البحث

عبارات مقترحة:

القوي

كلمة (قوي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من القرب، وهو خلاف...

الحيي

كلمة (الحيي ّ) في اللغة صفة على وزن (فعيل) وهو من الاستحياء الذي...

المتين

كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...

التفكر

التفكر هو تردد القلب بالنّظر والتّدبر لطلب المعاني، وممّا يُعين على تحقيقه الخلوة والتعوّد على التّفكر، وقد وردت الكثير من الآيات القرآنية التي أمر الله عز وجل فيها بالتفكّر، وامتدح فيها المتفكرين.

التعريف

التعريف لغة

التفكر في اللغة: هو تردد القلب في الشيء. يُقال: تفكر؛ إذا ردّد قلبه معتبراً، والفكر: هو التأمل، وإعمال الخاطر في الشّيء. فالتفكر: هو تصرّف القلب في معاني الأشياء؛ لإدراك المطلوب. انظر "مقاييس اللغة" لابن فارس (4 /446)، "روح المعاني" للآلوسي (9 /127)

التعريف اصطلاحًا

التّفكر في الاصطلاح: هو تردد القلب بالنّظر والتّدبر لطلب المعاني. وقيل: هو ترتيب أمور في الذّهن، يتوصل منها إلى مطلوب علماً أو ظنّاً. انظر "فيض القدير" للمناوي (4 /367)

الفروق

الفرق بين التفكر و التّذكر

يفترق التفكر عن التذكر من وَجهين: الأول: أنّ الذّكر يتعلّق بذات الله عزّ وجل، وأما التفكر فيكون في دلائل عظمته، وفي مخلوقاته؛ فالله عزّ وجل هو الحق، ولا يُمكن لأحدٍ أن يتفكر في ذات الله تعالى؛ لأن إدارك ذلك مُمتنع عقلاً؛ فالعقول لا تُحيط بخالقها؛ فهو أعظم من أن يُحاطَ به، وإنّما تتفكر في جوانب عظمته ودلائل قدرته، وتتفكّر في آياته المشاهَدة والمتلوّة. الثّاني: أنّ التّذكر ثمرة التّفكر؛ فهو نتيجته؛ فالتّذكر أعلى من التّفكر؛ لأنّ التفكّر وسيلة له ودليل إليه، والمدلول أشرف من الدّليل في عادة المعقولات غالباً، ويكون ذلك بتحريك العقل وإجالته في الأمور، وقد يكون المحصول حاصلاً من قبل، وإنما اعترت العبد غفلةٌ، فيكون استرداده بالتفكر، فيعد استرداد المستردّ تذكّراً. انظر "أعمال القلوب" للسبت (1 /218)

الفضل

إنّ التفكر هو أثمن ما تُنفَق فيه الأنفاس، وتُبذَل فيه الأوقات، وتُشغَل به العقول؛ سواء أكان ذلك في التفكر بآيات الله عز وجل وعجائب صُنعه، والانتقال منها إلى تعلّق القلب والهمّة به دونَ شيء من مخلوقاته، أم كان ذلك بالنّظر في أحوال النّفس أو في غير ذلك من الأمور النّافعة الّتي ينبغي للعبد أن يتبصّر بها، وأن يتفكّر فيها. انظر "مفتاح دار السعادة" لابن القيم (1 /68) واعتبر كثيرٌ من العُلماء التفكر من أفضل العبادات، يقول عمر بن عبد العزيز: «الفكرةُ في نِعم الله أفضل العبادة» أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5 /314). وفسّر ذلك ابن القيم بأنّ الفكرة عمل القلب، والعبادة عمل الجوارح، والقلبُ أشرفُ من الجوارح؛فكان عمله أشرف من عمل الجوارح. انظر "مفتاح دار السعادة" لابن القيم (1 /540).

الأدلة

القرآن الكريم

التفكر في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران: 191] وقال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الجاثية: 13]

السنة النبوية

التفكر في السنة النبوية
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : «تَفَكَّرُوا فِي آلاءِ اللهِ ، ولَا تَفَكَّرُوا في اللهِ». أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (6319). وعن ابن عباس رضي الله عنه أن قال: «بِتُّ عِنْدَ خَالَتي مَيْمُونَةَ، فَتَحَدَّثَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مع أهْلِهِ سَاعَةً، ثُمَّ رَقَدَ، فَلَمَّا كانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، قَعَدَ فَنَظَرَ إلى السَّمَاءِ، فَقالَ: ﴿إنَّ في خَلْقِ السَّمَوَاتِ والأرْضِ واخْتِلاَفِ اللَّيْلِ والنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الألْبَابِ﴾، ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ واسْتَنَّ فَصَلَّى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أذَّنَ بلاَلٌ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ». أخرجه البخاري (4569).

