البحث

عبارات مقترحة:

الرحيم

كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...

الجواد

كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...

السلام

كلمة (السلام) في اللغة مصدر من الفعل (سَلِمَ يَسْلَمُ) وهي...

شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم

الشجاعة خُلُق كريم ووصْف نبيل، يَحمل النفس على التحلِّي بالفضائل، ويَحرسها من الاتِّصاف بالرذائل، وهي ينبوع الأخلاق الكريمة والخِصال الحميدة، وهي من أعزِّ أخلاق الإسلام، وأَفخر أخلاق العرب، وهي الإقدام على المكاره، وثَبات الجأش على المخاوف، والاستهانة بالموت، ونبينا كان أشجع الناس على الإطلاق، والسيرة النبوية مليئة بالمواقف الدالة على مدى شجاعته وقوته، تلكم الشجاعة والقوة التي تجلَّت في أروع صورها جهاداً في سبيل الله، وثباتاً عند الشدائد والنوازل، ودفاعاً عن الحق ونصرة للمظلومين، وقد شهد له بذلك أصحابه وأعداؤه.

التعريف

التعريف لغة

مصدر شجع فلان أي صار شجاعا وهو مأخوذ من مادّة (ش ج ع) الّتي تدلّ على الجرأة والإقدام، قال ابن فارس: ومن ذلك قولهم الرّجل الشّجاع وهو المقدام، والشّجعة من النّساء: الجريئة، وقال ابن منظور: شجع شجاعة: اشتدّ عند البأس، والشّجاعة: شدّة القلب في البأس، ويقال: رجل شجاع وشجاع، وشجاع وأشجع، من قوم شجاع وشجعان، وشجعان. والمرأة شجاعة وشجعة وشجيعة وشجعاء، وقيل: لا توصف به المرأة. وتشجّع فلان: أي تكلّف الشّجاعة. وشجّعته: إذا قلت له أنت شجاع أو قوّيت قلبه. ورجل مشجوع: أي مغلوب بالشّجاعة. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (4 /2200- 2201)، "الصحاح" للجوهري(3 /1237- 1238)، "مقاييس اللغة" لابن فارس(3 /248).

التعريف اصطلاحًا

قال الجرجانيّ: «هي هيئة حاصلة للقوّة الغضبيّة، بين التّهوّر والجبن، بها يقدم على أمور ينبغي أن يقدم عليها، كالقتال مع الكفّار ما لم يزيدوا على ضعف المسلمين». "التعريفات" للجرجاني (ص125). قال الجاحظ: «الشّجاعة هي الإقدام على المكاره والمهالك عند الحاجة إلى ذلك، وثبات الجأش عند المخاوف مع الاستهانة بالموت». " تهذيب الأخلاق" للجاحظ (ص 27). وقال المناويّ: «هي الإقدام الاختياريّ على مخاوف نافعة في غير مبالاة». "التوقيف على مهمات التعاريف" للمناوي (ص 202). وقال ابن حزم- رحمه الله تعالى-: «هي بذل النّفس للذّود عن الدّين أو الحريم أو عن الجار المضطهد أو عن المستجير المظلوم، وعمّن هضم ظلما في المال والعرض، وسائر سبل الحقّ سواء قلّ من يعارض أو كثر». "مداواة النفوس" لابن حزم (ص80).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

نلاحظ أن المعنى الاصطلاحي متوافق مع أصله اللغوي.

الأدلة

القرآن الكريم

شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا اْلنَّبِيُّ جَٰهِدِ اْلْكُفَّارَ وَاْلْمُنَٰفِقِينَ وَاْغْلُظْ عَلَيْهِمْۚ وَمَأْوَىٰهُمْ جَهَنَّمُۖ وَبِئْسَ اْلْمَصِيرُ ﴾ [ التوبة: 123]. قال تعالى: ﴿فَقَٰتِلْ فِي سَبِيلِ اْللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَۚ وَحَرِّضِ اْلْمُؤْمِنِينَۖ﴾ [النساء: 84]. قال تعالى: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ اْلَّذِيٓ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُۥۖ وَإِذٗا لَّاْتَّخَذُوكَ خَلِيلٗا * وَلَوْلَآ أَن ثَبَّتْنَٰكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْـٔٗا قَلِيلًا ﴾. [الإسراء: 73-74]. قال تعالى: ﴿ مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ اْللَّهِۚ وَاْلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى اْلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْۖ ﴾. [الفتح: 29].

