البحث

عبارات مقترحة:

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

الوتر

كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...

الرحمن

هذا تعريف باسم الله (الرحمن)، وفيه معناه في اللغة والاصطلاح،...

صفة العلو

هي صفة من صفات الله تعالى الذاتية الثابتة له سبحانه في الكتاب والسنة الصحيحة، وعليها إجماع السلف، وكل من العقل والفطرة يدل عليها. وخالف في هذه الصفة: الجهمية والأشاعرة، فذهبوا إلى أن الله تعالى ليس في مكان، وذهب بعض الجهمية والمعتزلة إلى أن الله في كل مكان، وكلا القولين باطل.

التعريف

التعريف لغة

العُلُوّ في اللغة مصدر من الفعل (علا) ومضارعه (يَعْلوْ)، قال ابن فارس في معناه: «العين واللام والحرف المعتل ياءً كان أو واوًا أو ألفًا، أصل واحد يدل على السموّ والارتفاع، لا يشذُّ عنه شيء. ومن ذلك العلاء والعلوّ» "المقاييس" (4 /112)، والله هو العليُّ أي: هو ذو العلوّ والارتفاع على خلقه. "تفسير الطبري" (3/13). ويقول الخليل بن أحمد : «الله عز وجل هو العلي الأعلى المتعالي ذو العلاء والعلو، فأما العلاء : فالرفعة، والعلو : العظمة والتجبر «.

التعريف اصطلاحًا

هي صفة من صفات الله تعالى الذاتية الثابتة له سبحانه في الكتاب والسنة والإجماع، والعقل والفطرة، وهو ثابت لله عز وجل من جميع الوجوه: علو الذات، وعلو القدر والصفات، وعلو القهر. والعلي والعالي: القاهر الغالب للأشياء ومنه قوله عز وجل: ﴿إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ﴾ [المؤمنون: 91] أي لغلب بعضهم بعضًا وقهره. انظر "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي (ص109-110). قال الشيخ السعدي رحمه الله: «فهو الذي على العرش استوى، وعلى الملك احتوى، وبجميع صفات العظمة والكبرياء والجلال والجمال وغاية الكمال اتصف، وإليه فيها المنتهى «. "تفسير السعدي" (5/487). وقال ابن كثير في تفسيره لاسم الله (المتعال): «فكل شيء تحت قهره وسلطانه وعظمته لا إله إلا هو ولا رب سواه؛ لأنه العظيم الذي لا أعظم منه، العلي الذي لا أعلى منه، الكبير الذي لا أكبر منه، تعالى وتقدس وتنزّه عز وجل عما يقول الظالمون المعتدون علوًّا كبيرًا». "التفسير" (3/232). و أهل السنة يؤمنون بأن الله فوق جميع مخلوقاته، مستوٍ على عرشه في سمائه عاليًا على خلقه بائنًا منهم. انظر "معجم ألفاظ العقيدة" لعامر فالح (ص287).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

إن مجمل ما دلت عليه اللغة من معاني العلوّ - وهو استعمال العرب - ثابتٌ لله عز وجل، وهو على معانٍ ثلاثة كما سبق: الارتفاع الحقيقي، والعظمة والتجبُّر، والغلبة والقهر.

الأدلة

القرآن الكريم

صفة العلو في القرآن الكريم
الآيات التي تثبت صفة العلوّ في السماء له سبحانه وتعالى كثيرة مستفيضة، وقد جاءت بمختلف الصيغ، فمن أسماء الله الحسنى التي تدل عليها: الأعلى، العلي، المتعال، وهي أسماء ثابتة في القرآن الكريم: قال تعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾ [الأعلى: 1] وقال سبحانه: ﴿وهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ﴾ [الشورى: 4، والبقرة: 255]. وقال أيضًا: ﴿عالِمُ الغَيْبِ والشَّهادَةِ الكَبِيرُ المُتَعالِ﴾ [الرعد: 9]. وتشمل ما يُثبت له الفوقية، كقوله تعالى: ﴿وهوَ القاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ﴾ [الأنعام: 18]، وقوله: ﴿يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِن فَوْقِهِمْ﴾ [النحل: 50] وما يثبت أنه سبحانه في السماء، كقوله تعالى: ﴿أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ الأَرْضَ﴾ [الملك: 16].

