البحث

عبارات مقترحة:

العالم

كلمة (عالم) في اللغة اسم فاعل من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

الأكرم

اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...

الغفار

كلمة (غفّار) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (غَفَرَ يغْفِرُ)،...

صدق النبي صلى الله عليه وسلم

الصدق من أعظم الخصال الحميدة التي أمر الله عباده بالتحلي بها قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ﴾. [التوبة: 119] ، فهو رأس لكل فضيلة، ومعناه الخبر عن الشيء على ما هو به، و قد كان النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم أصدق الناس في جميع أحواله، وأبرهم وأكملهم علمًا وعملًا وإيمانًا وإيقانًا، معروفًا بالصدق في قومه، لا يشك في ذلك أحد منهم، بحيث لا يُدْعى بينهم إلا بالأمين، وقد أثنى الله سبحانه على نبيه، وزكى منطقه فقال: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ﴾.[النجم: 3].

التعريف

التعريف لغة

«مصدر قولهم صدق يصدق صدقا، و الصّدق: نقيض الكذب، يقال: صدقه الحديث: أنبأه بالصّدق، وصدقت القوم: قلت لهم صدقا، ورجل صدوق أبلغ من الصّادق، والصّدّيق الدّائم التّصديق، ويكون أيضا الّذي يصدّق قوله، وهو مأخوذ من مادّة (ص د ق) الّتي تدلّ على قوّة في الشّيء قولا أو غير قول». انظر: "لسان العرب" لابن منظور (10 /193). وقال الرّاغب: «الصّدق والكذب أصلهما في القول ماضيا كان أو مستقبلا وعدا كان أو غيره، ولا يكونان في القول إلّا في الخبر دون غيره من أصناف الكلام، ولذلك قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً﴾ [النساء: 87]». "المفردات" للراغب الأصفهاني(487/1).

التعريف اصطلاحًا

قال الجرجانيّ: «مطابقة الحكم للواقع، وهذا هو ضدّ الكذب» "التعريفات" للجرجاني (ص132)، وقال الباجي: «الصدق الوصف للمخبر عنه على ما هو به» " إحكام الفصول" للباجي(ص235). وقيل: استواء السّرّ والعلانية والظّاهر والباطن بألّا تكذّب أحوالُ العبد أعمالَه، ولا أعمالُه أحوالَه. وقال الرّاغب: «الصّدق مطابقة القول الضّمير والمخبر عنه معا، ومتى انخرم شرط من ذلك لم يكن صدقا تامّا، بل إمّا ألّا يوصف بالصّدق، وإمّا أن يوصف تارة بالصّدق وتارة بالكذب على نظرين مختلفين، كقول كافر إذا قال من غير اعتقاد: محمّد رسول الله، فإنّ هذا يصحّ أن يقال: صدق لكون المخبر عنه كذلك، ويجوز أن يقال كذب لمخالفة قوله ضميره، وبالوجه الثّاني، إكذاب الله المنافقين حيث قالوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ. [المنافقون: 1]». "المفردات" للراغب الأصفهاني (479/1).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

مما سبق يتضح أن المعنى اللغوي والاصطلاحي متوافقان، فمن ذلك الصّدق خلاف الكذب لقوّته في نفسه، ولأنّ الكذب لا قوّة له، وهو باطل، وأصل هذا من قولهم : «شيء صدق، أي صلب». "لسان العرب" لابن منظور (10 /193).

الأدلة

القرآن الكريم

صدق النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم
- زكّى الله سبحانه منطق نبيه فقال: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ اْلْهَوَىٰٓ 3 إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٞ يُوحَىٰ ﴾. [النجم: 3، 4]. - أثنى الله سبحانه على نبيه صلى الله علي وسلم، وعلى صاحبه الصديق رضي الله عنه فقال: ﴿ وَاْلَّذِي جَآءَ بِاْلصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِۦٓ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ اْلْمُتَّقُونَ ﴾. [الزمر: 33]. - صدق النبي في تبليغه دعوة ربه: ﴿ وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٖ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٖ مِّن مِّثْلِهِۦ وَاْدْعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ اْللَّهِ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ ﴾. [البقرة: 23]. - ثناء الله على أخلاقه : ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ ﴾. [القلم: 4]. - صدقه في وعده للمؤمنين: قال تعالى: ﴿ وَلَمَّا رَءَا اْلْمُؤْمِنُونَ اْلْأَحْزَابَ قَالُواْ هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اْللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَصَدَقَ اْللَّهُ وَرَسُولُهُۥۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّآ إِيمَٰنٗا وَتَسْلِيمٗا﴾. [الأحزاب: 22]. - قال تعالى: ﴿ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٞ مُّصَدِّقٞ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ﴾. [آل عمران: 80].

