البحث

عبارات مقترحة:

القاهر

كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...

الأحد

كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

غزوة بدر الكبرى

كانت غزوة بدر بقيادة رسول الله ، حيث بلغ رسول الله وأصحابه أن أبا سفيان بن حرب مُقبل من الشام في عير عظيمة، فيها أموال قريش وتجارتها، فخرج رسول الله في ثلاثمائة وبضعة عشر رجل من أصحابه ليعترضوا العير، وكانت إبل أصحاب رسول الله يومئذ سبعين بعيرًا يعتقبونها، وأقبلت قريش من مكة في ألف رجل، ويقال: تسعمائة وخمسين رجلا، فأرسل إليهم أبو سفيان يخبرهم أنه قد أحرز العير وإنكم إنما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم، فقد نجاها الله، فارجعوا، فأبت قريش وعزموا على حرب رسول الله وصحبه، فلما بلغ ذلك رسول الله استشار الناس، فتكلم المهاجرون والأنصار وأحسنوا، فمض رسول الله وصحبه لحرب قريش عند ماء بدر، وكان النصر حليف المسلمين، وغنموا منهم أموالًا كثيرًا، قسمه رسول الله عليهم بالسوية، وتخلف ثمانية من الصحابة عن الغزوة لعلة، ضرب لهم رسول الله بسهامهم وأجورهم، واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلا، وكانت الهزيمة لقريش، فقتل رسول الله والصحابة من قتل من صناديد قريش، وأسر من أسر من أشرافهم، فقتل سبعون رجلا وأسر منهم سبعون، وكان هناك مَنْ مَنّ عليهم رسول الله من الأسرى وأطلق سراحهم من غير فداء، وقد شهدت الملائكة هذه الغزوة، وظهرت معجزات كثيرة، منها: رمي رسول الله أعين المشركين بالتراب، وإخباره بمصارع المشركين قبل الغزوة وأثنائها، وفي هذه الغزوة قُتِل أبو جهل وأمية بن خلف وغيرهم من رؤوس الكفر.

اسمها

إذا أطلقت غزوة بدر فهي المقصودة، ويميز غيرها عنها بالاضافة فيقال: بدر الأولى وبدر الآخرة. ويسمى كذلك بدر القتال، وبدر الكبرى والعظمى، وبدر الثانية تمييزا لها عن بدر الأولى وبدر الآخرة. انظر: "المغازي" للواقدي (1 /19)، "السيرة" لابن هشام (1 /626)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 197)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /160)، "صحيح السيرة النبوية" لإبراهيم العلي (ص 158).

وقتها

كانت غزوة بدر يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من شهر رمضان على رأس تسعة عشر شهرًا من مقدم رسول الله المدينة. "السيرة" لابن هشام (1 /626)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /19) وخرج رسول الله لغزوة بدر في ليال مضت من شهر رمضان. وذكر ابن هشام أن النبي خرج يوم الاثنين لثمان ليال خلون من رمضان، وذكر ابن سعد أنه خرج يوم السبت، لاثنتي عشرة ليلة خلت من رمضان. ذكر ابن حجر أن غزوة بدر متفق عليه بين أهل السير؛ ابن إسحاق وموسى بن عقبة وأبو الأسود وغيرهم، على أنها كانت في رمضان، وما روي من أنها كانت يوم الاثنين فهو شاذ، ثم الجمهور على أنها كانت سابع عشرة. قال إبراهيم العلي: "وخلاصة الأمر كما جاء في قول ابن حجر أن الخروج كان في الثاني عشر، والسابع عشر يوم الوقفة، والتاسع عشر كما في قول ابن مسعود الثاني هو انتهاء الغزوة". "صحيح السيرة النبوية" لإبراهيم العلي (ص 158). انظر: "السيرة" لابن هشام (2 /626)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /12)، "التلخيص الحبير" لابن حجر (4 /89).

موقعها

التقى رسول الله وأصحابه بالمشركين من قريش عند بدر. وبدر: اسم البئر التي بها، يقال: سميت بذلك لاستدارتها أو لصفاء مائها فكان البدر يرى فيها، ويقال: بدر قرية مشهورة نسبت إلى بدر بن مخلد بن النضر بن كنانة كان نزلها ويقال بدر بن الحارث. قال الحموي: "ماء مشهور بين مكة والمدينة أسفل وادي الصّفراء، بينه وبين الجار، وهو ساحل البحر". "معجم البلدان" لياقوت الحموي (1 /357). انظر: "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 197)، "فتح الباري" لابن حجر (7 /285).

عدد المسلمين

خرج رسول الله في ثلاثمائة وبضعة عشر رجل من أصحابه، وخرجت معه الأنصار في هذه الغزاة ولم يكن غزا بأحد منهم قبل ذلك. ويقال: كانوا تسعة عشر، ويقال: وخمسة عشر، ويقال: وثمانية عشر، ويقال: وأربعة عشر، ويقال: وستة عشر. انظر: "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 197)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /153)، "صحيح السيرة النبوية" لإبراهيم العلي (ص 158). روى أبو إسحاق قال: سمعت البراء رضي الله عنه يقول: "حدثني أصحاب محمد ممن شهد بدرا أنهم كانوا عدة أصحاب طالوت، الذين جازوا معه النهر، بضعة عشر وثلاث مائة. قال البراء: لا والله ما جاوز معه النهر إلا مؤمن". أخرجه البخاري (3957). روى أبو إسحاق عن البراء رضي الله عنه قال: "وكان المهاجرون يوم بدر نيفا على ستين، والأنصار نيفا وأربعين ومائتين". أخرجه البخاري (3956). قال ابن سعد: "أربعة وسبعين رجلا من المهاجرين، وسائرهم من الأنصار". "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /12). روى عبد الله بن عمر: "أن رسول الله خرج يوم بدر في ثلاثمائة وخمسة عشر… فذكر الحديث". أخرجه أبو داود (2747)، والحاكم (2 /145)، وقال فيه: "صحيح على شرط مسلم"، وحسنه ابن حجر في فتح الباري: (7 /292). قال ابن سعد: "أربعة وسبعين رجلا من المهاجرين، وسائرهم من الأنصار". "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /12).

عدد المشركين

كان عدد المشركين ألفًا، ويقال: تسعمائة وخمسين رجلًا، وكانت خيلهم مائة فرس. انظر: "السيرة" لابن هشام (2 /666)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /15)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 197).

قائد المسلمين

رسول الله

سببها

لما انصرف العير التي خرجت من الشام، التي كان رسول الله يريدها في غزوة العشيرة، وسمع رسول الله بعير أبي سفيان بن حرب مُقبلًا من الشام في عير لقريش عظيمة، فيها أموال لقريش وتجارة من تجاراتهم، وفيها ثلاثون أو أربعون رجلا من قريش، منهم مخرمة بن نوفل بن أهيب، وعمرو بن العاص بن وائل بن هشام؛ بعث طلحة بن عبيد الله التيمي وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يَتَحسَّسَان خبر هذا العير، فبلغا التجبار من أرض الحوراء، فنزلا على كشد الجهني فأجارهما وأنزلهما وكتم عليهما حتى مرت العير، ثم خرجا وخرج معهما كشد خفيرًا حتى أوردهما ذا المروة، وساحلت العير وأسرعت فساروا بالليل والنهار فرقا من الطلب، فقدم طلحة وسعيد المدينة ليخبرا رسول الله خبر العير فوجداه قد خرج لطلبها. انظر: "السيرة" لابن هشام (1 /606)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /12). روى عبد الله بن كعب قال: سمعت كعب بن مالك رضي الله عنه يقول: "لم أتخلف عن رسول الله في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك، غير أني تخلفت عن غزوة بدر، ولم يعاتب أحد تخلف عنها، إنما خرج رسول الله يريد عير قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد". أخرجه البخاري (3951).

