية وكبيرة في صِقِلِّيَّة، منها المعارك التي أدت إلى فتح صِقِلِّيَّة، كان الفتح في شوال سنة أربع وأربعين ومائتين للهجرة، وكان قائد المسلمين هو العباس بن الفضل بن يعقوب، الذي تولى إمارة صِقِلِّيَّة سنة ستة وثلاثين ومائتين للهجرة، والذي استمر مجاهدا منذ ولايته وحتى وفاته سنة سبعة وأربعين ومائتين للهجرة، وقد دأب هذا القائد على شن الغارات على الروم فيما تبقى من قلاع وحصون ومدن في صِقِلِّيَّة، ولم ينقطع لا في الصيف ولا في الشتاء، وفتح قلاعا وحصونا كثيرة، ثم حاصر سرقوسة وانزل الدمار في ارضها، وفي سنة أربع وأربعين ومائتين للهجرة فتح المسلمون مدينة قَصْرِيَانَّة، وهي المدينة التي كان بها دار الملك بصِقِلِّيَّة، وكان الملك قبلها يسكن سرقوسة، فلما ملك المسلمون بعض الجزيرة تم نقل دار الملك إلى قَصْرِيَانَّة لحصانتها. فسار العباس في جيوش المسلمين إلى مدينة قَصْرِيَانَّة وسرقوسة، وسير جيشا في البحر، فلقيهم أربعون سفينة للروم، فاقتتلوا أشد قتال، فانهزم الروم، وأخذ منهم المسلمون عشر سفن برجالها، وعاد العباس إلى مدينته. فلما كان الشتاء سير سرية، فبلغت قَصْرِيَانَّة، فنهبوا، وخربوا، وعادوا ومعهم رجل كان له عند الروم قدر ومنزلة، فأمر العباس بقتله، فقال: استبقني، ولك عندي نصيحة! قال: وما هي؟ قال: أملكك قَصْرِيَانَّة، والطريق في ذلك أن القوم في هذا الشتاء وهذه الثلوج آمنون من قصدكم إليهم، فهم غير محترسين، ترسل معي طائفة من عسكركم حتى أدخلكم المدينة. فانتخب العباس ألفي فارس أنجاد، أبطال، وسار إلى أن قاربها، وكمن هناك مستترا، وسير عمه رباحا في شجعانهم، فساروا مستخفين في الليل، والرومي معهم مقيد بين يدي رباح، فأراهم الموضع الذي ينبغي أن يملك منه، فنصبوا السلاليم، وصعدوا الجبل، ثم وصلوا إلى سور المدينة، قريبا من الصبح، والحرس نيام، فدخلوا من نحو باب صغير فيه، يدخل منه الماء وتلقى فيه الأقذار، فدخل المسلمون كلهم، فوضعوا السيف في الروم، وفتحوا الأبواب. وجاء العباس في باقي العسكر، فدخلوا المدينة وصلوا الصبح يوم الخميس منتصف شوال، وبنى فيها في الحال مسجدا، ونصب فيه منبرا، وخطب فيه يوم الجمعة، وقتل من وجد فيها من المقاتلة، وأخذوا ما فيها من بنات البطارقة بحليهن وأبناء الملوك، وأصابوا فيها ما يعجز الوصف عنه، وذل الشرك يومئذ بصِقِلِّيَّة ذلا عظيما. ولما سمع الروم بذلك أرسل ملكهم بطريقا من القسطنطينية في ثلاثمائة شلندي وعسكر كثير، فوصلوا إلى سرقوسة، فخرج إليه العباس من المدينة، ولقي الروم وقاتلهم، فهزمهم، فركبوا في مراكبهم هاربين، وغنم المسلمون منهم مائة شلندي، وكثر القتل فيهم، ولم يصب من المسلمين ذلك اليوم غير ثلاثة نفر بالنشاب. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (6 /136- 137)، "تاريخ ابن خلدون" (4 /258)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 97- 98).

نتيجتها

كان النصر حليف المسلمين، وانهزم الروم، ودخل المسلمون مدينة قَصْرِيَانَّة عنوة، ووضعوا السيف في الروم وقاتلوهم، وصلى العباس والمسلمون الصبح فيها، وبنى فيها مسجدا، ونصب منبرا، وخطب فيه يوم الجمعة، وقتل من وجد فيها من المقاتلة، وأخذوا ما فيها من بنات البطارقة بحليهن وأبناء الملوك، وأصابوا فيها ما يعجز الوصف عنه، وذل الشرك يومئذ بصِقِلِّيَّة ذلا عظيما. لما سمع الروم بهلاك أهل قَصْرِيَانَّة أرسل ملكهم بطريقا من القسطنطينية في ثلاثمائة سفينة وعسكر كثير، فقاتلهم المسلمون وهزموهم، وركب الروم في مراكبهم هاربين، وغنم المسلمون منهم مائة سفينة، وكثر القتل فيهم.