البحث

عبارات مقترحة:

الحيي

كلمة (الحيي ّ) في اللغة صفة على وزن (فعيل) وهو من الاستحياء الذي...

الغفور

كلمة (غفور) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) نحو: شَكور، رؤوف،...

الأعلى

كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...

الفطر في نهار رمضان بلا عذر

صيام رمضان ركنٌ من أركان الإسلام، وإفطار يومٍ واحدٍ منه بلا عذرٍ شرعي يعد كبيرةً من الكبائر باتفاق الأمََة، وفي هذه الشعيرة مقاصد عظيمة على رأسها تحقيق تقوى الله.

التعريف

التعريف لغة

مصدر أفطر، يُفطر، فهو مُفطرٌ، والفطر: نقيضُ الصّوم، يُقال: أفطر الصائمُ، يُفطر، فطُورًا: إذا أكل وشرب. وأصل الفطر: الشقُّ والفتح، ومنه سُمي أكل الصائم وشربُهُ إفطارًا؛ لأنّ في ذلك فتحًا للصّوم. "تهذيب اللغة" (4/398)، "معجم مقاييس اللغة" (5/410)، "تاج العروس" (13/327).

التعريف اصطلاحًا

فطر من وجب عليه الصيام في نهار رمضان بلا عذرٍ شرعي. انظر "الذخائر" للسفاريني (319).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

أصل الفطر في اللغة الشق، وسمي إفساد الصوم بالفطر لأن الصائم يشق صومه.

الأدلة

القرآن الكريم

الفطر في نهار رمضان بلا عذر في القرآن الكريم
1- أمر الله تعالى بصيام شهر رمضان فقال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183] 2- وقال : ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: 185] 3- وبين الله تعالى وقت الصوم فقال : ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّ وا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 187]

السنة النبوية

الفطر في نهار رمضان بلا عذر في السنة النبوية
1- والإفطار في يوم رمضان بلا عذرٍ شرعي كبيرةٌ من الكبائر فع ن أبي هريرة: قال رسول الله : «من أفطر يومًا من رمضانَ من غيرِ رخصةٍ ولا مرضٍ لم يقضِ عنه صومُ الدهرِ كلِّهِ». أخرجه البخاري معلقاً قبل حديث (1935)، ووصله أبو داود (2396). 2-وقد ورد بيان عقاب من أفطر بلا عذرٍ ف عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال رسول الله : «بينا أنا نائمٌ إذ أتاني رجلانِ فأخذا بِضَبعيَّ فأتيا بي جبلًا وعرًا فقالا لي: اصعَد. فقلتُ: إنِّي لا أطيقُهُ. فقالا: إنّا سنسهِّلُهُ لكَ فصعِدتُ حتّى إذا كنتُ في سَواءِ الجبلِ إذا أنا بأصواتٍ شديدةٍ. قلتُ: ما هذهِ الأصواتُ؟ قالوا: هذا عُوِيُّ أهلِ النّارِ، ثمَّ انطلقَ بي، فإذا أنا بقومٍ معلَّقينَ بعراقيبِهم، مشقَّقةٍ أشداقُهم، تسيلُ أشداقُهم دمًا، قالَ: قلتُ من هؤلاءِ؟ قالَ: هؤلاءِ الَّذينَ يُفطِرونَ قبلَ تحلَّةِ صومِهم». أخرجه البيهقي (3286).

الإجماع

لا خلاف بين العلماء في أن صيام شهر رمضان واجب، وأنه يحرم إفطار أي يوم منه بغير عذر. «واتفقوا على أن صيام نهار (أيام) رمضان على الصحيح المقيم العاقل البالغ الذي يعلم أنه رمضان، وقد بلغه وجوب صيامه وهو مسلم ليس امرأة حائضًا ولا حاملًا ولا مُرضِعًا، ولا رجُلًا أصبح جُنُبًا، أو لم ينوه من الليل فرض، مذ يظهر الهلال من آخر شعبان إلى أن يتيقن ظهوره من أول شوال، وسواء العبد والحر، والمرأة والرجل، والأمة والحرة، ذات زوج أو سيد كانتا، بكرين أو ثيبين أو (خلوين)» " الإقناع في مسائل الإجماع "(1 /226)، "بداية المجتهد " (2 /45).

