البحث

عبارات مقترحة:

المنان

المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...

البر

البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...

القنوط من رحمة الله

اتّصفَ اللهُ عزَّ وجلَّ بالرحمة الواسعة والواصلة، فمن قنّطَ عباد اللهِ من رحمته فقد أتى بعظيم وهو من فعل الشيطان، لذا جاءت الآيات بتحذيرِ العبد من القنوط من رحمة الله، مع ملاحظةِ عدمِ أمن مكره وعقابه سبحانه.

التعريف

التعريف لغة

القُنُوطُ: اليَأْسُ مِن الشَّيْءِ، يُقال: قَنِطَ مِن الخَيْرِ، يَقْنَطُ، ويَقْنِطُ، فهو قانِطٌ، أي: يَئِسَ، وضِدُّه: الرَّجاءُ والطَّمَعُ، وقِيل: القُنُوطُ: اليَأَسُ الشَّدِيدُ. وأَصْلُ القَنْطِ: المَنْعُ، يُقال: قَنَطَ ماءَهُ عنّا، أيْ: مَنَعَهُ، ومنه سُمِّيَ اليَأْسُ قُنوطاً؛ لأنَّ اليائِسَ مَنَعَ نَفْسَهُ مِن رَحْمَةِ اللهِ تعالى. ويأْتي القنوطُ بِمعنى قَطْعِ الأَمَلِ. "العين " (5 /105)، "تهذيب اللغة " (9 /25)، " لسان العرب " (7 /386).

التعريف اصطلاحًا

اليأس من رحمة الله تعالى وفضله، واستبعاد حصول المطلوب. انظر : "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (10 /25)، "شجرة المعارف والأحوال" للعزّ بن عبد السلام (ص120)، "التوقيف على مهمات التعاريف" للمناوي (ص 257)

الفروق

الفرق بين القنوط من رحمة الله و اليأس والخيبة

الفرق بين اليأس والقنوط: أكثر العلماء على أنهما بمعنى واحد، ويرى البعض وجود اختلاف بينهما بأنَّ اليأس من منعات القلب، والقنوط ظهور آثاره على ظاهر البدن. الفرق بين اليأس والخيبة: 1 - الخيبة لا تكون إلا بعد أمل لأنها امتناع نيل ما أمل. 2 - اليأس: قد يكون قبل الأمل وقد يكون بعده. انظر: "إعراب القرآن وبيانه" محيى الدين درويش (9 /5 - 6)، "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز " لابن عطية (3 /366)، " الفروق اللغوية " للعسكري (1 /245)، "النكت والعيون " للماوردي (1 /422).

الأدلة

القرآن الكريم

القنوط من رحمة الله في القرآن الكريم
1- نهى اللهُ عزَّ وجلَّ عباده الذين أسرفوا في المعاصي عن القنوط من رحمةِ الله، فقال: ﴿ قُلْ يَٰعِبَادِيَ اْلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا ‌تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اْللَّهِۚ إِنَّ اْللَّهَ يَغْفِرُ اْلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ اْلْغَفُورُ اْلرَّحِيمُ ﴾ [ الزمر : 53]. 2- وصفَ تعالى الذي ييأسُ من روح الله بالكافر، فقال : ﴿ وَلَا تَاْيْـَٔسُواْ ‌مِن ‌رَّوْحِ ‌اْللَّهِۖ إِنَّهُۥ لَا يَاْيْـَٔسُ ‌مِن ‌رَّوْحِ ‌اْللَّهِ إِلَّا اْلْقَوْمُ اْلْكَٰفِرُونَ ﴾ [ يوسف : 87]. 3- وقد أخبر عزَّ اسمُه بوسع رحمته لكلِّ خلقِه، فقال: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [ الأعراف : 153]. 4- كما جاء وصفُ القانط من رحمة الله بالضّال، فقال تعالى: ﴿قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾ [ الحجر : 56].

السنة النبوية

القنوط من رحمة الله في السنة النبوية
- جاء التّصريح بعدّ القنوط من رحمةِ الله من الكبائر: عن عبدالله بن عباس: «الكبائرُ: الشِّركُ باللهِ، والإْياسُ من رَوْحِ اللهِ ، والقُنوطُ من رَحمةِ اللهِ». أخرجه البزار كما في "مجمع الزوائد" للهيثمي (1/109) - وقد تواترت الأحاديث بإثبات الرّحمات لله عزَّ وجلَّ حتّى يطمّع الله عباده في رحمته: عن أبي هريرة: «إنَّ للَّهِ مائةَ رحمةٍ ، قَسمَ منها رحمةً بينَ جميعِ الخلائقِ، فبِها يَتراحمونَ، وبِها يَتعاطفونَ، وبِها تعطِفُ الوحشُ على أولادِها، وأخَّرَ تِسعةً وتسعينَ رحمةً ، يرحمُ بِها عبادَهُ يومَ القيامةِ». أخرجه ابن ماجه (3484)

الإجماع

قال ابن حجر الهيتمي في معرض حديثه عن هذه الكبيرة: «فهذا اليأسُ كبيرةٌ اتِّفاقًا لأنه يستلزم تكذيب النصوص القطعية التي أشرنا إليها». " الزواجر" (1 /150).

