القدير
كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...
«ما ترك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، عند موته درهمًا ولا دينارًا ولا عبدًا ولا أمة ولا شيئًا، إلّا بغلته البيضاء وسلاحه، وأرضًا جعلها صدقة» عَمْرو بن الحارِث أخرجه البخاري (2739).
«ما رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم النّقى من حين ابتعثه الله حتّى قبضه الله تعالى، فقيل له هل كانت لكم في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مناخل؟. قال: ما رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منخلا من حين ابتعثه الله. حتّى قبضه الله، فقيل له: كيف كنتم تأكلون الشّعير غير منخول؟ قال: كنّا نطحنه وننفخه فيطير ما طار، وما بقي ثرّيناه فأكلناه» سَهْل بن سَعْد أخرجه البخاري (5413).
«ما شبع آل محمد ﷺ منذ قدم المدينة من طعام البُرِّ ثلاثَ ليالٍ تباعًا حتى قُبض» عائِشَة أم المُؤْمِنِين أخرجه البخاري (5416)، ومسلم (2970).
«وهو ﷺ أزهد الناس فيما يقتني ويدخر وأعرضهم عما يستفاد ويحتكر، لم يخلف عينًا ولا دينًا، ولا حفر نهرًا، ولا شيَّدَ قصرًا، ولم يورث ولده وأهله متاعًا، ولا مالًا ليصرفهم عن الرغبة في الدنيا كما صرف نفسه عنها، فيكونوا على مثل حاله في الزهد فيها». المَاورْدي "السيرة والشمائل" للماوردي (ص219).
«وَحَسْبُكَ مِنْ تَقَلُّلِهِ مِنْهَا، وَإِعْرَاضِهِ عَنْ زَهْرَتِهَا، وَقَدْ سِيقَتْ إِلَيْهِ بِحَذَافِيرِهَا، وَتَرَادَفَتْ عَلَيْهِ فُتُوحُهَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ فِي نَفَقَةِ عِيَالِهِ». القاضي عِيَاض "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" للقاض عياض(278/1).
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".