البحث

عبارات مقترحة:

الشافي

كلمة (الشافي) في اللغة اسم فاعل من الشفاء، وهو البرء من السقم،...

الفتاح

كلمة (الفتّاح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من الفعل...

الكبر

الكِبرُ مرضٌ من أمراضِ القلوب، يحرمُ صاحبه من خير عظيم، على رأسه عدمُ قبول الحقّ، وهو من أوّل المعاصي التي عُصيَ الله بها، فقد منعت إبليس من السجود لآدم ومن الاستجابة لأمر الله، لذا كان الكبرُ أحد الكبائر التي تُهلك صاحبها وقد تؤدي به إلى الكفر بالله والتّعالي عن قبول هذا الدين.

التعريف

التعريف لغة

الكِبر: التّعاظُم والاتِّصاف بالعظمةِ، ويقال له أيضًا: التّكبر والاستكبار، وضدّه: التّواضع والتّصاغر، يقال: كبر، يكبر، كِبرًا، أي: عظم. والكِبر أيضًا: معظم الشّيءِ، وأصله: الامتناع وعدم الانقيادِ. "العين" (5/361)، "تهذيب اللغة" (10/119)، "مقاييس اللغة" (5/153).

التعريف اصطلاحًا

عدم قبول الحقّ ترفُّعًا وتجبرًا، واحتقار النّاس والتّعاظم عليهم ، كما دلَّ على ذلكَ حديثُ النّبي صلّى الله عليه وسلّم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: «الكِبرُ بَطَرُ الحقِّ وغَمْطُ النّاسِ». أخرجه مسلم (91). "شرح النووي على صحيح مسلم" (16/173)، "تفسير القرطبي" (10/260)، "إحياء علوم الدين" (3/163).

الفروق

الفرق بين الكبر و الكبرياء

إنَّ الكبر ما ذكرناه، والكبرياء هي العز والملك وليست من الكبر في شيء، والشاهد قوله تعالى: ﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 78]، يعني: الملك والسلطان والعزة، وأمَّا التَّكبُّر: فهو إظهار الكِبر، مثل: التشجُّع: إظهار الشجاعة. انظر: "الفروق اللغوية " لأبي هلال العسكري (1 /445).

الأدلة

القرآن الكريم

الكبر في القرآن الكريم
1- وصفَ الله المتجبّر المتكبّر المعاند بالخائب: قال تعالى: ﴿وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾ [إبراهيم : 15] 2-قد صرفَ اللهُ المتكبّر عن آياته : قال: ﴿ أَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴿ [الأعراف: 146] 3- وطبعَ اللهُ على قلبه : قال: ﴿كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ [غافر: 35] 4- الكبر سبب امتناع إبليس عن السجود لآدم: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 34]. 5- والكبر سبب رئيس في هلاك الأمم السابقة: قال الله تعالى عن قوم نوح على لسان نبيهم نوح عليه السلام: ﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا﴾ [نوح: 7]. وقوم عاد ظنوا بسبب تكبرهم أنهم أقوى من في الوجود فقد قال الله عنهم: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ﴾ [فصلت: 15 – 17]. ويأتي ثمود من بعدهم فينهجون نفس النهج في الاستكبار والتعالي، فيردون دعوة الله عز وجل ويكذبون نبيه عليه السلام: ﴿قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [الأعراف: 75 - 76]. وقال الله تعالى عن قوم نبي الله شعيب عليه السلام: ﴿قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ﴾ [الأعراف: 88].

السنة النبوية

الكبر في السنة النبوية
1 - ينزلُ اللهُ بالمتكّبر عقوبةً شديدة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلَّم: «بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي في حُلَّةٍ، تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ، إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ، فَهو يَتَجَلْجَلُ إلى يَومِ القِيامَةِ». أخرجه البخاري (5789). 2- التكبّر سبب في المنع من دخول الجنّة: عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ». أخرجه مسلم (91). 3-لا ينظر الله عزَّ وجلَّ للمتكبّر: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلَّم: «لا يَنْظُرُ اللَّهُ إلى مَن جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ». أخرجه البخاري (5783).

أقوال أهل العلم

وَانظُر إلى القلبِ ولا تَنسَاهُ*****مُطهِّرًا من كُلِّ ما كَسَاهُ من دَنَسِ الغِلِّ ومن رَيْنِ الحَسَدْ *****ففي صلاحِ القَلْبِ إصلاحُ الجَسَدْ والكِبْرِ والبغيِ بغيرِ الحَقِّ *****والاحتقارِ لأقلِّ الخَلْقِ السَّخَاوي "الكوكب الوقاد" مع شرحه (ص31).