أقوال أهل العلم

«تفكّرُ ساعةٍ خيرٌ مِن قِيامِ ليلة» أَبُو الدَّرْدَاء أخرجه أحمد في "الزهد" (ص139)
«ركعتان مقتصدتان في تفكّر خيرٌ مِن قِيام ليلةٍ والقلب ساه» ابن عبَّاس أخرجه ابن المُبارك في "الزّهد" (288، 1147)
«لو تفكّر النّاسُ في عظمة الله تعالى لما عصوه». بِشْر الحافي "مختصر منهاج القاصدين" لابن قدامة (ص361)

الصور

أوّلاً: التّفكر في آيات الله المنزلة، وفهمها، وفهم مُراد الله عزّ وجل منها: فالله إنما أنزلها لنتدبّرها، ونتفهمها لا لمجرد التلاوة؛ فالتلاوة وسيلة لهذا المطلوب. ثانياً: التّفكر في آيات الله: وذلك بالمشاهدة والاعتبار بها، والاستدلال بها على أسمائه وصفاته، وحكمته وإحسانه وبرّه وجوده، وقد حثَّ الله عزّ وجل على ذلك، وذمَّ من غفَلَ عنه. ثالثاً: التفكر في آلائه وإحسانه وإنعامه على خلقه بأنواع النّعم، وبسعةِ مغفرته ورحمته وحِلمه: وهذه ثلاثة أنواع من أنواع التفكر إذا حصلت للعبد، حصلَ له معرفة المعبود عزّ وجل، فأحبّه وخافَه ورجاه؛ ولذا قال ابن القيم: «مَن عرَف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله، أحبّهُ لا مَحالة» "مدارج السالكين" لابن القيم (3 /18)، وإذا داوم العبدُ على هذا التفكر مع الذكر، فإنّ قلبه ينصبغُ في المعرفة والمحبة صبغةً تامّة، فتستولي الرّغبة في الآخرة على قلبِ هذا العبد. رابعاً: التفكر في عيوب النّفس وآفاتها، وفي نقائص عمله وتقصيره فيه: فهذا يحتاجه العبد ليدفع عن نفسه العُجب والغرور والاسترسال في الخطأ، والتمادي في الضياع والمعصية؛ فإذا تفكر العبد في عمله ونقصه وعجزه وضعفه، أنكرَ شموخه، فلا يحصل له التّعالي والكِبر والعُجب، وتنكسرُ نفسه الأمّارة بالسّوء؛ فإذا انكسرت النفس الأمارة بالسوء قويت النفس المُطمئنة، ونشطت للعمل الصّالح، وصا التدبير لها، فيحيا القلب، وينشغل العبد في الأمور الطّيبة النّافعة الّتي تقرّبه من الله عزّ وجل. خامساً: التفكر في واجب الوقت ووظيفته وجمع الهمّ عليه: فالعارفُ ابن وقته، وفُرَص الخير قد لا تعود، والحياة دقائقٌ وأنفاسٌ تتردد ثمّ لا ترجعُ إليه ثانياً، فيحتاجُ العبد إلى أن يُفكّر في كل لحظة تمرُّ به؛ فما كان من وقتك لله وبالله فهو حياتك في الحقيقة وعمرك، وأمّا ما عدا ذلك فليس من الحياة. انظر "أعمال القلوب" للسبت (1 /231_233)

وسائل الاكتساب

هُناك ثلاثة أمور تُعين النّفس على التفكر، وتروضها عليه، حتى يصير سجيّة من سجاياها: أوّلاً: الخَلوة: وذلك بأن يخلو الإنسانُ بنفسه في بعض الأوقات، ويفكّر في حاله الّذي هو عليه، وفي عمله الّذي قدّمه، وفي سيره إلى الله عزّ وجل، ويتعلم أن يتريّث إذا أراد فعل شيء. قال الحسن البصري: «طولُ الوحدة أتمّ للفكرة، وطول الفكرة دليلٌ على طريق الجنّة». "مفتاح دار السعاة" (1 /539). ثانيًا: التّعود على التفكر: يقول أبو سليمان الداراني: «عوّدوا أعينكم البُكاء، وقلوبكم التّفكر» أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (9 /274). فالّذي يعود نفسه التفكر، يُصير سجيةً له، والذي يحيا غافلاً بلا فكر ولانظر، لا يُبالي الله عزّ وجل به في أيِّ وادٍ هلك. ثالثًا: مزاولة بعض الأمور الّتي تُعينه على الفكرة: وذلك كزيارة المقبرة؛ فإنها تذكر بالآخرة، وهذا مما يُعين على التفكر. أيضًا: النظر في آيات الله الكونية، وآياته المتلوّة. كذلك: النّظر في التواريخ وأخبار الأمم والشعوب والأجيال الّتي انصرمت، وما مرّ عليها من بؤسٍ وسعادة. فالعقل ينمو ويكبُر بما يحصّله من التجارب، والنّظر فيما أصاب الناس مدعاة للتحرز، وصيانة من الغفلة، وعِصمة من الزلل أن يقع فيما وقعوا فيه فيصيبه ما أصابهم. انظر "أعمال القلوب" للسبت (1 /244- 245).

