البحث

عبارات مقترحة:

المؤخر

كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

القدوس

كلمة (قُدُّوس) في اللغة صيغة مبالغة من القداسة، ومعناها في...

قول الصحابي

قول الصّحابي من مصادر التشريع الإسلامي المختلف فيها، وهو كل ما نُقلَ إلينا عن أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم من فتوى أو قضاء أو رأي أو مذهب في حادثة لم يرِد حكمها في نص، ولم يحصل عليها إجماع. وقد اتفق جمهور الأصوليين على اعتبار قول الصّحابي في ما لا مجال للاجتهاد فيه، وفيما أجمع عليه الصّحابة صراحةً، وأنّ الصحابي إذا خالف صحابي آخر لم يكون قولهم حجّةً على بعض.

التعريف

التعريف اصطلاحًا

الصّحابي عند جمهور الأصوليين: هو من لقي الرّسول صلى الله عليه وسلّم مؤمناً به، ومات على إسلامه. وقد اشترط البعض أن يكون قد لازم النّبي صلى الله عليه وسلّم زمناً طويلاً. انظر "مسلم الثبوت" للكنوي (2 /120)، "تيسير علم أصول الفقه" للخادمي (ص215). وقول الصّحابي: ما نُقلَ إلينا عن أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم من فتوى أو قضاء أو رأي أو مذهب في حادثة لم يرِد حكمها في نص، ولم يحصل عليها إجماع. انظر "المهذب في أصول الفقه" للنملة (3 /981).

الأدلة

القرآن الكريم

قول الصحابي في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة: 100] فدلّت الآية على عدالة الصّحابة وتزكية الله تعالى لهم وعلّو منزلتهم. وقال تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ [آل عمران: 110] وهذا خطاب للصحابة رضي الله عنهم يدلُّ على أنَّ ما يأمرون به معروف، والأمر بالمعروف واجب القبول. انظر "معالم أصول الفقه" للجيزاني (ص219)، "أصول الفقه الإسلامي" للزحيلي (2 /155).

السنة النبوية

قول الصحابي في السنة النبوية
ما رواه عمران بن حصين عن النّبي صلى الله عليه وسلّم أنّه قال: «خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». أخرجه البخاري (6695). وما رواه أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «لا تَسُبُّوا أصْحابِي، فلوْ أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ما بَلَغَ مُدَّ أحَدِهِمْ، ولا نَصِيفَهُ». أخرجه البخاري (3673).

العقل

قول الصحابي إنما جُعل حجة لاحتمال السّماع، ولفضل إصابتهم في الرأي ببركة صحبة النبي صلى الله عليه وسلّم، فإذا قال الصّحابي قولاً يُخالف القياس، فإما أن يكون له فيه مستند، أو لا يكون، وغير جائز ألا يكون له فيه مستند، وإلا كان قائلاً في الشّريعة بلا دليل، وهذا محرّم، وحال الصّحابة من العدالة والفضل يُنافي ذلك، وإن كان له فيه مستند، فلا مستند وراء القياس سوى النّقل، وهو حجّة متبعة، فيكون العمل بمذهب الصّحابي بمنزلة تقديم خبر الواحد على القياس. انظر "أصول الفقه الإسلامي" للزحيلي (2 /156) كما أنّ الصحابة انفردوا بماجعلهم أبرّ الأمة قلوباً وأعمقهم علماً، وأقلهم تكلفاً، فقد خصهم الله بتوقد الأذهان وفصاحة اللسان، فالعربية طبيعتهم وسليقتهم، والمعاني الصّحيحة مركوزة في فطرهم وعقولهم، ولا حاجة بهم إلى النّظر في الإسناد وأحوال الرّواة وعلل الحديث والجرح والتّعديل، ولا إلى النّظر في قواعد الأصول وأوضاع الأصوليين، بل قد غنوا عن ذلك كله. فليس في حقهم إلا أمران: أحدهما: قال الله تعالى كذا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم كذا. والثاني: معناه كذا وكذا وهم أسعد النّاس بهاتين المقدمتين، وأحظى الأمة بهما، فقواهم متوفرة مجتمعة عليهما؛ لذلك كان قولهم أقرب إلى الصّواب وأبعد عن الخطأ؛ فأنهم حضروا التنزيل، وسمعوا كلام رسول الله _صلى الله عليه وسلّم_ منه، وهم أعلم بالتّأويل، وأعرف بالمقاصد وأقرب عهداً بنور النّبوة، وأكثر تلقياً من المشكاة النّبوية. انظر "روضة الناظر" لابن قدامة (1 /405)، "إعلام الموقعين" لابن القيم (1 /79_82)، (4 /148_150)

