البحث

عبارات مقترحة:

النصير

كلمة (النصير) في اللغة (فعيل) بمعنى (فاعل) أي الناصر، ومعناه العون...

السميع

كلمة السميع في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

المقدم

كلمة (المقدِّم) في اللغة اسم فاعل من التقديم، وهو جعل الشيء...

الإجماع

الإجماع هو المصدر الثّالث من مصادر التّشريع، ويُقصد به: اتّفاق المُجتهدين في عصر من العصور بعد وفاة الرّسول _صلى الله عليه وسلّم_ على مسألة معيّنة، وقد ذهب جمهور الأمة إلى اعتباره حجة في الدلالة على الأحكام واستدلوا على ذلكَ بنصوصٍ من الكتاب والسنة كما دل على ذلك العقل، وشذَّ جماعة عن القول بحجية الإجماع وتعددت أراؤهم فمنهم مَن أنكر تصوره وحكم باستحالته في ذاته، ومنهم من اعترفَ بإمكانه في ذاته ولكنه أنكر حجيته، ومنهم من اعترف بإمكانه وحجيته إلا أنهم جعلوها حجَّة صورية لا قيمة لها. وقد ذكر الأصوليون نوعين للإجماع: الإجماع الصريح وجعلوه قطعي الدلالة، والإجماع السكوتي ظني الدّلالة.

التعريف

التعريف لغة

يُطلقُ الإجماع في اللغةِ على معنيين: الأوّل: االإحكام والعزيمة على الشيء والثاني: الاتّفاق. انظر "لسان العرب" لابن منظور (8 /57_60)

التعريف اصطلاحًا

هو اتّفاق المُجتهدين في عصر من العصور بعد وفاة الرّسول صلى الله عليه وسلّم على مسألة معيّنة. انظر "إرشاد الفحول" للشوكاني (1 /348)، "شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص291)، "المحصول" للرازي (2/5)

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

الإجماع في اللغة العزم على الشيء، أو الاتفاق، والمعنى اللغوي الثاني أقرب لمُراد الأصوليين، يقول ابن برهان والسّمعاني: «الأول: أي العزم أشبه باللغة، والثاني أي: الاتّفاق أشبه بالشّرع» "إرشاد الفحول" للشوكاني (1/348) وقد اختلف العُلماء في كون اللفظ حقيقة في كل من المعنيين أو في أحدهما فقط؛ فذهب البعض إلى أنّه مشترك لفظي بينهما؛ لأنَّ اللّفظ استُعمِلَ فيهما والأصل في الاستعمال الحقيقة. وذهبَ البعضُ الآخر إلى أنّه حقيقة في العزمِ، مجازٌ في الاتفاق؛ لأنَّ اللفظ غلبَ استعماله في العزم وقلَّ استعماله في الاتّفاق، وما غلبَ استعماله أرجح، فيكونُ اللفظ حقيقةً فيه، لأنّ الحقيقة راجحة. انظر"أصول الفقه" لأبي النور (3 /143) ويظهر لنا مما سبق أنَّ الفرق بين العزم والاتفاق فرقٌ بسيط؛ إذ أن العزم يوجد من الواحد ومن الأكثر، أما الاتّفاق فلا يوجد إلا من أكثر من واحد؛ لأنَّ الواحد لا يتفّق مع نفسه. انظر "أصول الفقه الإسلامي" لشلبي (ص150)

