البحث

عبارات مقترحة:

القهار

كلمة (القهّار) في اللغة صيغة مبالغة من القهر، ومعناه الإجبار،...

الجواد

كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...

يحيى عليه السلام

يحيى عليه السلام نبي من أنبياء الله الكرام، وهو ابن زكريا عليه السلام، أرسل الله يحيى عليه السلام إلى بني إسرائيل، وكان من آخر الأنبياء إليهم، كان يحيى عليه السلام نبيًا سيدا صالحا تقيًا، داعيًا إلى الله تعالى، بارًا بوالديه، صاحبَ علمٍ وحكمة.

اسمه ونسبه

يحيى هو ابن زكريا عليهما السلام، من أنبياء بني إسرائيل.

معنى الاسم لغة

ذَهب بعضُ المُفسرين إلى أنَّ يحيى مُشتقٌ من الحياة، وأنّه على وزن الفعل المضارع، تقول : حيا، يحيا، كما تقول عاشَ يعيش، وذكر الدكتور صلاح الخالدي أن الراجح أن اسم يحيى ليس مشتقًا لأنه اسم علم أعجمي ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة. وكان يحيى أول إنسان حمل هذا الاسم، فلم يسم به أحد قبله، ﴿إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ مريم: 7. انظر: "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (4 /129- 130).

ذكره في القرآن الكريم

وردَ ذكر اسم يحيى عليه السلام في القرآن خمَسَ مراتَ، في المواضع التالية: في سورة الأنعام ذكر زكريا عليه السلام ضمن جملة من الأنبياء، وأثنى الله عليه بالصلاح. قال تعالى: ﴿وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾ سورة الأنعام: 85. وفي سورة الأنبياء تشير الآيات إلى دعاء أباه زكريا عليه السلام، واستجابة الله لدعوته. قال تعالى: ﴿وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ سورة الأنبياء: 89-90. وفي سورة آل عمران تشير الآيات إلى تبشيره الملائكة أباه زكريا به عليهما السلام. قال تعالى: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾ سورة آل عمران: 39. وفي سورة مريم تشير الآيات إلى خطاب الله له مباشرة ويثني عليه ويذكر بعض أوصافه. ﴿يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً ۖ وَكَانَ تَقِيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا * وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ سورة مريم: 12- 15. انظر: "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (4 /110).

