البحث

عبارات مقترحة:

المهيمن

كلمة (المهيمن) في اللغة اسم فاعل، واختلف في الفعل الذي اشتقَّ...

البصير

(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...

العلي

كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...

معركة جزة

وفي سنة تسع عشرة ومائة من الهجرة التقى جيوش المسلمين بقيادة أَسَد بن عبد الله القسري وملك الترك خاقان في أرض جَزَّة، وحمل المسلمون على جيوش الترك، فقتلوا منهم كثيرا حتى تفرقوا في الأرض لا يلوون على أحد، فانهزم الترك وهرب خاقان، وطارد المسلمون فلول جيوشه وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وحوى المسلمون ما في عساكرهم من الأموال والغنائم، وانتهوا إلى أغنامهم، وأخذوا منها أكثر من مائة ألف وخمسين ألف رأس ودواب كثيرة.

اسم المعركة

وقعة جَزَّة.

وقتها

ذكره أهل السير والمغازي من أحداث سنة تسع عشرة ومائة من الهجرة 119ه /737م، في خلافة هشام بن عبد الملك الأموي. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (7 /113)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (4 /233)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 83).

موقعها

وقعت معركة جَزَّة على أرض جَزَّة. قال الحموي: «موضع بخراسان كانت عنده وقعة للأَسَد بن عبد الله مع خاقان، والعجم تقول كزّه». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (7 /115).

الطرف الأول

جيش المسلمين بقيادة أَسَد بن عبد الله القسري.

الطرف الثاني

جيش الترك بقيادة خاقان.

سببها

وسببها أن ملك الترك خاقان كان كثير الغدر بالمسلمين، وطالما نقض العهد، كما استمال إلى جانبه عددا من المسلمين المنشقين الطامعين، وأراد استئصال شاو المسلمين في بلاد ما وراء النهرين، ولما علم أَسَد بن عبد الله القسري أنه جمع للمسلمين وفي طريقه إليهم سار لمواجهته، ومكر خاقان بالمسلمين، وقتل منهم عددا كثيرا، وظفر بالأسرى والغنائم والأثقال، فاستعد أَسَد لمواجهته ثانية بعد هذه الهزيمة، فكانت وقعة جَزَّة. انظر: "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 83). وتفصيل ذلك كما رواه ابن الأثير: لما دخل أَسَد الختل كتب ابن السايجي إلى خاقان، وهو بنواكث، يعلمه دخول أَسَد الختل، وتفرق جنوده فيها، وأنه بحال مضيعة، فلما أتاه كتابه أمر أصحابه بالجهاز وسار، فلما أحس ابن السايجي بمجيء خاقان بعث إلى أَسَد: اخرج عن الْخُتُّل فإن خاقان قد أظلك. فشتم الرسول ولم يصدقه. فبعث ابن السايجي: إني لم أكذبك، وأنا الذي أعلمته دخولك وتفرق عسكرك، وأنها فرصة له، وسألته المدد، فإن لقيك على هذه الحال ظفر بك، وعادتني العرب أبدا ما بقيت، واستطال علي خاقان واشتدت مئونته، وقال: أخرجت العرب من بلادك، ورددت عليك ملكك. فعرف أَسَد أنه قد صدقه، فأمر بالأثقال أن تقدم، وجعل عليها إبراهيم بن عاصم العقيلي، وأخرج معه المشيخة، فسارت الأثقال ومعها أهل الصغانيان وصغان خذاه، وأقبل أَسَد من الختل نحو جبل الملح يريد [أن] يخوض نهر بلخ، وقد قطع إبراهيم بن عاصم بالسبي وما أصابوا، وأشرف أَسَد على النهر فأقام يومه، فلما كان الغد عبر النهر في مخاضة، وجعل الناس يعبرون، فأدركهم خاقان فقتل من لم يقطع النهر، وكانت المسلحة على الأزد وتميم، فقاتلوا خاقان وانكشفوا. وأقبل خاقان وظن المسلمون أنه لا يعبر إليهم النهر، فلما نظر خاقان إلى النهر أمر الترك بعبوره، فعبروه، ودخل المسلمون عسكرهم وأخذ الترك ما رأوه خارجا، وخرج الغلمان فضاربوهم بالعمد فعادوا، وبات أَسَد والمسلمون وعبأ أصحابه من الليل، فلما أصبح لم ير خاقان، فاستشار أصحابه، فقالوا له: اقبل العافية. قال: ما هذه عافية! هذه بلية! إن خاقان أصاب أمس من الجند والسلاح وما منعه اليوم منا إلا أنه قد أخبره بعض من أخذه من الأسرى بموضع الأثقال أمامنا فسار طمعا فيها. فارتحل وبعث الطلائع، فلما أمسى استشار الناس في النزول أو المسير، فقال الناس: اقبل العافية، وما عسى أن يكون ذهاب الأموال بعافيتنا وعافية أهل خراسان! ونصر بن سيار مطرق. فقال له أَسَد: ما لك لا تتكلم؟ قال: أيها الأمير خلتان كلتاهما لك، إن تسر تغث من مع الأثقال وتخلصهم، فإن انتهيت إليهم وقد هلكوا فقد قطعت مشقة لا بد من قطعها. فقبل رأيه وسار بقية يومه، ودعا أَسَد سعيدا الصغير مولى باهلة، وكان فارسا بأرض الختل، وكتب معه كتابا إلى إبراهيم يأمره بالاستعداد ويخبره بمسير خاقان إليه وقال له: لتجد السير. فطلب منه فرسه الذبوب، فقال أَسَد: لعمري لئن جدت بنفسك وبخلت عليك بالفرس إني إذا للئيم. فدفعه إليه، فأخذ معه جنيبا وسار. فلما حاذى الترك وقد ساروا نحو الأثقال طلبته طلائعهم فركب الذبوب فلم يلحقوه، فأتى إبراهيم بالكتاب. وسار خاقان إلى الأثقال، وقد خندق إبراهيم خندقا، فأتاهم وهم قيام عليه، فأمر الصغد بقتالهم فهزمهم المسلمون، وصعد خاقان تلا فجعل ينظر ليرى عورة يأتي منها، وهكذا كان يفعل، فلما صعد التل رأى خلف العسكر جزيرة دونها مخاضة فدعا بعض قواد الترك فأمرهم أن يقطعوا فوق العسكر حتى يصيروا إلى الجزيرة، ثم ينحدروا حتى يأتوا عسكر المسلمين من خلفهم، وأن يبدءوا بالأعاجم وأهل الصغانيان، وقال لهم: إن رجعوا إليكم دخلنا نحن. ففعلوا ودخلوا من ناحية الأعاجم فقتلوا صغان خذاه وعامة أصحابه وأخذوا أموالهم، ودخلوا عسكر إبراهيم فأخذوا جميع ما فيه، وترك المسلمون التعبية واجتمعوا في موضع وأحسوا بالهلاك، وإذا رهج قد ارتفع، وإذا أَسَد في جنده قد أتاهم، فارتفعت الترك عنهم إلى الموضع الذي كان فيه خاقان، وإبراهيم يعجب من كفهم وقد ظفروا وقتلوا من قتلوا وهو لا يطمع في أَسَد، وكان أَسَد قد أغذ المسير وأقبل حتى وقف على التل الذي كان عليه خاقان، وتنحى خاقان إلى ناحية الجبل، فخرج إلى أَسَد من كان بقي مع الأثقال وقد قتل منهم بشرا كثيرا، ومضى خاقان بالأسرى والجمال الموقرة والجواري، وأتى طخارستان فأقام عند جبغويه. وسار أَسَد إلى بلخ فعسكر في مرجها حتى أتى الشتاء، ثم فرق الناس في الدور ودخل المدينة، وكان الحارث بن سريج بناحية طخارستان فانضم إلى خاقان، فلما كان وسط الشتاء أخبر الحارث خاقان أنه لا نهوض بأَسَد، ولم يبق معه كثير جند، ونزل جَزَّة، فأقبل خاقان من طخارستان إلى الجوزجان وبث الغارات، فلما به أَسَد استعد لمواجهته ثانية. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (4 /233- 235).