أحداثها

قال ابن إسحاق: "لما سمع رسول الله بأبي سفيان مقبلًا من الشام، ندب المسلمين إليهم، وقال: هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها. فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله يلقى حربًا. وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتحسس الأخبار، ويسأل من لقي من الركبان تخوفًا على أمر الناس. حتى أصاب خبرًا من بعض الركبان: أن محمدًا قد استنفر أصحابه لك ولعيرك فحذر عند ذلك. فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري، فبعثه إلى مكة، وأمره أن يأتي قريشًا فيستنفرهم إلى أموالهم، ويخبرهم أن محمدًا قد عرض لها في أصحابه. فخرج ضمضم بن عمرو سريعًا إلى مكة". "السيرة" لابن هشام (1 /607). فتجهز الناس سريعًا، وقالوا: أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي، كلا والله ليعلمن غير ذلك. فكانوا بين رجلين، إما خارج وإما باعث مكانه رجلا، وأوعبت قريش، فلم يتخلف من أشرافها أحد، سوى أبا لهب بن عبد المطلب تخلف، وبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة على أن يجزئ عنه ديونه، وأراد أمية بن خلف أن يجمع القعود، وكان شيخا جليلا جسيما ثقيلا، فأتاه عقبة بن أبي معيط، وهو جالس في المسجد بين ظهراني قومه، بمجمرة فيها نار ومجمر، ثم قال: يا أبا علي، استجمر، فإنما أنت من النساء، قال: قبحك الله وقبح ما جئت به، ثم تجهز فخرج مع الناس. ولما فرغوا من جهازهم، وأجمعوا المسير، ذكروا ما كان بينهم وبين بني بكر بن كنانة من الحرب، فقالوا: إنا نخشى أن يأتونا من خلفنا، وكانت الحرب بين قريش وبين بني بكر قبل الإسلام أجمعت قريش المسير إلى بدر، فذكروا الذي بينهم وبين بني بكر فخافوهم. قال ابن إسحاق: "وحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير، قال: لما أجمعت قريش المسير ذكرت ما كان بينها وبين بني بكر، فكاد ذلك يثنيهم، فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، وكان من أشراف بني كنانة، فقال لهم: أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه، فخرجوا سراعًا". "السيرة" لابن هشام (1 /612)، "السيرة" لابن كثير (2 /432). قال إبراهيم العلي في صحيح السيرة النبوية (ص 164): "وسنده صحيح، لكنه مرسل". لكن ذكرها العنوش ضمن الأحداث الذي لا تثبت في بدر، وأنها إسناد مرسل، وأن المفسرين ذكروا القصة عند تفسيرهم للآية في سورة الأنفال: ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ سورة الأنفال: 48، على أن بعضهم أوردها بصيغة التمريض: رُوِي، كالقرطبي والشوكاني. انظر: الجامع لأحكام القرآن (8 /18)، فتح القدير (2 /315). فسلك رسول الله طريقه من المدينة إلى مكة، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم أخا بني عامر بن لؤي على الصلاة بالناس، ثم رد أبا لبابة من الروحاء، واستعمله على المدينة. وكانت إبل أصحاب رسول الله يومئذ سبعين بعيرًا يعتقبونها، فكان رسول الله ، وعلي بن أبي طالب، ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعتَقِبون بعيرًا، وكانت الخيل فرسين: فرس للمقداد بن عمرو وفرس لمرثد بن أبي مرثد الغنوي. روى زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال: "كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير، كان أبو لبابة وعلي بن أبي طالب زميلي رسول الله ، قال: وكانت عقبة رسول الله ، قال: فقالا نحن نمشي عنك، فقال: "ما أنتما بأقوى مني، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما". أخرجه أحمد (3901) طبعة الرسالة، والحاكم (3 /20)، وقال فيه: "حديث صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي. وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريجه على مسند أحمد: "إسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح". ثم سار رسول الله على العقيق، ثم على ذي الحليفة، ثم على أولات الجيش ثم مر على تربان، ثم على ملل، وهي الطريق المعتدلة، حتى نزل سجسج، وهي بئر الروحاء، ثم ارتحل منها، حتى إذا كان بالمنصرف، ترك طريق مكة بيسار، وسلك ذات اليمين على النازية، يريد بدرًا، فسلك في ناحية منها، حتى جزع واديًا، يقال له رحقان، بين النازية وبين مضيق الصفراء، ثم على المضيق، ثم انصب منه، حتى إذا كان قريبا من الصفراء، بعث بسبس بن عمرو الجهني حليف بني ساعدة، وعدي بن أبي الزغباء الجهني حليف بني النجار، إلى بدر يتحسسان له الأخبار، عن أبي سفيان بن حرب وغيره، فمضيا حتى نزلا بدرا، فأناخا إلى تل قريب من الماء، ثم أخذا شنا لهما يستقيان فيه، ومجدي بن عمرو الجهني على الماء. فسمع عدي وبسبس جاريتين من جواري الحاضر، وهما يتلازمان على الماء، والملزومة تقول لصاحبتها: إنما تأتي العير غدا أو بعد غد، فأعمل لهم، ثم أقضيك الذي لك. قال مجدي: صدقت، ثم خلص بينهما. وسمع ذلك عدي وبسبس، فجلسا على بعيريهما، ثم انطلقا حتى أتيا رسول الله ، فأخبراه بما سمعا. انظر: "السيرة" لابن هشام (1 /614)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /12). روى أنس بن مالك رضي الله عنه فقال: "بعث رسول الله بسيسة عينا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان، فجاء وما في البيت أحد غيري، وغير رسول الله ، قال: لا أدري ما استثنى بعض نسائه، قال: فحدثه الحديث، قال: فخرج رسول الله فتكلم، فقال: إن لنا طلبة، فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا، فجعل رجال يستأذنونه في ظهرانهم في علو المدينة، فقال: لا، إلا من كان ظهره حاضرا، فانطلق رسول الله وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر، وجاء المشركون، فقال رسول الله : لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه". أخرجه مسلم (1901). قال النووي: "قال القاضي: هكذا هو في جميع النسخ، قال: وكذا رواه أبو داود وأصحاب الحديث، قال: والمعروف في كتب السيرة بسبس بباءين موحدتين مفتوحتين بينهما سين ساكنة، وهو بسبس بن عمرو". "شرح النووي على مسلم" (13 /44). وأقبل أبو سفيان بن حرب وتقدم بالعير حذرا، حتى ورد الماء، فقال لمجدي بن عمرو: "هل أحسست أحدا، فقال: ما رأيت أحدا أنكره، إلا أني قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل، وأشار له إلى مناخ عدي وبسبس ثم استقيا في شن لهما، ثم انطلقا. فأتى أبو سفيان مناخهما، فأخذ من أبعار بعيريهما، ففته، فإذا فيه النوى، فقال: هذه والله علائف يثرب. فرجع إلى أصحابه سريعا، فضرب وجه عيره عن الطريق، فساحل بها، وترك بدرا بيسار، وانطلق حتى أسرع". "السيرة" لابن هشام (1 /618). وأقبلت قريش من مكة، فأرسل إليهم أبو سفيان قيس بن امرئ القيس يخبرهم أنه قد أحرز العير وإنكم إنما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم، فقد نجاها الله، فارجعوا، فقال أبو جهل بن هشام: والله لا نرجع حتى نرد بدرا، وكان بدر موسما من مواسم العرب، يجتمع لهم به سوق كل عام، فنقيم عليه ثلاثا، فننحر الجزر، ونطعم الطعام، ونسقي الخمر، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبدا بعدها، فامضوا. وقال الأخنس بن شريق الثقفي، وكان حليفا لبني زهرة وهم بالجحفة: يا بني زهرة، قد نجى الله لكم أموالكم، وخلص لكم صاحبكم مخرمة بن نوفل، وإنما نفرتم لتمنعوه وماله، فاجعلوا لي جبنها وارجعوا، فإنه لا حاجة لكم بأن تخرجوا في غير ضيعة، لا ما يقول هذا، يعني أبا جهل. فرجعوا، فلم يشهدها زهري واحد، أطاعوه وكان فيهم مطاعا، وكان بنو زهرة يومئذ مائة رجل، وقال بعضهم بل كانوا ثلاثمائة رجل، ولم يكن بقي من قريش بطن إلا وقد نفر منهم ناس، إلا بني زهرة وبني عدي بن كعب ، لم يخرج منهم رجل واحد، ومشى القوم. "السيرة" لابن هشام (1 /618- 619). ومضى رسول الله ، حتى إذا كان دون بدر أتاه الخبر بمسير قريش ليمنعوا عيرهم، فاستشار الناس، وأخبرهم عن قريش. روى ثابت عن أنس "أن رسول الله شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان، قال: فتكلم أبو بكر، فأعرض عنه، ثم تكلم عمر، فأعرض عنه، فقام سعد بن عبادة، فقال: إيانا تريد يا رسول الله؟ والذي نفسي بيده، لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا." أخرجه مسلم (1779). روى طارق بن شهاب قال: سمعت ابن مسعود يقول: "شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا، لأن أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به، أتى النبي وهو يدعو على المشركين، فقال: لا نقول كما قال قوم موسى: اذهب أنت وربك فقاتلا، ولكنا نقاتل عن يمينك، وعن شمالك، وبين يديك وخلفك، فرأيت النبي أشرق وجهه وسره". أخرجه البخاري (3952). وعقد رسول الله يومئذ الألوية، ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير، وكان أبيض، وكان أمام رسول الله رايتان سوداوان، إحداهما مع علي بن أبي طالب، يقال لها العقاب، والأخرى مع بعض الأنصار. وقال ابن سعد: "وكان لواء رسول الله يومئذ الأعظم لواء المهاجرين مع مصعب بن عمير، ولواء الخزرج مع الحباب بن المنذر، ولواء الأوس مع سعد بن معاذ". "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /14). ثم ارتحل رسول الله من ذفران، فسلك على ثنايا يقال لها لأصافر، ثم انحط منها إلى بلد يقال له: الدبة، وترك الحنان بيمين وهو كثيب عظيم كالجبل العظيم، ثم نزل قريبا من بدر، وبعث نفرا من أصحابه إلى ماء بدر، يلتمسون الخبر له. روى ثابت عن أنس رضي الله عنه قال: "فندب رسول الله الناس، فانطلقوا حتى نزلوا بدرا، ووردت عليهم روايا قريش، وفيهم غلام أسود لبني الحجاج، فأخذوه، فكان أصحاب رسول الله يسألونه عن أبي سفيان، وأصحابه، فيقول: ما لي علم بأبي سفيان، ولكن هذا أبو جهل، وعتبة، وشيبة، وأمية بن خلف، فإذا قال ذلك ضربوه، فقال: نعم، أنا أخبركم، هذا أبو سفيان، فإذا تركوه فسألوه، فقال ما لي بأبي سفيان علم، ولكن هذا أبو جهل، وعتبة، وشيبة، وأمية بن خلف، في الناس، فإذا قال هذا أيضا ضربوه، ورسول الله قائم يصلي، فلما رأى ذلك انصرف، قال: والذي نفسي بيده، لتضربوه إذا صدقكم، وتتركوه إذا كذبكم". أخرجه مسلم (1779). قال ابن إسحاق: قال رسول الله : "صدقا، والله إنهما لقريش، أخبراني عن قريش؟ قالا: هم والله وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى- والكثيب: العقنقل- فقال لهما رسول الله : كم القوم؟ قالا: كثير، قال: ما عدتهم؟ قالا: لا ندري، قال: كم ينحرون كل يوم؟ قالا: يوما تسعا، ويوما عشرا، فقال رسول الله : القوم فيما بين التسعمائة والألف. ثم قال لهما: فمن فيهم من أشراف قريش؟ قالا: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو البختري بن هشام، وحكيم بن حزام، ونوفل بن خويلد، والحارث بن عامر بن نوفل، وطعيمة بن عدي بن نوفل، والنضر بن الحارث، وزمعة بن الأسود، وأبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، ونبيه، ومنبه ابنا الحجاج، وسهيل بن عمرو، وعمرو بن عبد ود. فأقبل رسول الله على الناس، فقال: هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها. "السيرة" لابن هشام (1 /616- 617). ومضت قريش حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادي، خلف العقنقل وبطن الوادي، وهو يليل، وكان الوادي دهسا، فأصاب رسول الله وأصحابه منها ما لبد لهم الأرض ولم يمنعهم عن السير وأصاب قريشا منها ما لم يقدروا على أن يرتحلوا معه. فخرج رسول الله يبادرهم إلى الماء، حتى إذا جاء أدنى ماء من بدر نزل به. وأصاب المسلمين تلك الليلة النعاس، قال أبو طلحة: "غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد، قال: فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه ويسقط وآخذه". أخرجه البخاري (4562). وبني لرسول الله عريش من جريد، فدخله النبي وأبو بكر الصديق، وقام سعد بن معاذ على باب العريش متوشحا بالسيف. فلما أصبح صف رسول الله أصحابه قبل أن تنزل قريش وطلعت قريش ورسول الله يصف أصحابه ويعدلهم، ومعه يومئذ قدح يشير به إلى هذا تقدم وإلى هذا تأخر حتى استووا، فلما رأى رسول الله قريش تصوب من العقنقل، وهو الكثيب الذي جاءوا منه إلى الوادي، تضرع الى الله بالدعاء. روى عكرمة عن ابن عباس قال: قال النبي يوم بدر: "اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد، فأخذ أبو بكر بيده، فقال: حسبك، فخرج وهو يقول: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ سورة القمر: 45". أخرجه البخاري (3953). قال عمر بن الخطاب: لما كان يوم بدر نظر رسول الله إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاث مائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبي الله القبلة، ثم مد يديه، فجعل يهتف بربه: «اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض»، فما زال يهتف بربه، مادا يديه مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه، فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ سورة الأنفال: 9 فأمده الله بالملائكة". أخرجه مسلم (1763). روى عبد الله بن عمر: "أن رسول الله خرج يوم بدر في ثلاثمائة وخمسة عشر، فقال رسول الله : "اللهم إنهم حفاة فاحملهم، اللهم إنهم عراة فاكسهم، اللهم إنهم جياع فأشبعهم، ففتح الله له يوم بدر، فانقلبوا حين انقلبوا، وما منهم رجل إلا وقد رجع بجمل أو جملين، واكتسوا، وشبعوا". أخرجه أبو داود (2747)، والحاكم (2 /145)، وقال فيه: "صحيح على شرط مسلم"، وحسنه ابن حجر في فتح الباري: (7 /292). قال عبد الله بن ثعلبة بن صعير: "كان المستفتح يوم بدر أبا جهل قال: اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لم يُعرف فأحنه الغداة. فبينما هم على تلك الحال، وقد شجع الله المسلمين على لقاء عدوهم، وقللهم في أعينهم حتى طمعوا فيهم، خفق رسول الله خفقة في العريش ثم انتبه فقال: أبشر يا أبا بكر هذا جبريل معتجر بعمامته، آخذ بعنان فرسه يقوده، على ثناياه النقع، أتاك نصر الله وَعِدتُه". أخرجه أحمد، و الحاكم (2 /328)، وقال فيه: "حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. قال ابن إسحاق: "ولما اطمأن القوم، بعثوا عمير بن وهب الجمحي فقالوا: احزروا لنا أصحاب محمد، قال: فاستجال بفرسه حول العسكر ثم رجع إليهم، فقال: ثلاث مائة رجل، يزيدون قليلا أو ينقصون، ولكن أمهلوني حتى أنظر أللقوم كمين أو مدد؟ قال: فضرب في الوادي حتى أبعد، فلم ير شيئا، فرجع إليهم فقال: ما وجدت شيئا، ولكني قد رأيت، يا معشر قريش، البلايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، والله ما أرى أن يقتل رجل منهم، حتى يقتل رجلا منكم، فإذا أصابوا منكم أعدادهم فما خير العيش بعد ذلك؟ فروا رأيكم. فلما سمع حكيم بن حزام ذلك مشى في الناس، فأتى عتبة بن ربيعة، فقال: يا أبا الوليد، إنك كبير قريش وسيدها، والمطاع فيها، هل لك إلى أن لا تزال تذكر فيها بخير إلى آخر الدهر؟ قال: وما ذاك يا حكيم؟ قال: ترجع بالناس، وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي، قال: قد فعلت، أنت علي بذلك، إنما هو حليفي، فعلي عقله وما أصيب من ماله. فقام عتبة بن ربيعة خطيبا، فقال: يا معشر قريش، إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمدا وأصحابه شيئا، والله لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه، قتل ابن عمه أو ابن خاله، أو رجلا من عشيرته، فارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر العرب، فإن أصابوه فذاك الذي أردتم وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون. قال حكيم: فانطلقت حتى جئت أبا جهل، فوجدته قد نثل درعا له من جرابها، فهو يهيئها- فقلت له: يا أبا الحكم إن عتبة أرسلني إليك بكذا وكذا، للذي قال، فقال: انتفخ والله سحره حين رأى محمدا وأصحابه، كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، وما بعتبة ما قال، ولكنه قد رأى أن محمدا وأصحابه أكلة جزور، وفيهم ابنه، فقد تخوفكم عليه. ثم بعث إلى عامر بن الحضرمي، فقال: هذا حليفك يريد أن يرجع بالناس، وقد رأيت ثأرك بعينك، فقم فانشد خفرتك، ومقتل أخيك. فقام عامر بن الحضرمي فاكتشف ثم صرخ: وا عمراه، وا عمراه، فحميت الحرب، وحقب الناس، واستوسقوا على ما هم عليه من الشر، وأفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة". "السيرة" لابن هشام (1 /623). ثم خرج عتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، فدعوا إلى البراز فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار بنو عفراء معاذ ومعوذ وعوف بنو الحارث، فكره رسول الله أن يكون أول قتال لقي فيه المسلمون المشركين في الأنصار وأحب أن تكون الشوكة ببني عمه وقومه فأمرهم فرجعوا إلى مصافهم وقال لهم: خيرا ثم نادى المشركون: يا محمد، أخرج إلينا الأكفاء من قومنا، فقال رسول الله : «يا بني هاشم، قوموا قاتلوا بحقكم الذي بعث الله به نبيكم إذ جاؤوا بباطلهم ليطفئوا نور الله» ، فقام حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف فمشوا إليه، فقال عتبة: تكلموا نعرفكم، وكان عليهم البيض، فقال حمزة: أنا حمزة بن عبد المطلب أسد الله، وأسد رسوله، فقال عتبة: كفء كريم، وأنا أسد الحلفاء، من هذان معك قال علي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث قال: كفآن كريمان، ثم قال لابنه: قم يا وليد فقام إليه علي بن أبي طالب فاختلفا ضربتين فقتله علي، ثم قام عتبة وقام إليه حمزة فاختلفا ضربتين فقتله حمزة، ثم قام شيبة وقام إليه عبيدة بن الحارث وهو يومئذ أسن أصحاب رسول الله فضرب شيبة رجل عبيدة بذباب السيف، يعني طرفه فأصاب عضلة ساقه، فقطعها فكر حمزة وعلي على شيبة فقتلاه. "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /17). ثم خرج رسول الله إلى الناس فحرضهم. روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله قال: "قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض، قال: - يقول عمير بن الحمام الأنصاري: - يا رسول الله، جنة عرضها السموات والأرض؟ قال: نعم، قال: بخ بخ، فقال رسول الله : ما يحملك على قولك بخ بخ؟ قال: لا والله يا رسول الله، إلا رجاءة أن أكون من أهلها، قال: فإنك من أهلها، فأخرج تمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، قال: فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل". أخرجه مسلم (1901). ثم إن رسول الله أخذ حفنة من التراب ثم استقبل قريشا فنفحهم بها، فما في القوم أحد إلا امتلأت عيناه منها، وأمر أصحابه، فقال: شدوا، فكانت الهزيمة، فقتل الله تعالى من قتل من صناديد قريش، وأسر من أسر من أشرافهم. قال ابن هشام: وكان شعار أصحاب رسول الله يوم بدر: أحد أحد. "السيرة" لابن هشام (1 /634). وقال ابن سعد: "وجعل رسول الله شعار المهاجرين: يا بني عبد الرحمن، وشعار الخزرج: يا بني عبد الله، وشعار الأوس يا بني عبيد الله، ويقال: بل كان شعار المسلمين جميعا يومئذ: يا منصور أمت". "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /14). ثم بعث رسول الله عند الفتح عبد الله ابن رواحة بشيرا إلى أهل العالية، وبعث زيد بن حارثة إلى أهل السافلة، بما فتح الله عز وجل على رسوله وعلى المسلمين. روى هشام بن عروة عن أبيه، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: "أن النبي خلف عثمان بن عفان وأسامة بن زيد على رقية ابنة رسول الله أيام بدر، فجاء زيد بن حارثة رضي الله عنه على العضباء ناقة رسول الله بالبشارة، قال أسامة: فسمعت الهيعة فخرجت، فإذا زيد قد جاء بالبشارة، فوالله ما صدقت حتى رأينا الأسارى، فضرب رسول الله لعثمان رضي الله عنه بسهمه". أخرجه البيهقي في "السنن" (9 /293) برقم (18585)، والحاكم 3 /217، 218، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" وسكت عنه الذهبي. وانظر: "السيرة النبوية" لابن هشام: 1 /642- 643. ثم أقبل رسول الله قافلا إلى المدينة، ومعه الأسارى من المشركين، واحتمل رسول الله معه النفل الذي أصيب من المشركين، وجعل على النفل عبد الله بن كعب بن عمرو بن عوف. ثم سار رسول الله حتى إذا نزل على كثيب بين المضيق وبين النازية يقال له سير إلى سرحة به، قسم هنالك النفل الذي أفاء الله على المسلمين من المشركين على السواء. ثم ارتحل رسول الله ، حتى إذا كان بالروحاء لقيه المسلمون يهنئونه بما فتح الله عليه ومن معه من المسلمين، فقال لهم سلمة بن سلامة، كما رواه ابن إسحاق: "ما الذي تهنئوننا به؟ فو الله إن لقينا إلا عجائز صلعا كالبدن المعقلة، فنحرناها، فتبسم رسول الله ثم قال: أي ابن أخي، أولئك الملأ". قال ابن هشام: الملأ: الأشراف والرؤساء". "السيرة" لابن هشام (1 /643) وناحت قريش على قتلاهم كثيرًا وعم الحزن مكة، ثم قالوا: لا تفعلوا فيبلغ محمدا وأصحابه، فيشتموا بكم، ولا تبعثوا في أسراكم حتى تستأنوا بهم لا يأرب عليكم محمد وأصحابه في الفداء. وانظر تفاصيل أحداث غزوة بدر واخبارها في: "المغازي" للواقدي (1 /19- 172)، "السيرة" لابن هشام (1 /626- 2 /8)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 197- 200)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /153- 168)، "صحيح السيرة النبوية" لإبراهيم العلي (ص 158- 194).

