البحث

عبارات مقترحة:

الحسيب

 (الحَسِيب) اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على أن اللهَ يكفي...

الخالق

كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...

الإصرار على العصيان

نهى الله تعالى عن الذنوب، وقد قسمها العلماء إلى صغائر وكبائر، وقد اتفقت كلمة كثيرٍ منهم أن الإصرار على فعل صغيرة من الصغائر يحيلها إلى كبيرةٍ من الكبائر، تسري عليها أحكام الكبائر الشرعية.

التعريف

التعريف لغة

الإقامَةُ على الشَّيْءِ ومُلازَمَتُهُ والدَّوامُ عليهِ، وأكثَرُ ما يُستَعْمَلُ في الشَّرِّ والذُّنوبِ والآثامِ، يُقال: أَصَرَّ على الذَّنْبِ، يُصرُّ، إصراراً، فهو مُصِرٌّ: إذا لم يُقلِعْ عنه. وأَصْلُ الكلِمَة مِن الصَّرِّ، وهو: الجَمْعُ والشَّدُّ، فيُقال: أصرَّ الحِمارُ أُذُنَيْهِ، أيْ: نَصَبَهُما وعَزَمَ على الشَّدِّ، وصَرَرْتُ الصُّرَّةِ: شَدَدْتُها. ويُطْلَقُ الإصرارُ على العَزْمِ والتَصْميمِ، من قَوْلِهِم: أصرَّ على فِعلِهِ إصراراً: إِذا عَزَم على أَن يَمضِيَ فِيهِ ولا يَرْجِعَ عنه. "تهذيب اللغة "(12 /76)، " مقاييس اللغة " (3 /282)، "مشارق الأنوار " (2 /42)، "النهاية في غريب الحديث والأثر" (3 /22)، "لسان العرب" (4 /453)، "تاج العروس" (12 /305).

التعريف اصطلاحًا

العزم على الدوام على العصيان، وهو ضد التوبة. انظر: "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص642).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

في اللغة الإصرار هو الثبات على الشيء مطلقاً، وفي الاصطلاح هو الثبات على المعصية خاصةً. ويتبين من هذا أن المعنى اللغوي أعم من المعنى الاصطلاحي، وبينهما العموم والخصوص المطلق.

الأدلة

القرآن الكريم

الإصرار على العصيان في القرآن الكريم
1- جعل الله تعالى كسب الإنسان للمعاصي سببٌ في ران قلوبهم التي تجتمع فيها المعاصي حتى تصير كالمستودع لها فقال تعالى : ﴿كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: 14] 2-مدح الله تعالى الذين إذا فعلوا الذنب تذكروا الله تعالى، وخافوا عقابه، فاستغفروه، ولم يصروا على فعل الذنب، فقال: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 135]. قال الإمام البخاري في صحيحه: «باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر. وقال إبراهيم التميمي: ما عرضتُ قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مُكذَّبًا. وقال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل. ويذكر عن الحسن: ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق. وما يُحذَرُ من الإصرار على النفاق والعصيان من غير توبة لقول الله تعالى ﴿‌وَلَمْ ‌يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُون﴾ [آل عمران: 135]». 3- وقد جعل الله تعالى طغيان الإنسان - ومنه طغيانه في المعاصي - سببًا في دخول الجحيم فقال : ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: 37 - 39]

السنة النبوية

الإصرار على العصيان في السنة النبوية
1- بين الرسول أن الذنوب تجتمع في قلب الإنسان حتى تسّود القلوب وتصبح مجمعاً للذنوب فعن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «إنَّ العبدَ إذا أخطأ خطيئةً نُكِت في قلبِه نُكتةٌ فإنْ هو نزَع واستغفَر وتاب صُقِلَتْ فإنْ عاد زِيدَ فيها فإنْ عاد زِيدَ فيها حتّى تعلوَ فيه فهو الرّانُ الَّذي ذكَر اللهُ: ﴿كَلّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: 14]» أخرجه الترمذي (3334). 2- وحذر الرسول من اجتماع صفائر الذنوب على العبد المسلم فتكون سبباً في هلاكه عن سهل بن سعد الساعدي: قال رسول الله : «إيّاكم ومُحقِّراتِ الذُّنوبِ؛ فإنَّما مَثلُ مُحقِّراتِ الذُّنوبِ كقَومٍ نَزَلوا في بَطنِ وادٍ، فجاء ذا بعودٍ وجاء ذا بعودٍ، حتى أنضَجوا خُبزَتَهم، وإنَّ مُحقِّراتِ الذُّنوبِ متى يُؤخَذُ بها صاحبُها تُهلِكُه». أخرجه الإمام أحمد (22808). 3- وعن عائشة أم المؤمنين: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «يا عائشةُ ! إِيّاكِ ومُحقَّراتِ الذُّنوبِ، فإنَّ لها مِنَ اللهِ طالِبًا» أخرجه الإمام أحمد (24415). 4- المتأمل في حياة السلف يرى اجتهادهم في الابتعاد عن الصغائر بقولهم وفعلهم فعن عن أنس بن مالك: قال : «إنَّكم لتعملونَ أعمالًا هيَ أدقُّ في أعينِكم منَ الشَّعرِ كنّا نعدُّها على عَهدِ رسولِ اللَّهِ منَ الموبقاتِ». أخرجه البخاري (6492).