الأضرار والمفاسد

1. الحرمان من النظر والاعتبار: أي أن الأثر الأول الذي يتركه التكبر على العاملين: إنما هو الحرمان من النظر والاعتبار، ومن حرم النظر والاعتبار، كانت عاقبته البوار والخسران المبين، لأنه سيبقى مقيماً على عيوبه وأخطائه، غارقاً في أوحاله، حتى تنتهي الحياة. 2. القلق والاضطراب النفسي: ذلك أن المتكبر يحب إشباعاً لرغبة الترفع والتعالي أن يحني الناس رؤوسهم له، وأن يكونوا دوماً في ركابه، ولأن أعزة الناس وكرامهم يأبون ذلك، بل ليسوا مستعدين له أصلاً، فإنه يصاب بخيبة أمل، تكون عاقبتها القلق والاضطراب النفسي، هذا فضلاً عن أن اشتغال هذا المتكبر بنفسه يجعله في إعراض تام عن معرفة الله وذكره، وذلك له عواقب أدناها في هذه الدنيا القلق والاضطراب النفسي. 3. الملازمة للعيوب والنقائص: وذلك أن المتكبر لظنه أنه بلغ الكمال في كل شيء لا يفتش في نفسه، حتى يعرف أبعادها ومعالمها، فيصلح ما هو في حاجة منها إلى إصلاح، ولا يقبل كذلك نصحًا أو توجيهًا أو إرشادًا من الآخرين، ومثل هذا يبقى غارقًا في عيوبه ونقائصه، ملازمًا لها إلى أن تنقضي الحياة، ويدخل النار مع الداخلين. 4. الحرمان من الجنة واستحقاق العذاب في النّار: وذلك أمر بدهي، فإن من يعتدي على مقام الألوهية، ويظل مقيمًا على عيوبه ورذائله، ستنتهي به الحياة حتمًا وما حصل خيرًا يستحق به ثوابًا أو مكافأة فيحرم الجنة مؤبدًا أو مؤقتًا. 5. قلة كسب الأنصار، بل والفرقة والتمزق، والشعور بالعزلة: ذلك أن القلوب جبلت على حب من ألان لها الجانب، وخفض لها الجناح، ونظر إليها من دون لا من علٍ. 6. الحرمان من العون والتأييد الإلهي: ذلك أن الحق سبحانه مضت سنته أنه لا يعطي عونه وتأييده، إلا لمن هضموا نفوسهم حتى استخرجوا حظ الشيطان من نفوسهم، بل حظَّ نُفوسهم من نُفوسهم ، والمتكبرون قوم كبرت نُفوسهم ، ومن كانت هذه صفته، فلا حق له في عون أو تأييد إلهي. 7. سبيل إلى غضب الله والتعرض لسخطه. 8. مؤشر على ما تعانيه النفس من دناءة وانحطاط. 9. سبيل إلى البعد عن الله وعن طاعته، كما أنه سبيل إلى البعد عن الناس. 10. فيه هلاك للنفس وحرمانها، كما أنه يذهب ببركة العمر ويحرم من لذة الطاعة وبركة التواضع. انظر " آفات على الطريق " لسيِّد محمد نوح (1 /110)

