البحث

عبارات مقترحة:

الخبير

كلمةُ (الخبير) في اللغةِ صفة مشبَّهة، مشتقة من الفعل (خبَرَ)،...

المتين

كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...

صفة المعية

صفة المعية من صفات الله عز وجل، قيل معناها يرجع إلى العلم والإحاطة، وقيل هي معية حقيقية له سبحانه، ولا يلزم منها الاختلاط أو الحلول، بل تثبت لله إذ أثبتها لنفسه بما يليق به جل جلاله. وهي ثابتة له عز وجل بالكتاب والسنة، وعليها إجماع سلف الأمة، وقد خالف فيها الجهمية وبعض المعتزلة فقالوا بأن الله في كل مكان بذاته وحاشا لله.

التعريف

التعريف لغة

المعيّة مصدر صناعيٌّ مشتق من كلمة (مع) وهي من الظروف، وتدل على المصاحبة، قال ابن فارس في معناها: «وهي كلمة مصاحبة؛ يقال: هذا مع ذاك» "المقاييس" (5 /273).

التعريف اصطلاحًا

هي صفة من صفات الله تعالى، تعني أن الله عز وجل، مع خلقه بعلمه، فهو محيط بهم عليم بما يفعلون، وهذا هو تفسير أكثر أهل العلم لها، وذهب ابن تيمية إلى أن المعنى أنه سبحانه مع خلقه حقيقةً، وهي معيّة تليق به سبحانه، ولا يلزم منها المخالطة، وهو مع أوليائه بالنصر والحفظ. انظر "مجموع الفتاوى" (3/296). والمعية باعتقاد أهل السنة والجماعة معيّة حقيقية، وهو فوق سماواته، ولا يستحيل ذلك على الله، ولكن يستحيل على خلقه. "معجم ألفاظ العقيدة" لعامر فالح (ص279). وللمعية نوعان: عامة وخاصة، فالعامة راجعة إلى معنى العلم والإحاطة، والخاصة ترجع إلى معانٍ يحددها السياق، قال الشيخ خالد المصلح: «واعلم أن المعية الثابتة له سبحانه وتعالى نوعان : معية عامة ومعية خاصة، المعية العامة مقتضاها وحكمها أنه سبحانه وتعالى بكل شيء عليم، وهو جل وعلا على كل شيء قدير، وهو سبحانه وتعالى على كل شيء شهيد، هذا مقتضى المعية العامة، أما المعية الخاصة فمقتضاها يعينه السياق، ويدل عليه الموضع الذي وردت فيه، فالمعية ترد في مواضع، ويدل على معناها السياق في الموضع الذي وردت فيه؛ ولذلك لا تستغرب أن تكون في موضع المراد بها التهديد، وفي موضع المراد بها النصر والتأييد، وفي موضع يراد بها المعنى العام وهو الاطلاع والعلم وعدم خفاء حال الإنسان» " شرح العقيدة الواسطية" (10/7).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

ما جاء في الاصطلاح موافق لما في أصل اللغة، إلا أن المعنى الثابت لله ليس فيه معنى الامتزاج والاختلاط.

الأدلة

القرآن الكريم

صفة المعية في القرآن الكريم
معية الله ثابتة بكتابه الكريم، وذلك في مواضع عدة، منها ما فيه إثبات المعية الخاصة، ومنها ما يثبت المعية العامة: فمن المعية العامة قوله تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ [الحديد: 4]، وقوله تعالى: ﴿وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾ [المجادلة: 7]. ومن المعية الخاصة قوله تعالى: ﴿لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: 40]، وقوله سبحانه: ﴿قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: 62]، وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾ [النحل: 128] وهي معية التأييد والنصر والتوفيق والإرشاد.

السنة النبوية

صفة المعية في السنة النبوية
صفة المعية ثابتة لله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي الذي رواه أبو هريرة عن النبي ، قال: «يقولُ اللَّهُ تعالى أنا عندَ ظنِّ عبدي بي وأنا معَه إذا ذَكرني وإن تقرَّبَ منِّي شِبرًا تقرَّبتُ منهُ ذِراعًا وإن تقرَّبَ منِّي ذِراعًا تقرَّبتُ منهُ باعًا وإن أتاني يمشي أتيتُه هرولَةً». البخاري (7537) ومسلم (2675). ومنها حديث أبي بكر رضي الله عنه، قال: «قلتُ للنبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ونحنُ في الغارِ: لو أنَّ أحدهم –يعني المشركينَ - رفع قدميهِ لأبصرنا ! فقال : يا أبا بكرٍ ما ظَنُّكَ باثنينِ اللهُ ثالثهما» البخاري (3653)، ومسلم (2381).