السنة النبوية

شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما أنّه قال لرجل: «أكنتم ولّيتم يوم حنين يا أبا عمارة؟ فقال: أشهد على نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم ما ولّى، ولكنّه انطلق أخفّاء من النّاس، وحسّر إلى هذا الحيّ من هوازن، وهم قوم رماة، فرموهم برشق من نبل. كأنّها رجل من جراد، فانكشفوا، فأقبل القوم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأبو سفيان بن الحارث يقود به بغلته. فنزل ودعا واستنصر، وهو يقول: «أنا النّبيّ لا كذب. أنا ابن عبد المطّلب. اللهمّ نزّل نصرك». قال البراء: كنّا والله إذا احمرّ البأس نتّقي به. وإنّ الشّجاع منّا للّذي يحاذي به- يعني النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم». أخرجه البخاري (4317)، ومسلم (1776). عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزِع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلَق الناس قِبَل الصوت، فاستقبَلهم النبيُّ قد سبق الناسَ إلى الصوت وهو يقول: «لن تُراعوا، لن تُراعوا، لقد وجَدناه بحرًا»، وهو على فرس لأبي طلحة عُرْيٍ ما عليه سَرْجٌ، في عُنقه سيف». أخرجه البخاري (2908)، ومسلم (2307). عن جبير بن مطعم قال: «أنَّهُ بيْنَما هو يَسِيرُ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومعهُ النَّاسُ مَقْفَلَهُ مِن حُنَيْنٍ، فَعَلِقَهُ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ حتَّى اضْطَرُّوهُ إلى سَمُرَةٍ، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَ: أعْطُونِي رِدَائِي، لو كانَ لي عَدَدُ هذِه العِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بيْنَكُمْ، ثُمَّ لا تَجِدُونِي بَخِيلًا، ولَا كَذُوبًا، ولَا جَبَانًا». أخرجه البخاري(2821).

العقل

لقد كان العرب منذ جاهليتهم مضرب الأمثال في الشجاعة والتضحية بالنفس، ويأبون المذلة والمهانة، وبعد إسلامهم أصبحوا أكثر شجاعة وإقدام، وكان النبي أشجع الناس. انظر: "السيرة النبوية وأوهام المستشرقين" للجبري(170).

قصص من حياة النبي صلى الله عليه وسلم

شجاعته وشدة بأسه

وعن عباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: «شهدت مع رسول الله يوم حنين، فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله ، فلم نفارقه، ورسول الله على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي، فلما التقى المسلمون والكفار، ولَّى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله يركض بغلته قِبَلَ الكفار، قال عباس: وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله أكفها؛ إرادةَ أن لا تسرع، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله ، فقال رسول الله : أيْ عباس، ناد أصحاب السمرة. فقال عباس: -وكان رجلًا صيِّتًا- فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة، قال: فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي، عطفة البقر على أولادها فقالوا: يا لبيك يا لبيك، قال: فاقتتلوا والكفار، والدعوة في الأنصار يقولون: يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار، قال: ثُمَّ قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج، فقالوا: يا بني الحارث بن الخزرج، يا بني الحارث بن الخزرج، فنظر رسول الله وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال رسول الله هذا حين حمي الوطيس». أخرجه مسلم(1775).

من يمنعك مني

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «غَزَوْنَا مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ غَزْوَةً قِبَلَ نَجْدٍ، فأدْرَكَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في وَادٍ كَثِيرِ العِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَعَلَّقَ سَيْفَهُ بِغُصْنٍ مِن أَغْصَانِهَا، قالَ: وَتَفَرَّقَ النَّاسُ في الوَادِي يَسْتَظِلُّونَ بالشَّجَرِ قالَ: فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: إنَّ رَجُلًا أَتَانِي وَأَنَا نَائِمٌ، فأخَذَ السَّيْفَ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهو قَائِمٌ علَى رَأْسِي، فَلَمْ أَشْعُرْ إِلَّا وَالسَّيْفُ صَلْتًا في يَدِهِ، فَقالَ لِي: مَن يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قالَ قُلتُ: اللَّهُ، ثُمَّ قالَ في الثَّانِيَةِ: مَن يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قالَ قُلتُ: اللَّهُ، قالَ: فَشَامَ السَّيْفَ فَهَا هو ذَا جَالِسٌ، ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ له رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ». أخرجه البخاري(4139)، ومسلم(843).

