البحث

عبارات مقترحة:

المحسن

كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...

القوي

كلمة (قوي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من القرب، وهو خلاف...

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

فتح القسطنطينية

جهز السلطان محمد الثاني قواته ل فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة الكبرى، وساق إليها السفن والجنود برّا وبحرا من جهة الخليج الواقع شمال البلد من طرف مدينة غَلَطَة ، وهجم عليها بجنوده وأبطاله، وأقدم عليها بخيوله ورجاله، وضيّق على من فيها من النصارى الكفّار، و شرع المسلمون في القتال والحصار من جهة البرّ والبحر، وحاصرها خمسين يوما أشد الحصار، حتى تم له النصر، وخضعت له المدينة، وفتح اسطنبول في اليوم الحادي والخمسين من أيام محاصرته، وهو يوم الأربعاء العشرون من جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وثمانمائة، ومات قائد الروم قُسْطَنْطِين في المعركة، وبعد الفتح جعلت الْقُسْطَنْطِينِيَّة عاصمة للدولة العثمانية، ودخل السلطان المدينة ، وصلى في أكبر كنائس النصارى آيا صوفيا صلاة الجمعة، وأقر النصارى على دينهم وعلى نصف كنائسهم، وأخذ منهم الخراج، و بعدما بلغ أهل القلاع فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة بعثوا إلى السلطان بمفتاح قلاعهم، هيبة ورهبة، ثم تابع السلطان في فتوحات ما حوله من البلاد.

اسم المعركة

فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة.

وقتها

ذكره أهل السير والمغازي من أحداث سنة سبع وخمسين وثمانمائة من الهجرة 857 ه /1453م، في اليوم الحادي والخمسين من أيام محاصرة الْقُسْطَنْطِينِيَّة ، وهو يوم الأربعاء العشرون من جمادى الآخرة ، في خلافة السلطان محمد الثاني العثماني. انظر: "تاريخ ابن خلدون" (5 /478)، "شذرات الذهب" لابن العماد الحنبلي (9 /516)، "موجز التاريخ الإسلامي" لأحمد العسيري (ص 329)، "نزهة الأنظار" لمحمد مقديش (2 /26).

موقعها

الْقُسْطَنْطِينِيَّة. «مدينة يونانية قديمة بنيت في القرن السابع قبل الميلاد على مضيق البوسفور، ثم أضحت عاصمة الدولة البيزنطية أو الدولة الرومانية الشرقية، وسميت قسطنطينية نسبة إلى الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول، الذي جدد بنائها سنة 324م، وانتقل من مدينة روما إليها واتخذها مقرا له. حاصرها العرب عدة مرات ولم يتمكنوا من فتحها لمناعة حصونها. وكان العرب يسمون أقاليم الدولة البيزنطية في جملتها بلاد الروم، ثم اختصر اسم بلاد الروم إلى الروم، ومن ثم صار اسم الروم اسما لآسية الصغرى عند العرب، وتعرف باسم شبه جزيرة الأناضول التي انتقلت في المئة الخامسة للهجرة (الحادية عشرة للميلاد) إلى أيدي المسلمين باستيلاء السلاجقة عليها. ولم يستطع السلاجقة من فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة إلى أن انتقل الحكم إلى العثمانيين فتمكن السلطان محمد الثاني من فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة سنة 1453 م، ومن أجل ذلك لقب بالسلطان الفاتح، واتخذها ملوك بني عثمان عاصمة لهم حتى سقوط دولتهم سنة 1922 م، وانتقال الحكم إلى الدولة الحديثة التي أنشأها مصطفى كمال أتاتورك. كانت الْقُسْطَنْطِينِيَّة في جميع العهود مركزا دينيا وثقافيا عظيما كما أنها مرفأ تجاري كبير، وظلت بعد انتقال العاصمة منها إلى أنقرة أكبر مدينة في تركيا وأعظمها أهمية». "تعريف بالاماكن الواردة في البداية والنهاية" (2 /214).

الطرف الأول

جيش المسلمين بقيادة السلطان محمد الثاني الفاتح.

