البحث

عبارات مقترحة:

الوتر

كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...

الودود

كلمة (الودود) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) من الودّ وهو...

المدح

المدح بالباطل إحدى آفات اللسان التي نهى عنها الشارع الحكيم، فكثير من الناس يطلقون ألفاظ المديح والثناء ويكيلونها على كل أحد، حتى ولو لم يكن أهلاً لها، لأن هذه الآفة تؤدي إلى مخاطر كثيرة سواء على الصعيد الاجتماعي في قضايا الزواج مثلاً، أو التعامل والوظائف؛ لأن الإنسان إذا مدح رجلاً فإنه يوثقه عند الآخرين فقد يستخدمونه وهو ليس بأهل للاستخدام في الجانب هذا، وقد يؤدي إلى إفساد قلب الرجل ونيته؛ لأن كيل ألفاظ الثناء والمدح مما يخرب الإخلاص، ويجرحه تجريحاً، عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: «أثْنَى رَجُلٌ علَى رَجُلٍ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: ويْلَكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ أخِيكَ - ثَلَاثًا - مَن كانَ مِنكُم مَادِحًا لا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ: أحْسِبُ فُلَانًا، واللَّهُ حَسِيبُهُ، ولَا أُزَكِّي علَى اللَّهِ أحَدًا، إنْ كانَ يَعْلَمُ». أخرجه البخاري (6162).

التعريف

التعريف لغة

«مَدْح: نَقِيضُ الهجاءِ وَهُوَ حُسْنُ الثناءِ؛ يُقَالُ: مَدَحْتُه مِدْحَةً وَاحِدَةً ومَدَحَه يَمْدَحُه مَدْحاً ومِدْحَةً». "لسان العرب" لابن منظور (589/2).

التعريف اصطلاحًا

المدح: «هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري قصدًا». "التعريفات" للجرجاني(ص407). الْمَدْح: «هُوَ الثَّنَاء الْحسن، ومدحه وامتدحه بِمَعْنى، والمدحة والأمدوحة مَا يمدح بِهِ». "الكليات" للكفوي (ص857).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

المعنى الاصطلاحي واللغوي متفقان ويدوران حول الثناء.

الفروق

الفرق بين المدح و المدح والحمد والشكر

«الحمد: أخصّ من المدح وأعمّ من الشّكر؛ فإنّ المدح يقال فيما يكون من الإنسان باختياره وممّا يكون منه وفيه بالتّسخير. فقد يمدح الإنسان بطول قامته وصباحة وجهه: كما يمدح ببذل ماله وسخائه وعلمه، والمدح يكون في الثّاني دون الأوّل، والشّكر لا يقال إلّا في مقابلة نعمة: فكلّ شكر حمد وليس كلُّ حمدٍ شُكرًا، وكلّ حمد مدح وليس كلّ مدح حمدًا». لسان العرب (3 /155- 158).

الفرق بين المدح و المدح والثناء

«أن الثناء مدح مكرر، مأخوذ من الثني ورد الشيء بعضه على بعض، من قولك: ثنيت الخيط، إذا جعلته طاقين، وثنَّيته بالتشديد إذا أضفت إليه خيطًا آخر». "الفروق اللغوية" للعسكري (ص150).

