البحث

عبارات مقترحة:

الحي

كلمة (الحَيِّ) في اللغة صفةٌ مشبَّهة للموصوف بالحياة، وهي ضد...

الحق

كلمة (الحَقِّ) في اللغة تعني: الشيءَ الموجود حقيقةً.و(الحَقُّ)...

الحافظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...

اجتناب النبي صلى الله عليه وسلم للرِّيَب ومواطن الشبهات

العاقل يجب أن لا يضع نفسه في موطن الريبة والتهمة فيظن الناس به الظنون، وهو الأمر الذي يثير في صاحبه الشك أحق هو أم باطل، خطأ أم صواب ولهذا يقول رسول الله : «دع ما يريبك الى ما لا يريبك».أخرجه الترمذي (2518)، وأحمد (1723)، وذلك لأن بعض الناس يفعلون أمورًا بنية طيبة وقصد سليم، ولكنها قد تثير الظنون، وتبعث على التهمة، ولو بغير حق ومثل هذه الأمور يجب على إنسان أن يجنب نفسه هذه المواقف، وألا يستهين بأسبابها اعتمادًا على حسن نيته وسلامة قصده حتى لا يلصق بنفسه تهمة هو منها بريء، ولا يعرض غيره للوقوع في سوء الظن والاتهام الباطل، فقطع أسباب الغيبة وإغلاق أبوابها بالبعد عن مواقف الريبة والظنون، والمتأمل في سيرة النبي يجده من أبعد الناس عن الريب ومواطن الشبهات.

التعريف

التعريف لغة

«جَنَّبَ الشيءَ وتجَنَّبَه وجانَبَه وتجَانَبَه واجْتَنَبَهُ: بَعُدَ عَنْهُ. وجَنَبَه الشيءَ وجَنَّبَه إيَّاه وجَنَبَه يَجْنُبُه وأَجْنَبَه: نَحَّاهُ عَنْهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ إِخْبَارًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَلَى نبيَّنا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ﴾. [إبراهيم: 35]». "لسان العرب" لابن منظور (278/1).

التعريف اصطلاحًا

قال الواحدي: «الاجتناب: المباعدة عَنْ الشيء وتركه جانبًا». "التفسير الوسيط" للواحدي (39/2)، وقال الطبري: «اجنبني: أبعدني». "جامع البيان" للطبري (17/17)، قال الثعلبيُّ: «وَاجْنُبْنِي، أي: بعّدني واجعلني منْها على جانِبٍ بعيدٍ». "الجواهر الحسان" للثعلبي (385/3).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

لا يخرج المعنى الاصطلاحي عن أصله اللغوي والذي يدور حول البعد.

الأدلة

القرآن الكريم

اجتناب النبي صلى الله عليه وسلم للرِّيَب ومواطن الشبهات في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيٓ أَنْعَمَ اْللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاْتَّقِ اْللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اْللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى اْلنَّاسَ وَاْللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَىٰهُۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٞ مِّنْهَا وَطَرٗا زَوَّجْنَٰكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى اْلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٞ فِيٓ أَزْوَٰجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَرٗاۚ وَكَانَ أَمْرُ اْللَّهِ مَفْعُولٗا * مَّا كَانَ عَلَى اْلنَّبِيِّ مِنْ حَرَجٖ فِيمَا فَرَضَ اْللَّهُ لَهُۥۖ سُنَّةَ اْللَّهِ فِي اْلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُۚ وَكَانَ أَمْرُ اْللَّهِ قَدَرٗا مَّقْدُورًا﴾. [الأحزاب: 37-38].

السنة النبوية

اجتناب النبي صلى الله عليه وسلم للرِّيَب ومواطن الشبهات في السنة النبوية
عن أم المؤمنين صفية رضي الله عنها أن النبي قال: «..علَى رِسْلِكُما إنَّهَا صَفِيَّةُ بنْتُ حُيَيٍّ فَقالَا سُبْحَانَ اللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ قالَ: إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وإنِّي خَشِيتُ أنْ يَقْذِفَ في قُلُوبِكُما سُوءًا، أوْ قالَ: شيئًا». أخرجه البخاري(3281)، ومسلم (2175). عن عائشة رضي الله عنها أن النبي قال: «لَوْلا أنَّ قَوْمَكِ حَديثُو عَهْدٍ بجاهِلِيَّةٍ، أوْ قالَ: بكُفْرٍ، لأَنْفَقْتُ كَنْزَ الكَعْبَةِ في سَبيلِ اللهِ، ولَجَعَلْتُ بابَها بالأرْضِ، ولأَدْخَلْتُ فيها مِنَ الحِجْرِ». أخرجه مسلم (1333). عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «مَرَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بتَمْرَةٍ في الطَّرِيقِ، قالَ: لَوْلَا أنِّي أخَافُ أنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا». أخرجه البخاري (2431).

