البحث

عبارات مقترحة:

الملك

كلمة (المَلِك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعِل) وهي مشتقة من...

المجيد

كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...

الودود

كلمة (الودود) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) من الودّ وهو...

سد الذرائع

سد الذرائع أحد أدلة الأحكام التي احتج بها المالكية والحنابلة، ويُقصد بها: حسم مادة وسائل الفساد بمنع هذه الوسائل ودفعها، واستدلوا على حجيتها بأدلة من الكتاب والسنة وإجماع الصّحابة، وقد أخذ بها الشافعي وأبو حنيفة في بعض الحالات، وأنكرها ابن حزم إنكاراً مطلقاً. وقد قسّمها الأصوليون إلى أقسامٍ عديدة بالنظر إلى نوع نتائجها، وقوة النتيجة.

التعريف

التعريف لغة

الذّرائع: جمع ذريعة، وهي لغةًَ: الوسيلة التي يتوصل بها إلى الشيء. انظر "لسان العرب" لابن منظور (8 /96) وسدها: منعها، وحسم مادتها. انظر "لسان العرب" لابن منظور (3 /207)

التعريف اصطلاحًا

عرّف ابن القيم الذريعة بأنها: ما كان وسيلة وطريقاً إلى الشيء. انظر "إعلام الموقعين" لابن القيم (3 /147) فهي كل وسيلة مُباحة قُصد التّوصل بها إلى المفسدة أو لم يُقصد التّوصل إلى المفسدة، لكنها مفضية إليها غالباً، ومفسدتها أرجح من مصلحتها. وسد الذرائع: هو حسم مادة وسائل الفساد بمنع هذه الوسائل ودفعها. انظر "المهذب في علم أصول الفقه" للنملة (3 /1016).

الأدلة

القرآن الكريم

سد الذرائع في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: 108] ووجه الدّلالة في الآية: أنّ الله تعالى حرّم سبّ الأصنام الّتي يعبدها المشركون، مع كون السّب حمية لله تعالى، وإهانة لأصنامهم؛ لكون ذلك السّب ذريعةإلى أن يسبوا الله تعالى، وكانت مصلحة ترك مسبته تعالى أرجح من مصلحة سبنا لأصنامهم، فلذلك أمرنا بترك سبِّ أصنامهم؛ لأنه يؤدي إلى سب الله تعالى. وهذا هو سد الذّرائع. انظر "المهذب في علم أصول الفقه" للنملة (3 /1017) وقال تعالى: ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ﴾ [النور: 31] فقد نهى النّساء أن يضربن الأرض بأرجلهنَّ في مشيتهن؛ ليسمع الرّجال صوت خلخالهنّ؛ لأن هذا ذريعة إلى تطلع الرّجال إليهن فتتحرك الشهوة. انظر "أصول الفقه الإسلامي" لشلبي (ص302) وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ۚ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [النور: 58] فقد أمر المماليك ومن لم يبلغ الحلم من الأحرار بالاستئذان قبل الدّخول في هذه الأوقات الثّلاثة؛ لئلا يكون الدّخول بغير إذن ذريعة إلى اطّلاعهم على ما لا يجوز الاطّلاع عليه؛ لأنّ هذه الأوقات مظنّة التّجرد من الثياب، أو لبس ثياب خاصّة، وأما غيرها فليس فيها ذلك فرفع الجناح عن دخولهم بدون استئذان معللاً ذلك بالطواف. انظر "أًصول الفقه الإسلامي" لشلبي (ص303)

السنة النبوية

سد الذرائع في السنة النبوية
ما أخرجه الترمذي (2518) عن الحسن بن علي بن أبي طالب _رضي الله عنهما_ أنه قال: «دَع ما يَريبُكَ إلى ما لا يَريبُكَ» وما رواه النعمان بن بشير: «الحَلَالُ بَيِّنٌ، والحَرَامُ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشَبَّهَاتٌ» أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599) انظر "إرشاد الفحول" للشوكاني (2 /1008) واستدلَّ ابن تيمية على سدّ الذرائع بشواهد قوليّة وعمليّة من السّنة: ما رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: «قيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ، وكيفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ والِدَيْهِ؟ قالَ: يَسُبُّ الرَّجُلُ أبا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أباهُ، ويَسُبُّ أُمَّهُ» أخرجه البخاري (5973). ففي الحديث نهي عن شتم الرّجل أبوي غيره؛ حتى لا يكون ذريعة إلى سب أبويه نفسه؛ لأنّ سب الغير يؤدي إليه. إنّ الشارع نهى عن خطبة المعتدة؛ لأنه قد يجر إلى ما هو أكبر منه، وهو الزّواج في العدّة نهى النّبي _صلى الله عليه وسلّم_ عن بيعٍ وسلف مع أنه لو أفرد أحدهما عن الآخر يصح؛ لئلا يؤدي إلى ربا. نهى النّبي _صلى الله عليه وسلّم_ وأصحابه المُقرِض عن قبول هدية المُقترض؛ حتى يحسبها من دينه؛ لئلا يتخذ ذريعة إلى تأخير الدّين لأجل الهدية فيكون ربا. منع ميراث القاتل؛ لكيلا يتخذ القتل سبيلاً لتعجيل الميراث. انظر"إعلام الموقعين" لابن القيم (3 /149_217)

