البحث

عبارات مقترحة:

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

الحكيم

اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...

الجميل

كلمة (الجميل) في اللغة صفة على وزن (فعيل) من الجمال وهو الحُسن،...

أمانة النبي صلى الله عليه وسلم

هي خلق ثابت في النّفس يعفّ به الإنسان عمّا ليس له به حقّ، وإن تهيّأت له ظروف العدوان عليه دون أن يكون عرضة للإدانة عند النّاس، وقد أمر الله عباده بأداء الأمانات قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا وَإِذَا حَكَمۡتُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحۡكُمُواْ بِٱلۡعَدۡلِۚ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِۦٓۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعَۢا بَصِيرٗا﴾ [النساء: 58] ، كما أن الأمانة من أبرز أخلاق نبينا محمد ،

التعريف

التعريف لغة

الأمانة: «ضد الخيانة». "مختار الصحاح" للرازي (ص26)، وهي مصدر مشتق من مادة (أمن)، قال ابن منظور: «أمن الأمان والأمانة بمعنى». "لسان العرب" لابن منظور (21/13)، يقال: «أمن: أمنًا وأمانًا وأمانةً وإمنًا وأمنةً، بمعنى: اطمأن ولم يخف، فهو آمن وأمن وأمين». "المعجم الوسيط" لمجمع اللغة العربية (1 /28)، «فمادة (أمن) تدور حول معنيين: أحدهما: الأمانة التي هي ضد الخيانة، ومعناها: سكون القلب. والآخر: التصديق، والمعنيان متدانيان». "مقاييس اللغة" لابن فارس (1/133).

التعريف اصطلاحًا

«الأمانة: هي كلُّ حقٍّ لزمك أداؤه وحفظه». "فيض القدير" للمناوي (288/1). وقال الكفويّ: «الأمانة: كلّ ما افترض الله على العباد فهو أمانة كالصّلاة والزّكاة والصّيام وأداء الدّين، وأوكدها الودائع، وأوكد الودائع كتم الأسرار» ، وقال في موضع آخر: «كلّ ما يؤتمن عليه من أموال وحرم وأسرار فهو أمانة». "الكليات" للكفوي (ص269). قال الأصبهاني رحمه الله: «إنَّ الأمانة هي عين الإيمان، فإذا استمكنت الأمانة من قلب العبد قام حِينئذٍ بأداء ما أُمِرَ به، واجتنب ما نُهي عنه». وقد ظهر من تعريف الأمانة أنّها تشتمل على ثلاثة عناصر: الأوّل: عفّة الأمين عمّا ليس له به حقّ. الثّاني: تأدية الأمين ما يجب عليه من حقّ لغيره. الثّالث: اهتمام الأمين بحفظ ما استؤمن عليه، وعدم التّفريط بها والتّهاون بشأنها. أي: -بالأمانة-.

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

المعنى الاصطلاحي للأمانة مستلزم للمعنى اللغوي لها.

الأدلة

القرآن الكريم

أمانة النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم
أمين أهل السماء جبريل عليه السلام نزل بالقرآن على قلب أمين أهل الأرض محمد : قال تعالى: ﴿ نَزَلَ بِهِ اْلرُّوحُ اْلْأَمِينُ * عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ اْلْمُنذِرِينَ﴾ [الشعراء: 193-194]. وقال تعالى: ﴿ مُّطَاعٖ ثَمَّ أَمِينٖ ﴾[التكوير: 21]، أكثر المفسرين على أن المقصود النبي . أمانة النبي في تبليغ الدعوة: قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا اْلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾. [المائدة: 67]، وقوله تعالى: ﴿ اْلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ اْلْإِسْلَٰمَ دِينٗا﴾. [المائدة: 3]. وقال تعالى: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيٓ أَنْعَمَ اْللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاْتَّقِ اْللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اْللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى اْلنَّاسَ وَاْللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَىٰهُۖ ﴾. [الأحزاب: 38]. وقال تعالى: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا اْلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا ﴾. [الأحزاب: 45]. وقال تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ ﴾ [القلم: 4]. وقال تعالى: ﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ اْلْهَوَىٰٓ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٞ يُوحَىٰ ﴾. [النجم: 3-4]. وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ اْلْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِاْلْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ اْلْوَتِينَ * فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَٰجِزِينَ﴾. [الحاقة: 44-47].

