البحث

عبارات مقترحة:

الشاكر

كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

العفو

كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...

الجميل

كلمة (الجميل) في اللغة صفة على وزن (فعيل) من الجمال وهو الحُسن،...

استيلاء الروم على حلب

وفي سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة للهجرة سار الدُّمُسْتُق إلى ضواحي حلب، ولم يشعر به المسلمون، وكَبَس أهل حلب، ولما علم سيف الدولة الحمداني بذلك استعجل قبل أن يجمع القوة والعسكر، فلم يكن له قوة الصبر لقلة من معه، فقُتِل أكثرهم، وانهزم سيف الدولة في نفر يسير، وظفر الدُّمُسْتُق بدار سيف الدولة وغنم ما فيها، ثم سار حتى حاصر المدينة، فقاتله أهلها، وهدم الروم في السور ثلمة، فقاتلهم أهل حلب عليها، ثم انشغل أهل حلب بنهب الأموال فيما بينهم، فلما رأى الروم الفتنة قائمة في البلد بين أهله، والسور خال من الناس نزلوا منها وفتحوا الأبواب، ودخلوا البلد بالسيف يقتلون من وجدوا، ثم خلّصوا الأسارى، وأخذوا السلاح وقتلوا الناس، وغنموا ما لا يوصف كثرة، ثم أحرقوا ما لم يقدروا على حمله، وأحرقوا المساجد، واعتصم الناس بالقلعة، ووقع في الأسر الآلاف، ثم ألقي حجر على ابن أخت الدُّمُسْتُق فقتله، فانتقم الدُّمُسْتُق من الأسرى وقتل الرجال.

اسم المعركة

استيلاء الروم على مدينة حَلَب.

وقتها

ذكره أهل السير والمغازي من أحداث سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة من الهجرة 351ه /962م، في خلافة عبد الرحمن الناصر لدين الله أمير قرطبة. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (11 /394)، "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (14 /104)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (7 /237)، "تاريخ الإسلام" للذهبي (8 /7)، "تاريخ ابن خلدون" (4 /303)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 102).

موقعها

استولى الروم على مدينة حَلَب. قال الحموي: «مدينة عظيمة واسعة كثيرة الخيرات طيبة الهواء صحيحة الأديم والماء، وهي قصبة جند قنّسرين في أيامنا هذه». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (2 /282). وقال الحميري: «مدينة بالشام، بينها وبين قنسرين اثنا عشر ميلاً، وسميت بحلب رجل من العمالقة، وهي مدينة عظيمة مسورة بحجارة بيض، ونهر قويق يجري على بابها، وفي جانبها قلعة منيعة بها مقام أميرها، ولها سبعة أبواب، منها باب الجنان وباب أربعين وباب أنطاكية وباب قنسرين وباب اليهود وباب الفراديس والباب الشرقي، ومسجد جامعها داخل المدينة، وأغلب أسواق حلب مسقف...، لها قلعة شهيرة الامتناع، معدومة الشبيه والنظير في القلاع...، وعليها سوران دونهما خندق لا يكاد البصر يبلغ مدى عمقه، وبالجملة القلعة مشهورة بالحصانة والحسن، وأبراج سور البلد كثيرة جداً وأبراجها كلها مسكونة وكلها طيقان وداخلها المساكن السلطانية والمنازل الرفيعة، والبلد حفيل الترتيب بديع الحسن واسع الأسواق وكلها مسقفة بالخشب فهي في ظلال وارفة، وقيساريتها حديقة بستان نظافة وجمالاً مطيفة بجامعها، وجامعها من أحسن الجوامع وأجملها، وفي صحنه بئران معينان...، الخ». "الروض المعطار" للحميري (ص 196- 197).

الطرف الأول

جيش المسلمين بقيادة سيف الدولة بن حمدان.

الطرف الثاني

جيش الروم بقيادة ملكهم الدُّمُسْتُق.

سببها

وكان سبب تحرك المسلمين لمواجهة الروم أن الدُّمُسْتُق سار إلى حلب، ولم يشعر به المسلمون، لأنه كان قد خلّف عسكره بقيسارية ودخل بلادهم، فلما قضى صوم النصارى، خرج إلى عسكره من البلاد جريدة، ولم يعلم به أحد، وسار بهم عند وصوله، فسبق خبره، وكَبَس مدينة حلب، ولم يعلم به سيف الدولة الحمداني ولا غيره، فلما بلغ حلب وعلم سيف الدولة الخبر أعجله الأمر. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (11 /394)، "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (14 /104)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (7 /237)، "تاريخ الإسلام" للذهبي (8 /7)، "تاريخ ابن خلدون" (4 /303)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 102).

