البحث

عبارات مقترحة:

العليم

كلمة (عليم) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

المحيط

كلمة (المحيط) في اللغة اسم فاعل من الفعل أحاطَ ومضارعه يُحيط،...

المتين

كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...

فتح سمرقند

لما بلغ قتيبة بن مسلم أن الترك نقضوا الصلح الذي بينهم وبين المسلمين سار إليهم، وسيّر أخاه عبد الرحمن أمامه، وأمره أن يكتم الخبر، ثم لحق بهم، وحاصرهم شهرًا، وتقاتلوا قتالًا شديدًا حتى استنجد أهل سمرقند بملوكهم، فعند ذلك جمع الترك جيشًا كبيرًا من أشرافهم وأبطالهم، فلما وصل الخبر قتيبة قدّم ستمائة من أهل النجدة والشجاعة طليعة إليهم، فكمنوا لهم وقاتلوهم حتى أثخنوا في قتلهم، وأسروا منهم، وغنموا ما كان معهم، ثم تابع قتيبة الحصار، ونصب عليهم المجانيق فرماهم وثلم ثلمة، فدخل المقاتلين المدينة منها، فقاتلوهم واشتد القتال، فلما رأت الترك الباقون أن لا حيلة لهم بهم عرضوا على قتيبة الصلح فصالحهم، وغنموا منهم غنائم كثيرة، ولما رأى غوزك ما حل بهم رحل ومن أراد من أهلها من المدينة.

اسم المعركة

فتح سمرقند

وقتها

ذكره أهل السير والمغازي من أحداث سنة ثلاث وتسعين من الهجرة 93ه /711م، في خلافة الوليد بن عبد الملك الأموي. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (6 /472)، "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (6 /309)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (4 /47)، "البداية والنهاية" لابن كثير (9 /85)، "تاريخ ابن خلدون" (3 /79).

موقعها

في سنة ثلاث وتسعين من الهجرة كان فتح سمرقند. قال الحموي: «بلد معروف مشهور، قيل: إنّه من أبنية ذي القرنين بما وراء النهر، وهو قصبة الصّغد مبنيّة على جنوبي وادي الصغد مرتفعة عليه، قال أبو عون: سمرقند في الإقليم الرابع، طولها تسع وثمانون درجة ونصف، وعرضها ست وثلاثون درجة ونصف». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (3 /246- 247).

الطرف الأول

جيش المسلمين بقيادة قتيبة بن مسلم، ومعه أكثر من ثلاثين ألف مقاتل.

الطرف الثاني

جيش الترك بقيادة غوزك ومعه أكثر من خمسين ألف مقاتل.

سببها

كان سبب فتح سمرقند أن ملكها غوزك نقض الصلح الذي كان بينه وبين المسلمين، فإن الملك السابق طرخون قد رضي بدفع الجزية، لكن غوزك قبض عليه وسجنه حتى مات ثم نقض العهد. ولما قبض قتيبة صلح خوارزمشاه قام إليه المجشر بن مزاحم السلمي، فقال له سرًا: إن أردت الصُّغْد يومًا من الدهر فالآن، فإنهم آمنون من أن يأتيهم عامل هذا، وإنما بينك وبينهم عشرة أيام، قال: أشار عليك بهذا أحد؟ قال: لا. قال: فسمعه منك أحد؟ قال: لا. قال: والله لئن تكلم به أحد لأضربن عنقك. فلما كان الغد أمر أخاه عبد الرحمن فسار في الفرسان والرماة، وقدم الأثقال إلى مرو، فسار يومه، فلما أمسى كتب إليه قتيبة: إذا أصبحت فوجه الأثقال إلى مرو، وسر بالفرسان والرماة نحو الصغد، واكتم الأخبار، فإني في الأثر، ففعل عبد الرحمن ما أمره، وخطب قتيبة الناس وقال لهم: إن الصغد شاغرة برجلها، وقد نقضوا العهد الذي بيننا وصنعوا ما بلغكم، وإني أرجو أن يكون خوارزم والصغد كقريظة والنضير، ثم سار فأتى الصغد فبلغها بعد عبد الرحمن بثلاث أو أربع. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (6 /472)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (4 /47)، "البداية والنهاية" لابن كثير (9 /85)، "تاريخ ابن خلدون" (3 /79- 80)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 77).