قصص من حياة النبي صلى الله عليه وسلم

اجتنابه للشبهات والريب وتوضيح ما قد يلتبس

عن أم المؤمنين صفية رضي الله عنها قالت: «كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُعْتَكِفًا فأتَيْتُهُ أزُورُهُ لَيْلًا، فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ فَانْقَلَبْتُ، فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي، وكانَ مَسْكَنُهَا في دَارِ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنَ الأنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أسْرَعَا، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: علَى رِسْلِكُما إنَّهَا صَفِيَّةُ بنْتُ حُيَيٍّ فَقالَا سُبْحَانَ اللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ قالَ: إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وإنِّي خَشِيتُ أنْ يَقْذِفَ في قُلُوبِكُما سُوءًا، أوْ قالَ: شيئًا». أخرجه البخاري (3281)، ومسلم (2175). يقول الإمام الخطابي: «في هذا الحديث من العلم استحباب أن يحذر الإنسان من كل أمر من المكروه مما تجري به الظنون ، ويخطر بالقلوب ، وأن يطلب السلامة من الناس بإظهار البراءَة من الريب».

تفرقة النبي بين عقبة بن الحارث وزوجته: "كيف وقد قيل"

ولهذا البعد الأخلاقي أمر النبي بالتفرقة بين عقبة بن الحارث رضي الله عنه وزوجه، فعن عقبة بن الحارث : «أنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لأبِي إهَابِ بنِ عَزَيْزٍ، فأتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقالَتْ: قدْ أرْضَعْتُ عُقْبَةَ، والَّتي تَزَوَّجَ، فَقالَ لَهَا عُقْبَةُ: ما أعْلَمُ أنَّكِ أرْضَعْتِنِي، ولَا أخْبَرْتِنِي، فأرْسَلَ إلى آلِ أبِي إهَابٍ يَسْأَلُهُمْ، فَقالوا: ما عَلِمْنَا أرْضَعَتْ صَاحِبَتَنَا، فَرَكِبَ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمَدِينَةِ، فَسَأَلَهُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: كيفَ وقدْ قيلَ، فَفَارَقَهَا ونَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ». أخرجه البخاري (88).

دفعه التهمة عن أهل بيته وبيان ذلك للناس

في قصة حادثة الإفك عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: «فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى المِنْبَرِ، فَاسْتَعْذَرَ مِن عبدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، قالَتْ: فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو علَى المِنْبَرِ: يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ قدْ بَلَغَ أَذَاهُ في أَهْلِ بَيْتي فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أَهْلِي إلَّا خَيْرًا، وَلقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وَما كانَ يَدْخُلُ علَى أَهْلِي إلَّا مَعِي». أخرجه البخاري (4141)، ومسلم (2770).

امتناعه عن فعل بعض الأشياء تجنبًّا لحديث الناس

روى جَابِرُ بن عبد اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ (أي ضرب رجل) مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ»؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ»، فَسَمِعَ بِذَلِكَ عبد اللَّهِ بن أُبَيٍّ، فَقَالَ: فَعَلُوهَا! أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ ، فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ : «دَعْهُ لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ». أخرجه البخاري (4907)، ومسلم (2584).

أقوال أهل العلم

«لا واللَّهِ ما مَسَّتْ يَدُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، غيرَ أنَّه بَايَعَهُنَّ بالكَلَامِ، واللَّهِ ما أخَذَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى النِّسَاءِ إلَّا بما أمَرَهُ اللَّهُ، يقولُ لهنَّ إذَا أخَذَ عليهنَّ: قدْ بَايَعْتُكُنَّ كَلَامًا». عائِشَة أم المُؤْمِنِين أخرجه البخاري (5288).
«كَانَ لَا يُصَافح النِّسَاء الْأَجَانِب فِي الْبيعَة أَي لَا يضع كَفه فِي كف الْوَاحِدَة مِنْهُنَّ، بل يبايعها بالْكلَام فَقَط قَالَ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ: هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف وَزعم أَنه كَانَ يُصَافِحهُنَّ بِحَائِل لم يَصح، وَإِذا كَانَ هُوَ لم يفعل ذَلِك مَعَ عصمته وَانْتِفَاء الرِّيبَة عَنهُ فَغَيره أولى» الجَلَال السُّيُوطي "الشمائل الشريفة" للسيوطي (248/1).