نتيجتها

كان النصر حليف المسلمين في غزوة بدر، وغنم المسلمون منهم كثيرا وقسمه النبي عليهم بالسوية. وتخلف ثمانية من الصحابة عن الغزوة لعلة، ضرب لهم رسول الله بسهامهم وأجورهم، ثلاثة من المهاجرين: عثمان بن عفان خلفه رسول الله على امرأته رقية بنت رسول الله وكانت مريضة فأقام عليها حتى توفت، وطلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بعثهما يتحسسان خبر العير، وخمسة من الأنصار أبو لبابة بن عبد المنذر خلفه على المدينة، وعاصم بن عدي العجلاني خلفه على أهل العالية، والحارث بن حاطب العمري رده من الروحاء إلى بني عمرو بن عوف لشيء بلغه عنهم، والحارث بن الصمة كسر بالروحاء، وخوات بن جبير كسر. قال ابن سعد فيهم: "فهؤلاء ثمانية لا اختلاف فيهم عندنا وكلهم مستوجب". "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /12) واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلا؛ ستة من المهاجرين، وثمانية من الأنصار، فيهم عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف وعمير بن أبي وقاص وعاقل بن أبي البكير ومهجع مولى عمر بن الخطاب وصفوان ابن بيضاء وسعد بن خيثمة ومبشر بن عبد المنذر وحارثة بن سراقة وعوف ومعوذ ابنا عفراء، وعمير بن الحمام، ورافع بن معلى ويزيد بن الحارث بن فسحم. قال ابن إسحاق: "وقد رمي مهجع مولى عمر بن الخطاب بسهم فقتل، فكان أول قتيل من المسلمين، ثم رمي حارثة بن سراقة، أحد بني عدي بن النجار، وهو يشرب من الحوض، بسهم فأصاب نحره، فقتل". "السيرة" لابن هشام (1 /627). وكانت الهزيمة لقريش، فقتل رسول الله والصحابة من قتل من صناديد قريش، وأسر من أسر من أشرافهم. فقتل من المشركين سبعون رجلا وأسر منهم سبعون رجلا. روى أبو إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: "وكان النبي وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة، سبعين أسيرا، وسبعين قتيلا". أخرجه البخاري (3986). وكان فيمن قتل: شيبة وعتبة ابنا ربيعة بن عبد شمس، والوليد بن عتبة، والعاص بن سعيد بن العاص وأبو جهل بن هشام وأبو البختري وحنظلة بن أبي سفيان بن حرب وغيرهم. وكان في الأسارى: نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب، وأبو العاص بن الربيع، وعدي بن الخيار، وأبو عزيز بن عمير، والوليد بن الوليد بن المغيرة، وعبد الله بن أبي بن خلف، وأبو عزة عمرو بن عبد الله الجمحي، ووهب بن عمير بن وهب الجمحي، وغيرهم. قال ابن هشام: "كان فداء المشركين يومئذ أربعة آلاف درهم للرجل، إلى ألف درهم، إلا من لا شيء له، فمن رسول الله عليه". "السيرة" لابن هشام (1 /660). وكان مِمَّنْ مَنّ عليهم رسول الله من الأسرى وأطلق سراحهم من غير فداء: أبو العاص بن الربيع؛ من عليه رسول الله بعد أن بعثت زينب بنت رسول الله بفدائه، والمطلب بن حنطب، وصيفي بن أبي رفاعة، وأبو عزة عمرو بن عبد الله بن عثمان. انظر: "السيرة" لابن هشام (1 /660). وأمر رسول الله بالقتلى أن يطرحوا في القليب، فطرحوا فيه. روى أنس بن مالك عن أبي طلحة "أن نبي الله أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش، فقذفوا في طوي من أطواء بدر، خبيث مخبث، وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها، ثم مشى واتبعه أصحابه، وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شفة الركي، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله، فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ قال: فقال عمر: يا رسول الله، ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ فقال رسول الله : والذي نفس محمد بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم". قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم، قوله توبيخا وتصغيرا ونقيمة وحسرة وندما". أخرجه البخاري (3976)، ومسلم (2875). وروت عائشة : "إن رسول الله قام على القليب وفيه قتلى بدر من المشركين، فقال لهم ما قال: إنهم ليسمعون ما أقول. إنما قال: إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق". أخرجه البخاري (3978)، ومسلم (931). انظر: "المغازي" للواقدي (1 /19- 172)، "السيرة" لابن هشام (1 /660- 2 /8)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 197- 200)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /153- 168)، "صحيح السيرة النبوية" لإبراهيم العلي (ص 158- 194).