أقوال أهل العلم

الرجوع في الغلبة للعرف [أي في ضابط الإصرار ] فإنه لا يمكن أن يراد مدة العمر فالمستقبل لا يدخل في ذلك وكذلك ما ذهب بالتوبة وغيرها. البُلْقِيني الزواجر (2 /358).
«إذا تكرّرت منه الصغيرة تكرراً يشعر بقلة مبالاته بدينه إشعار ارتكاب الكبيرة بذلك، وكذلك إذا اجتمعت صغائر مختلفة الأنواع بحيث يشعر مجموعها بما يشعر أصغر الكبائر» ابن عبد السَّلام "قواعد الأحكام " (1 /22، 23)
«من صَفَّى صُفِّيَ له، ومن كدَّر كُدِّر عليه، ومن أحسن في ليله؛ كوفئ في نهاره، ومن أحسن في نهاره كوفئ في ليله». الشَّوْكَاني "احذر عاقبة الذنوب " (6).
«الإصرار على الصغيرة حكمه حكم مرتكب الكبيرة». "إرشاد الفحول" (53)
أَبُو سُليمان الدَّاراني

الأضرار والمفاسد

«للذنوب آثار وخيمة على العبد، فهي تجلب سخط ربه، وعاقبتها النار يوم القيامة، فصاحب المعصية يبقى وجهه مسودًا بين الخلائق، فبمعصيته يُسلب نور الطاعة، وفوق ما ترتب على معصيته من العقاب، فإن حياته الدنيا تسود أيضاً، فيبقى خائفاً من اطلاع الناس على معاصيه، والمعصية سببٌ في منع الرزق، وسببّ في زوال النعم، وعقوق الأولاد، وزوال الغيرة من الإنسان، وذهاب حيائه، وإخراجه من زمرة المتقين والمحسنين وسائر الصفات التي يحبها الله تعالى. والذنوب سببٌ في فساد الأرض، وتسليط الأعداء على المسلم». انظر "احذر عاقبة الذنوب" لأزهري أحمد (5- 13)، "الداء والدواء" لابن القيم (55-109).

وسائل الاجتناب

أصل العافية من الذنوب الالتجاء إلى الله تعالى في كل وقت وحين، والاعتصام بالقرآن والسنة، والمحافظة على وردٍ يومي من قراءة القرآن وتدبره، وتمريغ أعضاء المسلم في عبادته والسعي لمرضاته، والطلب منه أن يعصمه من الذنوب والخطايا، والولوج في باب التوبة سواءً كان عاصياً أو لا. ومن وسائل الاجتناب عدم القنوط من رحمة الله، وحسن الظن به تعالى فهو عند حسن ظن عبده، وطرح إساءة الظن به تعالى. ويجب على الإنسان عدم الاغترار بتمهيل الله له واستدراجه في المعاصي، فإذا وجد من نفسه ذلك عليه أن يخلع المعصية ويتزيى بثوب الإيمان، ويتخلق بأخلاق سيد الأنام. وخلاصة القول أن على المسلم أن يسير بالرجاء والخوف، أن يرجو ثواب الله ورحمته، ويخاف عقاب الله وغضبه. فالرجاء والخوف كجناحي الطائر، لا يطير إلا بهما سوياً. انظر "دواء القلوب " لمحمد بن عبد الرحمن (ص6- 13)، "الداء والدواء " لابن القيم (ص8-42)، حيث فصّل ابن القيم الحديث عن أضرار الذنوب.

مسائل متعلقة

حكم الإصرار على الصغائر

اختلف العلماء في حكم الإصرار على قولين: 1- أن الإصرار عليها يحيلها كبيرةً من الكبائر. 2- أن الإصرار على الذنب حكمه كحكم الذنب، فالإصرار على الصغيرة من الصغائر، والإصرار على الكبيرة من الكبائر. والقول الأول هو الأصح لأن النصوص تؤيده. انظر " فيض القدير " (5 /463)، "بدائع الصنائع " (6 /270)، "روضة الطالبين " (11 /225)، "الاعتصام " (2 /65)، " البحر المحيط " (3 /336)، "إرشاد الفحول" (99).