السنة النبوية

صدق النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «حَدَّثَنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو الصَّادِقُ المَصْدُوقُ، قالَ: إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا..الحديث». أخرجه البخاري (3208). عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنهم قالوا يا رسول الله: إنك تداعبنا، قال: «إني لا أقول إلا حقا». أخرجه الترمذي (1990). لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عن تلك المسائل التي سألها من صفة رسول الله ، كان فيما قال له: «أوَ كنتم تتَّهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال: لا. فقال هرقل: فما كان ليَدع الكذب على الناس ويذهب فيكذب على الله عز وجل». أخرجه البخاري (7)، ومسلم (1773). عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «بعثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، وَهو باليَمَنِ بذَهَبَةٍ في تُرْبَتِهَا، إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقَسَمَهَا...ثم قال : «فمَن يُطِعِ اللَّهَ إنْ عَصَيْتُهُ، أَيَأْمَنُنِي علَى أَهْلِ الأرْضِ وَلَا تَأْمَنُونِي!؟». أخرجه البخاري(4351) ومسلم(1064). عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ...فَقالَ لهمْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: و«أَحَبُّ الحَديثِ إلَيَّ أَصْدَقُهُ. .الحديث». أخرجه البخاري (2307).

العقل

إن للعقل البشري أثرًا فاعلاً ومهمًّا في حياة الإنسان الأخلاقية، وفي اختيار السلوك الأخلاقي في الحياة الاجتماعية الإسلامية، وفي كيفية التعامل مع الناس وتنظيم العَلاقات معهم؛ لذلك كان من وظائف العقل التمييز بين الحسن والقبيح، والنافع والضار، فيقترب من الحسن والنافع، ويبتعد عن القبيح والضار، وخلق الصدق رأس الأخلاق، لا تستقيم حياة الناس بدون، يقول ابن تيمية: «أخصُّ خصائص العقل عند الإنسان أن يعلمَ ما ينفعه، ويفعله، ويعلم ما يضره وما يتركه». "الرد عل المنطقين" لابن تيمية (ص429). الدليل على العقلي على صدق النبي : من أكبر الدلائل العقلية على صدق النبي محمد في تبليغه عن ربه : صدقه وأمانته وحُسن أخلاقه قبل البعثة فالعقل لا يتصور أن يظل إنسان كامل الصدق والأمانة أربعين سنة، ثم يتحول بعدها إلى الكذب. يقول أبو حامد الغزالي: «فأعْظِمْ ‌بغباوة من ينظر في أحواله، ثم في أقواله، ثم في أفعاله، ثم في أخلاقه، ثم في معجزاته، ثم في استمرار شرعه إلى الآن، ثم في انتشاره في أقطار العالم، ثم في إذعان ملوك الأرض له في عصره وبعد عصره، مع ضعفه ويتمه، ثم يتمارى بعد ذلك في صدقه! وما أعظم توفيق من آمن به، وصدقه، واتبعه في كل ورد وصدر. فنسأل الله تعالى أن يوفقنا للاقتداء به في الأخلاق والأفعال والأحوال والأقوال بمنه وسعة جوده، إنه سميع قريب». "إحياء علوم الدين" (4/783-784).

قصص من حياة النبي صلى الله عليه وسلم

النبي أصدق الناس وأبرهم

لمّا سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عن تلك المسائل التي سألها من صفة رسول الله ، كان فيما قال له: «أوَ كنتم تتَّهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال: لا. فقال هرقل: فما كان ليَدع الكذب على الناس ويذهب فيكذب على الله عز وجل». أخرجه البخاري (7)، ومسلم (1773).

صدقه في تبليغ دعوته

روى البخاري من حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: «لما نزلت: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214] صعِد النبي على الصفا، فجعل ينادي: يا بني فهر، يا بني عدي- لبطون قريش- حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا؛ لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش، فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أنَّ خيلًا بالوادي تريد أن تُغير عليكم أكنتم مُصدقيَّ؟ قالوا: نعم، ما جرَّبنا عليك إلا صدقًا. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تبًّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾[المسد: 1]». أخرجه البخاري (4770).