الإجماع

إجماع الصّحابة رضي الله عنهم؛ حيث إنه ثبت في وقائع أنهم استدلوا بسد الذّرائع، من ذلك: أنَّ عمر رضي الله عنه نهى عن الصلاة تحت شجرة بيعة الرّضوان، ثمَّ قطعها سدّاً للذرائع؛ حتى لا يعود النّاس إلى أعمال الجاهليّة. وأنَّ بعض الصّحابة؛ كعمر، وعلي، وابن عبّاس أفتوا بقتل الجماعة بالواحد، وإنّما فعلوا ذلك لئلا يكون عدم القصاص منهم ذريعة إلى التّعاون على سفك الدّماء، كل ذلك فعلوه من غير نكير. فكان إجماعاً. انظر "المهذب في علم أصول الفقه" للنملة (3 /1017)

العقل

الأصل في اعتبار الذّرائع هو النظر إلى مآلات الأفعال، فيأخذ الفعل حكماً يتفق مع ما يؤول إليه، سواء أكان يقصد ذلك الّذي آل إليه الفعل أم لا يقصده، فإذا كان الفعل يؤدي إلى مطلوب فهو مطلوب، وإن كان لا يؤدي إلا إلى شر فهو منهي عنه. وإنّ النظرة إلى هذه المآلات لا يُلتفت فيه إلى نيّة الفاعل، بل إلى نتيجة العمل وثمرته، وبحسب النّتيجة يُحمد الفعل أو يُذَم؛ فقد نهى الله تعالى عن سبّ الأوثان مع أنها باطل في باطل. انظر "أصول الفقه" لأبي زهرة (ص288)

الموقف من الاحتجاج به

اعتبر الإمامان: مالك وأحمد مبدأ الذرائع أصلاً من أصول الفقه، وقال ابن القيم: «إنَّ سدّ الذرائع ربع الدين» "أعلام الموقعين" لابن القيم (3 /171) وأخذ به الشافعي وأبو حنيفة في بعض الحالات، وأنكرا العمل به في حالات أخرى. وأنكره ابن حزم الظّاهري إنكاراً مُطلقاً. ومما يدل على أنّ الشّافعي أخذ بالذّرائع ما قاله في كتابه الأم: وفي منع الماء ليمنع به الكلأ الذي هو من رحمة الله عام يحتمل معنيين: أنَّ ما كان ذريعة إلى إحلال ما حرّم الله لم يحل. ثمَّ أضاف قائلاً: فإن كان هذا كذلك، ففي هذا ما يُثبت أنّ الذرائع |إلى الحلال والحرام، تُشبه معاني الحلال والحرام. وقال الشافعي بترك الأضحيةأحيانًا؛ إعلامًا بعدم وجوبها. ولكن في مسألة بيوع الآجال عارض القول بسد الذرائع عنده دليلٌ آخر، ورجّح على غيره، فأعمله، فترك سد الذريعة لأجله. وذلك الدّليل هو أن لا يتهم من من لم يظهر منه قصد إلى الممنوع، ومال وغيره يعمل بالتهمة بسببب ظهور فعل اللغو، وهو دال على القصد إلى الممنوع. انظر "الأم" للشافعي (3 /272)، "أصو الفقه الإسلامي" للزحيلي (2 /187-188)