أقوال أهل العلم

«إنْ أمِنَ - أي العبدُ- داء القنوط فالرجاء أولى، أو أمن المكر فالخوف أولى». الغَزالي "الزواجر عن اقتراف الكبائر" للهيتمي (1 /150)
لا تيأسَنَّ لعُسرَةٍ فوراءَها*****يُسرانِ وَعداً ليسَ فيهِ خِلافُ كم عُسرةٍ قلِقَ الفَتى لنُزولِها*****للهِ في إعسارِها ألطافُ أَبُو الفَتح البُسْتي "ديوان البستي" (ص122).
«ولا يقنط من رحمة الله المسرف على العصيان، ويحسن الظن بالله عز وجل، فإنه إن رحمه فبفضله، وإن عذبه فبعدله». ابن الحَنْبَلي "الرسالة الواضحة" (ص1053).

الأضرار والمفاسد

1 - الابتعاد عن صفات المؤمنين التي يحبّها الله، فاليأس والقنوط ليستا من صفات المؤمنين: قال البغوي: «إذا هم يقنطون، ييأسون من رحمة الله، وهذا خلاف وصف المؤمن فإنه يشكر الله عند النعمة ويرجو ربه عند الشدة». "معالم التنزيل في تفسير القرآن" للبغوي (3 /579) 2 - اليأس والقنوط فيه تكذيب لله ولرسوله، وسوء أدبٍ مع الله تعالى، وهذا خطرٌ عظيم يقعُ فيه المؤمن: قال ابن عطية: «اليأس من رحمة الله وتفريجه من صفة الكافرين. إذ فيه إما التكذيب بالربوبية، وإما الجهل بصفات الله تعالى». "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" لابن عطية (3 /274). 3- سبب في الوقوع في الكفر والهلاك والضلال: قال القاسمي: ﴿ وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى اْلْإِنسَٰنِ أَعْرَضَ وَنَـَٔا بِجَانِبِهِۦ وَإِذَا مَسَّهُ اْلشَّرُّ كَانَ يَـُٔوسٗا ﴾ [الإسراء: 38] إ شارة إلى السبب في وقوع هؤلاء الضالين في أودية الضلال. وهو حب الدنيا وإيثارها على الأخرى، وكفران نعمه تعالى. بالإعراض عن شكرها، والجزع واليأس من الفرج عند مس شر قضى عليه». "محاسن التأويل" للقاسمي (6 /499). 4 - الفتور والكسل عن فعل الطاعات والغفلة عن ذكر الله، لأنّه آيسٌ من نفع الأعمال وقد استولى الشيطان على قلبه: قال ابن حجر الهيتمي: «القانط آيس من نفع الأعمال ومن لازم ذلك تركها». "الزواجر عن اقتراف الكبائر" لابن حجر الهيتمي (1 /122). 5- الاستمرار في الذنوب والمعاصي: قال أبو قلابة: «الرجل يصيب الذنب فيقول: قد هلكت ليس لي توبة فييأس من رحمة الله، وينهمك في المعاصي ، فنهاهم الله تعالى عن ذلك، قال الله تعالى: ﴿ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [ يوسف : 87])». "معالم التنزيل في تفسير القرآن" للبغوي (1 /217). 8 - سبب في الحرمان من رحمة الله ومغفرته: لما جاء في الحديث : «أنا عند ظن عبدي بي- فيظن بي عبدي ما شاء»، فالله عزَّ وجلَّ يعطي عبده ما يظنه لذلك قال بعدها في الحديث «فليظنَّ بي ما شاء». 9 - سبب لفساد القلب: قال ابن القيّم وهو يعدد الكبائر: «الكبائر: . . القنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله. . ، وتوابع هذه الأمور التي هي أشد تحريمًا من الزنا، وشرب الخمر وغيرهما من الكبائر الظاهرة، ولا صلاح للقلب ولا للجسد إلا باجتنابها، والتوبة منها، وإلا فهو قلب فاسد، وإذا فسد القلب فسد البدن». "مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين " لابن قيم الجوزية (1 /133). 10 - ذهاب سكينة القلب والشعور الدائم بالحرمان والحزن والهم: «اليأس من روح الله والقنوط من رحمته؛ يؤدي إلى ترك العمل، إذ لا فائدة منه بزعمه، وهذه طامة من الطوام وكبيرة من كبائر الذنوب، تخرج القلب عن سكينته وأنسه إلى انزعاجه وقلقه وهمه». "أثر الإيمان في تحصين الأمة " لعبد الله الجربوع (2 /480) بتصرف يسير. قال الشَّوكاني: «إذا مسه- الإنسان - الشر من مرض أو فقر كان يؤسًا شديد اليأس من رحمة الله، وإن فاز بالمطلوب الدنيوي، وظفر بالمقصود نسي المعبود، وإن فاته شيء من ذلك استولى عليه الأسف، وغلب عليه القنوط، وكلتا الخصلتين قبيحة مذمومة». "فتح القدير " للشوكاني (3 /301).

