البحث

عبارات مقترحة:

الباسط

كلمة (الباسط) في اللغة اسم فاعل من البسط، وهو النشر والمدّ، وهو...

البر

البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...

السميع

كلمة السميع في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

عدل النبي صلى الله عليه وسلم

العدل من الأخلاق العظيمة الكريمة المحببة للنفس، وهو رعاية حقوق الله تعالى بتأدية المرء للفرائض والواجبات، وكذلك المحافظة على حقوق العباد، فلا يطمع الإنسان في وديعة اؤتمن عليها، ولا ينكر مالًا أو متاعًا أمنه الناس عليه، وهو من خصال نبينا فكان يعدل في جميع أحواله وكان نموذجًا في أعلى درجاته، وأقامه خلفاؤه من بعده،قال تعالى: ﴿فَلِذَٰلِكَ فَٱدۡعُۖ وَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡۖ وَقُلۡ ءَامَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَٰبٖۖ وَأُمِرۡتُ لِأَعۡدِلَ بَيۡنَكُمُۖ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡۖ ﴾ [الشورى: 15].

التعريف

التعريف لغة

«العدل خلاف الجور، وهو القصد في الأمور، وما قام في النفوس أنه مستقيم، مِن عَدَلَ يَعْدِلُ فهو عادل من عُدولٍ وعَدْلٍ، يقال: عَدَلَ عليه في القضية فهو عادِلٌ. وبسط الوالي عَدْلَهُ» انظر: "الصحاح" للجوهري (1760/5)، "لسان العرب" لابن منظور (430/11)، "القاموس المحيط" للفيروزآبادي(ص1030).

التعريف اصطلاحًا

قال الجرجاني: «العدل: الأمر المتوسط بين الإفراط والتفريط، فالعدالة في الشريعة: عبارة عن الاستقامة على طريق الحق بالاجتناب مما هو محظور دينًا» "التعريفات" للجرجاني(ص153). وقال ابن حزم: «هو أن تعطي من نفسك الواجب وتأخذه». "مداواة النفوس" لابن حزم (ص81). «فلا يخرج العدل عن معنى الاستقامة على الحق، العدل هو الحكم بالحق، أو فصل الحكومة على ما في كتاب الله تعالى وسنة رسوله ، لا الحكم بالرأي المجرد». انظر: "فتح القدير" للشوكاني(48/1).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

المعنى الاصطلاحي لا يخرج عن المعنى اللغوي فكلاهما يدلان على الاستواء والاستقامة، إلا أن المعنى الاصطلاحي خص بالاستقامة على الحق.

الأدلة

القرآن الكريم

عدل النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿فَلِذَٰلِكَ فَاْدْعُۖ وَاْسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْۖ وَقُلْ ءَامَنتُ بِمَآ أَنزَلَ اْللَّهُ مِن كِتَٰبٖۖ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُۖ اْللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْۖ ﴾ [الشورى: 15]. قال تعالى: ﴿ سَمَّٰعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّٰلُونَ لِلسُّحْتِۚ فَإِن جَآءُوكَ فَاْحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْۖ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يضُرُّوكَ شَيْـٔٗاۖ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاْحْكُم بَيْنَهُم بِاْلْقِسْطِۚ إِنَّ اْللَّهَ يُحِبُّ اْلْمُقْسِطِينَ ﴾ [المائدة: 42]. قال تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِاْلْبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ اْلْكِتَٰبَ وَاْلْمِيزَانَ لِيَقُومَ اْلنَّاسُ بِاْلْقِسْطِۖ﴾. [الحديد: 25].

السنة النبوية

عدل النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية
عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: لمّا كان يوم حنين آثر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أناسًا في القسمة: فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناسًا من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة. قال رجل: والله إنّ هذه القسمة ما عدل فيها، وما أريد بها وجه الله، فقلت: والله لأخبرنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأتيته فأخبرته. فقال: «فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ رحم الله موسى. فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر». أخرجه البخاري (3150) واللفظ له، ومسلم (1062). عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: يا ابن أختي (لعروة بن الزّبير) كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يفضّل بعضنا على بعض في القسم، من مكثه عندنا، وكان قلّ يوم إلّا وهو يطوف علينا جميعا، فيدنو من كلّ امرأة من غير مسيس حتّى يبلغ إلى الّتي هو يومها فيبيت عندها.أخرجه أبو داود (2135) واللفظ له. عن عائشة- رضي الله عنها-قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقسم فيعدل، ويقول: «اللهمّ هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك». يعني القلب. أخرجه أبو داود (2134) واللفظ له، والترمذي (1140). فعن سويد بن قيس قال: «جلبتُ أنا ومخرفة العبدي بزًّا من هجر، فجاءنا رسول الله ، فساومنا سراويل، وعندنا وزانٌ يزن بالأجر، فقال له النبي : "يَا وَزَّانُ، زِنْ وَأَرْجِحْ"». أخرجه أبو داود (3336)، والترمذي (1305).

الإجماع

قال ابن تيمية: «كذلك اعتيادهم مدح الصدق والعدل والعلم ومحبته وتحسينه وذم الكذب والظلم والجهل وبغضه وتقبيحه هذه عادة صحيحة حسنة باتفاق الخلائق لا ينازع في ذلك». "بيان تلبيس الجهمية" لابن تيمية (601/4).

العقل

كان الناس قبل البعثة يتحاكمون إلى النبي لعدله وأمانته، فمن باب أولى أن يعدل بعد بعثته صلوات الله وسلامه عليه. قال الربيع بن خثيم: «كَانَ يُتَحَاكَمُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ». "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض(268/1).