الموقف من الاحتجاج به

اتفق الأئمة المجتهدون من أصحاب المذاهب على أنّه لا خِلاف في الأخذ بقول الصّحابي في لا مجال للرأي أو الاجتهاد فيه؛ لأنه من قبيل الخبر التوقيفي عن صاحب الرّسالة عليه صلوات الله وسلامه. ولا خلاف أيضاً فيما أجمع عليه الصّحابة صراحةً، أو كان مما لا يعرف له مُخالف؛ كما في توريث الجدات السّدس. ولا خلاف أيضاً في أنّ قول الصحابي إذا خالفه غيره من الصّحابة، لم يكُن قول بعضهم حجّة على بعض، ولم يجز للمجتهد بعدهم أن يقلّد بعضهم، بل الواجب في هذه الحالة التخير من أقوالهم بحسب الدّليل ولا يجوز الخروج عنها. انظر "معالم أصول الفقه" للجيزاني (ص217)، "أصول الفقه الإسلامي" للزحيلي (2 /150)، "المحصول" للرازي (2/465). وإنما الخِلاف في فتوى الصّحابي بالاجتهاد المحض بالنّسبة للتابعي ومن بعده هل يعتبر حجّة شرعيّة أو لا، ذكر العُلماء في ذلك أقوالًا: الأول: إنه ليس بحجّة مطلقاً، وهو مذهب جمهور الأشاعرة والمعتزلة والشيعة، والشّافعي في قول، وأحمد في رواية عنه، واختاره بعض متأخري الحنفية والمالكية، وابن حزم. واستدلوا على ذلك بأنَّ الصحابي لم تثبت عصمته، فتكون أقولهم كغيرهم من المجتهدين في أنها ليست حجّة، ولأنه ثبت تخطئة بعضهم لبعض ورجوع بعضهم عن رأيه؛ كما ثبت مُخالفة بعض فقهاء التّابعين لبعضهم وقد علموا بهذه المُخالفة ولم ينكروا عليهم، ولو كان رأيهم حجة ملزمة لمن جاء بعدهم لأنكروا عليهم تلك المُخالفة، وإذا ثبت ذلك في حق التّابعين كان غيرهم مثلهم، وامتياز الصّحابة بكونهم أفضل وأعلم وأتقى من غيرهم لا يوجب عل مجتهد آخر من جاء بعدهم تقليدهم؛ لأن الأدلة الدّالة على منع التقليد عامة تشمل الصحابي وغيره. الثّاني: أنّه حجة مُطلقاً، سواء وافق القياس أم لم يوافقه. وهو مذهب أكثر الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وكثير من الشافعية، وهو مذهب الِشافعي في الجديد والقديم كما ثبت عنه في كثير من فروعه. الثّالث: أنّه حجة إذا خالف القياس؛ لأنه لا تخريج له إلا أنه اطَّلع على خبرِ فاتبعه، وإلا فإنه يكون قد ترك القياس المأمور به وانقدحت عدالته وهو باطل، وحينئذٍ فيكون قوله حجّة. وهو قول عند الحنفية. انظر "أصول الفقه الإسلامي" للزحيلي (2 /151)، "أصول الفقه الإسلامي" لشلبي (ص360-361)، "المهذب في أصول الفقه" للنملة (3 /981-987).

الأقسام والأنواع

أوجه فتوى الصّحابي: الوجه الأول: أن يكون سمعها من النبي صلى الله عليه وسلّم. الوجه الثّاني: أن يكون سمعها ممن سمعها منه صلى الله عليه وسلّم؛ فإنَّ الصّحابة رضي الله عنهم كانوا يهابون الرّواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ويعظمونها، ويقللونها خوف الزّيادة والنقصان. الوجه الثّالث: أن يكون فهمها من آية من كتاب الله فهماً خفيَ علينا. الوجه الرّابع: أن يكون قد اتفق عليها ملؤهم، ولم ينقل إلينا إلا قول المفتي بها وحده. الوجه الخامس: أن يكون لكمال علمه باللغة ودلالة اللفظ على الوجه الذي انفرد به عنّا، أو لقرائن حالية اقترنت بالخطاب، أو لمجموع أمور فهمها على طول الزّمان من رؤية النّبي صلى الله عليه وسلّم ومشاهدة أفعاله، وأحواله، وسيرته، وسماع كلامه، والعلم بمقاصده، وشهود تنزيل الوحي، ومشاهدة تأويله بالفعل، فيكون فهم ما لا نفهمه نحن. وعلى هذه التّقادير الخمسة تكن فتواه حجّة يجب اتباعها. الوجه السّادس: أن يكون فَهِم ما لم يُرده الرّسول صلى الله عليه وسلّم، وأخطأ في فهمه، والمُراد غير ما فهمه. وعلى هذا التّقدير لا يكون قوله حجّة. انظر "معالم أصول الفقه: للجيزاني (ص220-221)