الأدلة

القرآن الكريم

المدح في القرآن الكريم
لم يرد لفظ (المدح) في القرآن، ولم يرد جذره (مدح). قال تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾[البقرة: 83]. قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا﴾[النساء: 49-50]. قال تعالى: ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾. [النجم: 32]. قال تعالى: ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾. [النمل: 19]. قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا﴾[الإسراء: 19]. قال تعالى: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [آل عمران: 104]. قال تعالى: ﴿وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾[الأنعام: 85]. وقال تعالى في قصة يوسف عليه السلام: ﴿ ​قَالَ اْجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ اْلْأَرْضِۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٞ﴾ [يوسف: 55]. قال ابن الجوزي: «فإن قيل: كيف مدح نفسه بهذا القول، ومن شأن الأنبياء والصالحين التواضع؟ فالجواب: أنه لما خلا مدحُه لنفسه من بغي وتكبر، وكان مراده به الوصول إِلى حق يقيمه وعدل يحييه وجور يبطله، كان ذلك جميلاً جائزًا. وقد قال نبيّنا عليه السلام: «أنا أكرم ولد آدم على ربه». وقال علي بن أبي طالب عليه السلام: «والله ما من آية إِلا وأنا أعلم أبِليل نزلت، أم بنهار». وقال ابن مسعود: «لو أعلم أحداً أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإِبل لأتيته». فهذه الأشياء، خرجت مخرج الشكر لله، وتعريف المستفيد ما عند المفيد، ذكر هذا محمد بن القاسم. قال القاضي أبو يعلى: في قصة يوسف دلالة على أنه يجوز للإنسان أن يصفَ نفسَه بالفضل عند من لا يعرفه، وأنه ليس من المحظور في قوله: ﴿فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ﴾». "زاد المسير" (2/451). وقال ابن جزي عند هذه الآية: «ويستدل بذلك أنه يجوز للرجل أن ‌يعرف ‌بنفسه ويمدح نفسه بالحق إذا جهل أمره وإذا كان في ذلك فائدة». "التسهيل لعلوم التنزيل" (1 /390).

السنة النبوية

المدح في السنة النبوية
عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: «أثْنَى رَجُلٌ علَى رَجُلٍ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: ويْلَكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ أخِيكَ - ثَلَاثًا - مَن كانَ مِنكُم مَادِحًا لا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ: أحْسِبُ فُلَانًا، واللَّهُ حَسِيبُهُ، ولَا أُزَكِّي علَى اللَّهِ أحَدًا، إنْ كانَ يَعْلَمُ». أخرجه البخاري (6162). عن أبي ذر رضي الله عنه: «قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ العَمَلَ مِنَ الخَيْرِ، وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عليه؟ قالَ: تِلكَ عَاجِلُ بُشْرَى المُؤْمِنِ». أخرجه مسلم (2642). عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن النبي قال: «لا يَزَالُ الرَّجُلُ يَذْهبُ بِنفْسِه حتَّى يُكْتَبَ في الجبَّارينَ فيُصيبُهُ ما أصابَهُم». أخرجه الترمذي (2000). عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: «سَمِعَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَجُلًا يُثْنِي علَى رَجُلٍ ويُطْرِيهِ في المِدْحَةِ فَقالَ: أهْلَكْتُمْ، أوْ: قَطَعْتُمْ ظَهْرَ الرَّجُلِ». أخرجه البخاري (6060). عن همام بن الحارث قال: «أنَّ رَجُلًا جَعَلَ يَمْدَحُ عُثْمَانَ، فَعَمِدَ المِقْدَادُ فَجَثَا علَى رُكْبَتَيْهِ، وَكانَ رَجُلًا ضَخْمًا، فَجَعَلَ يَحْثُو في وَجْهِهِ الحَصْبَاءَ، فَقالَ له عُثْمَانُ: ما شَأْنُكَ؟ فَقالَ: إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قالَ: إذَا رَأَيْتُمُ المَدَّاحِينَ، فَاحْثُوا في وُجُوهِهِمِ التُّرَابَ». أخرجه مسلم (3002).