الطرف الثاني

جيش العدو بقيادة قُسْطَنْطِين آخر ملوك الروم.

سببها

وسبب هذه المعركة رغبة السلطان العثماني محمد الثاني في توسيع دائرة الفتوحات الإسلامية، وتتميم فتح ما بقي من بلاد البلقان ومدينة الْقُسْطَنْطِينِيَّة، حتى تكون جميع أملاكه متصلة لا يتخللها عدو مهاجم او صديق منافق. انظر: "تاريخ الدولة العلية العثمانية" لمحمد فريد (ص 160)، "نزهة الأنظار" لمحمد مقديش (2 /26).

أحداثها

لما تولى محمد الثاني الملك بعد أبيه لم يكن بآسيا الصغرى خارجا عن سلطانه إلا جزء من بلاد القرمان ومدينة سينوب ومملكة طرابزون الرومية، وصارت مملكة الروم الشرقية قاصرة على مدينة الْقُسْطَنْطِينِيَّة وضواحيها، وكان إقليم موره مجزأ بين البنادقة وعدة إمارات صغيرة يحكمها بعض أعيان الروم او الافرنج الذين تخلفوا عن إخوانهم بعد انتهاء الحروب الصليبية، وبلاد الارنؤد وايبيروس في حمى اسكندر بك، وبلاد البشناق البوسنة مستقلة، والصرب تابعة للدولة العلية تابعية سيادته، وما بقي من شبه جزيرة البلقان داخلا تحت سلطة الدولة العلية. أخذ محمد الثاني يستعد لتتميم فتح ما بقي من بلاد البلقان ومدينة الْقُسْطَنْطِينِيَّة حتى تكون جميع أملاكه متصلة لا يتخللها عدو مهاجم او صديق منافق، والْقُسْطَنْطِينِيَّة من أعظم البلدان وأكثرها أهلا وأمنعها حصنا لإحاطة البحر بها من كلّ جانب إلاّ الطّرف الغربي، وهو طرف يسير، حصّنوه بثلاثة أسوار وعدة خنادق يجري فيها ماء البحر مع ما فيها من المكاحل والمدافع، لكن السلطان قبل التعرض لفتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة أراد أن يحصن بوغاز البوسفور، حتى لا ياأي لها مدد من مملكة طرابزون، وذلك بأن يقيم قلعة على شاطئ البوغاز من جهة أوروبا، تكون مقابلة للحصن الذي أنشأه السلطان بايزيد يلدرم ببر آسيا، فأظهر السّلطان محمّد مسالمة صاحب قُسْطَنْطِينية، وذلك في سنة ست وخمسين وثمانمائة، ثمّ طلب من طرف بلاده أرضا مقدار جلد ثور عيّنها له، فاستقلّ ذلك صاحب قُسْطَنْطِينية، وقال: سبحان الله وما يفعل به! فهو له، فأرسل السّلطان البنّائين والصّناع فاجتازوا الخليج فقدوا جلد الثّور قدّا رقيقا على صورة الخيط، وبسطوه على الأرض على أضيق محل من فم الخليج، فبنوا على المقدار الّذي أحاط به ذلك الجلد سورا منيعا شامخا، وحصنا رفيعا باذخا، فركّب فيه المدافع، ثم بنى في مقابلة ذلك الحصن في بر أناضولي حصنا آخر، وهو طرف بلاده، وشحنهما بالآلات النّارية حتى ضبط فم الخليج، فلم يقدر يسلكه شيء بعد من مراكب بحر نيطس إلى الْقُسْطَنْطِينِيَّة وإلى بحر الرّوم. ولما بلغ ملك الروم هذا الخبر أرسل إلى السلطان سفيرا يعرض عليه دفع الجزية التي يقررها، فرفض طلبه وسعى في إيجاد سبب لفتح باب الحرب، ولم يلبث أن وجد هذا السبب بتعدي الجنود العثمانية على بعض قرى الروم ودفاع هؤلاء عن أنفسهم وقتل البعض من الفريقين. ثمّ ثنى السلطان عزمه إلى مدينة أدرنة، فأمر بإنشاء دار السّعادة الجديدة، فشرعوا في بنائها، ثم أمر بسبك المدافع الكبار وعمل المكاحل