الأدلة

القرآن الكريم

الإجماع في القرآن الكريم
جَمعَ الله تعالى بينَ مُشاقة الرّسول _صلّى الله عليه وسلّم_ واتّباع غير سبيل المؤمنين في الوعيد؛ فلو كانَ اتّباع غير سبيل المؤمنين مُباحاً، لما جَمعَ بينه وبين المحظور، قال تعالى: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115] وقال تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة: 143] قال أئمة المفسرين: الوسط الخيار، سميَ الخيار وسطاً لتوسطّه بين طرفي الإفراط والتّفريط، وإنّما يحسُن هذا المدحُ إذا كانوا على الصّواب. كذلك قوله تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ [آل عمران: 110]، ووجه التّمسك به ذكرهم في سياق المدح يدلُّ على أنهم على الصّواب، والصّواب يجبُ اتّباعه، فيجب اتّّباعهم، ولأنّه تعالى وصفهم بأنّهم يأمرونَ بالمعروف وينهون عن المُنكر، واللام للعموم فيأمرون بكل معروف فلا يفوتهم حق؛ لأنه من جملة المعروف، والمُنكر باللام يُفيد أنّهم ينهونَ عن كلّ مُنكر فلا يقع الخطأ بينهم ويوافقوا عليه لأنّه مُنكر. انظر "تنقيح الفصول" للقرافي (ص293).

السنة النبوية

الإجماع في السنة النبوية
عن عُمر بن الخطاب رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «مَن أراد بحبوحةَ الجنةِ فلْيلزَمِ الجماعةَ، ومَن سرَّتْه حسنتُه، وساءَتْه سيئتُه فذلك المؤمنُ» أخرجه الترمذي (2165) ومنها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم الّذي أخرجه التّرمذي (2167): «إنَّ اللَّهَ لا يجمعُ أمَّتي - أو قالَ : أمَّةَ محمَّدٍ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ علَى ضلالةٍ ويدُ اللَّهِ معَ الجماعةِ ، ومَن شذَّ شذَّ إلى النَّارِ»

الإجماع

أجمع الصحابة على حجيّة الإجماع، وقد ثبت ذلك في عصرهم، ونُقل في بعض المسائل بطريق التّواتر في كل عصرٍ حتى وصلَ إلينا. ومن ذلك إجماعهم على تقديم الدّليل القاطع على المظنون، وإجماع الصّحابة على بيعة أبي بكر بالخلافة، وإجماعهم على جمع المصحف، وإعطاء الجدة السّدس، وحُكم إجماع من عدا الصّحابة حُكم إجماع الصّحابة في كونه حجّة وهذا قول الجمهور. انظر"أصول الفقه الإسلامي" لشلبي (ص158)، "الإبهاج" للسبكي (5 /2032)

العقل

أنّ الله تعالى جعل الرّسول صلى الله عليه وسلّم خاتم النبيين فلا نبي بعده، وحَكَم ببقاء شريعته إلى يوم القيامة، وإلى ذلك أشار رسول الله صلى الله عليه وسلّم في قوله: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ» أخرجه مسلم (1920)، فلا بدَّ أن تكون شريعته ظاهرة في النّاس إلى قيام السّاعة، وقد انقطَع الوحي بوفاته، فعرفنا ضرورةً أنّ طريق بقاء شريعته عصمة الله أمّته من أن يجتمعوا على الضّلالة؛ فإنَّ في الإجماع على الضّلالة رفعٌ للشريعة وذلك مُخالفٌ لوعد الله ببقائها. انظر "أصول السرخسي" للسرخسي (1/300). كما أنَّ العدد الكثير وهُم أهلُ كلّ عصر إذا اتفقوا على حُكمٍ من الأحكام، فالعادة تحيل على مثلهم قصد الكذب، والجزم بالحُكم من غير أن يكون لهذا الحُكم مُستند من الكتاب أو السّنة، بحيث لا يتنبّه واحدٌ منهم إلى الخطأ بما ليس بقاطع. انظر"الإحكام" للآمدي (1/173)