أقوال أهل العلم

«وَلِهَذَا قيل مَا الَّذِي لَا يحسن وَإِن كَانَ حَقًا، فَقَالَ. مدح الرجل نَفسه [قلت: مدح الْمَرْء نَفسه إِنَّمَا يكون مذموما إِذا قصد بِهِ التفاخر والتوصل إِلَى مَا لَا يحل». أَبُو البَقاء "الكليات" الكفوي(ص490).
«النهي محمول على المجازفة في المدح، والزيادة في الأوصاف، أو على من يخاف عليه فتنة من إعجاب، ونحوه إذا سمع المدح، وأما من لا يخاف عليه ذلك، لكمال تقواه، ورسوخ عقله ومعرفته، فلا نهي في مدحه في وجهه، إذا لم يكن فيه مجازفة». النَّوَوِي النووي
«حاصل النهي أنه إذا أفرط في مدح آخر بما ليس فيه لم يأمن على الممدوح العجب لظنه أنه بتلك المنزلة، فربما ضيع العمل والازدياد من الخير اتكالًا على ما وصف به». ابن بَطَّال ابن بطال
«إذا سمعت من يمدحك بما ‌ليس ‌فيك، فلا تأمنه أن يذمك بما ‌ليس ‌فيك». أَبُو الوَفاء البَغْدادي "سير أعلام النبلاء" (4/550).
«إنما نهى عن تزكية النفس بالمدح والإطراء المورث عُجبًا وتيهًا ومرحًا». "الآداب الشرعية" لابن مفلح (3 /464).
وَهْب بن مُنَبِّه

