البحث

عبارات مقترحة:

اللطيف

كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق،...

الشافي

كلمة (الشافي) في اللغة اسم فاعل من الشفاء، وهو البرء من السقم،...

حب النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وأمته

صور ومظاهر حب النبي لأمته في السيرة النبوية كثيرة، ولم يُؤْثَر عن نبي من الأنبياء عليهم السلام ذلك الحرص والحب الشديد لأمته كما أثِر عن نبينا صلوات الله وسلامه عليه، وصدق الله تعالى حين قال: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة:128]. قال ابن كثير في "تفسيره": « وقوله: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ أي: يعز عليه الشيء الذي يعنت أمته ويشق عليها، ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُم﴾ أي: على هدايتكم ووصول النفع الدنيوي والأخروي إليكم ».

التعريف

التعريف لغة

«الحبُّ، وهو نقيضُ البغْضِ. وأصل هذه المادة يدلُّ على اللُّزوم وَالثَّبات، واشتقاقه من أحَبَّه إذا لزمه، تقول: أحبَبْتُ الشَّيْء فَأنا مُحِبٌّ وَهو مُحَبٌّ». "تهذيب اللغة" للأزهري (8/4)، "لسان العرب" لابن منظور (290/1). «وأصل المحبة مأخوذ من حبب التي هي بمعنى اللزوم والثبات، ومنه يقال: أحبه حبًا ومحبة إذا لزمه». "مقاييس اللغة" لابن فارس (26/2)، "المفردات" للراغب (ص214).

التعريف اصطلاحًا

قال الكفوي: «الحب: هو عبارة عن ميل الطبع في الشيء الملذ». " الكليات" للكفوي (ص 398). وقال الراغب: «المحبَّة: ميل النفس إلى ما تراه وتظنه خيرًا». "الذريعة إلى مكارم الشريعة" للراغب الأصفهاني (ص 256). وقال الهروي: «المحبَّة: تعلق القلب بين الهمة والأنس، فِي البَذْل وَالمنْع على الإِفْرَاد». "منازل السائرين" للهروي (ص88).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي علاقة اللازم بالملزوم، فالمحبة انفعال نفسي يلزم منه ويعقبه الميل والانجذاب إلى المحبوب. «التحرير والتنوير» لابن عاشور (225/3).

الأدلة

القرآن الكريم

حب النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وأمته في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿ لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٞ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِاْلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ ﴾. [التوبة: 128]. وقال تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفْسَكَ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَٰذَا اْلْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾. [الكهف: 6]. وقال تعالى: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اْللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِاْلْمُهْتَدِينَ ﴾. [القصص: 56]. وقال تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اْللَّهَ فَاْتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اْللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْۚ وَاْللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾. [آل عمران: 31]. وقال تعالى: ﴿ لَّا تَجِدُ قَوْمٗا يُؤْمِنُونَ بِاْللَّهِ وَاْلْيَوْمِ اْلْأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اْللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوْ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَٰنَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْۚ ﴾. [المجادلة: 22]. وقال تعالى: ﴿مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ اْللَّهِۚ وَاْلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى اْلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْۖ﴾. [الفتح: 29].

السنة النبوية

حب النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وأمته في السنة النبوية
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنَّ رسول الله أخذ بيده وقال: «يا معاذ، والله إنِّي لأحبُّك، والله إنِّي لأحبُّك، فقال: أوصيك يا معاذ، لا تدعنَّ في دبر كلِّ صلاة تقول: اللهمَّ أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك». أخرجه أبو داود (1522)، والنسائي (1303). وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله قال: «يا أبا ذرٍّ، إنِّي أراك ضعيفًا، وإنِّي أحبُّ لك ما أحبُّ لنفسي، لا تأمَّرنَّ على اثنين، ولا تولَّينَّ مال يتيم». أخرجه مسلم (1826). وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «حُبِّب إليَّ: النِّساء والطِّيب، وجعل قرَّة عيني في الصَّلاة». أخرجه النسائي (3940)، وأحمد (12315). عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «ألا إني أبرأ إلى كل خل من خله، ولو كنت متخذًا خليلاً، لاتخذت أبا بكر خليلًا. إن صاحبكم خليل الله». أخرجه مسلم (2383). عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: «إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا ولَا مُتَفَحِّشًا. وقالَ: إنَّ مِن أحَبِّكُمْ إلَيَّ أحْسَنَكُمْ أخْلَاقًا». أخرجه البخاري (3759).