الموقف من الاحتجاج به

ذهبَ جمهور العُلماءإلى أنّ الإجماع يُمكن انعقاده عادةً، وخالفتهم طوائفُ أخرى فيما ذهبوا إليه، واندرجت آراؤهم على النّحو التّالي: الرّأي الأوّل: الإجماع مُحال؛ لأنَّ اجتماع الخلق على شيءٍ واحد مُمتَنِع عادةً، كَما يمتنع عادةً اجتماعهم على مأكول واحد في وقت واحد. والجواب على ذلك: بأنَّ الاتفاق إنّما يمتنع فيما يتساوى فيه الاحتمال؛ كالمأكول المعيّن والكلمة المعيّنة، أمّا عند الرّجحان بقيام الدّلالة، أو الأمارة الظّاهرة فذلك غير مُمتنع، وذلك كاتّفاق الجمع العظيم على نبوّة نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلّم. الرّأي الثّاني: وهو استحالة العلم به على فرض تحققه؛ فلأنَّ ذلك يتوقف على معرفة أعيان المُجتهدبن، ومعرفة ما وصل إليه كلّ واحدٍ في ذلك الحُكم ثمَّ معرفة أنّهم اتفقوا عليه، وكلُّ ذلك متعذر لتفرقهم واحتمال خفاء بعضهم. وأُجيبَ عنه، بأنَّ الانتشار لا يمنع ذلك مع جدّهم في الطّلب، وبحثهم عن الأدلّة، وإنّما يمتنع ذلك على من قعدَ في قعر بيته لا يبحث ولا يَطلُب. كما أنّهم وإنْ كانوا كثيرين بحيث لا يُمكن الواحد أن يعرفهم بأعيانهم فإنه يُعرَف بمُشافهة بعضهم، والنّقل المتواتر عن الباقين بأن ينقل من أهل كل قطر من يحصُل التواتر بقولهم عمّن فيه من المُجتهدين من مذاهبهم، وخمول المُجتهد بحيث لا يعرفه أهلُ بلدته مُستحيل عادةً، فوضَح إمكان الاطّلاع على إجماع من عدا الصّحابة. الرأي الثالث: أنّ الاتّفاق إمّا عن قاطع أو ظنّي، وكلاهما باطل. أما القاطع: فلأنَّ العادة تُحيل عدم نقله فلو كان لَنُقل، فلما لم يُنقَل عُلِمَ أنّه لم يوجد، كيفَ لو نُقِل لأغنى عن الإجماع ولا فائدة منه. وأمّا الظّني: فلأنّه يمتنع الاتّفاق عنه عادةً؛ لاختلاف الأفهام وتباين الأنظار. وأُجيب: بمنع ما ذُكِرَ في القاطع؛ إذ قَد يُستغنى عن نقله بحصول الإجماع الّذي هو أقوى منه، وأما الظّني فقد يكونُ جليّاً لا تختلفُ فيه الأفهام، ولا تتباينُ فيه الأنظار. الرّأي الرّابع: أنَّ الإجماع حجّة ولكنه مقصورٌ على إجماع الصّحابة. وهذا ما ذهب إليه الظّاهرية. ويُرَد على ذلك: بأنَّ النّبي _صلى الله عليه وسلّم_ كما أثنى على الصّحابة أثنى على من جاء بعدهم، «خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» أخرجه البخاري (6695)، وهو يدل على أنَّ العصرين التاليين لعصره يشتركونَ في صفةِ الخير، وأنّ أدلة حجيّة الإجماع وهي المُفيدة لعصمة الأمة من اتّفاقهم على الخطأ لا يخصّ عصراً دونَ عصر فلا دليل على التّخصيص. انظر "أصول الفقه الإسلامي" لشلبي (157_163)، "إرشاد الفحول" للشوكاني (1 /349_355)، "الإبهاج" للسبكي (5 /2029_2032)