ذكره في السنة النبوية

ورد ذكر يحيى عليه السلام في الأحاديث النبوية، ومن ذلك: يحيى عليه السلام يأمر بني إسرائيل بخمس كلمات وشهادة عيسى عليه السلام على ذلك. روى الحارث الأشعري رضي الله عنه، عن رسول الله قال: «إنَّ اللَّهَ أمرَ يحيى بنَ زَكَريَّا بخمسِ كلماتٍ أن يعملَ بِها ، ويأمرَ بني إسرائيل أن يعمَلوا بِها ، وإنَّهُ كادَ أن يُبْطِئَ بِها ، فقال عيسى: إنَّ اللهَ أمَرَك بخَمسِ كلماتٍ؛ لِتَعمَلَ بها وتَأمُرَ بَني إسرائيلَ أن يَعمَلوا بها، فإمَّا أن تَأمُرَهم، وإمَّا أنْ آمُرَهم، فقال يحيى: أخشى إن سبَقتَني بها أن يُخسَفَ بي أو أُعذَّبَ، فجمَع النَّاسَ في بيتِ المقدِسِ، فامتَلَأ المسجدُ وقعَدوا على الشُّرُفِ، فقال: إنَّ اللهَ أمَرني بخَمسِ كلماتٍ أن أَعمَلَ بِهنَّ، وآمرُكم أن تَعمَلوا بهنَّ: أوَّلُهنَّ أن تَعبُدوا اللهَ ولا تُشرِكوا به شيئًا، وإنَّ مَثلَ مَن أشرَك باللهِ كمثَلِ رجلٍ اشترى عبدًا مِن خالصِ مالِه بذهَبٍ أو ورِقٍ، فقال: هذه داري وهذا عمَلي، فاعمَلْ وأدِّ إليَّ، فكان يعمَلُ ويُؤدِّي إلى غيرِ سيِّدِه، فأيُّكم يَرضى أن يكونَ عبدُه كذلك؟! وإنَّ الله أمركم بالصَّلاة، فإذا صَلَّيتُم فلا تَلتَفِتوا؛ فإنَّ اللهَ يَنصُبُ وجهَه لوجهِ عبدِه في صلاتِه ما لم يَلتفِتْ، وآمرُكم بالصِّيامِ؛ فإنَّ مَثلَ ذلك كمثَلِ رجلٍ في عِصابةٍ معَه صُرَّةٌ فيها مِسكٌ، فكلَّهم يَعجَبُ أو يُعجِبُه ريحُها، وإنَّ ريحَ الصَّائمِ أطيبُ عندَ اللهِ مِن ريحِ المسكِ، وآمرُكم بالصَّدقةِ؛ فإنَّ مثَلَ ذلك كمثَلِ رجلٍ أسَره العدوُّ، فأوثَقوا يدَه إلى عنُقِه، وقدَّموه لِيَضرِبوا عُنقَه، فقال: أنا أَفْديه منكم بالقليلِ والكثيرِ، ففدَى نفسَه منهم، وآمُركم أن تَذكُروا اللهَ؛ فإنَّ مَثلَ ذلك كمَثلِ رجلٍ خرَج العدوُّ في أثَرِه سِراعًا حتَّى إذا أتى على حِصنٍ حَصينٍ، فأحرَز نفسَه منهم، كذلك العبدُ لا يُحرِزُ نفسَه مِن الشَّيطانِ إلَّا بذِكْرِ اللهِ. قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: وأَنا آمرُكُم بخَمسٍ، اللَّهُ أمرَني بِهِنَّ: السَّمعُ والطَّاعةُ والجِهادُ والهجرةُ والجمَاعةُ، فإنَّهُ مَن فارقَ الجماعةَ قيدَ شبرٍ فقد خلَعَ رِبقةَ الإسلامِ من عُنقِهِ إلَّا أن يراجِعَ، ومن ادَّعى دَعوى الجاهليَّةِ فإنَّهُ من جُثى جَهَنَّم، فقالَ رجلٌ: يا رسولَ اللَّهِ وإن صلَّى وصامَ؟ فقالَ: وإن صلَّى وصامَ، فادعوا بدَعوى اللَّهِ الَّذي سمَّاكمُ المسلِمينَ المؤمنينَ، عبادَ اللَّهِ». أخرجه الترمذي (2863)، وقال فيه: «هذا حديث حسن صحيح غريب قال محمد بن إسماعيل: الحارث الأشعري له صحبة وله غير هذا الحديث». يحيى وعيسى عليهما السلام سيدا شباب أهل الجنة. روى أبو سعد الخُدري رضي الله عنه عن رسول الله قال : «الحسنُ و الحُسَينُ سيِّدا شبابِ أهلِ الجنَّةِ ؛ إلا ابنَي الخالةِ عيسى ابنَ مريمَ و يحيي بنَ زكريا ، و فاطمةُ سيدةُ نساءِ أهلِ الجنَّةِ ؛ إلا ما كان من مريمَ بنتِ عِمرانَ». أخرجه النسائي في الكبرى (8113)، وابن حبان في صحيحه (6959). منزلة يحيى عليه السلام يوم القيامة في السماء الثانية. روى أنس بن مالك، أن رسول الله قال: «أتيت بالبراق، وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار، ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، قال: فركبته حتى أتيت بيت المقدس، قال: فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء، قال: ثم دخلت المسجد، فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر، وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل : اخترت الفطرة، ثم عرج بنا إلى السماء، فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بآدم، فرحب بي، ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء الثانية، فاستفتح جبريل عليه السلام، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بابني الخالة عيسى ابن مريم، ويحيى بن زكرياء، صلوات الله عليهما، فرحبا ودعوا لي بخير، ثم عرج بي إلى السماء الثالثة…». أخرجه البخاري (3207)، مسلم (162)، واللفظ لمسلم. انظر: "الأحاديث الصحيحة من أخبار وقصص الأنبياء" لإبراهيم العلي (ص 191- 194).