الأقسام والأنواع

تُقسم الذّرائع بالنّسبة إلى نوع نتائجها إلى قسمين: 1. أن تكون موضوعة للإفضاء إلى المفسدة؛ كشرب المُسكر المفضي إلى مفسدة السكر، وكالقذف المفضي إلى مفسدة الفرية. 2. أن تكون موضوعة للإفضاء إلى أمر جائز أو مستحب، فيتخذ وسيلة إلى المُحرّم، إما بقصده أو بغير قصدٍ منه؛ فالأول: كمن يعقد النّكاح قاصداً به التحليل، أو يعقد البيع قاصداً به الرّبا. والثّاني؛ كمن يسب المشركين بين أظهرهم. وهذا القسم من الذّرائع نوعان: أحدهما أن تكون مصلحة الفعل أرجح من مفسدته. ثانيهما: أن تكون مفسدته أرجح من مصلحته، وهنا أربعة أقسام، وهي: الأول: ما وضع للإفضاء إلى المفسدة في حد ذاتها لا محالة؛ كشرب المسكر المفضي إلى الإسكار. الثاني: ما وضع لإفضاء إلى مُباح، ولكن قُصد به التوصل إلى مفسدة؛ كعقد النكاح المقصود به التحليل. الثالث: ما وُضع لمباح لم يُقصد به التوصل إلى مفسدة، ولكنه يُفضي إليها غالباً، وهي أرجح مما قد يترتب عليه المصلحة؛ مثل سب آلهة المشركين بين ظهرانيهم. الرّابع: ما وضع لمُباح، ولكنه قد يُفضي إلى مفسدة، ومصلحته أرجح من مفسدته؛ كالنّظر إلى المخطوبة والمشهود عليها. تقسيم الذرائع بحسب قوة النتيجة؛ وذلك باعتبار مآلها وما يترتب عليها من أضرار أو مفسدة: القسم الأول: ما يكون أداؤها إلى المفسدة قطعيّاً؛ كحفر البئر خلف باب الدّار في الظلام، بحيث يقع الداخل فيه بلا بدّ، وشبه ذلك، فهذا ممنوع وإذا فعله يعد متعديّاً بفعله ويضمن ضمان المتعدي في الجملة: إما لتقصيره في إدراك الأمور، أو لقصده نفس الإضرار. القسم الثّاني: ما يكون أداؤه إلى المفسدة نادراً؛ كحفر البئر بموضع لا يؤدي غالباً إلى وقوع أحد فيه، وبيع الأغذية الّتي غالبها ألا تضرّ أحداً، وهذا باق على أصله من الإذن فيه؛ لأنَّ الشارع أناط الحُكم بغلبة المصلحة، ولم يعتبر ندور المفسدة؛ إ ليس في الأشياء خير محض ولا شر محض، ولا توجد في العادة مصلحة خالية في الجملة عن المفسدة. القسم الثالث: ما يكون أداؤه إلى المفسدة كثيراً غالباً لا نادراً ويغلب على الظن إفضاه إلى المفسدة؛ كبيع السلاح إلى أهل الحرب، وبيع العنب إلى الخمَّار. القسم الرّابع: أن يكون أداؤه إلى المفسدة كيراً لا غالباً ولا نادراً؛ كبيوع الآجال فإنها تؤدي إلى الرّبا كثيراً لا غالباً. وهذا موضع نظر والتباس: فإمّا أن يُنظر إلى أصل الإذن بالبيع فيجوز، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة؛ لأن العلم أو الظّن بوقوع المفسدة منتفيان. وإمّا أن يُنظر إلى كثرة المفسدة، وإن لم تكن غالبة فيحرم، وهو مذهب مالك وأحمد. انظر "أصول الفقه الإسلامي" للزحيلي (2 /184-187)، "الموافقات" للشاطبي (2 /358-361)

مسائل متعلقة

سدّ الذّرائع وإبطال الحيل: لقد جاءت الشّريعة بسد الذرائع؛ وهو تحريم ما يتذرع ويتوصل بواسطته إلى الحرام. كما جاءت بإبطال الحيل التي تفتح باب الحرام. قال ابن القيم: «وإذا تدبّرت الشريعة وجدتها قد أتت بسدّ الذرائع إلى المحرّمات، وذلك عكس باب الحيل الموصلة إليها؛ فالحيل: وسائل وأبواب إلى المحرّمات، وسدّ الذرائع عكس ذلك، فبين البابين أعظم التّناقض، والشّارع حرّم الذّرائع وإن لم يقصد بها المحرّم لإفضائها إليه، فكيف إذا قصد بها المحرّم نفسه» "إغاثة اللهفان" لابن القيم (1 /361). ومثال الحيل المحرّمة الّتي يتوصل بها إلى فعل الحرام: فعل بني إسرائيل لما حرّم عليهم صيد الحيتان يوم السّبت؛ إذ نصبوا البرك والحبال للحيتان قبل يوم السّبت، فلمّا جاءت يوم السبت على عادتها في الكثرة نشبت بتلك الحبائل، فلما انقضى السبت أخذوها. انظر "معالم أصول الفقه" للجيزاني (ص241) علاقة سد الذّرائع وإبطال الحيل بالمصلحة: يقول ابن القيم: «وبالجملة فالمحرمات قسمان: مفاسد، وذرائع موصلة إليها مطلوبة الإعدام، كما أنّ المفاسد مطلوبة الإعدام. والقربات نوعان: مصالح للعباد، وذرائع موصلة إليها؛ ففتح باب الذرائع في النوع الأول كسد باب الذرائع في النوع الثاني، وكلاهما مناقض لما جاءت به الشريعة، فبين باب الحيل وباب سد الذرائع أعظم التناقض. وكيف يظن بهذه الشريعة العظيمة الكاملة التي جاءت بدفع المفاسد، وسدّ أبوابها وطرقها أن تجوز فتح باب الحيل وطرق المكر على إسقاط واجباتها واستباحة محرماتها، والتذرع إلى حصول المفاسد التي قصدت دفعها» "إغاثة اللهفان" لابن القيم (1 /370) فالنّاظر في سد الذّرائع في غالب صورها يجد أنها عبارة عن أمر مُباح يُمنع في موضع من المواضع لكونه وسيلة موصلة إلى مفسدة وهو بذلك لا يخرج عن كونه عملاً بنوعٍ من المصلحة التي هي جلب المنافع ودفع المضار؛ فهو إذن نوع من المصلحة وليس أمراً مستقلاً ، فإذا قلنا هذا الشيء يمنع سدّاً للذريعة كان مساوياً لقولنا: هذا ممنوع؛ دفعاً لما يترتب عليه من المفسدة. انظر "أصول الفقه الإسلامي" لشلبي (ص309)