الأقسام والأنواع

أنواع الإجماع من جهة كيفية حصوله: النّوع الأوّل: الإجماع الصّريح: ويكون باتّفاق المُجتهدين على الحُكم بقولٍ يُسمَعُ من كلّ واحدٍ منهم، أو بفعلٍ يُشاهدُ منهم، في عصرٍ واحد لا يتخلّف واحدٌ عن القولِ أو الفعل. وهذا النّوع لا نِزاع في كونه إجماعاً ولا في كونه حجّة عند الجمهور. النّوع الثّاني: الإجماع السّكوتي: ويتحقق هذا النّوع من الإجماع بأن يصدر من بعض المُجتهدين القول أو الفعل ثمَّ يعلم به الباقون سواء بعرضِ ذلكَ عليهم أو بانتشاره وظهوره في الآفاق بحيث لا يخفى عليهم، ويسكتونض دونَ موافقةٍ أو مُخالفة صريحة، ولَمْ يكُن هُناك مانع يمنعهم من إظهار المُخالفة؛ لأنّهم لو وافقوا صراحةً كانَ إجماعاً صريحاً، وإن خالفوا لَم يكُن إجماعاً. فإذا قال بعضُ المُجتهدين قولاً في المسائل التكليفية الاجتهاديّة، وعَرَفه الباقون وسكتوا عن الإنكار، فإن ظهرت عليهم أمارات الرّضا بما ذهبوا إليه، فهوَ إجماعٌ بلا خِلاف. وإذا ظهرت عليهم علامات السّخط لا يكونُ إجماعاً بلا نزاع. انظر "الإبهاج" للسبكي (5 /2107_2108) أمّا إن لَم يظهر عليهم شيءٌ سوى السّكوت، ففيه مذاهب: الأول: ليس بإجماع ولا حُجة؛ لاحتمال توقفه في المسألة، أو ذهابه إلى تصويب كلّ مجتهد. وحكاه بعض الشافعية؛ كالقاضي أبو بكر، والجويني. الثاني: إجماعٌ وحجة. وبه قال أبو علي الجبائي، والإمام أحمد، وهو أحد الوجهين عند الشافعية كما نقله الرّافعي. الثالث: هوحجّة وليس بإجماع. وبه قال الصيرفي، واختاره الآمدي وابن الحاجب. ونبّه الآمدي في مسألة انقراض العصر على شرطٍ فيه، وهو ما قبل انقراض العصر فأما بعدانقراضه، فيكون إجماعاً. الرّابع: أنّه إجماع بشرط انقراض العصر. وهو رأي البندنجي، وذهب الشيرازي إلى أنه مذهب الشافعية. الخامس: إجماعٌ إن كان فُتيا لا إن كان حُكماً. وهو قول ابن أبي هريرة كما نقله الآمدي. السّادس: إجماعٌ إن كان حُكماً لا فُتيا، قال به أبو إسحاق المروزي معتلاً؛ بأنّ الغالب أنَّ الصادر عن الحاكم يكون عن تشاور. السّابع: إن وقعَ في شيءِ يفوت استدراكه، من إراقةِ دمٍ او استباحة فرجٍ كان إجماعاً وإلا فلا. حكاه ابن السّمعاني الثامن: إن كان في عصر الصّحابة كانَ إجماعاً وإلا فلا. حكاه الماوردي. التّاسع: إذا كان السّاكتون أقل كان إجماعاً، وإلا فلا. حكاه السرخسي. انظر "تشنيف المسامع" للزركشي (2/19)