أحداث متعلقة

هناك من الأحداث ما حدثت قبل المعركة، منها: خبر رؤيا عاتكة بنت عبد المطلب. قال ابن إسحاق: "فأخبرني من لا أتهم عن عكرمة عن ابن عباس، ويزيد ابن رومان، عن عروة بن الزبير، قالا: " وقد رأت عاتكة بنت عبد المطلب، قبل قدوم ضمضم مكة بثلاث ليال، رؤيا أفزعتها. فبعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب فقالت له: يا أخي، والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني، وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة، فاكتم عني ما أحدثك به، فقال لها: وما رأيت؟ قالت: رأيت راكبا أقبل على بعير له، حتى وقف بالأبطح، ثم صرخ بأعلى صوته: ألا انفروا يا لغدر لمصارعكم في ثلاث، فأرى الناس اجتمعوا إليه، ثم دخل المسجد والناس يتبعونه، فبينما هم حوله مثل به بعيره على ظهر الكعبة، ثم صرخ بمثلها: ألا انفروا يا لغدر لمصارعكم في ثلاث: ثم مثل به بعيره على رأس أبي قبيس، فصرخ بمثلها. ثم أخذ صخرة فأرسلها. فأقبلت تهوي، حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت، فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دار إلا دخلتها منها فلقة، قال العباس: والله إن هذه لرؤيا، وأنت فاكتميها، ولا تذكريها لأحد. ثم خرج العباس، فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعة، وكان له صديقا، فذكرها له، واستكتمه إياها. فذكرها الوليد لأبيه عتبة، ففشا الحديث بمكة، حتى تحدثت به قريش في أنديتها. قال العباس: فغدوت لأطوف بالبيت وأبو جهل بن هشام في رهط من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة، فلما رآني أبو جهل قال: يا أبا الفضل إذا فرغت من طوافك فأقبل إلينا، فلما فرغت أقبلت حتى جلست معهم، فقال لي أبو جهل: يا بني عبد المطلب، متى حدثت فيكم هذه النبية؟ قال: قلت: وما ذاك؟ قال: تلك الرؤيا التي رأت عاتكة، قال: فقلت: وما رأت؟ قال: يا بني عبد المطلب، أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم، قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال: انفروا في ثلاث، فسنتربص بكم هذه الثلاث، فإن يك حقا ما تقول فسيكون، وإن تمض الثلاث ولم يكن من ذلك شيء، نكتب عليكم كتابا أنكم أكذب أهل بيت في العرب. قال العباس: فو الله ما كان مني إليه كبير، إلا أني جحدت ذلك، وأنكرت أن تكون رأت شيئا. قال: ثم تفرقنا. فلما أمسيت، لم تبق امرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني، فقالت: أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم، ثم قد تناول النساء وأنت تسمع، ثم لم يكن عندك غير لشيء مما سمعت، قال: قلت: قد والله فعلت، ما كان مني إليه من كبير. وايم الله لأتعرضن له، فإن عاد لأكفينكه. قال: فغدوت في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة، وأنا حديد مغضب أرى أني قد فاتني منه أمر أحب أن أدركه منه. قال: فدخلت المسجد فرأيته، فو الله إني لأمشي نحوه أتعرضه، ليعود لبعض ما قال فأقع به، وكان رجلا خفيفا، حديد الوجه، حديد اللسان، حديد النظر. قال: إذ خرج نحو باب المسجد يشتد. قال: فقلت في نفسي: ما له لعنه الله، أكل هذا فرق مني أن أشاتمه! قال: وإذا هو قد سمع ما لم أسمع: صوت ضمضم بن عمرو الغفاري، وهو يصرخ ببطن الوادي واقفا على بعيره، قد جدع بعيره، وحول رحله، وشق قميصه، وهو يقول: يا معشر قريش، اللطيمة اللطيمة، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه، لا أرى أن تدركوها، الغوث الغوث. قال: فشغلني عنه وشغله عني ما جاء من الأمر". ابن هشام "السيرة" (1 /607- 609). قال إبراهيم العلي في تخريجه: "وسنده صحيح إلا أنه مرسل، وقد جاءت حادثة عاتكة من طرق متعددة، من حديث ابن عباس عند الحاكم (3 /19) إلا أن سنده ضعيف، ورواه الطبراني بإسنادين أحدهما مرسل، والآخر مرفوع من حديث مصعب بن عبد الله، وفيهما ابن لهيعة، وحديثه حسن كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد (6 /732)، وله سند آخر عند ابن إسحاق عن ابن عباس ولكنه ضعيف، وأورده ابن منده بسنده عن عاتكة بنت عبد المطلب وسنده ضعيف كما قال ابن حجر في الإصابة (4 /347) وبهذه الطرق يقوى الحديث فيرتفع الحديث إلى درجة الحسن لغيره والله أعلم". "صحيح السيرة النبوية" لإبراهيم العلي (ص 164). عرض الصبيان على النبي للقتال ورد من استصغر منهم: روى أبو إسحاق عن البراء رضي الله عنه قال: "استصغرت أنا وابن عمر يوم بدر، وكان المهاجرون يوم بدر نيفا على ستين، والأنصار نيفا وأربعين ومائتين". أخرجه البخاري (3955). وروى عامر بن سعد عن أبيه سعد "أن النبي نظر إلى عمير بن أبي وقاص فاستصغره حين خرج إلى بدر، ثم أجازه، قال سعد: فيقال إنه خانه سيفه، قال عبد الله: قتل يوم بدر". أخرجه البزار (1106)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6 /69): "رواه البزار ورجاله ثقات". ما أخبره النبي من مصارع المشركين في بدر. روى عمرو بن ميمون، أنه سمع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حدث عن سعد بن معاذ أنه قال: "كان صديقا لأمية بن خلف، وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل على سعد، وكان سعد إذا مر بمكة نزل على أمية، فلما قدم رسول الله المدينة انطلق سعد معتمرا، فنزل على أمية بمكة، فقال لأمية: انظر لي ساعة خلوة لعلي أن أطوف بالبيت، فخرج به قريبا من نصف النهار، فلقيهما أبو جهل، فقال: يا أبا صفوان، من هذا معك؟ فقال هذا سعد، فقال له أبو جهل: ألا أراك تطوف بمكة آمنا، وقد آويتم الصباة، وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم، أما والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالما، فقال له سعد ورفع صوته عليه: أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه، طريقك على المدينة، فقال له أمية: لا ترفع صوتك يا سعد على أبي الحكم، سيد أهل الوادي، فقال سعد: دعنا عنك يا أمية، فوالله لقد سمعت رسول الله يقول: «إنهم قاتلوك»، قال: بمكة؟ قال: لا أدري، ففزع لذلك أمية فزعا شديدا، فلما رجع أمية إلى أهله، قال: يا أم صفوان، ألم تري ما قال لي سعد؟ قالت: وما قال لك؟ قال: زعم أن محمدا أخبرهم أنهم قاتلي، فقلت له: بمكة، قال: لا أدري، فقال أمية: والله لا أخرج من مكة، فلما كان يوم بدر استنفر أبو جهل الناس، قال: أدركوا عيركم؟ فكره أمية أن يخرج، فأتاه أبو جهل فقال: يا أبا صفوان، إنك متى ما يراك الناس قد تخلفت، وأنت سيد أهل الوادي، تخلفوا معك، فلم يزل به أبو جهل حتى قال: أما إذ غلبتني، فوالله لأشترين أجود بعير بمكة، ثم قال أمية: يا أم صفوان جهزيني، فقالت له: يا أبا صفوان، وقد نسيت ما قال لك أخوك اليثربي؟ قال: لا ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبا، فلما خرج أمية أخذ لا ينزل منزلا إلا عقل بعيره، فلم يزل بذلك حتى قتله الله عز وجل ببدر". أخرجه البخاري (3950). وروى ثابت عن أنس قال: "قال رسول الله : هذا مصرع فلان، قال: ويضع يده على الأرض هاهنا، هاهنا، قال: فما ماط أحدهم عن موضع يد رسول الله ." أخرجه مسلم (1779). عدم الاستعانة بالمشركين في القتال: روى عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي أنها قالت: "خرج رسول الله قبل بدر، فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة، ففرح أصحاب رسول الله حين رأوه، فلما أدركه قال لرسول الله : جئت لأتبعك وأصيب معك، قال له رسول الله : تؤمن بالله ورسوله؟ قال: لا، قال: فارجع، فلن أستعين بمشرك، قالت: ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل، فقال له كما قال أول مرة، فقال له النبي كما قال أول مرة، قال: فارجع، فلن أستعين بمشرك، قال: ثم رجع فأدركه بالبيداء، فقال له كما قال أول مرة: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: نعم، فقال له رسول الله : فانطلق". أخرجه مسلم (1817). وهناك أحداث وقعت خلال المعركة، منها: شهود الملائكة بدرا: روى معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي، عن أبيه، وكان أبوه من أهل بدر قال: "جاء جبريل إلى النبي ، فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم، قال: من أفضل المسلمين أو كلمة نحوها، قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة". أخرجه البخاري (3992- 3993- 3994). روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي قال يوم بدر: "هذا جبريل، آخذ برأس فرسه، عليه أداة الحرب". أخرجه البخاري (3995). قال ابن عباس: "بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه، وشق وجهه، كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري، فحدث بذلك رسول الله ، فقال: صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة". أخرجه مسلم (1763). وفي حديث علي بن أبي طالب قال: "فجاء رجل من