البحث

عبارات مقترحة:

المولى

كلمة (المولى) في اللغة اسم مكان على وزن (مَفْعَل) أي محل الولاية...

الحفيظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

صبر النبي صلى الله عليه وسلم ورضاه

الصبر هو خلق فاضل من أخلاق النفس يمتنع به من فعل ما لا يحسن ولا يجمل، وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها وقوام أمرها، وقد صبر الرسول وتحمل الأذى في سبيل الله تعالى، فصبر لتأليف قلوب الناس، واستمالتهم إلى الإسلام، امتثالا للتوجيه الرباني، في قوله تعالى: ﴿فَٱصۡبِرۡ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلۡعَزۡمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ﴾. [الأحقاف: 35].

التعريف

التعريف لغة

قال ابن فارس: «الصبر: الصاد والباء والراء أصولٌ ثلاثة: الأول: الحبس، والثاني: أعالي الشيء، والثالث: جنس من الحجارة، وقد اشتق الصبر المراد هنا من المعنى الأول، وهو الحبس، يقال: صبرت نفسي على ذلك الأمر، أي: حبستها». "مقاييس اللغة" لابن فارس(329/3). «أَصل الصَبْر في اللغة الحَبْس، وكل من حَبَس شيئًا فقد صَبَرَه، والمَصبُورة التي نُهِى عنها هي المَحْبُوسَة على المَوْت، وكل ذي روح يُصْبَر حيًا، ثم يُرْمَى حتى يُقْتَل فقد قُتِل صبرًا». انظر: "لسان العرب" ابن منظور (437/4). وقال الراغب: «الصبر: الإمساك في ضيق، يقال: صبرت الدابة بمعنى حبستها بلا علف». "المفردات" للراغب الأصفهاني (ص565).

التعريف اصطلاحًا

قال الجرجاني: «هو ترك الشكوى من ألم البلوى لغير الله إلا إلى الله». "التعريفات" للجرجاني (ص172). «والصَبْرُ: حَبس النفس عن الجزع. وقد صَبَر فلانٌ عند المصيبة يَصْبِرُ صَبْراً». انظر: "الصحاح" للجوهري (ص706). قال المناويّ: «الصّبر: قوّة مقاومة الأهوال والآلام الحسّيّة والعقليّة». "التوقيف" للمناوي (ص212).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

نلاحظ أن معاني الصبر في الاصطلاح متوافقة مع المعاني اللغوية له، وهو حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع.

الأدلة

القرآن الكريم

صبر النبي صلى الله عليه وسلم ورضاه في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿ وَاْصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاْللَّهِۚ﴾ [النحل: 127]. قال تعالى: ﴿فَاْصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ اْلْعَزْمِ مِنَ اْلرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: 35]. قال تعالى: ﴿وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾. [يونس: 109]. قال تعالى: ﴿وَاْصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاْهْجُرْهُمْ هَجْرٗا جَمِيلٗا﴾ [المزمل: 10]. قال تعالى: ﴿وَلِرَبِّكَ فَاْصْبِرْ ﴾ [المدثر: 7]. قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٖ مِّنَ اْللَّهِ لِنتَ لَهُمْۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ اْلْقَلْبِ لَاْنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَۖ فَاْعْفُ عَنْهُمْ وَاْسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي اْلْأَمْرِۖ ﴾. [آل عمران: 159].

السنة النبوية

صبر النبي صلى الله عليه وسلم ورضاه في السنة النبوية
وأنه قال: «لقد أخِفتُ في الله، وما يخاف أحد، وقد أوذيت في الله، وما يُؤذى أحد، ولقد أتت عليَّ ثلاثون ما بين يوم وليلة وما لي طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال». أخرجه الترمذي (2472)، وابن ماجه (151). قال يوم موت ابنه إبراهيم: «إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون» متفق عليه أخرجه البخاري(1303)، ومسلم(2315).

العقل

لما كان من سنة الله أن أشد الناس بلاء هم الأنبياء لما يلاقونه من أقوامهم، كما قال : «أشدُّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ ثم الصالحون ثم الأمثلُ فالأمثلُ». أخرجه الترمذي (2398) وابن ماجه (4023). استلزم ذلك عقلًا أنهم أشد الناس صبرًا على البلاء. انظر: "شرح العقيدة الأصفهانية" لابن تيمية (ص147).