مسائل متعلقة

الإجماع من جهة أنّه قطعي الدّلالة على حُكمه أو ظني، نوعان: إجماع قطعي الدّلالة على حُكمه، وهو الإجماع الصريح؛ بمعنى أنَّ حكمه مقطوع به، ولا سبيلَ إلى الحُكم بواقعته بخلافه، ولا مجال للاجتهاد في واقعة بعد انعقاد إجماعٍ صريح عل حكم شرعي فيها. إجماع ظني الدّلالة على حُكمه وهو السكوتي؛ بمعنى أنَّ حكمه مظنون ظنّاً راجحاً ولا يخرج الواقعة أن تكون مجالاً للاجتهاد؛ لأنّه عبارة عن رأي جماعة من المُجتهدين لا جميعهم. انظر "علم أصول الفقه" لخلاف (ص42) إجماع أهل المدينة ذهبَ الأكثرونَ إلى أنَّ البقاع لا تؤثر في كون الأقوال حجّة، وذهب مالك بن أنس إلى أنَّ إجماع أهل المدينة حُجّة، فمنهم من قال: إنّما أراد بذلك ترجيح روايتهم على رواية غيرِهم. ومنهم من قال: أراد بذلك أصحاب رسول الله _صلى الله عليه وسلّم_. وقال ابن الحاجب: الصّحابة والتّابعين وقيل: محمولٌ على المنقولات المُشتهرة؛ كالأذان والإقامة دونَ غيرها. ولا ينبغي أَن يُخالَف مالك في ذلك إن أرادَ به ترجيح روايتهم على رواية غيرهم وكانوا من الصّحابة؛ لأنّهم شاهدوا التّنزيل، وسَمعوا التّأويل، ولا رَيبَ بأنّهم أخبر بأحوال النّبي _صلى الله عليه وسلّم_. ولا ينبغي أن يظُن ظانٌّ أنَّ مالكاً يقولُ بإجماع أهل المدينةِ لذاته في كلِّ مكان، وإنّما هي من زمان رسول الله _صلّى الله عليه وسلّم_ إلى زمانِ لم تبرَح دار العلم، وآثار النّبي _صلى الله عليه وسلّم_ بها أكثر، وأهلُها بها أعرف. إذا عُرِف هذا فقد استُدِلَّ على حجيّة إجماع أهل المدينة بما صحَّ وثَبَت من قوله _صلى الله عليه وسلّم_: «نَّما المَدِينَةُ كَالكِيرِ، تَنْفِي خَبَثَهَا، ويَنْصَعُ طِيبُهَا» أخرجه البخاري (7322). والاستدلالُ بها ضعيف؛ لانَّ الحملَ على الخطأ متعذّر؛ لأنّا نُشاهد صدور الخطأ من بعض سكّانها، وكونها من أشرف البِقاع لا يوجِبُ عصمة ساكينيها. وإذا تقرّر أنّه لا أثر للبِقاعِ عُلِمَ أنَّ إجماع أهل الحرمين مكّة والمدينة، والمصرين البصرة والكوفة، غيرُ حجّة. انظر "الإبهاج" للسبكي (5 /2062) قول العامي في الإجماع لا عِبرةَ بقول العوام، خلافاً للقاضي أبي بكر. والاحتجاج على ذلك بوجوه: الأول: أنَّ العالِم إذا قالَ قولاً وخالفه العامي، فلا شكَّ أنَّ قول العامي حكمٌ في الدّين بغير دلالة ولا أمارة، فيكون خطأ، فلو كان العالم أيضاً خطأ، لكانت الأمة بأسرها مخطئة فيي مسألة واحدة، وإن كانَ ذلك الخطأ من وجهين، ولكنه غير جائز. الثاني: أنَّ العصمة من الخطأ لا تتصوّر إلا في حق من تتصور في حقه الإصابة، والعامي لا يتصورفي حقه ذلك؛ لأنَّ القول في الدّين بغير طريق غير صواب. الثالث: أنّ خواص الصّحابة _رضي الله عنهم_ وعوامهم أجمعوا أنّه: لا عِبرة بقول العوام في هذا الباب. الرّابع: أنّ العامي ليس من أهل الاجتهاد، فلا عبرة بقوله؛ كالصبي والمجنون. واحتجّ أبو بكر بأنّ: أدلة الإجماع تقتضي مُتابعة الكل. والجواب على ذلك: أنّ إيجاب مُتابعة الكُل لا يقتضي أن لا يجب إلا مُتابعة الكل، والأدلة السابقة تقتضي وجوب مُتابعة العُلماء. انظر "المحصول" للرازي (2 /75)