وسائل الاجتناب

ولاجتناب هذا المرض العضال يمكن الاستفادة مما يأتي: 1. تذكير النفس بالعواقب والآثار المترتبة على التكبر، سواء كانت عواقب ذاتية أو متصلة بالعمل الإسلامي، وسواء كانت دنيوية أو أخروية على النحو الذي قدمنا، فلعل هذا التذكير يحرك النفس من داخلها، ويحملها على أن تتوب، وتتدارك أمرها قبل ضياع العمر وفوات الأوان. 2. عيادة المرضى، ومشاهدة المحتضرين وأهل البلاء وتشييع الجنائز، وزيارة القبور، فلعل ذلك أيضًا يحركه من داخله، ويجعله يرجع إلى ربه بالإخبات، والتواضع. 3. الانسلاخ من صحبة المتكبرين، والارتماء في أحضان المتواضعين المخبتين، فربما تعكس هذه الصحبة بمرور الأيام شعاعها عليه، فيعود له سناؤه، وضياؤه الفطري كما كان عند ولادته. 4. مجالسة ضعاف الناس وفقرائهم، وذوى العاهات منهم، بل ومؤاكلتهم ومشاربتهم، كما كان يصنع النبي وصحبه الكرام، وكثير من السلف، فإن هذا مما يهذب النفس ويجعلها تقلع عن غيها، وتعود إلى رشدها. 5. التفكر في النفس، وفي الكون، بل وفي كل النعم التي تحيط به من أعلاه إلى أدناه، مَن مصدر ذلك كله؟ ومن ممسكه؟ وبأي شيء استحقه العباد؟ وكيف تكون حاله لو سلبت منه نعمة واحدة فضلاً عن باقي النعم؟ فإن ذلك التفكر لو كانت معه جدية، يحرك النفس ويجعلها تشعر بخطر ما هي فيه، إن لم تبادر بالتوبة والرجوع إلى ربها. 6. النظر في سير وأخبار المتكبرين، كيف كانوا؟ وإلى أي شيء صاروا؟ من إبليس والنمرود إلى فرعون، إلى هامان، إلى قارون، إلى أبي جهل، إلى أبي بن خلف، إلى سائر الطغاة والجبارين والمجرمين، في كل العصور والبيئات فإن ذلك مما يخوف النفس ويحملها على التوبة والإقلاع، خشية أن تصير إلى نفس المصير، وكتاب الله عز وجل وسنة النبي وكتب التراجم والتاريخ خير ما يعين على ذلك. 7. حضور مجالس العلم التي يقوم عليها علماء ثقات نابهون، لاسيما مجالس التذكير والتزكية، فإن هذه المجالس لا تزال بالقلوب حتى ترق وتلين وتعود إليها الحياة من جديد. 8. حمل النفس على ممارسة بعض الأعمال التي يتأفف منها كثير من الناس ممارسة ذاتية ما دامت مشروعة، كأن يقوم هذا المتكبر بشراء طعامه وشرابه وسائر ما يلزمه بنفسه، ويحرص على حمله والمشي به بين الناس، حتى لو كان له خادم، على نحو ما كان يصنع النبي ، وصحبه والسلف، فإن هذا يساعد كثيرًا في تهذيب النفس وتأديبها، والرجوع بها إلى سيرتها الأولى الفطرية، بعيدًا عن أي التواء أو اعوجاج. 9. الاعتذار لمن تعالى وتطاول عليهم بسخرية أو استهزاء، بل ووضع الخد على التراب وإلصاقه به، وتمكينه من القصاص على نحو ما صنع أبو ذر مع بلال لما عاب عليه النبي تعييره بسواد أمه. 10. إظهار الآخرين بنعمة الله عليهم، وتحدثهم بها - لاسيما أمام المستكبرين - علهم يثوبون إلى رشدهم وصوابهم، ويتوبون ويرجعون إلى ربهم، قبل أن يأتيهم أمر الله. 11. التذكير دومًا بمعايير التفاضل والتقدم في الإسلام: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]. "آفات على الطريق" لسيد محمد نوح (1 /114)