الأقسام والأنواع

أولاً: المدح المحمود: هو المدح بالحق، ومن صوره: - ما كان ثناءً من الله تعالى أو رسوله . ومن ذلك: قول الله تعالى في حق أبي بكر رضي الله عنه في سورة الليل: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾. [الليل: 17-21 ]. - مدح الصالحين وأهل الفضل: لما يجده أهل الفضل من محبة الناس وثنائهم عليهم من غير تطلعهم لذلك الثناء، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: «قيل لرسول الله : ما أريت الرجل الذي يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟ قال: تلك عاجل بشرى المؤمن». أخرجه مسلم(2642). قال ابن رجب: «فأما إذا عمل العمل لله خالصًا، ثم ألقى الله له الثناء الحسن في قلوب المؤمنين بذلك، ففرح بفضل الله ورحمته، واستبشر بذلك، لم يضره ذلك». "جامع العلوم والحكم" (1 /83). - مدح الشخص بما فيه قبل توجيهه ونصحه: فيقدم الناصح بين يدي نصيحته الثناء على المنصوح، وذكر بعض الخير الذي فيه، ثم يحفزه للكمال بفعل بعض المأمورات أو ترك بعض المنهيات، فهذا مظنة الاستجابة للنصيحة، في الحديث: «نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل، فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلًا». أخرجه البخاري (1121). - المدح بقصد ترغيب الممدوح في الإكثار مما مدح به، أو تذكيرًا له بنعمة الله عليه ليشكرها، وليذكرها. - مدح الإنسان نفسه عند الحاجة، كأن يكون خاطبًا إلى قوم فيرغبهم في نكاحِهِ، أو يعرف أهليته الولايات الشرعية والمناصب الدينية ليقوم بما فرض الله عليه عينًا أو كفاية، كقول يوسف عليه السلام: ﴿ اْجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ اْلْأَرْضِۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٞ ﴾ [يوسف: 55]، وقد يمدح المرء نفسه ليقتدى به فيما مدح به نفسه كقول عثمان رضي الله عنه ما تعنيت منذ أسلمت، ولا تمنيت، ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعت رسول الله - ، قال العز بن عبد السلام: «وهذا مختص بالأقوياء الذين يأمنون التسميع ويقتدى بأمثالهم». انظر "قواعد الأحكام" للعز بن عبد السلام (2/210). وقد نظم بعضهم الحالات التي يجوز للإنسان فيها مدح نفسه فقال: للمرءِ مدحُ نفسِهِ ليُتَّبَعْ*****فيما به امتداحُ نفسِهِ وَقَعْ أو حاجةٍ دعت إلى امتداحِهِ*****كخاطبٍ رَغَّبَ في نكاحِهِ وهكذا لتُعرَفَ الأهليَّة*****مِنهُ لِكَالولايةِ الشرعيَّة أبداهُ عزُّ الدينِ في "قواعده" *****مُشمِّرًا عن ساقِهِ وساعِدِهْ ثانيًا: المدح المذموم: هو المدح بالباطل، ويأتي على صور، منها: - مدح العبد لنفسه إذا أورثه عُجبًا وتيهًا، وهو قبيح؛ لما فيه من التفاخر والكبر، وهو يورث الهلاك، وقد نهى الله تعالى عن تزكية العبد لنفسه ووبخ من يفعل ذلك فقال: ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾. [النجم: 32]. وحذروا من مدح الإنسان شيخه، لما فيه من تلبيس النفس لأنها تريد به مدحها، وحذروا من الاعتذار لغير غرض شرعي، لأنَّ مِنْ لازِمِ الاعتذار تزكية النفس، لأن المعتذر يطلب به براءة نفسه من ذلك النقص الذي ظن به. "اللآلىء الحسان" لولد الخديم (ص28). وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال : «إذا قال الرجل: هلك الناس فهو أهلكهم». قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: «إذا قال ذلك تحزُّنًا لما يرى في الناس - يعني في أمر دينهم - فلا أرى به بأسًا، وإذا قال ذلك عجبًا بنفسه وتصاغُرًا للناس فهو المكروه الذي نُهي عنه». نقله عنه أبو داود في "السنن" عقب حديث (4983)، وهذا التفصيل الذي ذكره الإمام مالك حكى النووي في "شرح مسلم" اتفاق العلماء عليه. - المدحُ في وجه الممدوح إن لم يكن الممدوحُ عنده كمالُ إيمان، وحسنُ يقين، ورياضةُ نفس، ومعرفةٌ تامة، بحيث يفتتن بالمدح، ويغترّ بذلك، وتلعبُ به نفسُه. قال النووي: «إن خيف عليه شئ من هذه الأمور، كُرِهَ مدحُه كراهةً شديدة». وقال المروذي: قلت لأبي عبد الله: الرجل يقال له في وجهه: أحييت السنة؟ قال: هذا فساد لقلب الرجل. -مدح الشخص والثناء عليه بأشياء لا يطلع عليها إلا الله، من صدق الإيمان والتقوى والخشية، ونحو ذلك مما يتعلق بالقلوب؛ لأنه مما لا يطلع عليها إلا علام الغيوب، فيكون المادح بذلك مُجازفًا، وإن كان لا بد مادحًا فلا يجزم بذلك، بل يقول: أحسبه أو أظنه، ونحو ذلك من الألفاظ التي ليس فيها جزم. "شرح السنة" للبغوي (151/13). - المغالاة في المدح والإفراط بذكر ما ليس في الممدوح، فيكون المادح كاذبًا، وقد نهى النبي عنها، فقال: «لَا تُطْرُونِي كما أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ؛ فإنَّما أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولوا: عبدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ». أخرجه البخاري(3445). "عمدة القاري" للعيني (37/16). -مدح من لا يستحق المدح من الفساق الظالمين: فمن مدح ظالمًا وهو يعلم فقد شاركه في ظلمه؛ لأن الله حرم الركون إلى الظالمين وتوعد من يفعله بعذاب النار، وأنه لن يجد له ناصرًا في تلك الحالة، وعن بريدة أن النبي قال: «لا تقولوا للمنافق: سيدنا؛ فإنه إن يك سيدكم فقد أسخطتم ربكم عز وجل». أخرجه البخاري (760). وقال الحسن البصري: «من دعا لفاسق فقد أحب أن يعصى الله». أخرجه ابن أبي الدنيا في "الصمت وآداب اللسان" (230). يقول العلامة الحجاوي: «فالظالم الفاسق ينبغي أن يُذَمَّ لتَفتُرَ رغبته عن الظلم والفسق». "شرح منظومة الآداب" (ص87). - المدح بالباطل طمعًا فيما عند الممدوح من متاع الحياة الدنيا أو لغير ذلك، فيُظهر المادح له من الحب ما لا يعتقد فيكون مُنافقًا مُرائِيًا. وآفات المدح بينها الغزالي في "الإحياء" وسار على ما ذكره عدد من المؤلفين في الآداب من بعده، وقد نظم العلامة أحمد ولد فال عددًا من آفات المدح فقال في محارم اللسان: . ..............*****ومدحُهُ إلا لأمنِ ضرره بدين ممدوح أو المزكي *****كعُجبٍ او تنافُقٍ او إفكِ فيفترُ الأوَّلُ، أو يستنكِفُ *****أو يِهرِفُ المادحُ ما لا يعرفُ انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (5 /565-572) "الأذكار" للنووي (ص276)، و"الآداب الشرعية" لابن مفلح (3/453-467)، و"شرح منظومة الآداب" للحجاوي (ص86-88)، "اللآلىء الحسان على محارم اللسان" لولد الخديم (ص25)، و"موسوعة التفسير الموضوعي" لمجموعة من الباحثين (241/30).

