البحث

عبارات مقترحة:

المقتدر

كلمة (المقتدر) في اللغة اسم فاعل من الفعل اقْتَدَر ومضارعه...

المحسن

كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

الاستدلال

الاستدلال ما ليس بنصٍّ ولا إجماعٍ ولا قياس، ويأتي الكلام عنه بعد الانتهاء من الكلام في الكتاب والسّنة والإجماع والقياس؛ لأنّ الأدلة لا تنحصرُ فيها. ويدخل في الاستدلال القياس كما يدخُل فيه أنواعٌ أخرى من الأدلة الشرعية التي اختلف فيها الأصوليون؛ كالاستصحاب، والاستحسان، ومذهب الصحابي، والعرف، وشرع من قبلنا. ويُراد بالاستدلال بمعناه العام: ذكر الدّليل وسواءٌ أكان الدّليل نصًّا أو إجماعًا أو قياسًا. أما في معناه الخاص فيُطلق على: نوع خاص من أنواع الدّلالة، وهو عبارة عن دليلٍ لا يكونُ نصّاً ولا إجماعًا ولا قياسًا.

التعريف

التعريف لغة

الاستدلالُ في اللغة: أصله: من دلَّ عليه دلالة. والاستدلال: طلبُ دلالة الدّليل، والطريق المُرشد إلى المطلوب؛ لأنّه استفعالٌ من الدّلالة، أي: طلب الدّلالة. والدّليل في اللغة: المُرشد إلى المطلوب. انظر "لسان العرب" لابن منظور (11 /284)، "المصباح المنير" للفيومي (1 /119) وعرفه الجرجاني بأنه: تقرير الدليل لإثبات المدلول. انظر "التعريفات" للجرجاني (ص17)

التعريف اصطلاحًا

يُطلق الاستدلال عند الفقهاء على معنيين: عام، وخاص: فإنّه يُطلق بمعناه العام على: ذكر الدّليل وسواءٌ أكان الدّليل نصّاً أو إجماعاً أو قياساً. أما في معناه الخاص فيُطلق على: نوع خاص من أنواع الدّلالة، وهو عبارة عن دليلٍ لا يكونُ نصّاً ولا إجماعاً ولا قياساً. انظر "الإحكام" للآمدي (4 /361)، "شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص 406)، "تقريب الوصول" لابن جزي (ص 387-388)

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

يوافق الاستدلال بمعناه العام عند الأصوليين معناه اللغوي، والّذي يُراد به: طلبُ الدّليل. يقول ابن الحاجب أنّ الاستدلال بمعناه العام «يُطلق على ذكر الدليل». انظر "مختصر ابن الحاجب" لابن الحاجب (2 /280). أمّا في معناه الخاص فيكون نوعًا من أنواع الدّليل: «يُطلق الاستدلال على ذكر الدّليل، ويُطلق على نوع خاص منه، أي من الدّليل». انظر "مختصر ابن الحاجب" لابن الحاجب (2 /280). ويُقرر البناني أنّه لا مشكلة في ذلك؛ لأنّه أمر اصطلاحي، وغاية ما يتخيّل أنه منقول اصطلاحي، فيحتاج إلى مُناسبة بين المعنى الاصطلاحي والمعنى الأصلي. انظر "حاشية البناني" (2 /242).

