البحث

عبارات مقترحة:

الرقيب

كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

المبين

كلمة (المُبِين) في اللغة اسمُ فاعل من الفعل (أبان)، ومعناه:...

الخبير

كلمةُ (الخبير) في اللغةِ صفة مشبَّهة، مشتقة من الفعل (خبَرَ)،...

زهد النبي صلى الله عليه وسلم

الزهد خلق عظيم من أخلاق الإسلام، وهو في حقيقته الإعراض عن الشيء ، ولا يطلق هذا الوصف إلا على من تيسر له أمر من الأمور فأعرض عنه وتركه زهداً فيه، وأما من لم يتيسّر له ذلك فلا يقال إنه زهد فيه، وقد كان نبينا أزهد الناس في الدنيا، وأقلهم رغبة فيها، مكتفياً منها بالبلاغ ، راضياً فيها بحياة الشظف ، ممتثلاً قول ربه عز وجل: ﴿وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى﴾. [طه: 131] ، مع أن الدنيا كانت بين يديه، ومع أنه أكرم الخلق على الله ، ولو شاء لأجرى له الجبال ذهباً وفضة .

التعريف

التعريف لغة

تدلّ مادّة (زهد) على القلّة في كلّ شيء، يقول ابن فارس: «(الزّاء والهاء والدّال) أصل يدلّ على قلّة الشّيء. والزّهيد: الشّيء القليل، وهو مزهد: قليل المال، ويقال: رجل زهيد: قليل المطعم، وهو ضيّق الخلق أيضا، وقال بعضهم: الزّهيد: الوادي القليل الأخذ للماء، والزّهاد: الأرض الّتي تسيل من أدنى مطر». "مقاييس اللغة" لابن فارس(30/3). وقد أيّد الرّاغب ما ذهب إليه ابن فارس، فالمادّة تدور عنده حول هذا المعنى. تقول: الزّهيد: الشّيء القليل، والزّاهد في الشّيء: الرّاغب عنه، والرّاضي منه بالزّهيد أي القليل كما في قوله تعالى: ﴿ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾. [يوسف: 20]. "المفردات" للراغب(ص220).

التعريف اصطلاحًا

«الزّهد: عبارة عن انصراف الرّغبة عن الشّيء إلى ما هو خير منه، وشرط المرغوب عنه أن يكون مرغوبا بوجه من الوجوه، فمن رغب عن شيء ليس مرغوبا فيه، ولا مطلوبا في نفسه لم يسمّ زاهدا. كمن ترك التّراب لا يسمّى زاهدا وإنّه ليس الزّهد ترك المال وبذله على سبيل السّخاء والقوّة واستمالة القلوب فحسب، بل الزّهد أن يترك الدّنيا للعلم بحقارتها بالنّسبة إلى نفاسة الآخرة». انظر: "مختصر منهاج القاصدين" للمقدسي(ص324). وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة: «الزّهد المشروع: هو ترك الرّغبة فيما لا ينفع في الدّار الآخرة، وهو فضول المباح الّتي لا يستعان بها على طاعة الله، كما أنّ الورع المشروع: هو ترك ما قد يضرّ في الدّار الآخرة». "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (21/10). وقال ابن القيّم: «إنّ الزّهد سفر القلب من وطن الدّنيا، وأخذه في منازل الآخرة. وعلى هذا صنّف المتقدّمون كتب الزّهد، كالزّهد لعبد الله بن المبارك، وللإمام أحمد، ولوكيع، ولهنّاد بن السّريّ، ولغيرهم». "مدارج السالكين" لابن القيم (2 /14، 13).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

المعنى اللغوى والاصطلاحي متوافقان ويدلان على التقلل من الأشياء.

الأدلة

القرآن الكريم

زهد النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِۦٓ أَزْوَٰجٗا مِّنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاْخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾. [الحجر: 88]. وقال تعالى: ﴿ وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى﴾. [طه: 131]. وقال تعالى: ﴿تَبَارَكَ اْلَّذِيٓ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرٗا مِّن ذَٰلِكَ جَنَّٰتٖ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا اْلْأَنْهَٰرُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورَۢا﴾. [الفرقان: 10] وقال تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ ﴾. [القلم: 4].

السنة النبوية

زهد النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية
عن عائشة أمّ المؤمنين- رضي الله عنها- قالت: «كان فراش رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من أدم وحشوه ليف». أخرجه البخاري (6456)، ومسلم (2082). عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: «إن كنّا آل محمّد صلّى الله عليه وسلّم لنمكث شهرا ما نستوقد بنار، إن هو إلّا التّمر والماء» أخرجه البخاري(6458)، ومسلم (2972) واللفظ له. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله : «اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا». أخرجه مسلم(1055). عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: «توفّي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وما في رفّي من شيء يأكله ذو كبد، إلّا شطر شعير في رفّ لي، فأكلت منه حتّى طال عليّ، فكلته ففني». أخرجه البخاري (6451)، ومسلم (2973) واللفظ له.

الإجماع

من الإشارات الدالة على إجماع العلماء على زهد النبي ، مسألة ذكرها شيخ الإسلام بقوله: «من زعم أن زهده لم يكن قصدًا ولو قدر على الطيبات لأكلها وأشباه هذا، قال: فهذا الباب كله مما عده العلماء سبًّا وتنقُّصًا يجب قتل قائله لم يختلف في ذلك متقدمهم ومتأخرهم وإن اختلفوا في حكم قتله». "الصارم المسلوم" لابن تيمية (ص527).

قصص من حياة النبي صلى الله عليه وسلم

زهده في متاع بيته

عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: نام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حصير فقام وقد أثّر في جنبه، فقلنا: يا رسول الله لو اتّخذنا لك وطاء ف قال: «مالي وما للدّنيا، ما أنا في الدّنيا إلّا كراكب استظلّ تحت شجرة ثمّ راح وتركها». أخرجه الترمذي (2377).