أقوال أهل العلم

لكن يكون قد ارتكب كبيرةً [من أفطر عامداً] توجب ردَّ شهادته وتمنع صحة عقد نكاحه على موليته، وإمامته عندنا، ويكون فاسقاً، نعوذ بالله من ذلك السَّفَّارِيني "الذخائر " (322)
ابن المُسَيب

العقوبة

حفظ الدين من مقاصد الشرع المعتبرة، وهو من الكليات الخمس التي جاء الشرع بصيانتها. وحفظ الدين في جانب الإيجاد يكون: بالعمل به، والحكم به، والدعوة إليه، والجهاد في سبيل الله – كما يقرره د. محمد اليوبي في كتابه "مقاصد الشريعة الإسلامية وعلاقتها بالأدلة الشرعية". ومن الحكم به: إظهار أحكام الشرع وإقامة حدوده وشعائره، وجعله مهيمنًا على الحياة كلها، ومنع الاستهانة به بالقول أو الفعل، وسد كل باب يفضي إلى تضييع شيء منه. وهذه المعاني الأخيرة تدخل أيضًا في حفظ الدين في جانب العدم. ومن أظهر الوسائل لذلك: نظام العقوبات، من الحدود والتعزيرات. كما أن فقه المآلات والمصالح وسد الذرائع يقتضي تجريم الإفطار العلني. قال اللخمي في "التبصرة": «ومن ظهر عليه أنه أكل أو شرب في رمضان عوقب على قدر ما يرى أن فيه ردعًا له ولغيره من الضرب أو السجن، أو يجمع عليه الوجهان جميعًا: الضرب والسجن، والكفارة ثابتة بعد ذلك، تجمع عليه العقوبة في المال والجسم». قال خليل في "مختصره": «وأدب المفطر عمدًا إلا أن يأتي تائبًا». قال في "التاج والإكليل": «اللخمي: من ظهر عليه أنه يأكل ويشرب في رمضان عوقب على قدر ما يرى أن فيه ردعا له ولغيره من الضرب أو السجن أو يجمع عليه الوجهان جميعا الضرب والسجن؛ والكفارة ثابتة بعد ذلك، ويختلف فيمن أتى مستفتيا ولم يظهر عليه فقال مالك في المبسوط: لا عقوبة عليه ولو عوقب خشيت أن لا يأتي أحد يستفتي في مثل ذلك وذكر الحديث، وإن النبي لم يعاقب السائل». قال خليل في "مختصره" أيضًا: «ولا يفطر منفرد بشوال ولو أمِن الظهور إلا بمبيح». قال الدردير في "شرحه": «(ولا يفطر) ظاهرا بأكل أو شرب أو جماع (منفرد بشوال) أي برؤيته أي يحرم فطره (ولو أمن الظهور) أي الاطلاع عليه خوفا من التهمة بالفسق، وأما فطره بالنية فواجب لأنه يوم عيد، فإن أفطر ظاهرا وعظ وشدد عليه في الوعظ إن كان ظاهر الصلاح وإلا عزر (إلا بمبيح) للفطر ظاهرا كسفر وحيض لان له أن يعتذر بأنه إنما أفطر لذلك». ومثله قول صاحب "منح الجليل": «فإن أفطر ظاهرًا وُعظ وشدد عليه فيه إن كان ظاهرا لصلاح، وإلا أُدّب». وفيه إثبات العقوبة تعزيرًا على مُظهر الفطر في شوال لكونه انفرد برؤية الهلال. فكيف بمن يفطر في نهار رمضان عمدا دون عذر، ويجاهر بذلك؟! وأصل ذلك ما نقله ابن أبي زيد في "النوادر والزيادات": «قال أشهب: وإذا ظُهِرَ عليه -يريد في الحَضَر- فإن لم يكن ذَكَرَ ذلك قَبْلَ يؤخذ عُوقِبَ إنْ لم يكن مأمونًا، وإن كان ذَكَرَ ذلك قَبْلَ ذلك وأفشاه، إن كان من أهل القناعة والرضا، فلا يُعاقَبُ، ثم يُتَقَدَّم إليه في الإمساك عن المُعاودة، فإن عادَ عُوقِبَ إلا أنْ يكونَ من أهل الدينِ والمروءة فلا يُعاقَب، وليُعَنَّفْ ويُغَلَّظْ في عِظَتِه». فهذا أشهب -الذي يقول عنه الإمام الشافعي: «ما رأيت أفقه من أشهب»، والذي انتهت إليه رئاسة الفقه في مصر- يقرر مبدأ العقوبة على مظهر الفطر لكونه رأى هلال العيد. فكيف بمظهر الفطر لغير عذر، تحديًا منه لشعيرة صيام رمضان؟! قال ابن الحاجب في "مختصره الفقهي": «ويؤدب المفطر عامدًا فإن جاء تائبًا مستفتيًا فالظاهر العفو». قال خليل في التوضيح -وهو شرحه الفذ على ابن الحاجب-: «لا إشكال في تأديبه، فإن بنينا على قول ابن حبيب فذلك ردة، نعوذ بالله منها».