وسائل الاجتناب

1 - الإيمان بأسماء الله وصفاته: «إذا علم العبد وآمن بصفات الله من الرحمة، والرأفة، والتوبة، واللطف، والعفو، والمغفرة، والستر، وإجابة الدعاء؛ فإنَّهُ كلما وقع في ذنب؛ دعا الله أن يرحمه ويغفر له ويتوب عليه، وطمع فيما عند الله من ستر ولطف بعباده المؤمنين، فأكسبه هذا رجعة وأوبة إلى الله كلما أذنب، ولا يجد اليأس إلى قلبه سبيلا، كيف ييأس من يؤمن بصفات الصبر، والحلم؟! كيف ييأس من رحمة الله من علم أن الله يتصف بصفة الكرم، والجود، والعطاء». "صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة" لعلوي السَّقَّاف (1 /36). 2 - حسن الظن بالله ورجاء رحمته: قال السفاريني: «حال السلف رجاء بلا إهمال، وخوف بلا قنوط. ولابد من حسن الظن بالله تعالى». "غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب " (1 /466). 3 - تعلق القلب بالله والثَّقة به: فلا يليق بالمسلم أن ييأس من روح الله ولا يقنط من رحمته، ولا يكون نظره مقصوراً على الأمور المادية والأسباب الظاهرة، بل يكون متلفتًا في قلبه في كل وقت إلى مسبب الأسباب، إلى الكريم الوهاب، مُتحرِّيًا للفرج، واثقًا بأن الله سيجعل بعد العسر يُسرًا، ومن هنا ينبعث للقيام بما يقدر عليه من النصح والإرشاد والدعوة، ويقنع باليسير إذا لم يمكن الكثير وبزوال بعض الشر وتخفيفه إذا تعذر غير ذلك ا نظر: "الهمة العالية" لمحمد الحمد (1 /50). 4 - أن يكون بين الخوف والرجاء: قال تعالى في مدح عباده المؤمنين: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90] 5 - الإيمان بالقضاء والقدر: إذا علم المرء وأيقن أن كل ما حصل له هو بقضاء الله وقدره يستريح قلبه ولم ييأس لفوات شيء قال تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحديد: 22]. وقال سبحانه: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [التغابن: 11]. 6 - الصبر عند حدوث البلاء: وذلك أن الله سبحانه ذم اليائسين من رحمته عند حصول البلاء واستثنى من الذم الصابرين على البلاء وجعل لهم الثواب العظيم. فقال تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾[هود: 9 - 11]. 7 - الدعاء مع التيقّن من الإجابة: قال تعالى عن نبيِّه يعقوب عليه السلام لما عوتب في تذكر يوسف عليه الصلاة والسلام، بعد طول الزمان وانقطاع الأمل وحصول اليأس في رجوعه: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 86]. وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه)) رواه الترمذي (3479) 8 - الأخذ بالأسباب: يظهر لنا جلياً في قصة يوسف عليه السلام الأخذ بالأسباب وترك الاستسلام لليأس فقد قال نبي الله يعقوب عليه السلام لأولاده لما أبلغوه فقد ابنه الثاني: ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾[يوسف: 87]. 9 - الزهد في الدنيا: فمن أعظم أسباب القنوط من رحمة الله التعلق في الدنيا وملذاتها الزائلة، فمن تعلق بالآخرة وما عند الله لم ييأس، ولم يدخل الحزن على قلبه بزوال شيء من متاعِ هذه الدُّنيا.