قصص من حياة النبي صلى الله عليه وسلم

حبه لعائشة وأبيها رضي الله عنهما

عن عمرو بن العاص رضي الله عنه: «أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، بَعَثَهُ علَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فأتَيْتُهُ فَقُلتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إلَيْكَ؟ قالَ: عَائِشَةُ قُلتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قالَ أَبُوهَا قُلتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: عُمَرُ فَعَدَّ رِجَالًا». أخرجه مسلم (2384).

حبه لأمته

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾. [إبراهيم: 36]، وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [المائدة: 118]، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ، أُمَّتِي أُمَّتِي» وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ». أخرجه مسلم(202).

حبه للحسن والحسين رضي الله عنهما

عن البراء بن عازب رضي الله عنه: «أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ أبصرَ حَسنًا وحُسَيْنًا فقالَ : اللَّهمَّ إنِّي أحبُّهما فأحبَّهما». صحيح سنن الترمذي (3782).

حبه لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه

عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: «كانَ عَلِيٌّ قدْ تَخَلَّفَ عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في خَيْبَرَ، وكانَ به رَمَدٌ، فَقَالَ: أنَا أتَخَلَّفُ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بالنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا كانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتي فَتَحَهَا اللَّهُ في صَبَاحِهَا، قَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ، أوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ، غَدًا رَجُلًا يُحِبُّهُ اللَّهُ ورَسولُهُ، أوْ قَالَ: يُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ عليه فَإِذَا نَحْنُ بعَلِيٍّ وما نَرْجُوهُ، فَقالوا: هذا عَلِيٌّ فأعْطَاهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الرَّايَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ عليه». أخرجه البخاري(3702).

حبه لأسامة بن زيد رضي الله عنه

وعن أُسامة بن زيد رضي الله عنهما؛ حدَّث عن النَّبي : أنَّه كان يأخذه والحسن فيقول: «اللهمَّ أحبَّهما فإنِّي أحبُّهما». أخرجه البخاري (3735).

أقوال أهل العلم

«أَجْوَدُ النَّاسِ كَفًّا، وَأَجْرَأُ النَّاسِ صَدْرًا، وَأَصْدَقُ النَّاسِ لَهْجَةً، وَأَوْفَى النَّاسِ ذِمَّةً، وَأَلْيَنُهُمْ عَرِيكَةً، وَأَكْرَمُهُمْ عِشْرَةً، مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ، وَمَنْ خَالَطَهُ أَحَبَّهُ ، يَقُولُ نَاعِتُهُ: لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». علي بن أبي طالِب "السيرة" لابن هشام (402/1).
«وأن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحب عَائِشَة والحسنين وَترك الْخطْبَة يَوْم الْعِيد وَنزل إِلَيْهِمَا لما رآهما يَعْثرَانِ فِي أذيالهما، وَهَذَا كُله من بَاب الْغيرَة على المحبوب أَن تنتهك حرمته». عائِشَة أم المُؤْمِنِين "الشمائل الشريفة" للسيوطي(ص223).
«لقد كان يحب عائشة حبًّا شديدًا، حتى لا يكاد يصبر عنها، فمثلت له بين يديه فى الجنة ليهون عليه موته، فإن العيش إنما يطيب باجتماع الأحبة». ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "المواهب اللدنية" للقسطلاني(551/3).
«وكان يحب نساءه، وكانت عائشة رضى الله عنها أحبهن إليه، وكان يحب أصحابه، وأحبهم إليه الصديق [رضى الله عنه]» ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "طريق الهجرتين" لابن القيم(ص296).
«يَا ابْنَ أَخِي، إنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا خَرَجَ فِي سَفَرٍ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيّتُهُنّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا، وَكَانَ يُحِبّ أَلّا أُفَارِقَهُ فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ». ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "المغازي" للواقدي (426/2).
«لقد كان رسول الله يحب زوجاته وأحبهن إليه عائشة رضي الله عنها وكان يحب أباها ويحب عمر رضي الله عنهم وكان يحب أصحابه وهم مراتب في حبه لهم ومع هذا فحبه كله لله وقوى حبه جميعها منصرفة إليه سبحانه». القَسْطَلَّاني "روضة المحبين" لابن القيم(ص121).