البحث

عبارات مقترحة:

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

العفو

كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...

الخالق

كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...

هجر المسلم العدل

هجر المسلم لأخيه المسلم من المحرمات، بل إنه يعد من الكبائر إذا تجاوز ثلاثة أيامٍ، ما لم يوجد سبب شرعي يسوغ الهجران، لأنه يقطع أواصر المجتمع ويأتي على خلاف مقاصد الشريعة من بناء مجتمع متماسك متآخٍ.

التعريف

التعريف لغة

مصدر قولهم: هجر الشّيء يهجره، وهو مأخوذ من مادّة (هـ ج ر) الّتي تدلّ على القطيعة، وهاجر القوم من دار إلى دار، تركوا الأولى للثّانية كما فعل المهاجرون حين هاجروا من مكّة إلى المدينة، وتهجّر الرّجل وتمهجر: أي تشبّه بالمهاجرين، ومن الباب الهجر بمعنى الهذيان، والهجر أيضًا الإفحاش في المنطق والخنا. وقال ابن منظور: يقال: هجره يهجره هجرًا وهُجرانًا: صرمه. وهما يهتجران ويتهاجران، والاسم: الهجرة، والتّهاجر: التّقاطع. وهجر الشّيء وأهجره: تركه. انظر "المقاييس" (6 /34- 35)، "لسان العرب" لابن منظور (5 /250- 252)، "المصباح المنير" للفيومي (2 /634).

التعريف اصطلاحًا

مقاطعة الإنسان أخاه المسلم، ومفارقته، إما بالبدن، أو باللسان، أو بالقلب، بغيرِ عذرٍ شرعيّ. "روضة العقلاء" لابن حبان البستي (204)، "رياض الصالحين" للنووي (447)

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

الهجر في اللغة القطيعة مطلقًا، وفي الاصطلاح يخصص بهجر المسلم، وبهذا يكون المعنى الاصطلاحي أخص، وبينهما العموم والخصوص المطلق.

الأدلة

القرآن الكريم

هجر المسلم العدل في القرآن الكريم
سمى الله تعالى المؤمنين في محكم تنزيله بالإخوة، وأمر بالإصلاح بينهم فقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الحجرات : 10]

السنة النبوية

هجر المسلم العدل في السنة النبوية
1- عن أبي هريرة قَالَ رسولُ اللَّه : «لا تَحاسدُوا، وَلا تناجشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابرُوا، وَلا يبِعْ بعْضُكُمْ عَلَى بيْعِ بعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّه إِخْوانًا، المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم: لا يَظلِمُه، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا ويُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مرَّاتٍ بِحسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِر أَخاهُ المُسْلِمَ، كُلّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حرامٌ: دمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ». أخرجه مسلم (2563). قال الإمام مالك: «ولا أحسب التدابر إلا الإعراض عن المسلم يدبر عنه بوجهه». 2- عن سعد بن أبي وقاص: قَالَ رسولُ اللَّه : «لا يَحِلُّ لِمسلمٍ أنْ يَهْجُرَ أَخاهُ فَوْقَ ثَلاثٍ». أخرجه أحمد (1589). 3- عن أبي هريرة: قَالَ رسولُ اللَّه : «لا يحِلُّ لمسلمٍ أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاثٍ، فمن هجر فوق ثلاثٍ فمات دخل النّارَ». أخرجه أبو داود (4914). 4- عن أبي حراش حدرد بن أبي حدرد الأسلمي: «من هجر أخاه سنةً؛ فهو كسفْكِ دمِه». أخرجه أبو داود (4915).

الإجماع

قال ابن عبد البر: «أجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث إلا أن يخاف من مكالمته وصلته ما يفسد عليه دينه أو يولد به على نفسه مضرة في دينه أو دنياه ، فإن كان كذلك رخص له في مجانبته، ورب صرم جميل خير من مخالطة مؤذية». "طرح التثريب " للعراقي (99/8)

أقوال أهل العلم

«فمن هجر فوق ثلاث، فمات مُصرًّا على الهجر والقطيعة دخل النار، إن شاء الله تعذيبه مع عصاة الموحدين، أو دخل النار خالدًا مؤبدًا ، إن استحل ذلك، مع علمه بحرمته والإِجماع عليها» ابن عَلَّان "دليل الفالحين " (435/8)
«هذا التحريم محله في هجرانٍ ينشأ عن غضب لأمر جائز لا تعلق له بالدين ، فأما الهجران لمصلحة دينية من معصية أو بدعة : فلا مانع منه ، وقد أمر النبي بهجران كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع رضي الله عنهم» ابن العِراقي "طرح التثريب " (8 /99)
«وفي حديث كعب هذا دليل على أنه جائز أن يهجر المرء أخاه إذا بدت له منه بدعة أو فاحشة يرجو أن يكون هجرانه تأديبًا له، وزجرًا عنها» ابن عَبْد البَرّ "طرح التثريب " (8 /99)