الموقف من الاحتجاج به

يدخُل في الاستدلال أمور: منها: القياس الاقتراني: وهو الّذي لا تذكر النّتيجة ولا نقيضها في المقدّمتين، وهو مُراد المنطقيين بقولهم: قول مؤلف من قضايا متى سلمت لزم عنه لذاته قولٌ آخر؛ لقولنا: العالم حادث وكل حادثٍ متغيّر، فإنّه متى سلم أنّ العالم متغير حادث، لزم من هذا القول لذاته من غير واسطة قضيّة أخرى لزوماً ذهنيّاً، وإن كابر الخصم، وتلك القضية العالم حادث؛ لأنّ وجود الملزوم يستلزم وجود اللازم، والتغيير مستلزمٌ للحدوث، وهو حجّةٌ في العقليات على المشهور. وفي الشّرعيات: اختلف فيه فقيل: ليس بحجة إلا إذا تأيّد بأحد الأدلة الأربعة، كما يُقال: لو كان القيء ناقضاً للطهارة لكانَ قليله ناقضاً؛ لأنّ خروج الفجر يوجب الانتقاض كما في السبيلين. ومنها الاستثنائي: وهو ما تكون النتيجة أو نقيضها مذكوراً فيه؛ كقولنا: إذا كان هذا إنساناً فهو حيوان ولكن ليس هذا بحيوان فليس بإنسان. قال الله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء: 22] والتّقدير، والله أعلم: لو كان في خلق السماوات والأرض اجتماع آلهة لفسدتا، لكن لم يتحقق الفساد، بل ، بل يقيناً منتظمين، فلم يكُن خالقهما آلهة، وسمي هذا والذي قبله بالقياس العقلي، ويختص الاستثنائي بالشّرطيات. ووضع المقدم، أي: الملزم فيه غير منتج، وكذا رفع التالي، أي: اللازم ورفع ووضع التالي غير منتج؛ لاحتمال عموم اللازم. كما يُقال: لوكان هذا إنساناً فهو حيوان، لكنه إنسان فهو حيوان، أو هذا ليس بحيوان، فلا يكون إنساناً. أما لو قلت: فليس هذا بإنسان فلا ينتج أنه ليس بحيوان، وكذا لو قلت: هذا حيوان، فلا ينتج أنه إنسان، ولما قلنا من عموم اللازم، فالقياس إذا لم ينتج في مادة من المواد لا نعتمد عليه في الإنتاج. مثال وضع المقدم، قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ﴾ [الأنعام: 9]، أي: لو جعلنا الرسول ملكاً لجعلناه في صورة رجل، وقد أنزل جبريل عليه السلام في صورة دحية، وأخرى في صورة أعرابي، ولولا بيان محمد صلى الله عليه وسلّم لالتبس عليهم الأمر. ومثال رفع التّالي، قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ ۚ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ﴾ [المؤمنون: 90]، أي: لو كانَ مع الله آلهة لأفنى كل ما خلقه الآخر، ولعلا بعضهم على بعض. استدلَّ الشافعي على الاستدلال في عدة مواضع، ويدل عليه أنّ الله تعالى دلَّ على التّوحيد بالعكس، قال تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: 82] وهذه دلالة بالعكس. انظر "تشنيف المسامع" للزركشي (2 /140_ 141)

الأقسام والأنواع

الاستدلال ضربان: الضّرب الأول: الاستدلالُ بالملزوم على لازمه، وباللازم على ملزومه. كقولنا: إن كان هذا الطّعامُ مُهلكاً فهو حرام، تقديره لو كانَ مُهلكاً لكان حراماً، والاستدلال إمّا بوجود الملزوم أو بعدمه أو بوجود اللازم أو بعدمه، فهذه الأربعة منها أننا منتجان واثنان عقيمان، فالمُنتجان: الاستدلال بوجود الملزوم على وجود اللزم، وبعدم اللازم على عدم الملزوم؛ فكل ما أُنتج عدمه فوجوده عقيم، وكلّ ما أنتج وجوده فعدمه عقيم، إلا أن يكون اللازم مساوياً للملزوم فتنتج الأربعة. والمُلازمة قد تكون قطعيّة؛ كالعِشرة مع الزوجيّة. وظنيّة؛ كالنجاسة مع كأس الحجام. وقد تكون كليّة؛ كالتكليف مع العقل، فكل مكلّف عاقل في سائر الأزمان والأحوال. وجزئية؛ كالوضوء مع الغُسل؛ فالوضوء لازم للغسل إذا سَلِم من النواقض حالة إيقاعه فقط، فلا جرم لا يلزم من انتفاء اللازم الذي هو الوضوء انتفاء الملزوم الذي هو الغسل لأنه ليس كليّاً، بخلاف انتفاء العقل فإنه يوجب انتفاء التكليف في سائر الصور. الضّرب الثّاني: السّبر والتّقسيم؛ وهو حصر الأقسام بين النّفي والإثبات، حتّى يحصل المطلوب. كقولنا: لا يخلو أن يكونَ كذا وكذا، وباطلٌ أن يكونَ كذا وكذا، يثبت ضده وهو كذا، أو يبطل جميع الأقسام. انظر "تقريب الوصول" لابن جزي (ص389-390)، "شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص406-407)