لأجل فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة، فأكثروا منها، ثمّ لمّا تكاملت الآلات والأسباب المتعلّقة بالقتال نهض للفتح، وكان قد أنشأ أربعمائة غراب هو وأبوه من قبله، فأرساها عند الحصن الّذي ابتناه على قدر الجلد الموسومة ببقركس، فأمر بتلك الأغربة فسحبت إلى البر، بعد أن جعلت تحتها دواليب تجري عليها كالعجلة، وشحنها بالرّجال والأبطال، ثم أمر بنشر أقلعتها، فنشرت في ريح شديدة موافقة، فساروا في البرّ على هذه الهيئة حتى انصبّوا إلى الخليج الواقع شمال البلد من طرف مدينة غَلَطَة، فامتلأ الخليج من تلك الأغربة، ثم قربوا بعضها من بعض، ثم ربطوها بالسّلاسل، فصارت جسرا ممدودا ومعبرا لطيفا للمسلمين، وكان أهل البلد آمنين من هذه الجهة فلم يحصّنوها، وإنّما كان خوفهم من جهة البرّ والبحر فكانوا حصّنوها، وغفلوا عن هذه الجهة لأمر دبّره الله تعالى، فشرع المسلمون في القتال والحصار من جهة البرّ والبحر. فحاصر السلطان المدينة في أوائل أبريل سنة 1453ه، من جهة البر بجيش يبلغ المائتين وخمسين ألف جندي، ومن جهة البحر بعمارة مؤلفة من مائة وثمانين سفينة، وأقام حول المدينة أربع عشرة بطارية طوبجية مدفعية، وضع بها مدافع جسيمة صنعها صانع مَجَرِي شهير اسمه أُورْبَان، كانت تقذف كرات من الحجر، زنة كل واحدة منها اثنا عشر قنطارا إلى مسافة ميل. وفي أثناء الحصار اكتشف قبر أبي أيوب الأنصاري الذي استشهد حين حصار الْقُسْطَنْطِينِيَّة سنة 52 هـ، في خلافة معاوية بن أبي سفيان الأموي، وبعد الفتح بنى له مسجد جامع، وجرت العادة بعد ذلك أن كل سلطان يتولى يتقلد سيف عثمان الغازي الأول بهذا المسجد، وهذا الاحتفال يعد بمثابة التتويج عند ملوك الفرنج، ولم تزل هذه العادة متبعة حتى الآن. ولما شاهد قُسْطَنْطِين آخر ملوك الروم هذه الاستعدادات استنجد بأوروبا، فلبى طلبه أهالي جنوة، وارسلوا له عمارة بحرية تحت إمرة جوستنياني، وأمدّوهم بجيش عظيم وعدد، فتقووا بذلك فأعيى المسلمسن أمرها، فاتى جوستنياني بمراكبه وأراد الدخول إلى ميناء الْقُسْطَنْطِينِيَّة، فعارضته السفن العثمانية، وانتشرت بينهما حرب هائلة في يوم 11 ربيع الثاني سنة 857ه، انتهت بفوز جوستنياني، ودخوله الميناء بعد أن رفع المحصورون السلاسل الحديدية التي وضعت لمنع المراكب العثمانية من الوصول إليها، ثم أعيدت بعد مروره كما كانت. بعد هذه الهزيمة أخذ السلطان يفكر في طريقة لدخول مراكبه إلى الميناء، لإتمام الحصار برا وبحرا، فخطر بباله فكر غريب في بابه، وهو أن ينقل المراكب على البر ليجتازوا السلاسل الموضوعة لمنعه، وتم هذا الأمر المستغرب بأن مهّد طريقا على البر اختلف في طوله، والمرجح أنه فرسخان أي ستة أميال، ورصت فوقه ألواح من الخشب، صُبّت عليها كمية من الزيت والدهن لسهولة زلق المراكب عليها، وبهذه الكيفية امكن نقل نحو السبعين سفينة في ليلة واحدة، حتى إذا أصبح النهار ونظرها المحصورون أيقنوا أن لا مناص من نصر العثمانيين عليهم، لكن لم تخمد عزائمهم بل ازدادوا اقداما، وصمموا على الدفاع