الفوائد والمصالح

التّفكر مفتاح كل خير: إذا حَسُنَ جولان الفكر في آيات الله المتلوة، وآياته المشهودة، انفتح على العبد من أبواب معرفة الله عزّ وجل والأمور الجالبة للسعادة في الآخرة شيءٌ لا يُقادَرُ قَدْره، وكذلك في أموره الدّنيوية، فإنه بالتفكر يرسخ العلم ويذهب الجهل، وتزول الغفلة. يقول ابن جزي في وصف التفكر: «هُوَ ‌ينبوع ‌كل حَال ومقام، فَمن تفكر فِي عَظمَة الله اكْتسب التَّعْظِيم، وَمن تفكر فِي قدرته اسْتَفَادَ التَّوَكُّل، وَمن تفكر فِي عَذَابه اسْتَفَادَ الْخَوْف، وَمن تفكر فِي رَحمته اسْتَفَادَ الرَّجَاء، وَمن تفكر فِي الْمَوْت وَمَا بعده اسْتَفَادَ قصر الأمل، وَمن تفكر فِي ذنُوبه اشْتَدَّ خَوفه وصغرت عِنْده نَفسه». "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص638). أنّه يورثُ تعظيم المعبود، ومن ثمّ الكفّ عما لا يليق؛ فإن العبد إذا علم أنّ الله ينظر إليه ويُراقبه لم يجترئ على معصية؛ لأنّه إذا عَلِمَ عِلْم الخاشعين، وعرف معرفة الصّادقين المُخبتين، أورثه ذلك الخوف من الله، وحُسن مُراقبته في السّروالعلن، والإنابة إليه، فيستوحشونَ من الخَلق ولا يأنسونَ إلّا به، ولا يتوكلونَ إلّا عليه، ولا يفرّون إلا إليه. أنّه يورث الحِكمة، وحياة القلب؛ كما قال بعضهم: «الفِكرُ في الدّنيا: حِجاب عن الآخرة، وعقوبة لأهل الوَلاية، والفِكرة في الآخرة: تورثُ الحكمة وتُحيي القلوب». أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (9 /278). أنّه يورثه الاعتبار، قال سفيان بن عيينة: «التفكر مفتاح الرحمة؛ ألا ترى أنّه يتفكر فيتوب». أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7 /306). العمل للآخرة، فقد كتب مرة لعمر بن عبد العزيز يعظه: «اعلم أنّ التفكير يدعو إلى الخيرِ والعمل به، والنّدم على الشّر يدعو إلى تركه، وليس ما يفنى وإنْ كان كثيراً يَعدِلُ ما يَبقى، وإن كان طلبه عزيزاً واحتمال المؤونة المنقطعة التي تُعقبُ الراحة الطويلة خيرٌ من تعجيل راحة منقطعة، تُعقِبُ مؤؤونة باقية». أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (2 /134-135). التفكر يورث العبد القناعة والزّهد في الدّنيا، فقد جاء رجل إلى يونس بن عبيد يشكو ضيق حاله، فقال له يونس: «أيسُرَّكَ ببصَرِكَ هذا الذي تبصرُ به مائة ألف درهم؟ قال: الرجل لا، قال: فبيديك مائة ألف؟ قال الرجل: لا، قال: فبرجليك؟ قال الرَجل: لا، قال: فذكّره بنعم الله عليه وقال يونس: أرى عندك مئين ألوف وأنت تشكو الحاجة». أخرجه ابن أبي الدنيا في "الشكر" (ص36).

نماذج وقصص

كان داود الطّائي على سطحٍ في ليلةٍ قمراء، فتفكر في ملكوت السماوات والأرض، فوقعَ في دارِ جارٍ له، فوثبَ عرياناً وبيده السيف، فلمّا رآه، قال: يا داود، ما الذي ألقاك؟ قال: ما شعرتُ بذلك. انظر "مختصر منهاج القاصدين" لابن قدامة (ص361) يقول شقيق البلخي: «أخذتُ الخشوعَ من إسرائيل بن يونس، كُنّا جلوساً حوله لا يَعرفُ من عن يمينه، ولا مًن عن شماله من تفكّره بالآخرة» أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" (23 /137_138) تقول زبدة أخت بشر بن الحارث: «دخلَ بشرٌ عليَّ ليلةً من اللَّيالي، فوضَعَ إحدى رِجليه داخلَ الدَّار والأخرى خارجها، وَبَقيَ كذلك يتفكَر حتى أصبح، فلمَا أصبحَ، قلتُ له: في ماذا تفكَّرت طولَ ليلتك؟ فقال: تفكَّرتُ في بشر النَّصراني، وبشر اليهوديّ، وبشر المجوسيَ، ونفسي واسمي بشر، فقلت: ما الذي سبق منك إليه حتى خصَّك، فتفكَّرتُ في تفضُّله عليَّ، وحمدتُهُ على أن جعلني من خاصته، وألبسني لباس أحبائه» أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (7761)