السنة النبوية

صفة العلو في السنة النبوية
صفة علو الله في السماء ثابتة في السنة النبوية في أحاديث عدة، منها: حديث معاوية بن الحكم السلمي المعروف بحديث الجارية، جاء فيه: «قال: وبَينَما جاريةٌ لي تَرْعى غُنَيْماتٍ لي في قِبَلِ أُحُدٍ والجَوّانيَّةِ، فاطَّلَعتُ عليها اطِّلاعةً، فإذا الذِّئْبُ قد ذَهَبَ منها بِشاةٍ، وأنا رَجُلٌ مِن بَني آدَمَ يَأسَفُ كما يَأسَفون، لكني صَكَكْتُها صَكَّةً، قال: فعَظُمَ ذلك على رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، قُلتُ: ألا أُعْتِقُها؟ قال: ابْعَثْ إليها، قال: فأرْسَلَ إليها فجاء بها، فقال: أين اللهُ؟ قالَتْ: في السماءِ، قال: فمَن أنا؟ قالَتْ: أنتَ رسولُ اللهِ، قال: أعْتِقْها؛ فإنَّها مُؤمِنةٌ». مسلم (537) وأبو داود (930) والنسائي (1218) باختلاف يسير، وأحمد (23767) واللفظ له. وجاء ذلك في حديث أبي سعيد الخدري، قال: «بَعَثَ عَلِيُّ بنُ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه إلى رَسولِ اللَّهِ مِنَ اليَمَنِ بذُهَيْبَةٍ في أدِيمٍ مَقْرُوظٍ، لَمْ تُحَصَّلْ مِن تُرابِها، قالَ: فَقَسَمَها بيْنَ أرْبَعَةِ نَفَرٍ، بيْنَ عُيَيْنَةَ بنِ بَدْرٍ، وأَقْرَعَ بنِ حابِسٍ، وزَيْدِ الخَيْلِ، والرّابِعُ: إمّا عَلْقَمَةُ وإمّا عامِرُ بنُ الطُّفَيْلِ، فَقالَ رَجُلٌ مِن أصْحابِهِ: كُنّا نَحْنُ أحَقَّ بهذا مِن هَؤُلاءِ، قالَ: فَبَلَغَ ذلكَ النبيَّ فَقالَ: ألا تَأْمَنُونِي وأَنا أمِينُ مَن في السَّماءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّماءِ صَباحًا ومَساءً» البخاري (4351) ومسلم (1064). ويدل على علو الله عز وجل أيضًا حديث النزول المشهور الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي : «يَنزِل ربُّنا تبارك وتعالى كلَّ ليلةٍ حين يبقى ثُلُثُ الليلِ الآخِرُ فيقولُ من يسألُني فأُعطيَه من يدعوني فأستجيبَ له من يستغفرُني فأغفرَ له». البخاري (1145)، مسلم (758)، فإن النزول لا يكون إلا من علوٍّ، وهو نزول يليق به سبحانه وتعالى، وليس كنزول المخلوقين. وكذا حديث أنس بن مالك في قصة عروج النبي وفرض الصلاة. مسلم (162)، وأحمد (12527) باختلاف يسير، والعروج في اللغة هو الارتقاء إلى أعلى. انظر "الصحاح" للجوهري" (1 /328).

الإجماع

أجمعت الأمة على إثبات علو الله عز وجل، وبيان ذلك أنهم أمَرُّوا الآيات والأحاديث التي فيها إثبات العلو والفوقية ونزول الأشياء منه وصعودها إليه دون أن يأتوا بما يخالفها، فكان هذا إجماعًا منهم على إثبات العلو. وممن نقل الإجماع على إثبات صفة العلو: الدارمي، وابن بطة، وابن عبد البر، وابن قدامة. قال ابن قدامة: «أجمع على ذلك ‌جميع ‌العلماء من الصحابة الأتقياء، والأئمة من الفقهاء، وتواترت الأخبار بذلك على وجه حصل به اليقين، وجمع الله تعالى عليه قلوب المسلمين». "إثبات صفة العلو" لابن قدامة (ص63). وقال ابن تيمية رحمه الله: «ولم يقل أحد منهم: إن الله ليس في السماء، أو إن الله في الأرض، أو إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل ولا منفصل، أو إنه لا تجوز الإشارة الحسية إليه».

العقل

لا شك أن الله عز وجل إما أن يكون في العلو أو في السفل، وكونه في السفل مستحيل؛ لأنه نقص يستلزم أن يكون فوقه شيء من مخلوقاته؛ فلا يكون له العلو التام والسيطرة التامة والسلطان التام فإذا كان السفل مستحيلاً كان العلو واجبًا. وهناك تقرير عقلي آخر، وهو أن نقول: إن العلو صفة كمال باتفاق العقلاء، وإذا كان صفة كمال؛ وجب أن يكون ثابتاً لله؛ لأن كل صفة كمال مطلقة؛ فهي ثابتة لله، وقولنا: "مطلقة" احترازًا من الكمال النسبي، الذي يكون كمالاً في حال دون حال؛ فالنوم مثلاً نقص، ولكن لمن يحتاج إليه ويستعيد قوته به كمال. انظر "شرح الواسطية" لابن عثيمين (ص391-392).