مسائل متعلقة

إذا اختلف صحابيان في مسألة على قولين، فهل يجوز للمجتهد الأخذ بقول أحدهما بدون دليل؟ الصّحابي إذا قال قولاً في مسألة اجتهادية ولم يخالف فيه قول صحابي آخر، ولم ينتشر في بقية الصّحابة، فإن هذا القول يكون حجة. لكن إذا قال صحابي قولاً في مسألة، وخالفه صحابي آخر في نفس المسألة بقولٍ آخر، فهل يجوز للمجتهد الأخذ بقول أحدهما بدون دليل؟ اختلف العُلماء في ذلك على مذهبين: المذهب الأول: أن لا يجوز الأخذ بقول أحدهما بدون دليل، بل لا بد من دليل، وهو مذهب جمهور العلماء؛ لدليلين: الدّليل الأول: أن القولين لا يُمك أن يكوناخطأ، ولا يُمكن أن يكونا صواباً، بل إن أحدهما صواب والآخر خطأ، ولا يُمكن معرفة القول الصواب والقول الخطأ إلا بدليل خارجي، إذن لا يمكن الأخذ بأحد القولين بلا دليل. الدّليل الثّاني: القياس على قول الله تعالى، وقول الرّسول _صلى الله عليه وسلّم_؛ فإذا تعارضت آيتان في نظر المجتهد، إحداهما تفيد الجواز، والأخرى تفيد المنع، فإنّه لا يُمكن أن يرجح أحج الحكمين إلا بدليل ومرجح خارجي، كذلك لو تعارض حديثان في نظر المجتهد، فلا يُمكن أن يرجح أحدهما ويعمل به إلا بمرجح آخر ودليل خارجي، فإذا كان الأمر كذلك في الكتاب والسّنة، فكذلك قول الصّحابي إذا تعارض مع قول صحابي آخر: فإذا تعارض قول صحابي مع قول صحابي آخر في نظر المجتهد، فإنه لا يرجح أحدهما ويعمل به إلا بدليل خارجي عنهما. المذهب الثّاني: أنّه يجوز الأخذ بقول أحدهما بدون دليل بشرط: أن يظهر هذا القول المأخوذ به، ولم ينكر منكر القائل به. وهو اختيار بعض الحنفية. أما بعض المتكلمين، فقد قالوا: إن كان هذا القولان قد حدثا للصحابة قبل وقوع الفرقة بينهم، جاز الأخذ بقول أحدهما من غير اجتهاد في صحته، وإن كان قد حدث بعد وقوع الفرقة بينهم لم يجز الأخذ إلا أن يدل الدّليل على صحته غير قول الصّحابي. واستدلوا بالوقوع؛ حيث وقع أن امرأة غاب عنها زوجها، ثمّ جاءوهي حامل فرفعها إلى عمر، فأمر برجمها، فقال معاذ: إن يكن لك عليها سبيل، فلا سبيل لك على ما في بطنها، فقال عمر: احبسوها حتى تضع، فوضعت غلاماً له ثنيتان، فلما رآه أبوه قال: ابني، فبلغ ذلك عمر، فقال: عجزت النّساء أن يلدن مثل معاذ، لولاك معاذ لهلك عمر. ووجه الدّلالة: أن عمر رجع إلى قول معاذ رضي الله عنهما في القضية بدون أن يستعلم رأي غيره، مع وجود بعض الصّحابة الذلين هم من أهل الاجتهاد، فهذا يدل على جواز الأخذ بأحد قولي الصّحابة بدون دليل. وأُجيب عنه: بأن عمر رضي الله عنه أخذ بقول معاذ؛ لأنه ظهر له رجحان قول معاذ واجتهاده _لما ذكر أنَ ما في البطن لا ذنب له حتى تعاقبه؛ حيث أن العقوبة تخص المذنب فقط، فصار قول معاذ هو الحق وذلك بالدّليل، لا أنه رجع إلى قول معاذ بلا دليل؛ فعمر قد اتبع الدليل المرجح، ولم يتبع قول معاذ المجرد. كما استدلوا بأنَّ اختلاف الصّحابة علبى قولين في مسألة معينة هو إجماع ضمني بينهم على صحة القولين، وهذا يجوز الأخذ بكل واحد منهما بلا دليل بالاتفاق. وجوابه: أنّ اختلاف الصّحابة على قولين لا يدلُّ على ذلك، بل يدل على أنهم سوغوا وأجازوا الأخذ بالأرجح منهما، ولا يمكن أن يتبيّن الرّاجح منهما إلا بالاجتهاد في القولين معاً، ولايُمكن الاجتهاد إلا بالأدلة. انظر "المهذب في أصول الفقه" للنملة (3 /987-989).