الأنصار قصير بالعباس بن عبد المطلب أسيرًا، فقال العباس: يا رسول الله إن هذا والله ما أسرني، لقد أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجهًا على فرس أبلق ما أراه في القوم، فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول الله فقال: اسكت فقد أيدك الله بملك كريم". أخرجه أحمد (948) طبعة الرسالة، قال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريجه على مسند أحمد: "إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حارثة بن مضرب، فمن رجال أصحاب السنن، وهو ثقة، وسماع إسرائيل من جده أبي إسحاق في غاية الإتقان للزومه إياه وكان خصيصا به، فيما قاله الحافظ في "الفتح" 1/351". قال ابن إسحاق: "وحدثني عبد الله بن أبي بكر، عن بعض بني ساعدة عن أبي أسيد مالك بن ربيعة، وكان شهد بدرا، قال، بعد أن ذهب بصره: و كنت اليوم ببدر ومعي بصري لأريتكم الشعب الذي خرجت منه الملائكة، لا أشك فيه ولا أتمارى". "السيرة" لابن هشام (1 /633). وفي حديث أبي داود المازني، وكان شهد بدرا، قال: "إني لأتبع رجلا من المشركين يوم بدر لأضربه، إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أنه قد قتله غيري". "السيرة" لابن هشام (1 /633). ما ورد من خبر سواد بن غزية رضي الله عنه: قال ابن إسحاق: "وحدثني حبان بن واسع بن حبان عن أشياخ من قومه: أن رسول الله عدل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قدح يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزية، حليف بني عدي بن النجار، وهو مستنتل من الصف، فطعن في بطنه بالقدح، وقال: استو يا سواد فقال: يا رسول الله، أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل، قال: فأقدني. فكشف رسول الله عن بطنه، وقال: استقد، قال: فاعتنقه فقبل بطنه: فقال: ما حملك على هذا يا سواد؟ قال: يا رسول الله، حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك. فدعا له رسول الله بخير، وقاله له". "السيرة" لابن هشام (1 /626). قال إبراهيم العلي: "وسنده حسن إلا أنه مرسل، ويسنده ما جاء عن عبد الله بن جبير الخزاعي في مجمع الزوائد: 6 /289، وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات على ما في عبد الله بن جبير من ضعف ". "صحيح السيرة النبوية" لإبراهيم العلي (ص 172). رمي رسول الله أعين المشركين بالتراب: ابن عباس قال: "قال رسول الله لعلي: ناولني كفًّا من حصى، فناوله، فرمى بها وجوه القوم، فما بقى أحد من القوم إلا امتلأت عيناه من الحصباء، فنزلت: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ﴾ سورة الأنفال: 17". أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: (11 /285) رقم (11750)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (6 /84): "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح". وعن حكيم بن حزام قال: "لما كان يوم بدر أمر رسول الله فأخذ كفا من الحصى، فاستقبلنا به فرمى بها، وقال: شاهت الوجوه، فانهزمنا، فأنزل الله عز وجل: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ﴾ سورة الأنفال: 17". أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: (22 /237) رقم (662)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (6 /84): "رواه الطبراني، وإسناده حسن". وهناك أحداث وقعت بعد المعركة، منها: ما بدى على الصحابة من الحزن على مقتل أهليهم وآبائهم وإخوانهم على الكفر: قال ابن إسحاق: ولما أمر رسول الله أن يلقوا في القليب، أخذ عتبة بن ربيعة، فسحب إلى القليب، فنظر رسول الله - فيما بلغني- في وجه أبي حذيفة بن عتبة، فإذا هو كئيب قد تغير لونه، فقال: يا أبا حذيفة، لعلك قد دخلك من شأن أبيك شيء؟ أو كما قال ، فقال: لا، والله يا رسول الله، ما شككت في أبي ولا في مصرعه، ولكنني كنت أعرف من أبي رأيا وحلما وفضلا، فكنت أرجو أن يهديه ذلك إلى الإسلام، فلما رأيت ما أصابه، وذكرت ما مات عليه من الكفر، بعد الذي كنت أرجو له، أحزنني ذلك، فدعا له رسول الله بخير، وقال له خيرا". "السيرة" لابن هشام (1 /640). قتل أبي البختري: نهى رسول الله عن قتل أبي البختري في غزوة بدر، لأنه كان أكف القوم عن رسول الله وهو بمكة، وكان لا يؤذيه، ولا يبلغه عنه شيء يكرهه، وكان ممن قام في نقض الصحيفة التي كتبت قريش على بني هاشم وبني المطلب. فلقيه المجذر بن ذياد البلوي، حليف الأنصار، ثم من بني سالم بن عوف، فقال المجذر لأبي البختري: إن رسول الله قد نهانا عن قتلك- ومع أبي البختري زميل له، قد خرج معه من مكة، وهو جنادة بن مليحة بنت زهير بن الحارث بن أسد، وجنادة رجل من بني ليث. قال: وزميلي؟ فقال له المجذر: لا والله، ما نحن بتاركي زميلك، ما أمرنا رسول الله إلا بك وحدك، فقال: لا والله، إذن لأموتن أنا وهو جميعا، لا تتحدث عني نساء مكة أني تركت زميلي حرصا على الحياة. فقال أبو البختري حين نازله المجذر وأبى إلا القتال فاقتتلا، فقتله المجذر بن ذياد. قال ابن إسحاق: ثم إن المجذر أتى رسول الله ، فقال: والذي بعثك بالحق لقد جهدت عليه أن يستأسر فآتيك به، فأبى إلا أن يقاتلني، فقاتلته فقتلته. انظر: "السيرة" لابن هشام (1 /629- 630). مقتل أمية بن خلف: قال ابن إسحاق: "قال عبد الرحمن بن عوف: كان أمية بن خلف لي صديقا بمكة، وكان اسمي عبد عمرو، فتسميت، حين أسلمت، عبد الرحمن، ونحن بمكة، فكان يلقاني إذ نحن بمكة فيقول: يا عبد عمرو، أرغبت عن اسم سماكه أبواك؟ فأقول: نعم، فيقول: فإني لا أعرف الرحمن، فاجعل بيني وبينك شيئا أدعوك به، أما أنت فلا تجيبني باسمك الأول، وأما أنا فلا أدعوك بما لا أعرف، قال: فكان إذا دعاني: يا عبد عمرو، لم أجبه. قال: فقلت له: يا أبا علي، اجعل ما شئت، قال: فأنت عبد الإله، قال: فقلت: نعم، قال: فكنت إذا مررت به قال: يا عبد الإله فأجيبه، فأتحدث معه. حتى إذا كان يوم بدر، مررت به وهو واقف مع ابنه، علي بن أمية، آخذ بيده، ومعي أدراع، قد استلبتها، فأنا أحملها. فلما رآني قال لي: يا عبد عمرو، فلم أجبه، فقال: يا عبد الإله؟ فقلت: نعم، قال: هل لك في، فأنا خير لك من هذه الأدراع التي معك؟ قال: قلت: نعم، ها الله ذا. قال: فطرحت الأدراع من يدي، وأخذت بيده ويد ابنه، وهو يقول: ما رأيت كاليوم قط، أما لكم حاجة في اللبن؟ قال: ثم خرجت أمشي بهما". قال ابن هشام: "يريد باللبن؛ أن من أسرني افتديت منه بإبل كثيرة اللبن". "السيرة" لابن هشام (1 /631). قال إبراهيم العلي في "صحيح السيرة النبوية" (ص 178): "وسنده صحيح وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث". قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: "كاتبت أمية بن خلف كتابا، بأن يحفظني في صاغيتي بمكة، وأحفظه في صاغيته بالمدينة، فلما ذكرت الرحمن قال: لا أعرف الرحمن، كاتبني باسمك الذي كان في الجاهلية، فكاتبته: عبد عمرو، فلما كان في يوم بدر، خرجت إلى جبل لأحرزه حين نام الناس، فأبصره بلال، فخرج حتى وقف على مجلس من الأنصار، فقال أمية بن خلف: لا نجوت إن نجا أمية، فخرج معه فريق من الأنصار في آثارنا، فلما خشيت أن يلحقونا، خلفت لهم ابنه لأشغلهم فقتلوه، ثم أبوا حتى يتبعونا، وكان رجلا ثقيلا، فلما أدركونا، قلت له: ابرك، فبرك، فألقيت عليه نفسي لأمنعه، فتخللوه بالسيوف من تحتي حتى قتلوه، وأصاب أحدهم رجلي بسيفه، وكان عبد الرحمن بن عوف يرينا ذلك الأثر في ظهر قدمه". أخرجه البخاري (2301). وقال عبد الرحمن: "كاتبت أمية بن خلف، فلما كان يوم بدر، فذكر قتله وقتل ابنه، فقال بلال: لا نجوت إن نجا أمية". أخرجه البخاري (3971). قال ابن إسحاق: "فكان عبد الرحمن يقول: يرحم الله بلالا، ذهبت أدراعي وفجعني بأسيري". "السيرة" لابن هشام (1 /632). قال إبراهيم العلي في "صحيح السيرة النبوية" (ص 178): "وسنده صحيح وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث". مقتل أبي جهل: قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: "إني لفي الصف يوم بدر إذ التفت فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السن، فكأني لم آمن بمكانهما، إذ قال لي أحدهما سرا من صاحبه: يا عم أرني أبا جهل، فقلت: يا ابن أخي، وما تصنع به؟ قال: عاهدت الله إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه، فقال لي الآخر سرا من صاحبه مثله، قال: فما سرني أني بين رجلين مكانهما، فأشرت لهما إليه، فشدا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه، وهما ابنا عفراء". أخرجه البخاري (3988). قال أنس رضي الله عنه: قال النبي : "من ينظر ما صنع أبو جهل. فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد، قال: أأنت أبو جهل؟ قال: فأخذ بلحيته، قال: وهل فوق رجل قتلتموه، أو رجل قتله قومه". قال أحمد بن يونس: "أنت أبو جهل". أخرجه البخاري (3962- 3963)، ومسلم (1800). وروى قيس عن عبد الله رضي الله عنه: "أنه أتى أبا جهل وبه رمق يوم بدر، فقال أبو جهل: هل أعمد من رجل قتلتموه". أخرجه البخاري (3961). والقصة بتمامها في "سيرة" ابن هشام (1 /636). مقتل عبيد بن سعيد بن العاص على يد الزبير: قال الزبير بن العوام رضي الله عنه: "لقيت يوم بدر عبيد ابن سعيد بن العاص وهو مدجج لا يرى منه إلا عيناه، وهو يكنى أبا ذات الكرش، فقال: أنا أبو ذات الكرش، فحملت عليه فطعنته في عينه فمات". قال هشام، فأخبرت أن الزبير قال: لقد وضعت رجلي عليه ثم تمطأت فكان الجهد أن نزعتها وقد انثنى طرفاها. قال عروة: فسأله إياها رسول الله فأعطاه، فلما قبض رسول الله أخذها، ثم طلبها أبو بكر فأعطاه، فلما قبض أبو بكر سأله إياها عمر فأعطاه إياها، فلما قبض عمر أخذها، ثم طلبها عثمان منه فأعطاه إياها، فلما قتل عثمان وقعت عند آل علي، فطلبها عبد الله بن الزبير، فكانت عنده حتى قتل". أخرجه البخاري (3998) الاختلاف في قسمة الغنيمة اختلف الصحابة رصي الله عنهم فيمن يأخذ الغنائم وكثر قولهم فيه حتى أنزل الله عزوجل فيه آيات. قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "خرجنا مع النبي فشهدت معه بدرا، فالتقى الناس فهزم الله العدو، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون، وأكبت طائفة على العسكر يحوونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله لا يصيب العدو منه غرة حتى إذا كان الليل، وفاء الناس بعضهم إلى بعض قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناها وجمعناها فليس لأحد فيها نصيب. وقال الذين خرجوا في طلب العدو: لستم بأحق بها منا نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم. وقال الذين أحدقوا برسول الله : لستم بأحق بها منا نحن أحدقنا برسول الله ، وخفنا أن يصيب العدو منه غرة واشتغلنا به، فنزلت: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ۖ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ سورة الأنفال: 1، فقسمها رسول الله على فواق بين المسلمين". أخرجه أحمد (22762) طبعة الرسالة، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6 /92): "رجاله ثقات"، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريجه على مسند أحمد: " حسن لغيره"، والحاكم (2607): 2 /326، 136، 135، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. "كان عبادة بن الصامت إذا سئل عن الأنفال، قال: فينا معشر أهل بدر نزلت، حين اختلفنا في النفل يوم بدر، فانتزعه الله من أيدينا حين ساءت فيه أخلاقنا، فرده على رسول الله ، فقسمه بيننا عن بواء- يقول: على السواء- وكان في ذلك تقوى الله وطاعته، وطاعة رسوله ، وصلاح ذات البين". "السيرة" لابن هشام (1 /666). ومنع رسول الله أن يؤخذ من الغنيمة قبل أن ينظر في أمرها. روى مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه في حديثه الطويل قال: "وأصاب رسول الله غنيمة عظيمة، فإذا فيها سيف فأخذته، فأتيت به الرسول ، فقلت: نفلني هذا السيف، فأنا من قد علمت حاله، فقال: رده من حيث أخذته، فانطلقت، حتى إذا أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي، فرجعت إليه، فقلت: أعطنيه، قال: فشد لي صوته: رده من حيث أخذته، قال: فأنزل الله عز وجل: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ﴾ سورة الأنفال: 1". أخرجه مسلم (1748). أسر أخو مصعب بن عمير: قال ابن إسحاق: وحدثني نبيه بن وهب، أخو بني عبد الدار: "أن رسول الله حين أقبل بالأسارى فرقهم بين أصحابه، وقال: استوصوا بالأسارى خيرا. قال: وكان أبو عزيز بن عمير بن هاشم، أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمه في الأسارى. قال: فقال أبو عزيز: مر بي أخي مصعب بن عمير ورجل من الأنصار يأسرني، فقال: شد يديك به، فإن أمه ذات متاع، لعلها تفديه منك، قال وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر، فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز، وأكلوا التمر، لوصية رسول الله إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها. قال: فأستحيي فأردها على أحدهم ، فيردها علي ما يمسها. قال ابن هشام: وكان أبو عزيز صاحب لواء المشركين ببدر بعد النضر بن الحارث، فلما قال أخوه مصعب بن عمير لأبي اليسر، وهو الذي أسره، ما قال قال له أبو عزيز: يا أخي، هذه وصاتك بي، فقال له مصعب: إنه أخي دونك، فسألت أمه عن أغلى ما فدي به قرشي، فقيل لها: أربعة آلاف درهم، فبعثت بأربعة آلاف درهم، ففدته بها". "السيرة" لابن هشام (1 /645- 646). وأفاد محمد العوشن أن الخبر ضعيف لإرساله، وإن صرّح ابن إسحاق فيه بالتحديث. "ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية" لمحمد العوشن (ص 118). فداء أبو وداعة بن ضبيرة السهمي: قال الطبراني: حدثنا ابن إسحاق قال: حدثني يحيى بن عباد عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير قال: "كانت قريش ناحت قتلاها، ثم ندمت، وقالوا: لا تنوحوا عليهم فيبلغ ذلك محمدا وأصحابه فيشمتوا بكم، وكان في الأسرى أبو وداعة بن صبرة السهمي، فقال رسول الله : إن له بمكة ابنا تاجرا كيسا ذا مال كأنكم به قد جاءكم في فداء أبيه، فلما قالت قريش في الفداء ما قالت، قال المطلب: صدقتم، والله لئن فعلتم ليثأرن عليكم، ثم انسل من الليل، فقدم المدينة ففدى أباه بأربعة آلاف درهم". "السيرة" لابن هشام (1 /648) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: (13 /102) رقم (245)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6 /90): "رواه الطبراني، ورجاله ثقات." أسر عمرو بن أبي سفيان وإطلاق سراحه: كان عمرو بن أبي سفيان بن حرب أسيرا في يدي رسول الله ، من أسرى بدر، أسره علي بن أبي طالب. قال ابن إسحاق: "حدثني عبد الله بن أبي بكر، قال: فقيل لأبي سفيان: افد عمرا ابنك، قال: أيجمع علي دمي ومالي! قتلوا حنظلة، وأفدي عمرا! دعوه في أيديهم يمسكوه ما بدا لهم. قال: فبينما هو كذلك، محبوس بالمدينة عند رسول الله ، إذ خرج سعد بن النعمان بن أكال، أخو بني عمرو بن عوف ثم أحد بني معاوية معتمرا ومعه مرية له، وكان شيخا مسلما، في غنم له بالنقيع، فخرج من هنالك معتمرا، ولا يخشى الذي صنع به، لم يظن أنه يحبس بمكة، إنما جاء معتمرا. وقد كان عهد قريشا لا يعرضون لأحد جاء حاجا، أو معتمرا إلا بخير، فعدا عليه أبو سفيان بن حرب بمكة فحبسه بابنه عمرو ومشى بنو عمرو بن عوف إلى رسول الله فأخبروه خبره وسألوه أن يعطيهم عمرو بن أبي سفيان فيفكوا به صاحبهم، ففعل رسول الله . فبعثوا به إلى أبي سفيان، فخلى سبيل سعد". "السيرة" لابن هشام (1 /650). أسر أبي العاص بن الربيع وإطلاق سراحه: وقد كان في الأسارى أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى، ختن رسول الله ، وزوج ابنته زينب. قال ابن هشام: أسره خراش بن الصمة أحد بني حرام. "السيرة" لابن هشام (1 /652). قالت عائشة: "لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم، بعثت زينب بنت رسول الله في فداء أبي العاص بن الربيع بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت لخديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها، قال: فلما رآها رسول الله رق لها رقة شديدة وقال: (إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردوا عليها الذي لها فافعلوا)، فقالوا: "نعم يا رسول الله فأطلقوه وردوا عليها الذي لها". اخرجه أحمد في المسند: 6 /376، وأبو داود في الجهاد باب في فداء الأسير بالمال: 2692، الحاكم في المستدرك: 3 /336، وسكت عليه الحاكم والذهبي، وابن هشام في السيرة: 1 /653 وسنده صحيح رجاله كلهم ثقات، وابن إسحاق صرح بالتحديث. وهناك أحداث وردت في السيرة في غزوة بدر الصحيح فيها ضعفها وعدم ثبوت قصتها، منها: ما ورد من رؤيا جهيم بن الصلت في مصارع قريش "السيرة" لابن هشام (1 /618)، وقول رسول الله : "نحن من ماء" للشيخ الذي سأله أن يحدثهم عن أخبار قريش "السيرة" لابن هشام (1 /615)، وما ورد من مشورته للحباب "السيرة" لابن هشام (1 /620)، وقول أبي حذيفة: أنقتل آباءنا وأبناءنا؟ لما نهى النبي أصحابه عن قتل ناس من المشركين فيهم عمه العباس بن عبد المطلب "السيرة" لابن هشام (1 /629)، وأن عكاشة انقطع سيفه في المعركة فأعطاه النبي جذلا من حطب فعاد سيفا في يده "السيرة" لابن هشام (1 /637)، وقتل أبي عبيدة بن الجراح لأبيه "السيرة" لابن هشام (1 /637)، وطلب عمر نزع ثنيّتيْ سهيل بن عمرو وكان من الأسارى "السيرة" لابن هشام (1 /649)، ومحاولة عمير بن وهب قتل الرسول فيكشف الرسول سرّه فيسلم "السيرة" لابن هشام (1 /661). وانظر جميع ذلك وتفاصيله في كتاب: "ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية" لمحمد العوشن (ص 105- 132).