زهده في المال

عن أبي ذر رضي الله عنه قال: «كُنْتُ أمْشِي مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَرَّةِ المَدِينَةِ، فَاسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ، فَقالَ: يا أبَا ذَرٍّ قُلتُ: لَبَّيْكَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: ما يَسُرُّنِي أنَّ عِندِي مِثْلَ أُحُدٍ هذا ذَهَبًا، تَمْضِي عَلَيَّ ثَالِثَةٌ وعِندِي منه دِينَارٌ، إلَّا شيئًا أرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، إلَّا أنْ أقُولَ به في عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وهَكَذَا وهَكَذَا عن يَمِينِهِ، وعَنْ شِمَالِهِ، ومِنْ خَلْفِهِ، ثُمَّ مَشَى فَقالَ: إنَّ الأكْثَرِينَ هُمُ الأقَلُّونَ يَومَ القِيَامَةِ، إلَّا مَن قالَ هَكَذَا وهَكَذَا وهَكَذَا - عن يَمِينِهِ وعَنْ شِمَالِهِ ومِنْ خَلْفِهِ - وقَلِيلٌ ما هُمْ ثُمَّ قالَ لِي: مَكَانَكَ لا تَبْرَحْ حتَّى آتِيَكَ ثُمَّ انْطَلَقَ في سَوَادِ اللَّيْلِ حتَّى تَوَارَى، فَسَمِعْتُ صَوْتًا قَدِ ارْتَفَعَ، فَتَخَوَّفْتُ أنْ يَكونَ قدْ عَرَضَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأرَدْتُ أنْ آتِيَهُ فَذَكَرْتُ قَوْلَهُ لِي: لا تَبْرَحْ حتَّى آتِيَكَ فَلَمْ أبْرَحْ حتَّى أتَانِي، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ لقَدْ سَمِعْتُ صَوْتًا تَخَوَّفْتُ، فَذَكَرْتُ له، فَقالَ: وهلْ سَمِعْتَهُ قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: ذَاكَ جِبْرِيلُ أتَانِي، فَقالَ: مَن مَاتَ مِن أُمَّتِكَ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا دَخَلَ الجَنَّةَ، قُلتُ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ؟ قالَ: وإنْ زَنَى، وإنْ سَرَقَ». أخرجه البخاري(6444)، ومسلم(94).

رسول الله يتلَوَّى من الجوع

«خطب النّعمان بن بشير- رضي الله عنهما- قال: ذكر عمر ما أصاب النّاس من الدّنيا. فقال: لقد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يظلّ اليوم يلتوي، ما يجد ما يملأ به بطنه». أخرجه مسلم (2978).

زهده في مطعمه

عن أنس رضي الله عنه قال: «لم يأكل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على خوان حتّى مات، وما أكل خبزا مرقّقًا حتّى مات». أخرجه البخاري(6450).

أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «رفَعْتُ بَصَرِي في بَيْتِهِ، فَوَاللَّهِ ما رَأَيْتُ فيه شيئًا يَرُدُّ البَصَرَ غيرَ أهَبَةٍ ثَلَاثَةٍ، فَقُلتُ: ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ علَى أُمَّتِكَ، فإنَّ فَارِسَ والرُّومَ وُسِّعَ عليهم، وأُعْطُوا الدُّنْيَا وهُمْ لا يَعْبُدُونَ اللَّهَ، وكانَ مُتَّكِئًا فَقالَ: أوفي شَكٍّ أنْتَ يا ابْنَ الخَطَّابِ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لهمْ طَيِّبَاتُهُمْ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، اسْتَغْفِرْ لِي». أخرجه البخاري(2468).

أقوال أهل العلم

«ما ترك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، عند موته درهمًا ولا دينارًا ولا عبدًا ولا أمة ولا شيئًا، إلّا بغلته البيضاء وسلاحه، وأرضًا جعلها صدقة» عَمْرو بن الحارِث أخرجه البخاري (2739).
«ما رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم النّقى من حين ابتعثه الله حتّى قبضه الله تعالى، فقيل له هل كانت لكم في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مناخل؟. قال: ما رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منخلا من حين ابتعثه الله. حتّى قبضه الله، فقيل له: كيف كنتم تأكلون الشّعير غير منخول؟ قال: كنّا نطحنه وننفخه فيطير ما طار، وما بقي ثرّيناه فأكلناه» سَهْل بن سَعْد أخرجه البخاري (5413).
«ما شبع آل محمد منذ قدم المدينة من طعام البُرِّ ثلاثَ ليالٍ تباعًا حتى قُبض» عائِشَة أم المُؤْمِنِين أخرجه البخاري (5416)، ومسلم (2970).
«وهو أزهد الناس فيما يقتني ويدخر وأعرضهم عما يستفاد ويحتكر، لم يخلف عينًا ولا دينًا، ولا حفر نهرًا، ولا شيَّدَ قصرًا، ولم يورث ولده وأهله متاعًا، ولا مالًا ليصرفهم عن الرغبة في الدنيا كما صرف نفسه عنها، فيكونوا على مثل حاله في الزهد فيها». المَاورْدي "السيرة والشمائل" للماوردي (ص219).
«وَحَسْبُكَ مِنْ تَقَلُّلِهِ مِنْهَا، وَإِعْرَاضِهِ عَنْ زَهْرَتِهَا، وَقَدْ سِيقَتْ إِلَيْهِ بِحَذَافِيرِهَا، وَتَرَادَفَتْ عَلَيْهِ فُتُوحُهَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ فِي نَفَقَةِ عِيَالِهِ». القاضي عِيَاض "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" للقاض عياض(278/1).