أحداثها

من المعارك التي كانت بين سيف الدولة الخمداني والروم معركة الاستيلاء على حلب، وكانت نصرا سجله الدُّمُسْتُق بعد هزائمه المتكررة على سيف الدولة، وفاقت في خسائرها ما خسره الروم في مواقع كثيرة. زحف الدُّمُسْتُق بجيوشه يدمر امامه كل شيء، حتى وصل إلى قيسارية، فنرك معظم جيشه بها واتى بجزء منه، وبلغ ضواحي حلب وكَبَس أهلها، ولما علم سيف الدولة بذلك أعجله الأمر عن الجمع والاحتشاد، فخرج إليه فيمن معه فقاتله، فلم يكن له قوة الصبر لقلة من معه، فقُتِل أكثرهم، ولم يبق من أولاد داود بن حمدان أحد، قُتِلوا جميعهم، وانهزم سيف الدولة في نفر يسير، وظفر الدُّمُسْتُق بداره، وكانت خارج مدينة حلب، تسمى الدارين، فوجد فيها لسيف الدولة ثلاثمائة بدرة من الدراهم، وأخذ له ألفا وأربعمائة بغل، ومن خزائن السلاح ما لا يحصى، فأخذ الجميع، وخرب الدار، وملك الحاضر، وحصر المدينة، فقاتله أهلها، وهدم الروم في السور ثلمة، فقاتلهم أهل حلب عليها، فقُتِل من الروم كثير، ودفعوهم عنها، فلما جنّ عليهم الليل عمروها، فلما رأى الروم ذلك، تأخروا إلى جبل جوشن. ثم إن أهل خلب والشرطة بحلب بدلا من متابعة العدو لدحره بعيدا عن خلب قاموا بنهب بعضهم بعضا، وقصدوا منازل الناس، وخانات التجار لينهبوها، فلحق الناس أموالهم ليمنعوها، فخلا السور منهم، فلما رأى الروم السور خاليا من الناس قصدوه وقربوا منه، فلم يمنعهم أحد، فصعدوا إلى أعلاه، فرأوا الفتنة قائمة في البلد بين أهله، فنزلوا وفتحوا الأبواب، ودخلوا البلد بالسيف يقتلون من وجدوا، ولم يرفعوا السيف إلى أن تعبوا وضجروا. وكان في حلب ألف وأربعمائة من الأسارى فخلّصوهم، وأخذوا السلاح وقتلوا الناس، وسبي من البلد بضعة عشر ألف صبي وصبية، وغنموا ما لا يوصف كثرة، فلما لم يبق مع الروم ما يحملون عليه الغنيمة أمر الدُّمُسْتُق بإحراق الباقي، وأحرق المساجد، وكان قد بذل لأهل البلد الأمان على أن يسلموا إليه ثلاثة آلاف صبي وصبية ومالا ذكره وينصرف عنهم، فلم يجيبوه إلى ذلك، فملكهم، وكان عدة عسكره مائتي ألف رجل، منهم ثلاثون ألف رجل بالجواشن، وثلاثون ألفا للهدم، وإصلاح الطرق من الثلج، وأربعة آلاف بغل يحمل الحسك الحديد. ولما دخل الروم البلد، قصد الناس القلعة، فمن دخلها نجا بحشاشة نفسه، وأقام الدُّمُسْتُق تسعة أيام، وأراد الانصراف عن البلد بما غنم، فقال له ابن أخت الملك، وكان معه: هذا البلد قد حصل في أيدينا، وليس من يدفعنا عنه، فلأي سبب ننصرف عنه؟ فقال الدُّمُسْتُق: قد بلغنا ما لم يكن الملك يؤمله، وغنمنا وقتلنا وخربنا وأحرقنا وخلصنا أسرانا، وبلغنا ما لم يسمع بمثله، فتراجعا الكلام إلى أن قال له الدُّمُسْتُق: انزل على القلعة فحاصرها، فإنني مقيم بعسكري على باب المدينة، فتقدم ابن أخت الملك إلى القلعة، ومعه سيف وترس، وتبعه الروم، فلما قرب من باب القلعة ألقي عليه حجر فسقط، ورمي بخشب فقتل، فأخذه أصحابه وعادوا إلى الدُّمُسْتُق، فلما رآه قتيلا قتل من معه من أسرى المسلمين، وكانوا ألفا ومائتي رجل، وعاد إلى بلاده، ولم يعرض لسواد حلب، وأمر أهله بالزراعة والعمارة ليعود إليهم بزعمه. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (11 /394)، "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (14 /104)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (7 /237- 239)، "تاريخ الإسلام" للذهبي (8 /7)، "تاريخ ابن خلدون" (4 /303- 305)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 102).

نتيجتها

ألحق الدُّمُسْتُق بسيف الدولة والمسلمين من أهل حلب الهزيمة، وظفر الدُّمُسْتُق بدار سيف الدولة، وغنم ما فيها، ثم حاصر المدينة، فقاتله أهلها، وهدم الروم في السور ثلمة، فقاتلهم أهل حلب عليها، ثم انشغل أهل حلب بنهب الأموال فيما بينهم، فلما رأى الروم الفتنة قائمة في البلد بين أهله، والسور خال من الناس نزلوا منها وفتحوا الأبواب، ودخلوا البلد بالسيف يقتلون من وجدوا. خلّص الروم من بايدي المسلمين من الأسارى، وغنموا ما لا يوصف كثرة، ثم أحرقوا ما لم يقدروا على حمله، وأحرقوا المساجد، واعتصم الناس بالقلعة، ووقع في الأسر الآلاف، ثم ألقي حجر على ابن أخت الدُّمُسْتُق فقتله، فانتقم الدُّمُسْتُق من الأسرى وقتل الرجال.