قصص من حياة النبي صلى الله عليه وسلم

عدله مع جنوده

- فقد ورد أنَّ رسول الله عدل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قدح يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزيَّة حليف بني عدي ابن النجار قال: وهو مستنتل من الصف، فطعن رسول الله بالقدح في بطنه، وقال: استو يا سواد. فقال: يا رسول الله، أوجعتني، وقد بعثك الله بالعدل، فأقدني. قال: فقال له رسول الله : استقد. قال: يا رسول الله، إنَّك طعنتني، وليس عليَّ قميص. قال: فكشف رسول الله عن بطنه، وقال: استقد قال: فاعتنقه، وقبَّل بطنه، وقال: ما حملك على هذا يا سواد؟ قال: يا رسول الله، حضرني ما ترى، ولم آمن القتل، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك. فدعا رسول الله له بخير». انظر: "السيرة" لابن هشام(626/1)، "الروض الأنف" للسهيلي، "السيرة النبوية" لابن كثير(410/2).

عدله في إقامة الحدود

عن عائشة زوج النبي : «أنَّ قريشًا أهمَّهم شأن المرأة التي سرقت في عهد النبي في غزوة الفتح، فقالوا: من يكلِّم فيها رسول الله ؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِبُّ رسول الله . فأتى بها رسول الله ، فكلمه فيها أسامة بن زيد، فتلوَّن وجه رسول الله ، فقال: أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟! فقال له أسامة: استغفر لي يا رسول الله. فلما كان العشي قام رسول الله فاختطب، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال أما بعد: فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وإني -والذي نفسي بيده- لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها. ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقُطعت يدها». رواه البخاري (3475)، ومسلم (1688).

عدله في أيسر الأمور

عن أنسٍ قال: «كان النبي عند بعض نسائه، فأرسلتْ إحدى أُمَّهات المؤمنين بصحفةٍ فيها طعامٌ، فضربت التي النبي في بيتها يد الخادم فسقطت الصَّحفة فانفلقت، فجمع النبي فِلَقَ الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطَّعام الذي كان في الصَّحفة ويقول: "غَارَتْ أُمُّكُمْ". ثمَّ حبس الخادم حتى أُتِيَ بصحفةٍ من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسِرَتْ صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كَسَرَتْ». أخرجه البخاري(4927).

عدله مع غير المسلمين

عن الأشعث بن قيس قال: «كان بيني وبين رجلٍ من اليهود أرضٌ فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إلى النَّبيِّ ، فقال لي رسول الله : "أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟" قلتُ: لا. فقال لليهوديِّ: "احْلِفْ". قال: قلتُ: يا رسول الله، إِذًا يَحْلف ويذهب بمالي. فأنزل الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً﴾ [آل عمران: 77]، إلى آخر الآية». أخرجه البخاري (2285)، ومسلم (138).

العدل ملازم للنبي صلى الله عيله وسلم في حله وترحاله

عن عبد الله بن مسعود قال: «كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير، وكان أبو لبابة وعلي بن أبي طالب زميلي رسول الله ، قال: وكانت عقبة -دور- رسول الله ، فقالا : نحن نمشي عنك، فقال : ما أنتما بأقوى مني ، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما» أخرجه أحمد (4029)، والنسائي في "السنن الكبرى" (8807).

أقوال أهل العلم

«قَالَ لَهُ قَائِلُهُمُ: اعْدِلْ فَإِنَّكَ لَمْ تَعْدِلْ. وَقَالَ مُشَبَّهُهُ: إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، وَلَعَمْرُ اللَّهِ إِنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ أَجْهَلِ الْخَلْقِ بِرَسُولِهِ، وَمَعْرِفَتِهِ بِرَبِّهِ، وَطَاعَتِهِ لَهُ، وَتَمَامِ عَدْلِهِ ، وَإِعْطَائِهِ لِلَّهِ، وَمَنْعِهِ لِلَّهِ» ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "زاد المعاد" لابن القيم (425/3)
«وَأَمَّا عَدْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَانَتُهُ، وَعِفَّتُهُ وَصِدْقُ لَهْجَتِهِ، فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنَ النَّاسِ، وَأَعْدَلَ النَّاسِ، وَأَعَفَّ النَّاسِ، وَأَصْدَقَهُمْ لَهْجَةً مُنْذُ كَانَ، اعْتَرَفْ لَهُ بِذَلِكَ مُحَادُّوهُ» القاضي عِيَاض "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض(268/1).
«كَانَ يُتَحَاكَمُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ». ابن جَمَاعة الربيع بن خثيم
«وَكَانَ أعدلَ النَّاس، القريبُ والبعيدُ والضعيفُ والقويُّ عِنْده فِي الحقّ سواءٌ» المَقْرِيزي "المختصر الكبير في سيرة الرسول" لابن جماعة(73/1).
«وكان أعدل الناس، وجد أصحابُه قتيلا من خيارهم وفضلائهم، فلم يحف لهم من أجله على أعدائه من اليهود، وقد وجُد مقتولا بينهم! بل وداه مائة ناقة من صدقات المسلمين وإن بأصحابه حاجة إلى بعير» قَتَاَدة بن دعامة "إمتاع الأسماع" للمقريزي (187/2)
«﴿وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ﴾[الشورى: 15]: أُمر نبي الله صَلَّى الله عليه وسلَّم أن يعدل، فعدل حتى مات صلوات الله وسلامه عليه» "جامع البيان" للطبري (517/21).