العقوبة

- أن نحثوا في وجوه المداحين التراب: عن همام بن الحارث قال: «أنَّ رَجُلًا جَعَلَ يَمْدَحُ عُثْمَانَ، فَعَمِدَ المِقْدَادُ فَجَثَا علَى رُكْبَتَيْهِ، وَكانَ رَجُلًا ضَخْمًا، فَجَعَلَ يَحْثُو في وَجْهِهِ الحَصْبَاءَ، فَقالَ له عُثْمَانُ: ما شَأْنُكَ؟ فَقالَ: إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قالَ: إذَا رَأَيْتُمُ المَدَّاحِينَ، فَاحْثُوا في وُجُوهِهِمِ التُّرَابَ». أخرجه مسلم(3002). - مدح المنافقين يوجب سخط الله: عن بريدة أن النبي قال: «لا تقولوا للمنافق: سيدنا؛ فإنه إن يك سيدكم فقد أسخطتم ربكم عز وجل». أخرجه البخاري (760). - لا يزال الرجل يمدح نفسه حتى يكتب من الجبارين ويصيبه ما أصابهم: عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن النبي قال: «لا يَزَالُ الرَّجُلُ يَذْهبُ بِنفْسِه حتَّى يُكْتَبَ في الجبَّارينَ فيُصيبُهُ ما أصابَهُم». أخرجه الترمذي (2000).

وسائل الاجتناب

1- على الْمَمْدُوحِ أَنْ يَكُونَ شَدِيدَ الِاحْتِرَازِ عَنْ آفَةِ الكبر والعجب، وآفة الفتور، ولا ينجو منه إلا بأن يعرف نفسه، ويتأمل ما في خطر الخاتمة ودقائق الرياء وآفات الأعمال، فإنه يعرف من نفسه ما لا يعرفه المادح. قال المروذي: قلت لأبي عبد الله: ما أكثر الداعين لك! فتغرغرت عينه، وقال: أخاف أن يكون هذا استدراجًا. "الورع" للإمام أحمد (ص152). وقال رجل لأبي عبد الله: الحمد لله الذي رأيتك، فقال: اقعد، أيش هذا؟ من أنا؟! وانظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (160/3). 2- تحري الحق في المدح، والتماس الهدي النبوي في المدح، بحيث يجتنب في المدح الكذب والمجازفة والرياء والكبر والعجب والانقطاع عن العمل. 3- ترك المغالاة في الأشخاص، واستشعار عظمة الله تعالى. 4- إخلاص العمل لله سبحانه، وهضم النفس، إذ هو الأصل. 5- تجنب مدح الرجل في حضوره، إن كان ممن يخشى عليه الافتتان والاغترار بالمدح، حرصًا على سلامة قلبه. 6- أن يكره الممدوح المدح، ويظهر عليه الكراهة، فقد كان علي رضي الله عنه لما أثني عليه يقول: اللهم اغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيرًا مما يظنون. أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (4876). ومحبة المدح أقوى أسباب الرياء، كما أن كراهة الذم أقوى أسباب الغضب والحقد.. انظر: "شرح منظومة الآداب" للحجاوي (ص88)، "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص641).