مسائل متعلقة

القياسُ والاستدلال القياسُ والاستدلالُ والاعتبار أسماء لعمليّة ذهنيّة واحدة تقوم على تقدير شيءٍ على مثال شيء آخر لجامعٍ بينهما. فالمُنكرون للقياس يقرّونَ ببعض أنواعه؛ كالقياس الجلي، ولكن يسمّونه ب الاستدلال. انظر "نبراس العقول" (1/190) يقول الزّركشي: «واعلم أنّه هذا اصطلاحٌ حادث، وقد كان الشافعي يُسمّي الاستدلال قياساً؛ لأنّه فحصٌ ونظر، ويسمي الاستدلال قياساً؛ لوجود التّعليل فيها» "تشنيف المسامع" للزركشي (2 /139) فالاستدلال ينقسم إلى أنواع كل قسم يلحق بنوعٍ من أنواع القياس على النّحو التّالي: النّوع الأول: الاستدلال ببيان العلّة ، وهو ضربان: أحدهما: أن يذكر العلّة ليوجد الحُكم بوجودها؛ بأن يُبّين علة الحُكم في الأصل ثمَّ يبيّن أن الفرع يساويه في العلّة. انظر "اللمع" للشيرازي (ص 290) ومثال ذلك: أن علة القطع هي الرّدع والزجر عن أخذ أموال النّاس؛ صيانةً لها؛ حتى لا تمتد العين إليها، وهذا غير واجب فيما لا يحتاج فيه إلى الردع والزجر ولا تمتد العين إلى أخذه، وهو القليل من المال، وهذا المعنى موجود في كفن الميت؛ لأنّه يحتاج إلى الصّيانة والحفظ بما يرتدع به عن أخذه، فوجب أن يكون حكمه حكم سائر السرقات. انظر "اللمع" للشيرازي (ص290) الثّاني: أن يُبيّن العلّة ليعدم الحُكم بعدمها. ومثالُ ذلك: أن يُبيّن المستدل أنَّ المبتوتة لا تستحق النّفقة فيقول: علة النفقة هي التّمكين بالاستمتاع، بدليل أنها إذا مكنت استحقت النفقة وإذا لم تمكن لم تستحق. انظر "شرح اللمع" للشيرازي (ص254) وهذا النّوع من الاستدلال يتفرّع عن قياس العلّة، وهو ما جُمعَ فيه بين الأصل والفرع بالعلّة التي علق عليها الحُكم في الشرع. النّوع الثاني: الاستدلال بالأولى ، وهو: أن يبيّن في الفرع المعنى الّذي تعلّق الحُكم به في الأصل وزيادة عليه. ومثاله: استدلال الشّافعيّة في وجوب الكفّارة على القاتل عمداً، فقالوا: إنّ الكفارة إنّما وضعت لتكفير الذّنب، وتغطية السيئات، وهذا لا يجب إلا في موضعٍ وجدت فيه جناية أو هتكت فيه حرمة، وإذا ثبت أنها واجبة لهذا المعنى، وهذا المعنى يوجد في قتل العمد كما يوجد في قتل الخطأ، فإذا تعلقت بقتل الخطأ مع عدم المأثم فلأن تتعلق بقتل العمد أولى. انظر "شرح اللمع" للشيرازي (ص254) وهذا النّوع من الاستدلال يتفرّع على قياس العلّة كسابقه. النّوع الثالث: الاستدلال بالتّقسيم ، وهو على ضربين: الضّرب الأوّل: أن يذكُر جميع الأقسام الّتي يجوز أن يتعلّق بها الحُكم، ثمَّ يُبطل الجميع، ليُبطل مذهب الخصم. انظر "شرح اللمع" للشيرازي (ص 255) ومثالُ ذلك: ما