السنة النبوية

أمانة النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية
«ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماءِ صباحًا ومساءً». البخاري (4351) واللفظ له، ومسلم (1063). عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن محمد رسول الله أنه قال: «وَاللَّهِ إِنِّي لأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي -أَوْ فِي بَيْتِي- فَأَرْفَعُهَا لآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً -أَوْ مِنَ الصَّدَقَةِ- فَأُلْقِيهَا». أخرجه البخاري (2300)، ومسلم (1070). عن عائشة رضي الله عنها قالت: «مَن حَدَّثَكَ أنَّه كَتَمَ فقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: ﴿يَا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ﴾. [المائدة: 67]». أخرجه البخاري (4855). عن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه سلم قال في حجة الوداع: «فإنَّ دِماءَكُمْ وأَمْوالَكُمْ - قالَ مُحَمَّدٌ: وأَحْسِبُهُ قالَ - وأَعْراضَكُمْ علَيْكُم حَرامٌ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، وسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، فَيَسْأَلُكُمْ عن أعْمالِكُمْ، ألا فلا تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَّالًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ، ألا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَن يَبْلُغُهُ أنْ يَكونَ أوْعَى له مِن بَعْضِ مَن سَمِعَهُ - وكانَ مُحَمَّدٌ إذا ذَكَرَهُ قالَ: صَدَقَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ قالَ - ألا هلْ بَلَّغْتُ، ألا هلْ بَلَّغْتُ مَرَّتَيْنِ». أخرجه البخاري (5550). عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثوبان قطريّان غليظان. فكان إذا قعد فعرق، ثقلا عليه، فقدم بزّ من الشّام لفلان اليهوديّ. فقلت: لو بعثت إليه فاشتريت منه ثوبين إلى الميسرة. فأرسل إليه فقال: قد علمت ما يريد. إنّما يريد أن يذهب بمالي أو بدراهمي. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كذب. قد علم أنّي من أتقاهم لله وآداهم للأمانة». أخرجه الترمذي (1213).

العقل

يقول ابن تيمية رحمه الله: «وكثيرٌ من الناس يعلم صدق المُخبر بلا آية ألبتة، وموسى ابن عمران لما جاء إلى مصر وقال لهم: إن الله أرسلني علموا صدقه قبل أن يُظهر لهم الآيات، وكذلك النبي لما ذكر حاله لخديجة وذهبت به إلى ورقة ابن نوفل، قال: هذا هو الناموس الذي يأتي موسى، وكذلك النجاشي، وأبو بكر علموا صدقه علماً ضرورياً لما أخبرهم بما جاء به وما يعرفون من صدقه وأمانته، مع غير ذلك من القرائن يوجب علماً ضرورياً بأنه صادق، وخبر الواحد المجهول من آحاد الناس قد تقترن به قرائن يُعرف بها صدقه بالضرورة، فكيف بمن عُرف بصدقه وأمانته؟ وأخبر بمثل هذا الأمر الذي لا يقوله إلا مَن هو أصدق الناس أو أكذبهم؟ وهم يعلمون أنه من الصنف الأول دون الثاني؟». "إثبات النبوات عقلا ونقلا" لابن تيمية(ص573).

قصص من حياة النبي صلى الله عليه وسلم

أمره بأداء الأمانة

وشهد على أمانته العدو قبل الصديق، ويتبين ذلك في الحوار الذي دار بين هرقل، وأبي سفيان قبل إسلامه، فكان من بين الحوار: «...بماذا يأمركم فزعمت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وينهاكم عما كان يعبد آباؤكم، ويأمركم بالصلاة، والصدق والعفاف، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، قال –أي هرقل-: وهذه صفة النبي» أخرجه البخاري (2941).