صدق النبي قبل البعثة وبعدها

قال المسور بن مخرمة قلت لأبي جهل -وكان خالي-: «يا خال، هل كنتم تتهمون محمدًا بالكذب قبل أن يقول مقالته؟ فقال: والله يا ابن أختي، لقد كان محمد وهو شاب يُدعى فينا الأمين، فلما وخطه الشيب لم يكن ليكذب. قلت: يا خال، فلم لا تتبعونه؟ فقال: يا ابن أختي، تنازعنا نحن وبنو هاشم الشرف، فأطعموا وأطعمنا، وسقوا وسقينا، وأجاروا وأجرنا، فلما تجاثينا على الركب، وكنا كفرسي رهان -أي متساويين-. قالوا: منا نبي. فمتى نأتيهم بهذه؟ أو كما قال». "جلاء الأفهام" لابن القيم (ص183).

شهادة أعدائه له بصدقه

كما شهد بصدقه أشد الناس عداوة له، وهو النضر بن الحارث الذي قام خطيبًا في سادة قريش قائلاً لهم: «يا معشر قريشٍ، إنه والله قد نَزَلَ بكم أمرٌ ما أَتَيْتُم له بحيلة بَعْدُ، قد كان محمدٌ فيكم غلامًا حدثًا، أرضاكم فيكم، وأصدقكم حديثًا، وأعظمكم أمانةً، حتى إذا رأيتم في صُدْغَيْهِ الشيب وجاءكم بما جاءكم به، قلتم: ساحر. لا والله ما هو بساحر؛ لقد رأينا السَّحَرَة ونَفْثَهُم وعقدهم، وقلتم: كاهن. لا والله ما هو بكاهن؛ قد رأينا الكهنة وتَخَالجُهم، وسمعنا سجعهم، وقلتم: شاعر. لا والله ما هو بشاعر؛ قد رأينا الشعر، وسمعنا أصنافه كلها؛ هزجه ورجزه، وقلتم: مجنون. لا والله ما هو بمجنون... فانظروا في شأنكم فإنه والله لقد نزل بكم أمرٌ عظيمٌ». "السيرة النبوية" ل ابن هشام (299/1)، "الروض الأنف" للسهيلي (68/3).

صدقه في مرحه ومزاحه

لقد كان رسول الله مُتَّصِفًا بالصدق في جميع أفعاله وأقواله؛ حتى في المرح والمزاح، فعن أنس بن مالك أن رجلاً أتى النبي فاستحمله، فقال رسول الله : «إِنَّا حَامِلُوكَ عَلَى وَلَدِ نَاقَةٍ. قال: يا رسول الله، ما أصنع بولد ناقة؟ فقال رسول الله : وَهَلْ تَلِدُ الإِبِلَ إِلاَّ النُّوقُ؟!». أخرجه أبو داود (4998)، وأحمد (13844).

أقوال أهل العلم

«كان رسول الله أجود الناس صدرًا، وأصدقهم لهجة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أرَ قبله ولا بعده مثله » علي بن أبي طالِب أخرجه الترمذي (3638)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (513/11)
«كان في قمَّة الصدق وعَلْيَاء الأمانة، فهو صَادق اللهْجة، صريح القول واللسان، ثابت الجنان، لا ينفي قوله فعله، ميمون النقيبة، يصدق الناس، ويبدل لهم النصح، ولو كان فيه ضرره، حتى ارتبط الصدق بدمه وشحمه وعظمه صلوات ربي وسلامه عليه» بَدْر الدِّين الغَزِّي "الزبدة شرح البردة" لبدر الدين الغزي (ص32).
«وأما عدله وأمانته وعفته وصدق لهجته، فكان آمن الناس، وأعدل الناس، وأعف الناس، أصدقهم لهجة منذ كان، اعترف له بذلك مُحَادُّوهُ وَعِدَاه، وكان يسمى قبل نبوته: الأمين» القاضي عِيَاض "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض(ص177)
«"أصدق الناس لهجة": هذا مما أقر له به أعداؤه المحاربون له، ولم يجرب عليه أحد من أعدائه كذبة واحدة قط، دع شهادة أوليائه كلهم له به، فقد حاربه أهل الأرض بأنواع المحاربات، مشركوهم وأهل الكتاب منهم، وليس أحد منهم يومًا من الدهر طعن فيه بكذبةٍ واحدةٍ صغيرة ولا كبيرة». ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "جلاء الأفهام" لابن القيم (197-198).
«أَصْدَقُ لَهْجَة، وَأَوْفَى ذِمَّهْ...أَلْيَنُهُمْ عَرِيْكَةً فِي الأُمَّهْ» الحافِظِ العِراقي "ألفية السيرة" للعراقي(ص82)
«وَكَانَ أصدق النَّاس لهجة وأوفاهم بِذِمَّة» مُحِبّ الدِّين الطَّبَرِي "خلاصة سير سيد البشر" لمحب الدين الطبري (ص84)