البحث

عبارات مقترحة:

الرب

كلمة (الرب) في اللغة تعود إلى معنى التربية وهي الإنشاء...

القوي

كلمة (قوي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من القرب، وهو خلاف...

الأعلى

كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...

صفة الغضب

هي صفة من صفات الله تعالى الفعلية الخبرية الثابتة لله في الكتاب والسنة. وهو غضب يليق بجلاله وعظمته، من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه بالمخلوقين. وخالف فيها المتكلمون، فجعلها الجهمية والمعتزلة مخلوقًا من مخلوقات الله، وأوَّلها الأشاعرة بإرادة الانتقام.

التعريف

التعريف لغة

الغضب في اللغة مصدر من الفعل غَضِبَ يغْضَبُ، قال ابن فارس في معناها: «الغين والضاد والباء أصل صحيح يدل على شِدَّة وقُوَّة»، ثم قال: «قالوا: ومنه اشتُقَّ الغضب، لأنه اشتدادُ السُّخْط. يقال: غَضِب يَغْضَبُ غَضَبًا، وهو غضْبانُ وغَضُوْب» "المقاييس" (4 /428)

التعريف اصطلاحًا

هي صفة من صفات الله تعالى الفعلية، الخبرية، الثابتة له سبحانه في الكتاب والسنة. والغضب الثابت لله يليق بجلاله وعظمته، من غير تكييف ولا تشبيه، ومن غير صرف لمعناها الحقيقي. وهي صفة قديمة الجنس، متجددة الآحاد والأفراد، فالله يبغض من يشاء من عباده ممن يستحق البغض، ويسخط عليه إذا فعل ما يوجب ذلك. انظر "شرح العقيدة الواسطية" للعميري (1 /401-402)، و"معجم ألفاظ العقيدة" لعامر فالح (ص295).

الأدلة

القرآن الكريم

صفة الغضب في القرآن الكريم
ثبتت صفة الغضب لله تعالى في مواضع عديدة في كتاب الله عز وجل، من ذلك: ما جاء بصيغة المصدر كقوله تعالى: ﴿وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [النور: 9]، وقوله جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ الله عَلَيْهِمْ﴾ [الممتحنة: 13]. ومنها ما جاء بصيغة الفعل كقوله سبحانه: ﴿كلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى﴾ [طه: 81] وهي صفة فعلية تتعلق بالمخلوقين، فقد قال عز وجل: ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: 7]

السنة النبوية

صفة الغضب في السنة النبوية
ثبتت صفة الغضب في سنة النبي في مواضع عدة، منها: حديث الشفاعة الطويل المشهور، الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه، وقد تكرّر فيه قول الأنبياء عندما يأتيهم الناس يستشفعونهم: «إِنَّ ربِّي قَدْ غَضِبَ اليومَ غضبًا لَمْ يَغْضَبْ قبْلَهُ مثلَهُ ، وَلَنْ يغْضَبَ بَعْدَهُ مثلَهُ». البخاري (3340)، ومسلم (194). وجاءت في حديث أبي هريرة أيضًا، عن النبي : «لَمّا قَضى اللهُ الخَلْقَ، كتَبَ كِتابًا، فهو عِندَه فَوقَ العَرشِ: إنَّ رَحمَتي غلَبَتْ غَضَبي» البخاري (3194) ومسلم (2751).

أقوال أهل العلم

«لا يُوصَف الله تعالى بصِفَات المخلوقين، وغضَبُه ورضاه صِفَتان من صفاته بلا كيف، وهو قول أهل السُّنة والجماعة، وهو يَغْضب ويَرضى، ولا يُقال: غضَبُه عقُوبتُه، ورِضاه ثوابُه، ونَصِفُه كما وصَف نفْسَه؛ أحَدٌ صمَدٌ، لم يلد ولم يُولَد، ولم يكن له كفُؤًا أحد، حيٌّ قادر، سميع بصير، عالم، يَدُ الله فوق أيديهم ليست كأيدي خلْقِه، ووَجْهه ليس كوجوه خلقه» أبو حنيفة اعتقاد الأئمة الأربعة" للخميس (ص9)
«والعذاب إنما ينشأ من صفة غضبه، وما سُعِّرت النار إلا بغضبه» ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "حادي الأرواح" (ص409)
«قال علماؤنا: يوصف الله بالغضب، ولا يوصف بالغيظ». قِوَام السُّنَّة الحجة في بيان المحجة" (2/457)
«ولهذا إننا نصف الله تعالى بالغضب، ولا نصفه بالحرد، وهما واحد، لأن الغضب نطق به القرآن، فقلنا كما قال، والحرد ليس ينطق به القرآن، ولم يذكره رسول الله ، فلهذا لم يجز أن يوصف الله تعالى به». ابن الحَنْبَلي "الرسالة الواضحة" (ص512).

مذاهب المخالفين

ذهب النفاة إلى أن المراد بالغضب غليان دم القلب عند حرارة الغيظ لإرادة الانتقام للمغضوب عليه. انظر "الأسماء والصفات" للبيهقي (2/477)، "إيضاح الدليل" لابن جماعة (ص139). والجواب من وجوه: الوجه الأول: أن الغضب غير الانتقام، فإن الانتقام إنما هو نتيجة الغضب، كما نقول أن الإثابة هي نتيجة الرضى، فالله سبحانه وتعالى يسخط على هؤلاء القوم ويغضب عليهم ثم ينتقم منهم. وما ذكروه من أن الغضب يكون لقصد الانتقام فليس بصحيح في حقنا؛ بل الغضب قد يكون لدفع المنافي قبل وجوده، فلا يكون هناك انتقامٌ أصلًا. الوجه الثاني: أن غليان دم القلب ‌يقارنه ‌الغضب، ليس أن مجرد الغضب هو غليان دم القلب، كما أن الحياء يقارن حمرة الوجه والوجل يقارن صفرة الوجه؛ لا أنه هو. وهذا لأن النفس إذا قام بها دفع المؤذي فإن استشعرت القدرة فاض الدم إلى خارج فكان منه الغضب، وإن استشعرت العجز عاد الدم إلى داخل؛ فاصفر الوجه كما يصيب الحزين. الوجه الثالث: لو قدر أن هذا هو حقيقة غضبنا لم يلزم أن يكون غضب الله تعالى مثل غضبنا؛ كما أن حقيقة ذات الله ليست مثل ذاتنا فليس هو مماثلا لنا: لا لذاتنا ولا لأرواحنا وصفاته كذاته. ونحن نعلم بالاضطرار أنا إذا قدرنا موجودين: أحدهما عنده قوة يدفع بها الفساد. والآخر لا فرق عنده بين الصلاح والفساد كان الذي عنده تلك القوة أكمل. ولهذا يذم من لا غيرة له على الفواحش كالديوث، ويذم من لا حمية له يدفع بها الظلم عن المظلومين ويمدح الذي له غيرة يدفع بها الفواحش وحمية يدفع بها الظلم؛ ويعلم أن هذا أكمل من ذلك. انظر "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (6 /118-119)، "شرح الواسطية" لابن عثيمين (ص270).