دروس وعِبَر

غزوة بدر هي أول وقع القتال فيها وكان فضل من شهد بدرا أو استشهد فيها عظيما. قال أنس رضي الله عنه: "أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام، فجاءت أمه إلى النبي فقالت: يا رسول الله، قد عرفت منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تك الأخرى ترى ما أصنع، فقال: ويحك، أوهبلت، أوجنة واحدة هي، إنها جنان كثيرة، وإنه في جنة الفردوس". أخرجه البخاري (3982). وفي قصة حاطب بن أبي بلتعة: قال رسول الله : "لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد وجبت لكم الجنة، أو: فقد غفرت لكم، فدمعت عينا عمر، وقال: الله ورسوله أعلم". أخرجه البخاري (3983). وقال قيس: "كان عطاء البدريين خمسة آلاف، خمسة آلاف، وقال عمر: "لأفضلنهم على من بعدهم". أخرجه البخاري (4022). أهمية تقصي أخبار العدو وارسال العيون فقد أرسل عيونه قبل المعركة وأثناءها. الهدف من المعركة هو إعلاء كلمة الله ورفع راية الإسلام، لذلك لم يرتض رسول الله أن يشارك معه في الغزو من أراد أن يلتحق به ولم يسلم حتى يسلم. استواء القائد والجند في تحمل الشدائد والمصاعب. قال لعلي بن أبي طالب وأبي لبابة لما كانوا يتعاقبون على بعير واحد، ويأبى أن يؤثراه: "ما أنتما بأقوى مني، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما". أخرجه أحمد (3901) طبعة الرسالة، والحاكم (3 /20)، وقال فيه: "حديث صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي. وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريجه على مسند أحمد: "إسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح". تطبيق مبدأ الشورى، وقد استشار النبي أصحابه في الأسرى. أهمية حماية القائد في المعركة، حيث بنى الصحابة للنبي عريشًا يدير منه المعركة، وسعد بن معاذ قائم على باب العريش متوشح السيف في نفر من الأنصار يحرسون رسول الله ، يخافون عليه كرة العدو، وقد شارك رسول الله أيضًا في الحرب ونزل إلى ساحة القتال. حب الصحابة رضي الله عنهم الشهادة وتعلقهم بالجنة، ومنه ما فعله عمير بن الحمام الأنصاري حين رمى التمرات من يده، لما قال رسول الله : "قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض". أخرجه مسلم (1901). أهمية الصف في المعركة، وهو مبدأ قرره الإسلام وحث عليه، في قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾ سورة الصف: 4 تقدم القائد على جيشه واتصافه بالشجاعة، وهو ما كان عليه رسول الله . قال أنس رضي الله عنه في حديثه الطويل: "فانطلق رسول الله وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر، وجاء المشركون، فقال رسول الله : لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه…". أخرجه مسلم (1901). وقال علي بن أبي طالب: "لقد رأيتنا يوم بدر، ونحن برسول الله وهو أقربنا من العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسًا". أخرجه أحمد (6532) طبعة الرسالة، قال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريجه على مسند أحمد: " إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حارثة بن مضرب، فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد" وأصحاب السنن وهو ثقة، وإسرائيل سماعه من جده في غاية الإتقان للزومه إياه وكان خصيصا به". اتخاذ القائد سياسة محنكة في استخدام آلات الحرب وتدبيرها، من ذلك: أمره لأصحابه برمي المشركين بالنبل إذا اقتربوا، وأن يكفوا إذا ابتعدوا، حتى لا تضيع سهم منهم. روى حمزة بن أبي أسيد عن أبيه قال: قال النبي يوم بدر، حين صففنا لقريش وصفوا لنا: "إذا أكثبوكم فعليكم بالنبل". أخرجه البخاري (2900). وقال أبو أسيد رضي الله عنه: قال لنا رسول الله يوم بدر: "إذا أكثبوكم فارموهم، واستبقوا نبلكم". أخرجه البخاري (3984). العدل بين أفراد الجيش، وقبول القائد المحاسبة، كما ورد في قصة سواد بن غزية. أهمية الدعاء، والإكثار منه أثناء الغزو وقبلها وبعدها، وهو ما فعله رسول الله ورفع يديه طويلا حتى سقط رداؤه. إمداد الله تعالى المؤمنين بالملائكة تثبيتا لهم، وتقوية لقلوبهم، وتبشيرا لهم بالنصر. قال ابن حجر: "قال الشيخ تقي الدين السبكي: سئلت عن الحكمة في قتال الملائكة مع النبي مع أن جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه؟ فقلت: وقع ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي وأصحابه، وتكون الملائكة مددًا على عادة مدد الجيوش، رعاية لصورة الأسباب وسنتها التي أجراها الله تعالى في عباده، والله تعالى هو فاعل الجميع والله أعلم". "فتح الباري" لابن حجر (7 /313). حسن معاملة أسرى العدو، والتوصية بهم خيرا، كما ورد في قصة اخو مصعب بن عمير اذا قلنا بثبوتها. لم يكن الهدف من فداء الأسرى جمع المال، دل على ذلك أن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال النبي لأسارى بدر: "لو كان مطعم بن عدي حيًّا، ثم كلمني في هؤلاء النتنى لأطلقتهم له". أخرجه البخاري (4024). وفي هذا الحديث حفظ لجوار المطعم بن عدي ووفاء له أيضا. اهتمام النبي بتعلم أصحابه الكتابة والقراءة، حتى جعل ذلك فداء لمن لم يكن له فداء من مال. ظهور معجزاته بإخباره عن مصارع المشركين قبل الغزوة وأثناءها، وفي ذلك أيضا زرع للرعب والخوف في قلوبهم. العدل في توزيع الغنائم، وإلحاقه الصحابة الثمانية الذين غابوا عن الغزوة، لأعمال كلفهم بها رسول الله . وقد نزلت آيات كثيرة في كتاب الله تناولت الحديث عن غزوة بدر، في سور متفرقة، منها: سورة الأنفال، سورة آل عمران، سورة الحج، سورة الدخان، وغيرها من السور، ومن أكثر السور التي تناولت الحديث عن غزوة بدر هي سورة الأنفال. قال سعيد بن جبير: "قلت لابن عباس رضي الله عنهما: سورة الأنفال، قال: نزلت في بدر". أخرجه البخاري (4645). قال ابن إسحاق: "فلما انقضى أمر بدر، أنزل الله عز وجل فيه من القرآن الأنفال بأسرها، فكان مما نزل منها في اختلافهم في النفل حين اختلفوا فيه: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ۖ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ سورة الأنفال: 1". "السيرة" لابن هشام (1 /666). قال عبد الله بن عباس: حدثني عمر بن الخطاب، قال: "فلما أسروا الأسارى، قال رسول الله لأبي بكر، وعمر: «ما ترون في هؤلاء الأسارى؟» فقال أبو بكر: يا نبي الله، هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله : «ما ترى يا ابن الخطاب؟» قلت: لا والله يا رسول الله، ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان نسيبا لعمر، فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوي رسول الله ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت، فإذا رسول الله وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت: يا رسول الله، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله : " أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة - شجرة قريبة من نبي الله - وأنزل الله عز وجل: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ﴾ الأنفال: 67 إلى قوله ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا﴾ الأنفال: 69 فأحل الله الغنيمة لهم". أخرجه مسلم (1763). قال ابن عباس: "أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين، على عهد رسول الله ، يأتي السهم فيرمى به فيصيب أحدهم، فيقتله - أو يضرب فيقتل -. فأنزل الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ سورة النساء: 96- 97". أخرجه البخاري (4596). روى عكرمة عن ابن عباس قال: قال النبي يوم بدر: "اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد، فأخذ أبو بكر بيده، فقال: حسبك، فخرج وهو يقول: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ سورة القمر: 45". أخرجه البخاري (3953). سمع مقسم مولى عبد الله بن الحارث ابن عباس يقول: "﴿لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ النساء: 95 عن بدر، والخارجون إلى بدر". أخرجه البخاري (3954). روى قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة. وقال قيس بن عباد: "وفيهم أنزلت: ﴿هَٰذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ﴾ سورة الحج: 19. قال: "هم الذين تبارزوا يوم بدر: حمزة، وعلي، وعبيدة، أو أبو عبيدة بن الحارث، وشيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة". أخرجه البخاري (3965). وروى قيس بن عباد عن أبي ذر رضي الله عنه قال: "نزلت: ﴿هَٰذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ﴾ سورة الحج: 19 في ربهم في ستة من قريش: علي، وحمزة، وعبيدة بن الحارث، وشيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة". أخرجه البخاري (3966). قال قيس بن عباد: قال علي رضي الله عنه: "فينا نزلت هذه الآية: ﴿هَٰذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ﴾ سورة الحج: 19". أخرجه البخاري (3967). روى عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "﴿الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً﴾ إبراهيم: 28 هم والله كفار قريش. قال عمرو: هم قريش، ومحمد نعمة الله ﴿وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾ إبراهيم: 28 قال: النار، يوم بدر". أخرجه البخاري (3977). قال ابن عباس: "نزلت هذه الآية ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ﴾ في قطيفة حمراء افتقدت يوم بدر. فقال بعض الناس: لعل رسول الله أخذها، فأنزل الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ آل عمران: 161". أخرجه الترمذي (3009) وقال: "هذا حديث حسن غريب". وهذه بعض الآيات: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُنزَلِينَ * بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ ۗ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُوا خَائِبِينَ﴾ سورة آل عمران: 123- 127 ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ۖ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ سورة الأنفال: 1 ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ * وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾ سورة الانفال: 5- 8 ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ﴾ سورة الانفال: 9- 13 ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ سورة النساء: 96- 97 ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ آل عمران: 161 ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ سورة القمر: 45 ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ﴾ سورة الحج: 19 ﴿أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ﴾ سورة إبراهيم: 28- 29 ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَّوْلَا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ سورة الانفال: 67- 69