صفته الخُلُقيَّة

أخبر الله سبحانه وتعالى عن بعض صفات يحيى عليه السلام، قال تعالى: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ آل عمران: 39، وصفات يحيى عليه السلام المذكورة في هذه الآية أربعة: 1. الصفة الأولى: مُصدقٌ بِكَلمٍة من الله. ذكر العلماء في المراد بِكلمة الله التي صدقها يحيى عليه السلام قولان: الأول: أنَّهُا كلمةٌ تأتيه من الله، لأنه نَبي، والله يعطي الأنبياء ما يشاء. و القول الثاني: المقصود بكلمة الله هي عيسى بن مريم، ولا يتعارض القولان، بل يتَكاملان، فيحيى نَبيٌ كَريم، وآتاه الله كلمات، وهو أول من صدقها، وعيسى لما بُعث نبيًا كان يحيى أول من صَدَّقَه. 2. والصفة الثانية: أنَّ يحيى عليه السلام كانَ سيدًا. أَي: جعله الله تعالى سيدًا شريفًا في قومه، وسادَهم بالنبوة والعلم والعبادة والحلم، وفسَّر الصحابة هذه الصفة بعدة أقوال، فقالوا أنها تعني أن السيد هو الحليم التَقي، أو هو الفقيه العالم، وغيره. 3. والصفة الثالثة: حَصُورًا. والحصور حسب تفسير الإمام الراغب: هو الذي لا يأتي النساء إما من العنَّة، وإما من العفة والاجتهاد في إزالة الشهوة، والثاني: هو المراد في الآية، لأنه بذالك تستحق المَحمدة، وقال ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وعَكرمة وابن جبير: الحصور هو الذي لا يأتي النساء، ويحيى عليه السلام منعَ نفسه عن النساء برغبته، وليسَ بنقص منه، بل هو منعَ نفسه عن القاذورات والمعصية. 4. والصفة الرابعة: أن يحيى عليه السلام كان نبيًا من الصالحين. وهذا الوصف نصٌ على نبوته، ونصٌ عَلى أنه إمامٌ الصالحين في عصره. وقد بشَّرَ الله زكريًا عليه السلام بأنَّ يحيى سيكون من الصالحين. كما ذكر الله تعالى بعضا من صفات يحيى عليه السلام في قوله: ﴿يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا﴾ مريم: 13- 14، وصفات يحيى عليه السلام المذكورة في هذه الآية هي: 1. خاطب الله يحيى عليه السلام بعدما صار صبِيًّا وأمره أن يأخذ الكتاب بقوة، وهو التوراة التي أنزلت على موسى والكتب التي أنزلت على بعض أنبيائهم، فيتدبره وبنفذه ويدعو إليه. 2. كما منّ الله عز وجل على يحيى بان أتاه الله الحكم وهو الفهم والعلم والجد والعزم. 3. وأخبر أن يحيى عليه السلام كان حنانا، فقد آتاه الله الحنانَ من عنده، والحنان هو الرقة والإشفاق، ورقة القلب كما قال المفسرون، وكان بارًا تقيًا بوالديه، آتاه الله العلم والفهم، وكانَ ذو انضباط وقوة في الأداء والعمَل. 4. وأنه عليه السلام كان تقيًّا، عابدًا لله، خائفًا منه، مؤديًا لفرائضه، مُجتنبًا لمعاصيه. 5. وأنه كان برًا بوالديه، وهما عجوزان كبيران، بحاجة إلى بر ابنهما وحسن معاملته. 6. ولم يكن يحيى عليه السلام جبارًا، أي متكبرًا مستعليًا، وكذلك لم يكن عصيًا متمردًا. ثم أضفى الله تعالى عليه السلام والأمان في المواطن الثلاثة التي هي بحاجة إلى السلام أكثر من غيرها، يوم ولادته ويوم موته ويوم القيامة عند الفزع. قال تعالى: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ سورة مريم: 15. انظر: "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (4 /143- 153)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 431- 433).

قصصه

يحيى عليه السلام يأمر بني إسرائيل بخمس كلمات وشهادة عيسى عليه السلام لذلك.