قصص من حياة النبي صلى الله عليه وسلم

شدة صبره

عن عروة بن الزبير قال: «قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد شيءٍ صنعه المشركون برسول الله ؟ قال: «بينا رسول الله يصلي بفناء الكعبة؛ إذ أقبل عقبة بن أبي معيط وهو من الكفار، فأخذ بمنكب رسول الله ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً» أخرجه البخاري (3856).

صبر النبي على أذى المشركين

قال ابن مسعود رضي الله عنه: «بينا النبي ساجد وحوله ناس من قريش جاء عقبة بن أبي معيط بسلى جزور فقذفه على ظهر النبي فلم يرفع رأسه، فجاءت فاطمة عليها السلام فأخذته من ظهره، ودعت على من صنع». أخرجه البخاري (3185)، ومسلم (1794).

صبر النبي في سبيل دعوته

وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال : لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال: فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال، فسلم عليّ ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال له رسول الله : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله تعالى وحده لا يشرك به شيئًا» أخرجه البخاري (3231)، ومسلم (1795).

صبره على أذى المنافقين

عن أسامة بن زيد رضي الله عنه «أن النبي ركب حمارًا عليه إكَاف، تحته قطيفة فدَكِيَّة، وأردف وراءه أسامة، وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج، وذلك قبل وقعة بدر، حتى مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين وعبدة الأوثان واليهود، فيهم عبد الله بن أبي، وفي المجلس عبد الله بن رواحة رضي الله عنه قال: فلما غشيت المجلس عجاجة الدَّابة، خمَّر عبد الله بن أبي أنفه ثم قال: لا تغبِّروا علينا، فسلم عليهم النبي ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أبي: أيها المرء ـ يريد النبي لا أحسن من هذا، إن كان ما تقول حقًا فلا تؤذنا في مجالسنا، وارجع إلى رحلك، فمن جاءك منا فاقصص عليه، فقال عبد الله بن رواحة: اغشنا في مجالسنا فإنا نحب ذلك، قال: فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى همّوا أن يتواثبوا، فلم يزل النبي يخفضهم، ثم ركب دابته حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال: أي سعد، ألم تسمع إلى ما قال أبو حباب يريد عبد الله بن أبي قال كذا وكذا؟ فقال سعد رضي الله عنه: اعف عنه يا رسول الله واصفح، فوالله لقد أعطاك الله الذي أعطاك، ولقد اصطلح أهل هذه البُحيرة أن يتوجوه فيعصِّبوه بالعصابة أي يجعلوه ملكًا عليهم ـ فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاكه شرق بذلك، فلذلك فعل به ما رأيت، قال: فعفا عنه النبي ». رواه البخاري (6254)، ومسلم (1798).

صبره على مشاق الحياة

عن عائشة رضي الله عنها-أنها قالت لعروة: «ابن أختي، إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقدت في أبيات رسول الله نار، فقلت ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان، التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله جيران من الأنصار كان لهم منائح، وكانوا يمنحون رسول الله من أبياتهم فيسقيناه». رواه البخاري (6459).

أقوال أهل العلم

«مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي أَمْرَيْنِ قَطُّ، إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ؛ وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ، إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ بِهَا». ابن عَيَّاش أخرجه البخاري(6126).
«كان رسول الله أصبر الناس على أقذار الناس». القاضي عِيَاض "كنز العمال" للمتقي الهندي(35/7).
«وليس في أمر الله نبيه في الصبر الجميل على أذى المشركين ما يوجب أن يكون ذلك أمرا منه له به في بعض الأحوال؛ بل كان ذلك أمرا من الله له به في كل الأحوال، لأنه لم يزل من لدن بعثه الله إلى أن اخترمه في أذى منهم، وهو في كل ذلك صابر على ما يلقى منهم من أذى قبل أن يأذن الله له بحربهم، وبعد إذنه له بذلك». ابن جَرير الطَّبَري "جامع البيان" للطبري (603/23).
«وَلَا خَفَاءَ بِمَا يُؤْثَرُ مِنْ حِلْمِهِ وَاحْتِمَالِهِ، وَأَنَّ كُلَّ حَلِيمٍ قَدْ عُرِفَتْ مِنْهُ زَلَّةٌ، وَحُفِظَتْ عَنْهُ هَفْوَةٌ، وَهُوَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَزِيدُ مَعَ كَثْرَةِ الْأَذَى إِلَّا صبرا، وعلى إسراف الجاهل إلا حلما». القاضي عِيَاض "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض(220/1).
ابن جَرير الطَّبَري
عائِشَة أم المُؤْمِنِين
عائِشَة أم المُؤْمِنِين
عائِشَة أم المُؤْمِنِين