أمانة النبي قبل البعثة

أشهر مَن اتصف بالأمَانَة هو نبيُّنا محمَّد في كلِّ أمور حياته، قبل البعثة وبعدها. أما أمانته قبل البعثة: فقد عُرِف بين قومه قبل بعثته بالأمين ولقِّب به، فها هي القبائل مِن قريش لما بنت الكعبة حتى بلغ البنيان موضع الركن -الحجر الأسود- اختصموا فيه، كلُّ قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون القبيلة الأخرى حتى تخالفوا وأعدُّوا للقتال، فمكثت قريش على ذلك أربع ليالي أو خمسًا، ثمَّ تشاوروا في الأمر، فأشار أحدهم بأن يكون أوَّل مَن يدخل مِن باب المسجد هو الذي يقضي بين القبائل في هذا الأمر، ففعلوا، فكان أوَّل داخل عليهم رسول الله ، فلمَّا رأوه قالوا: هذا الأمين، رضينا، هذا محمَّد، فلمَّا انتهى إليهم، وأخبروه الخبر، قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «هلمَّ إليَّ ثوبًا، فأُتِي به، فأخذ الركن، فوضعه فيه بيده، ثمَّ قال: لتأخذ كلُّ قبيلة بناحية مِن الثَّوب، ثمَّ ارفعوه جميعًا، ففعلوا، حتى إذا بلغوا به موضعه، وضعه هو بيده، ثمَّ بنى عليه». "السِّيرة النَّبويَّة" لابن هشام (138/1).

زواجه من خديجة رضي الله عنها

لقد كان السَّبب في زواجه بأمنا خديجة رضي الله عنها هو الأمَانَة، فقد تاجر في مال خديجة قبل البعثة، وقد اتَّصف في تجارته بصدق الحديث، وعظيم الأمَانَة، يقول ابن الأثير في هذا الصَّدد: «فلمَّا بلغها -أي: خديجة- عن رسول الله صِدْقَ الحديث، وعظيم الأمَانَة، وكرم الأخلاق، أرسلت إليه ليخرج في مالها إلى الشَّام تاجرًا، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره مع غلامها ميسرة، فأجابها، وخرج معه ميسرة». "الكامل" لابن الأثير (26/2)، و"السيرة النَّبويَّة" لابن هشام (139/1).

حرصه على أداء الأمانات

وقد كان أحرص النَّاس على أداء الأمانات والودائع للنَّاس حتى في أصعب وأحلك الأوقات، فها هي قريش تُودِع عنده أموالها أمانة لما يتوسَّمون فيه مِن هذه الصِّفة، وها هو يخرج مهاجرًا مِن مكَّة إلى المدينة، فماذا يفعل في أمانات النَّاس التي عنده؟! قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: نَمْ على فراشي، واتَّشح ببردي الأخضر، فنم فيه، فإنَّه لا يخلص إليك شيء تكرهه، وأمره أن يؤدِّي ما عنده مِن وديعة وأمانة». رواه الطبري في "تاريخه" (372/2)، وانظر: "الكامل" لابن الأثير (73/2).

رده مفتاح الكعبة

عن ابن جريج في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اْللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ اْلْأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، قال: «نزلت في عُثمان بن طلحة بن أبي طلحة، قَبض منه النبي مفتاحَ الكعبة، ودخلَ به البيت يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح». "جامع البيان" للطبري (491/8).

أقوال أهل العلم

«كَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ كَفًّا، وَأَجْرأَ النَّاسِ صَدْرًا، وَأَصْدَقَ النَّاسِ لَهْجَةً، وَأَوْفَاهُمْ بِذِمَّةٍ، وَأَلْيَنَهُمْ عَرِيكَةً، وَأَكْرَمَهُمْ عِشْرَةً، مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ، وَمَنْ خَالَطَهُ فَعَرَفَهُ أَحَبَّهُ، لَمْ أَرْ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» علي بن أبي طالِب "دلائل النبوة" للبيهقي (270/1).
«كَانَ يُسَمَّى الْأَمِينَ، بِمَا جَمَعَ اللَّهُ فِيهِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الصَّالِحَةِ» ابن إِسْحَاق "الشفا" للقاضي عياض (268/1).
«أصدَقُ لَهْجَةً، وأوفى ذِمَّهْ ألينُهُمْ عَرِيكَةً في الأُمَّهْ»
الحافِظِ العِراقي "ألفية السيرة النبوية" للعراقي (ص82).