الإجماع

صفة المعية ثابتة لله تعالى بالإجماع، قال ابن تيمية رحمه الله: «وقد دخل فيما ذكرناه من الإيمان بالله : الإيمان بما أخبر الله به في كتابه، وتواتر عن رسوله ، وأجمع عليه سلف الأمة من أنه سبحانه فوق سمواته على عرشه، علي على خلقه، وهو سبحانه معهم أينما كانوا». "مجموع الفتاوى" (3/142).

أقوال أهل العلم

«ولم يكن أصحاب النبي يفهمون من هذه النصوص غير المعنى الصحيح المراد بها، يستفيدون بذلك معرفة عظمة الله وجلاله واطلاعه على عباده وإحاطته بهم وقربه من عابديه وإجابته لدعائهم، فيزدادون به خشية لله وتعظيما وإجلالا ومهابة ومراقبة واستحياء ويعبدونه كأنهم يرونه، ثم حدث بعدهم من قل ورعه وانتكس فهمه وقصده، وضعفت عظمة الله وهيبته في صدره وأراد أن يرى الناس امتيازه عليهم بدقة الفهم وقوة النظر، فزعم أن هذه النصوص تدل على أن الله بذاته في كل مكان كما حكى ذلك طوائف من الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم، تعالى عما يقولون علوًّا كبيرًا. .. فقال من قال من علماء السلف حينئذ إنما أراد أنه معهم بعلمه وقصدوا بذلك إبطال ما قال أولئك مما لم يكن أحد قبلهم قاله ولا فهمه من القرآن» ابن رَجَب "فتح الباري" لابن رجب (2/331)
«وأنه فوق عرشه المجيد بذاته، وأنه في كل مكان بعلمه». السوالاتي ابن أبي زيد القيرواني
«الإيمان بأن الله على عرشه كما شاء، وأنه عالم بكل مكان، وأن الله يقول، ويخلق، فقوله كن ليس بمخلوق» بِشْر الحافي الذهبي في "العلو" (ص127)

مذاهب المخالفين

خالف في هذه الصفة بعض المعتزلة، والعبّاد والمتصوِّفة من الجهمية فقالوا بأن الله عز وجل بذاته في كل مكان، مستدلين بقوله تعالى: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾ [المجادلة: 7] وقوله: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ [الحديد: 4] والرد عليهم بما يلي: أوًلا: أنه مخالف لظواهر النصوص من الكتاب والسنة، ومخالف لإجماع سلف الأمة رحمهم الله. ثانيًا: أنّ الآية التي استدلوا بها لا تدل على ذلك، لأن المعية لا تستلزم الحلول في المكان، ألا ترى إلى قول العرب: القمر معنا، ومحله في السماء؟ ويقول الرجل: زوجتي معي، وهو في المشرق وهي في المغرب؟ ويقول الضابط للجنود: اذهبوا إلى المعركة وأنا معكم، وهو في غرفة القيادة وهم في ساحة القتال؟ فلا يلزم من المعية أن يكون الصاحب في مكان المصاحَب أبدًا، والمعية يتحدد معناها بحسب ما تضاف إليه، فنقول أحيانا: هذا لبن معه ماء، وهذه المعية اقتضت الاختلاط، ويقول الرجل متاعي معي، وهو في بيته غير متصل به، ويقول إذا حمل متاعه معه: متاعي معي وهو متصل به. فهذه كلمة واحدة لكن يختلف معناها بحسب الإضافة، فبهذا نقول: معية الله عز وجل لخلقه تليق بجلاله سبحانه وتعالى، كسائر صفاته، فهي معية تامة حقيقية، لكن هو في السماء. ثالثًا: إذا قلنا إن الله معنا في كل مكان، فهذا يلزم عليه لوازم باطلة، فيلزم عليه: إما التعدد أو التجزُّؤ، وهذا لازم باطل بلا شك، وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم. ويلزم من كونه معنا في الأمكنة أن يزداد بزيادة الناس، وينقص بنقص الناس، ويلزم منه أيضًا عدم تنزيهه عن المواضع القذرة، فإذا قيل: إن الله معك وأنت في الخلاء فيكون هذا أعظم قدح في الله عز وجل. انظر "شرح الواسطية" لابن عثيمين (ص176-177).