أحداثها

لما بلغ قتيبة بن مسلم أن الترك نقضوا الصلح الذي بينهم وبين المسلمين، وأن الوقت أفضل وقت لغزو الترك كما أشار إليه أحد أمرائه، بعث قتيبة أخاه عبد الرحمن بن مسلم بين يديه في عشرين ألفا فسبقه إلى سمرقند، ولحقه قتيبة في بقية الجيش، وسار حتى أتى الصغد، فبلغها بعد أخيه عبد الرحمن بثلاثة أو أربعة أيام، وقدم معه أهل خوارزم وبخارى، فقاتلوهم شهرا من وجه واحد وهم يحاصرونهم، وخاف أهل الصغد طول الحصار، فكتبوا إلى الملك الشاش وخاقان وأخشاد فرغانة: إن العرب إن ظفروا بنا أتوكم بمثل ما أتونا به، فانظروا لأنفسكم ومهما كان عندكم من قوة فابذلوها، فنظروا، وقالوا: إنما نؤتى من سفلتنا، فإنهم لا يجدون كوجدنا، فانتخبوا من أولاد الملوك وأهل النجدة من أبناء المرازبة والأساورة والأبطال، وأمروهم أن يأتوا عسكر قتيبة فيبيتوه على غرة، فإنه مشغول عنه بحصار سمرقند، وولوا عليه ابنا لخاقان، فساروا. وبلغ قتيبة الخبر، فانتخب من عسكره أربعمائة، وقيل: ستمائة من أهل النجدة والشجاعة وأعلمهم الخبر، وأمرهم بالمسير إلى عدوهم، فساروا وعليهم أخاه صالح بن مسلم، فنزلوا على فرسخين من العسكر على طريق القوم، فجعل صالح له كمينين، فوقفوا لهم في أثناء الطريق، وتفرقوا ثلاث فرق، فلما مضى نصف الليل جاءهم عدوهم فباغتهم، فلما رأوا صالحا حملوا عليه، فلما اقتتلوا شد الكمينان عن يمين وشمال، فلم ير قوم كانوا أشد من أولئك، فقتلُوهم قتالًا شديدًا، فلم يفلت منهم إلا الشريد، واحتزوا رؤوسهم وغنموا ما كان معهم من الأسلحة المحلاة بالذهب والأمتعة، وأسروا منهم أسرى، وانهزموا هزيمة منكرة، وقال لهم بعض أولئك: تعلمون أنكم ما قتلتم إلا ابن ملك أو عظيما أو بطلا، كان الرجل يعد بمائة رجل، فنفلهم قتيبة جميع ما غنموه منهم من ذهب وسلاح، ثم دخلوا العسكر حين أصبحوا، فلم يأت أحد بمثل ما جئنا به من القتلى والأسرى والخيل ومناطق الذهب والسلاح، ولما رأى الصغد ذلك انكسروا. ثم تابع قتيبة حصار سمرقند، ونصب عليهم المجانيق فرماهم وثلم ثلمة، وقام رجل منهم فوقها فجعل يشتم قتيبة، رجل من المسلمين بسهم فقلع عينه حتى خرجت من قفاه. فلم يلبث أن مات قبحه الله، فأعطى قتيبة الذي رماه عشرة آلاف، فلما أصبح قتيبة أمر الناس بالجد في القتال، فقاتلوهم واشتد القتال، وأمرهم قتيبة أن يبلغوا ثلمة المدينة، فجعلوا الترسة على وجوههم وحملوا، فبلغوها ووقفوا عليها، ورماهم الصغد بالنشاب فلم يبرحوا، فلما راى أهل سمرقند ألا سبيل لهم إلا زحزحتهم عن هذه الثلمة وأن مدينتهم على وشك أن تؤخذ عنوة أرسل الصغد إلى قتيبة، فقالوا له: انصرف عنا اليوم حتى نصالحك غدا، فقال قتيبة: لا نصالحهم إلا ورجالنا على الثلمة، فانصرفوا، فصالحهم من الغد على مال جزيل يؤدونه إليه كل عام، وأن يعطوه تلك السنة ثلاثين ألف فارس، وقيل: مائة ألف فارس، وأن يخلوا المدينة لقتيبة فلا يكون لهم فيها مقاتل، فيبني فيها مسجدا، ويدخل ويصلي ويخطب ويتغدى ويخرج كلما أراد، وأن تحطم بيوت النيران وتزال الأصنام. وكان من جملة ما أصاب قتيبة في السبي جارية من ولد يزدجرد، فأهداها إلى الوليد فولدت له يزيد بن الوليد. فلما تم الصلح وأخلوا المدينة وبنوا المسجد دخلها قتيبة في أربعة آلاف انتخبهم، فدخل المسجد فصلى فيه وخطب، وأكل طعاما ثم أرسل إلى الصغد: من أراد منكم أن يأخذ متاعه فليأخذ فإني لست خارجا منها ولست آخذ منكم إلا ما صالحتكم عليه، غير أن الجند يقيمون فيها، وأُتِي بالأصنام فكانت كالقصر العظيم، وأخذ ما عليها، وأمر بها فأحرقت، فجاءه غوزك فقال: إن شكرك علي واجب، لا تتعرض لهذه الأصنام، فإن منها أصنامًا من أحرقها هلك، فقال قتيبة: أنا أحرقها بيدي، فدعا بالنار فكبر، ثم أشعلها فاحترقت، فوجدوا من بقايا مسامير الذهب المذاب من الحرق خمسين ألف مثقال، وأسقط في يد غوزك، فأمر بالانتقال عنها فانتقل، ورحل معه من أراد الرحيل من أهلها. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (6 /472- 478)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (4 /47- 49)، "البداية والنهاية" لابن كثير (9 /85- 86)، "تاريخ ابن خلدون" (3 /79- 80)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 77- 78).

نتيجتها

انتصر المسلمون وانهزم الترك، ورجع عنهم قتيبة، وصالحهم على ألفي ألف ومائة ألف يحملونها إليه في كل عام، وعلى أن يعطوه في هذه السنة ثلاثين ألف رأس فارس وقيل من الرقيق، ليس فيهم صغير ولا شيخ ولا عيب، وفي رواية مائة ألف من رقيق، وعلى أن يأخذ حلية الأصنام وما في بيوت النيران، وعلى أن يخلوا المدينة من المقاتلة حتى يبني فيها قتيبة مسجدًا، ويوضع له فيه منبر يخطب عليه، ويتغدى ويخرج. أعز الله بهذا الفتح والنصر المسلمين وأذل الكفر وأهله. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (6 /474- 475)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (4 /47- 49)، "البداية والنهاية" لابن كثير (9 /85- 86)، "تاريخ ابن خلدون" (3 /79- 80)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 77- 78).