شجعاته وثباته في المعارك

«سَمِعْتُ البَراءَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، وجاءَهُ رَجُلٌ، فقالَ: يا أبا عُمارَةَ أتَوَلَّيْتَ يَومَ حُنَيْنٍ؟ فقالَ: أمَّا أنا فأشْهَدُ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لَمْ يُوَلِّ، ولَكِنْ عَجِلَ سَرَعانُ القَوْمِ، فَرَشَقَتْهُمْ هَوازِنُ، وأَبُو سُفْيانَ بنُ الحارِثِ آخِذٌ برَأْسِ بَغْلَتِهِ البَيْضاءِ، يقولُ: أنا النبيُّ لا كَذِبْ، أنا ابنُ عبدِ المُطَّلِبْ». أخرجه البخاري(4315).

شجاعته في قتال المشركين

«أدركه أُبَيُّ بن خلف وهو يقول: أي محمد، لا نجوتُ إن نجوتَ. فقال القوم: يا رسول الله، أيعطف عليه رجل منَّا؟ فقال رسول الله: "دَعُوهُ". فلمَّا دنا، تناول رسول الله الحربة من الحارث بن الصمة، فلمَّا أخذها رسول الله منه انتفض بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشَعْراءَ عن ظهر البعير إذا انتفض بها، ثم استقبله فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارًا، فمات وهُمْ راجعون به إلى مكة». "السيرة النبوية" لابن هشام(83/2).

أقوال أهل العلم

«رأيتني يوم بدر ونحن نَلوذ بالنبي وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذٍ بأسًا». علي بن أبي طالِب أخرجه أحمد (654).
«ما ضَرَبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ شيئًا قَطُّ بيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إلَّا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبيلِ اللهِ، وَما نِيلَ منه شيءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِن صَاحِبِهِ، إلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شيءٌ مِن مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». عائِشَة أم المُؤْمِنِين أخرجه مسلم (2328).
«ما خص به من الشجاعة في حروبه، والنجدة في مصابرة عدوه، فإنه لم يشهد حربًا في فزاع إلّا صابر حتى انجلت عن ظفر، أو دفاع وهو في موقفه لم يزل عنه هربًا ولا جاز فيه لاغبًا، بل ثبت بقلب آمن وجأش ساكن، قد ولى عنه أصحابه يوم حنين حتى بقي بإزاء جمع كثير، وجم غفير، في تسعة من بيته وأصحابه على بغلة مسبوقة إن طلبت غير مستعدة لهرب ولا طلب، وهو ينادي أصحابه، ويظهر نفسه، ويقول إليّ عباد الله، أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب، فعادوا أشذاذًا وإرسالًا». المَاورْدي "أعلام النبوة" للماوردي (ص230).
«وَكَانَ صَلَّى الله عليه وسلم بالمكان الذي لا يجهل، وقد حَضَرَ الْمَوَاقِفَ الصَّعْبَةَ، وَفَرَّ الْكُمَاةُ وَالْأَبْطَالُ عَنْهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَهُوَ ثَابِتٌ لَا يَبْرَحُ، وَمُقْبِلٌ لَا يُدْبِرُ وَلَا يَتَزَحْزَحُ، وَمَا شُجَاعٌ إِلَّا وَقَدْ أُحْصِيَتْ لَهُ فَرَّةٌ، وَحُفِظَتْ عَنْهُ جَوْلَةُ، سواه». القاضي عِيَاض "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض (235/1).
وأشجَعُ الورَى وأجودُ المَلَا ما قالَ لا قَطُّ لشيءٍ سُئِلَا
ابن الجَزَري "ذات الشفا في سيرة النبي والخلفا" البيت (191)