استدلَّ به الشيرازي من مسألة الإيلاء؛ حيث أنَّ مدة الإيلاء لا تفضي إلى الطّلاق، بقوله: إنَّ الطلاق لا يقعُ إلا بصريحٍ أو بكناية، ولفظ الإيلاء لا يخلو: إمّا أن يكون صريحاً أو كنايةً، ولا يجوز أن يكونَ صريحاً؛ لأنَّ صريح الطّلاق عند الشّافعية ثلاثة ألفاظ، وعند الحنفية لفظٌ واحد، وليس الإيلاء واحداً منها، ولا يجوز أن يكونَ كنايةً؛ لأنَّ الكناية تفتقر إلى النّية ولا نية هُنا، ولأنّ الكناية يقعُ بها الطّلاق عقب اللفظ، وهُنا لَم يقع الطلاق عقب اللفظ، وإذا بطلَ أن يكونَ صريحاً وبطلَ أن يكونَ كنايةً، استحالَ وقوع الطّلاق به. انظر "شرح اللمع" للشيرازي (ص255) الضرب الثّاني: أن يذكُر المُستدل جميع الأقسام، الّتي يجوز أن يتعلّق بها الحُكم، ثمَّ يُبطل الجميع إلا واحداً، وهو الّذي يتعلّق به عنده. ومثاله: استدلال بعض الفقهاء في أنَّ ردّ الشهادة يتعلّق يالقذف لا بالحد، فقالوا: إنَّ القاذف إذا حد وردت شهادته، فلا يخلو ذلك؛ إمّا أن يكون متعلقاً بالحد أو بالقذف، أو بهما، ولا يجوز أن يكون الرد بالحد؛ لأنَّ الحد تطهير. وما كان تطهيراً لا يجوز أن يتعلق به رد الشهادة، وأيضاً فإنَ الحد يوجد من جهة غيره، فلا يجوز أن يتعلّق به رد الشهادة، ولا يجوز أن يكون الحد سبباً في ردّ الشهادة؛ لأنَّّ ما يكون سبباً لردّ الشهادة بنفسه لا يصير سبباً لهُ مع غيره. كما لا يجوزُ أن يكون ردّ الشهادة مطلقاً بالحد والقذف معاً؛ لأنّه إذا لَم يجز أن يكون سبباً في رد الشهادة لَم يجز أن يكون مع غيرها سبباً لردّ الشهادة، فثبتَ أنّه إنّما تعلّق ذلك بالقذف. انظر "شرح اللمع" للشيرازي (ص255-256) وهذا النّوع من الاستدلال متفرعٌ على قياس العلّة. النّوع الرابع: الاستدلال بالعكس ومثاله: الاستدلال على عدم وجوب الزّكاة في الخيل؛ بأنّه لو كانت الزّكاة تجبُ في إناثه، لوجبت في ذكوره، ولمّا قُلنا: إنه لا تجب الزّكاة في ذكور الخيل، دلّ على أنّه لا تجبُ في إناشها؛ كالحمير والبغال. انظر "شرح اللمع" للشيرازي (ص256) ونظيرُ هذا النوع من الاستدلال قياس الدلالة. انظر "شرح اللمع" للشيرازي (ص 258) النّوع الخامس: الاستدلالُ بالأصول ومن أمثلته: اختلافُ الفقهاء في النّيابة في الحج، فقد قال أبو حنيفة: يدفعُ المال إلى من يُحرم عن، ويُلبّي عنه، ويُضيف التّلبية إليه، ثمّ لا يكون ذلك، بل تقع للحاج، وهذا خلاف الأصول؛ فهو أمرٌ بالكذب من غير حاجة، وذلك لا يجوز في شيءٍ من الأصول؛ ولأنّه أمر ما عُرف من غير ضرورة، فوجبَ أن لا يجوز؛ لأنه لا نظير له في الأصول. والا ستدلال في الأصول متفرعٌ على قياس العلّة.