أقوال أهل العلم

«والله قد وصف نفسه في غير موضع من تنزيله ووحيه، وأعلمنا أنه العلي العظيم، أفليس العلي يا ذوي الحجا ما يكون عاليًا، لا كما تزعم المعطلة الجهمبة أنه أعلى وأسفل ووسط ومع كل شيء وفي كل موضع من أرض وسماء وفي أجواف جميع الحيوان، ولو تدبَّروا آية من كتاب الله ووفقهم الله لفهمها: لعقلوا أنهم جُهَّال، لا يفهمون ما يقولون، وبان لهم جهلُ أنفسهم، وخطأ مقالتهم». ابن خُزَيْمَة "التوحيد" (1/157)
«فالسلف والأئمة يقولون: إن الله عز وجل فوق سماواته، مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه كما دل على ذلك الكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة، وكما علم المباينة والعلو بالمعقول الصريح الموافق للمنقول الصحيح، وكما فطر الله عز وجل على ذلك خلقَه من إقرارهم به وقصدهم إياه». ابن تَيْمِيَّة "مجموع الفتاوى" (2/297)
«أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازًا وعراقًا وشامًا ويمنًا؛ فكان من مذهبهم: أن الله عز وجل على عرشه، بائنٌ من خلقه كما وصف نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله بلا كيف» أَبو زُرْعَة الرَّازِي "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" لللالكائي (1/197)
«فأئمتنا كسفيان الثوري، ومالك، وسفيان بن عيينة، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وعبد الله بن المبارك، والفضيل بن عياض، وأحمد بن حنبل، وإسحق بن إبراهيم الحنظلي؛ متفقون على أن الله سبحانه بذاته فوق العرش، وأن علمه بكل مكان» عُبَيْد الله السِّجْزي "العرش" للذهبي (2/437)
«وعلماء الأمة وأعيان الأئمة من السلف رحمهم الله لم يختلفوا في أن الله تعالى على عرشه، وعرشه فوق سماواته» الصَّابُوني "عقيدة السلف أصحاب الحديث" (ص: 410)

مذاهب المخالفين

خالف في هذه الصفة الجهمية والأشاعرة، فقالوا: إن الله ليس فوق العالم، ولا تحت العالم، ولا في العالم، ولا يمين، ولا شمال، ولا منفصل، عن العالم، ولا متصل به. والرد عليهم بما يلي: أوًلا: أنه مخالف لظواهر النصوص من الكتاب والسنة، ولإجماع السلف. ثانيًا: نقول إن نفي الجهة يستلزم نفي الرب عز وجل، إذ لا نعلم شيئًا لا يكون فوق العالم ولا تحته ولا يمين ولا شمال، ولا متصل ولا منفصل، إلا العدم، ولهذا قال بعض العلماء: لو قيل لنا صِفُوا الله بالعدم ما وجدنا أصدق وصفا للعدم من هذا الوصف. وقال بعض المعتزلة، والعبّاد والمتصوِّفة من الجهمية بأن الله عز وجل بذاته في كل مكان، مستدلين بقوله تعالى: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾ [المجادلة: 7] وقوله: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ [الحديد: 4] والرد عليهم بما يلي: أوًلا: أنه مخالف لظواهر النصوص من الكتاب والسنة، ومخالف لإجماع سلف الأمة رحمهم الله. ثانيًا: أنّ الآية التي استدلوا بها لا تدل على ذلك، لأن المعية لا تستلزم الحلول في المكان، ألا ترى إلى قول العرب: القمر معنا، ومحله في السماء؟ ويقول الرجل: زوجتي معي، وهو في المشرق وهي في المغرب؟ ويقول الضابط للجنود: اذهبوا إلى المعركة وأنا معكم، وهو في غرفة القيادة وهم في ساحة القتال؟ فلا يلزم من المعية أن يكون الصاحب في مكان المصاحَب أبدًا، والمعية يتحدد معناها بحسب ما تضاف إليه، فنقول أحيانا: هذا لبن معه ماء، وهذه المعية اقتضت الاختلاط، ويقول الرجل متاعي معي، وهو في بيته غير متصل به، ويقول إذا حمل متاعه معه: متاعي معي وهو متصل به. فهذه كلمة واحدة لكن يختلف معناها بحسب الإضافة، فبهذا نقول: معية الله عز وجل لخلقه تليق بجلاله سبحانه وتعالى، كسائر صفاته، فهي معية تامة حقيقية، لكن هو في السماء. ثالثًا: إذا قلنا إن الله معنا في كل مكان، فهذا يلزم عليه لوازم باطلة، فيلزم عليه: إما التعدد أو التجزُّؤ، وهذا لازم باطل بلا شك، وبطلان اللازم يدل على بطلان اللزوم. ويلزم من كونه معنا في الأمكنة أن يزداد بزيادة الناس، وينقص بنقص الناس، ويلزم منه أيضًا عدم تنزيهه عن المواضع القذرة، فإذا قيل: إن الله معك وأنت في الخلاء فيكون هذا أعظم قدح في الله عز وجل. انظر "شرح الواسطية" لابن عثيمين (ص176-177).