كانَ يحيى عليه السلام مُعاصرًا لعيسى عليه السلام، حيثُ أدركه وعاش معه، واشترك كُلٌ منهما في الدعوة إلى الله عزَّ وَجلَّ ونصح وإرشاد بني إسرائيل. أخبرنا رسول الله عن أمر الله عز وجل ليحيى عليه السلام بخمس كلماتٍ يعمل بهن، ويعلمهم لبني إسرائيل، وقال عيسى ليحيى: إن الله أمرك بخمس كلمات، وإن تسبقني بهن خشيتُ أن أُعذب. فأمر يحيى عليه السلام قومه بِعبادة اللهِ والصلاة والصيام والصدقة، وذكر الله كثيرًا، وكان عيسى عليه السلام شاهدا على يحيى وهو يُبلِّغُ قَومه بالأمر. روى الحارث الأشعري رضي الله عنه، عن رسول الله قال: «إنَّ اللَّهَ أمرَ يحيى بنَ زَكَريَّا بخمسِ كلماتٍ أن يعملَ بِها ، ويأمرَ بني إسرائيل أن يعمَلوا بِها ، وإنَّهُ كادَ أن يُبْطِئَ بِها فقال عيسى: إنَّ اللهَ أمَرَك بخَمسِ كلماتٍ؛ لِتَعمَلَ بها وتَأمُرَ بَني إسرائيلَ أن يَعمَلوا بها، فإمَّا أن تَأمُرَهم، وإمَّا أنْ آمُرَهم، فقال يحيى: أخشى إن سبَقتَني بها أن يُخسَفَ بي أو أُعذَّبَ، فجمَع النَّاسَ في بيتِ المقدِسِ، فامتَلَأ المسجدُ وقعَدوا على الشُّرُفِ، فقال: إنَّ اللهَ أمَرني بخَمسِ كلماتٍ أن أَعمَلَ بِهنَّ، وآمرُكم أن تَعمَلوا بهنَّ: أوَّلُهنَّ أن تَعبُدوا اللهَ ولا تُشرِكوا به شيئًا، وإنَّ مَثلَ مَن أشرَك باللهِ كمثَلِ رجلٍ اشترى عبدًا مِن خالصِ مالِه بذهَبٍ أو ورِقٍ، فقال: هذه داري وهذا عمَلي، فاعمَلْ وأدِّ إليَّ، فكان يعمَلُ ويُؤدِّي إلى غيرِ سيِّدِه، فأيُّكم يَرضى أن يكونَ عبدُه كذلك؟! وإنَّ الله أمركم بالصَّلاة، فإذا صَلَّيتُم فلا تَلتَفِتوا؛ فإنَّ اللهَ يَنصُبُ وجهَه لوجهِ عبدِه في صلاتِه ما لم يَلتفِتْ، وآمرُكم بالصِّيامِ؛ فإنَّ مَثلَ ذلك كمثَلِ رجلٍ في عِصابةٍ معَه صُرَّةٌ فيها مِسكٌ، فكلَّهم يَعجَبُ أو يُعجِبُه ريحُها، وإنَّ ريحَ الصَّائمِ أطيبُ عندَ اللهِ مِن ريحِ المسكِ، وآمرُكم بالصَّدقةِ؛ فإنَّ مثَلَ ذلك كمثَلِ رجلٍ أسَره العدوُّ، فأوثَقوا يدَه إلى عنُقِه، وقدَّموه لِيَضرِبوا عُنقَه، فقال: أنا أَفْديه منكم بالقليلِ والكثيرِ، ففدَى نفسَه منهم، وآمُركم أن تَذكُروا اللهَ؛ فإنَّ مَثلَ ذلك كمَثلِ رجلٍ خرَج العدوُّ في أثَرِه سِراعًا حتَّى إذا أتى على حِصنٍ حَصينٍ، فأحرَز نفسَه منهم، كذلك العبدُ لا يُحرِزُ نفسَه مِن الشَّيطانِ إلَّا بذِكْرِ اللهِ". قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: وأَنا آمرُكُم بخَمسٍ، اللَّهُ أمرَني بِهِنَّ: السَّمعُ والطَّاعةُ والجِهادُ والهجرةُ والجمَاعةُ، فإنَّهُ مَن فارقَ الجماعةَ قيدَ شبرٍ فقد خلَعَ رِبقةَ الإسلامِ من عُنقِهِ إلَّا أن يراجِعَ، ومن ادَّعى دَعوى الجاهليَّةِ فإنَّهُ من جُثى جَهَنَّم، فقالَ رجلٌ: يا رسولَ اللَّهِ وإن صلَّى وصامَ؟ فقالَ: وإن صلَّى وصامَ، فادعوا بدَعوى اللَّهِ الَّذي سمَّاكمُ المسلِمينَ المؤمنينَ، عبادَ اللَّهِ». أخرجه الترمذي (2863)، وقال فيه: «هذا حديث حسن صحيح غريب قال محمد بن إسماعيل: الحارث الأشعري له صحبة وله غير هذا الحديث». انظر: "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (4 /155- 156)، "فبهداهم اقتده" لعثمان الخميس (ص 434-435).

نبوته

أخبَرَنا الله تعالى أن يحيى عليه السلام كانَ نبيًا. قال تعالى: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾ آل عمران: 39، أرسَله الله تعالى لبني إسرائيل، يدعوهم إلى عبادة الله تعالى وتوحيده، وكان يحيى عليه السلام من آخر أنبياء بني إسرائيل، ولم يأت بعده نبي إلا عيسى عليه السلام. انظر: "القصص القرآني" لصلاح الخالدي (4 /109).