الأضرار والمفاسد

هجر المسلم كبيرة من الكبائر ، فالذي هجر أخاه فوق ثلاث ومات على ذلك يدخلُ النَّار. والهجر صفة قبيحة تسخط الله- عزّ وجلّ- على المتهاجرين، وتمنع من رفع أعمالهم حتى يتصالَحَا، وهو سبب في تأخير المغفرة من الله- عزّ وجلّ-. والهجر بين الإخوان فوق ثلاث حرام، ويسبِّب تفكُّكا اجتماعيًّا، فأضراره تتعدى الأفراد والأسر حتى تصل إلى المجتمع، فتنشر فيه الحقد والبغضاء. و هجر المرأة فراش زوجها سبب في لعنة الله والملائكة لها، ومن حلت عليه لعنة الله فلا معين ولا ناصر له. والهجر من حبائل الشّيطان. يغوي بها أتباعه حتّى يسوقهم إلى الجحيم، انظر "نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم" (11 /5690).

وسائل الاجتناب

1 - ترك المعاصي والذنوب، فهي أسباب كل بلية وتفرق، فعن أنس رضي الله عنه يرفعه: «ما تواد اثنان في الله عز وجل أو في الإسلام، فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما» "الأدب المفرد" (401). 2 - دفع السيئة بالحسنة، من أسباب سلامة القلوب، وقد جعل الله تعالى للمسلم مخرجاً من أعدائه: شياطين الإنس، والجن، فالعدو الذي يُرى بالعين وهو شيطان الإنس، فالمخرج منه: بالإعراض عنه، والعفو، والدفع بالتي هي أحسن، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ 3 - الالتجاء إلى الله تعالى في حفظ الصدر والسعي لاكتساب نور الإيمان الصادق الذي يقذفه الله تعالى في قلب العبد مع العمل الصالح فهو من أعظم أسباب سلامة الصدر. 4 - العلم النافع مع العمل الصالح فكلما اتسع علم العبد انشرح صدره واتسع. 5 - إفشاء السلام؛ وهو من أنجع الأسباب في بث المحبة والمودة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - : «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أَوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» 6- الهدية سبب في المحبة، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال: «تهادوا تحابوا» 7 - الصدقة والإحسان ما أمكن؛ فإن لذلك تأثيراً عجيباً في سلامة الصدور؛ ولهذا بين النبي - أن أفضل الصدقة: «على ذي الرحم الكاشح» "مسند أحمد" (5320). والمعنى أن أفضل الصدقة على ذي الرحم الذي يضمر عداوته ويطوي عليها باطنه، وهو ذو الرحم القاطع الذي يضمر عداوته في صدره. 8- الرغبة فيما عند الله تعالى، لمن كظم غيظاً، كما قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134]. الدعاء بإذهاب سخيمة القلب، فقد كان من دعاء النبي : «ربِّ أعني ولا تعن عليَّ» وفيه «وسدد لساني واسلل سخيمة قلبي» الترمذي (3551) والسخيمة الحقد في النفس والقلب، وقد سأل النبي ربه أن يخرج هذا الداء من قلبه فلا يبقى فيه شيء من هذا الدال العضال انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (2 /351، 392)، "سلامة الصدر " سعيد بن وهف القحطاني (1 /47)

مسائل متعلقة

حكم الهجر

يختلف حكم الهجر باختلاف المهجور فإن تعلّق الهجر بالزوجة كان ذلك جائزاً، بل مأمورا به في بعض الأحيان وذلك عند النّشوز أو مخافته لقوله تعالى: ﴿وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ﴾[النساء: 34]. وإن تعلّق الهجر بالمسلم فإنّه يعدّ كبيرة كما صرّح بذلك ابن حجر، شريطة أن يكون فوق ثلاثة أيام، وليس بغرض شرعيّ لما في ذلك من التّقاطع والإيذاء والفساد، ويستثنى من تحريم هذا الهجر مسائل حاصلها أنّه متّى عاد (الهجر) إلى صلاح دين الهاجر والمهجور جاز وإلّا فلا يجوز. وإذا كان المهجور من ذوي الرّحم فإنّه كبيرة حتّى وإن لم تبلغ المدّة ثلاثة أيّام؛ لأنّ الهجر هنا أضيف إليه قطيعة الرّحم، وقد عدّ الإمام الذّهبيّ هجر الأقارب مطلقًا من الكبائر، أمّا هجر أهل البدع والأهواء فإنّه مطلوب على مرّ الأوقات ما لم تظهر منهم التّوبة والرّجوع إلى الحقّ، كما قال ابن الأثير. "النهاية " (5 /246)، "الزواجر " (418)، "الكبائر " (47).