الأضرار والمفاسد

من أفطر متعمدًا في نهار رمضان بلا سببٍ شرعي، فقد استحل ما حرمه الله، ومن الأضرار التي يجابها المفطر لنفسه: 1- التعرض لسخط الله وعقابه، في الدنيا والآخرة. 2- مخالفة الرسول . 3- تفويت المصالح التي رتبها الله تعالى للصائم سواءً بأمره الشرعي أو القدري ومنها: أ- غفران ما تقدم من ذنبه إذا صام إيمانًا واحتسابًا. ب- الصيام سبب من أسباب التقوى والابتعاد عن الذنوب. ج- الصيام حماية للمسلم من النار وحماية له من اقتراف المعاصي. د- الصيام يدخل المسلم الجنة من باب الريان. ه- وعد الله تعالى الصائم بأن الصوم له تعالى، وخص ذلك من بين العبادات. و- الصائم له دعوة لا ترد حين فطره. ز- خلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من المسك. ح- الصوم وسيلة لمعرفة نعم الله تعالى. ط- يتعلم المسلم ضبط النفس في الصيام. ي- الصوم يجعل المسلم يشعر بحال الفقراء. ك- للصوم فوائد صحية. انظر "الصيام في الإسلام " (10- 23)، "فضائل الصيام " (32-36)، "مجموع فتاوى ابن عثيمين " (20 /103- 104).

وسائل الاجتناب

أصل كل معصية تكون بالابتعاد عن الله، ومجانبة السنة المطهرة، فعلى المسلم الاعتصام بكتاب الله وسنة نبيه، والتوبة من كل ذنب ومعصية والسعي لإرضاء الله تعالى والتزام أوامره، ومن الأمور المساعدة على تجنب هذا الذنب تذكر ثواب الله تعالى الذي رتبه على الصيام، واستحضار القلب عند تذكر الوعيد الذي جعله الله تعالى لمن أفطر عامداً يغير عذر.

مسائل متعلقة

حكم تارك الصوم

اتفقت جماهير الأمة على أن ترك الصوم وحده لا يعد كفراً يخرج من الملة، وإن كان كبيرةً من الكبائر بإجماعهم، بل إن إفطار يومٍ واحد بغير عذرٍ شرعي يعد كبيرةً. انظر "شرح الطحاوية " للغفيص (19 /18).