عن أوطانهم حتى الممات. وفي يوم 15 جمادى الأولى سنة 857 ه أرسل السلطان محمد إلى قُسْطَنْطِين يخبره أنه لو سلم البلد اليه طوعا يتعهد له بعدم مس حرية الأهالي أو أملاكهم، وان يعطيه جزيرة مورة، فلم يقبل قُسْطَنْطِين ذلك، بل آثر الموت على تسليم المدينة، فعند ذلك نبه السلطان على جيوشه بالاستعداد للهجوم في يوم 20 جمادى الأول من السنة، ووعد الجيوش بمكافأتهم عند تمام النصر، وبإقطاعهم أراضي كثيرة، وفي الليلة السابقة لليوم المحدد أشعلت الجنود العثمانية الأنوار أمام خيامها، للاحتفال بالنصر المحقق لديهم، وظلوا طول ليلهم يهللون ويكبرون، حتى إذا لاح الفجر صدرت إليهم الأوامر بالهجوم، فهجم مائة وخمسون ألف جندي، وتسلقوا الأسوار حتى دخلوا المدينة من كل فج، وأعملوا السيف فيمن عارضهم، ودخلوا كنيسة القديسة صوفيا، حيث كان يصلي فيها البطريق وحوله عدد عظيم من الاهالي، وقد أرخ بعضهم هذا الفتح المبين بلدة طيبة سنة 857 ه، وسميت المدينة إسلامبول، أي تخت الإسلام أو مدينة الإسلام. أما قُسْطَنْطِين فقاتل حتى مات في الدفاع عن وطنه، وبعد فتح المدينة جعلت عاصمة للدولة، ولن تزال كذلك ان شاء الله. وكان السّلطان محمّد أرسل وزيره أحمد باشا ابن ولي الدّين قبل هذا التاريخ إلى خدمة العارف بالله الشّيخ شمس الدّين آق وإلى خدمة الشيخ آق بيق يدعوهما إلى الجهاد وإلى الحضور معه في فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة، فحضرا وبشّر الشيخ شمس الدّين الوزير بالنّصر، وقال: ستفتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة إن شاء الله تعالى على يد المسلمين في هذا العام، وسيدخلونها من الموضع الفلاني في اليوم الفلاني في هذا العام وقت الضّحوة الكبرى، وأنت تكون واقفا حينئذ عند السّلطان محمد، فبشّر الوزير السّلطان بما بشّر به الشّيخ من خبر الفتح، فلما صار ذلك الوقت الموعود ولم تفتح القلعة حصل للوزير خوف شديد من جهة السّلطان فذهب إلى الشّيخ فمنعوه من الدّخول عليه لأنه أوصى جماعته أن لا يدخلوا عليه أحدا، فرفع الوزير أطناب الخيمة فنظر فإذا الشّيخ ساجد على التّراب ورأسه مكشوف وهو يتضرع ويبكي، فما رفع الوزير رأسه إلاّ وقد رفع الشّيخ رأسه وقام على رجليه وكبّر وقال: الحمد لله الّذي منحنا فتح هذه المدينة، قال الوزير: فنظرت إلى جانب المدينة فإذا العسكر قد دخل بأجمعه ففتح الله ببركة دعائه في ذلك الوقت، وكانت دعوته تخرق السّبع الطّباق. وكان في أيام المحاصرة لمّا حصل الإعياء والفتور من الجند أمر أن ينادى في الناس أن الغنائم كلّها والأموال والدّواب لهم، ويكفيني فتح المدينة، فنشط الناس وذهب كللهم وإعياؤهم. ثم دخل السلطان المدينة عند الظهر، فوجد الجنود مشتغلة بالسلب والنهب وغيره، فاصدر اوامره بمنع كل اعتداء، فساد الأمن حالا، ثم زار كنيسة آيا صوفيا، وأمر بأن يؤذن فيها بالصلاة، إعلانا بجعلها مسجدا جامعا للمسلمين، وبعد تمام الفتح على هذه الصورة أعلن في كافة الجهات بأنه لا يعارض في إقامة شعائر ديانة المسيحيين، بل انه يضمن لهم