مسائل متعلقة

بعض أوصاف المتكبرين

التكبر مرض يعرف صاحبه بحسن المظهر، وسوء الباطن والمخبر، ظاهره كثير الاعتناء، شديد الاعتداد، والانتفاش، والتعالي، وباطنه شديد الاهتزاز، والضعف، يوحي ظاهره بالشجاعة والإقدام، وفي حقيقته وباطنه جبان رعديد، يتودد للبعيد، ويجافي القريب، يهتم للبعيد أكثر من القريب، ينتقم من جفاء وإهمال الآخرين له، بظلمِ وجفاءِ القريب منه، يتظاهر بكثرة الأشغال والأعمال، من غير شغل ولا عمل، يحسب نفسه أنه كل شيء، ومحور كل شيء، ويعرف كل شيء، وفي حقيقته ليس بشيء، فيتشبع بما لم يُعطَ، وبما ليس فيه، ويُحبُّ أن يُمدح بما لم يُعط وبما ليس فيه، لا ينسى الهفوات، ويحاسب على الزلات، ولو بعد حين. المتكبر يتلذَّذُ ويتمتع بإذلال وتحطيم وقهر أقرب الناس إليه؛ ليستمر شعوره بالظهور والفوقية، فإذا أجهز عليه، وانطفأ بريقه، انصرف إلى صيدٍ آخر، وضحية أخرى غيره، فإن لم يجد افترض لنفسه خصمًا وغريمًا لا وجود له إلا في مُخيِّلته. والمتكبر إذا أقبلت عليه أدبر، وإذا أدبرت أقبل، سيئ الظن بمن حوله، وبمن يتعامل معه، يكفُر المعروف والإحسان؛ فلا يقر بمعروف فضلًا عن أن يشكره. والمتكبر يجد صعوبةً شديدة في أن يُثنيَ على معروف أو صاحب معروفٍ خيرًا، يحسد الآخرين على نجاحاتهم، ويُقلِّل من قيمتها وقدرها، ويغار منهم، ويتظاهر بتجاهلهم، وأنه لا يبالهم بالًا، وأحسن أحواله أن يرد نجاحاتهم لنفسه؛ إذ لولاه لما نجحوا. المتكبر حاجتُك إليه مَذلَّةٌ ولو من أين الطريق، يخالف ليُعرَف، ويظهر أنه الأفهم والأعلم؛ فإذا قلت له: نعم، قال: لا، وإذا قلت: لا، قال: نعم. ومهما كان قولك مُحكمًا، عقَّبَ عليه بقوله: " ولكن. . "، حتى وإن اضطر أن يُكرِّر نفس كلماتك، لكن بطريقته وأسلوبه. المتكبر لا يُحسن الاستماع، ولا يُطيقه، يخوضُ فيما له علم فيه، وفيما لا علم له فيه. المتكبر لا تستطيع أن تعرفه بما تحب أو تكره؛ لأنه سيختار عكس ما تحب وتكره، شديد الانتهازية والاستغلال والأنانية والحرص، مُتبلِّد الإحساس والمشاعر نحو الاخرين، فلا يُحبُّ ولا يرى إلا نفسه، ومصلحته، وما سواه تبدأ حقوقهم عندما تنتهي حقوقه، ويحققون له كامل حقوقه. ثم هو بعد ذلك له حق عليهم، وليس للآخرين عليه حق، وأنهم مهما بذلوا في سبيله لا يراه شيئًا، وأنه يستحق المزيد، فأنا، وأنا وحسب، ولا شيء غير أنا. المتكبر سريع العطب، والانقلاب، يصعب أن ترى له صديقا، لا يألَف، ولا يُؤلف، علاقاتُه تقتصر على الاستغلال أو الاستغناء؛ فإن احتاج استغل، وإن استغنى، استغنى، وجفا، وأدبر. بينه وبين الوفاء والمحبة كما بين السماء والأرض، لا يلقي بالًا لمآلات وعواقب سلوكه وأفعاله، فيخسر القريب والبعيد، والمحاضن الآمنة والدافئة، وما هو أعز من المال، فلا يكاد يستمر في عمل، ولا أن ينجح في عمل؛ لأنه يرى في الناس خدمًا له، ويأنف أن يرى نفسه في موضع الخدمة للناس، إلا ما كان ما ليس منه منفدًا. مكانُه دائمًا أن يكون شخصُه محورَ الحديث، وملفتَ الأنظار، ومشدَّ اهتمام الجميع، وأن يأمر فيُطاع، لا أن يُؤمَر فيُطيع. لو سار الحديث في أي واد، لرد الحديث إلى واده، ونفسه، وما حصل معه، وله. الفشل حليفُه وعنوانُه، فهو فاشلٌ في نفسه، ويُفشِلُ من معه، ومن له حكم عليه، يُلغِي كل من أمامه لو استطاع. إن كان له شريك في أي مجال من مجالات الحياة ينبغي على شريكه إن أراد للشراكة أن تستمر أن يكون من أموات الأحياء؛ بلا مشاعر، ولا إرادة، ولا رأي، ولا اختيار. . وأن لا يرى إلا ما يحب الطرف الآخر له أن يراه، ولو رآه يراه كما يُريد الطرف الآخر له أن يراه. وعلى مبدأ زعيم الطغاة فرعون: ﴿ما أريكم إلا ما أرى﴾، وهذا مرض عُضال منفر، يصعب التعرف عليه من الوهلة الأولى، من غير خلطة ومعاملة، يستعصي على الأطباء النفسيين معالجته؛ لأن صاحبه لا يعترف بمرضه، ويرى نفسه فوق النقد، والنصيحة، أو أن يشار إليه بالمرض، بينما الاعتراف بالمرض هو الخطوة الأولى نحو علاجه! والناس متفاوتون في مصابهم بهذا الداء؛ فمنهم المُصاب به مائة بالمائة، ومنهم خمسون بالمائة، ومنهم من هو دون أو فوق ذلك. عافانا الله وإياكم منه. يُنظَر "مقالات صيد القلم".

درجات التكبر

الدرجة الأولى: التكبر على الله تعالى ورسوله، وهو أشد التكبر، وهو الذي حمل أكثر الكفار على الكفر. الدرجة الثانية: التكبر على أهل الدين من العلماء والصالحين وغيرهم بالازدراء بهم، وعدم القبول لمناصحتهم. الدرجة الثالثة: التكبر على سائر الناس. انظر "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص641).