حرية دينهم وحفظ أملاكهم، فرجع من هاجر من المسيحيين، وأعطاهم نصف الكنائس وجعل النصف الآخر جوامع للمسلمين، ثم جمع أئمة دينهم لينتخبوا بطريقا لهم، فاختاروا جورج سكولاريوس، واعتمد السلطان هذا الانتخاب وجعله رئيسا لطائفة الروم، واحتُفِل بتثبيته بنفس الأبهة والنظام الذي كان يعمل للبطارقة في أيام ملوك الروم المسيحيين، وأعطاه حرسا من عساكر الإنكشارية، ومنحه حق الحكم في القضايا المدنية والجنائية بكافة انواعها المختصة بالروم، وعين معه في ذلك مجلسا مشكلا من أكبر موظفي الكنيسة، واعطى هذا الحق في الولايات للمطارنة والقسوس، وفي مقابلة هذه المنح فرض عليهم دفع الخراج مستثنيا من ذلك أئمة الدين فقط. ولمّا دخل المسلمون الْقُسْطَنْطِينِيَّة أرسل صاحب الغَلَطَة مفاتيح قلعتها، ففتحت ودخل المسلمون، وسارعوا إلى مسجدها القديم الّذي كان بناه مسلمة بن عبد الملك يوم حصارها، وكان الكفّار صيّروه كنيسة لهم. وكان المسلمون قد حاصروا الْقُسْطَنْطِينِيَّة إحدى عشرة مرة قبل هذه المرة الاخيرة، منها سبعة في القرنين الأولين للإسلام، فحاصرها معاوية في خلافة سيدنا علي سنة 34 هـ /654 م، وحاصرها يزيد بن معاوية سنة 47 هـ /667 م في خلافة سيدنا علي أيضا، وحاصرها سفيان بن أوس في خلافة معاوية سنة 52 هـ /672 م، وفي سنة 97 هـ /715 م حاصرها مسلمة في زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز الأموي، وحوصرت أيضا في خلافة هشام سنة 121 هـ /739 م، وفي المرة السابعة حاصرها أحد قواد الخليفة هارون الرشيد سنة 182 هـ /798 م. وبعد إتمام هذه الترتيبات وإعادة ما هدم من أسوار المدينة وتحصينها سافر بجيوشه لفتح بلاد جديدة، فقصد بلاد موره، لكن لم ينتظر اميراها دمتريوس وتوماس اخوا قُسْطَنْطِين قدومه، بل أرسلا إليه يخبرانه بقبولهما دفع جزية سنوية، قدرها اثنا عشر ألف دوكا، فقبل ذلك السلطان، وغير وجهته قاصدا بلاد الصرب، فاتى هونياد الشجاع المجري، ورد عنهم مقدمة الجيوش العثمانية، لكن لم يرغب الصرب في مساعدة المجر لهم لاختلاف مذهبهم، حيث كان المجر كاثوليك تابعين لبابا روما، والصرب ارثوذكس لا يذعنون لسلطة البابا، بل كانوا يفضلون تسلط المسلمين عليهم، لما رأوه من عدم تعرضهم للدين مطلقا، ولذلك ابرم امير الصرب الصلح مع السلطان محمد الثاني على ان يدفع له سنويا ثمانين ألف دوكا، وذلك في سنة 1454ه. وفي هذه السنة بعث أهل سلوري وهي من أمنع الحصون وأحسنها موقعا بمفتاح قلعتها، وكذلك بمفتاح قلعة برغوس بقرب أدرنة، وسلك هذا المسلك كثير من أهل القلاع بعد ما بلغهم فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة. انظر: "تاريخ الدولة العلية العثمانية" لمحمد فريد (ص 160- 168)، "نزهة الأنظار" لمحمد مقديش (2 /26- 29).

نتيجتها

كان فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة من أعظم فتوح الإسلام الجليلة، وكم رامه من الخلفاء والملوك، وصرفوا هممهم وبذلوا أموالهم، وأفنوا أعمارهم وعساكرهم، فما نالوه، وحبى الله به السّلطان محمد الثاني الفاتح.