أحداثها

لما أتى أَسَد الخبر بنزول خاقان بجَزَّة أمر بالنيران فرفعت بالمدينة، فجاء الناس من الرساتيق إليها، فأصبح أَسَد وصلى صلاة العيد، عيد الأضحى، وخطب الناس، وقال: إن عدو الله الحارث استجلب الطاغية ليطفئ نور الله ويبدل دينه، والله مذله إن شاء الله، وإن عدوكم قد أصاب من إخوانكم من أصاب، وإن يرد الله نصركم لم يضركم قلتكم وكثرتهم، فاستنصروا الله، وإن أقرب ما يكون العبد من ربه إذا وضع جبهته له، وإني نازل وواضع جبهتي، فاسجدوا له وادعوا مخلصين. ففعلوا ورفعوا رءوسهم ولا يشكون في الفتح، ثم نزل وضحى وشاور الناس في المسير إلى خاقان، قال قوم: تحفظ مدينة بلخ وتكتب إلى خالد والخليفة تستمده. وقال قوم: تأخذ في طريق زم فتسبق خاقان إلى مرو. وقال قوم: بل تخرج إليهم. فوافق هذا رأي أَسَد، وكان عزم على لقائهم، فخرج بالناس وهو في سبعة آلاف من أهل خراسان والشام، واستخلف على بلخ الكرماني بن علي، وأمره أن لا يدع أحدا يخرج من مدينتها وإن ضرب الترك بابها، ونزل بابا من أبواب بلخ، وصلى بالناس ركعتين طولهما، ثم استقبل القبلة ودعا طويلا، ثم سار وعلى مقدمته سالم بن منصور البجلي في ثلاثمائة، فلقي ثلاثمائة من الترك طليعة لخاقان، فأسر قائدهم وسبعة معه، وهرب بقيتهم، فسار أَسَد حتى شارف مدينة الجوزجان، فنزل عليها على فرسخين من خاقان، وكان قد استباحها خاقان، فلما أصبحوا تراءى العسكران، فقال خاقان للحارث بن سريج: ألم تكن أخبرتني أن أَسَدا لا حراك به وهذه العساكر قد أقبلت، من هذا؟ قال: هذا محمد بن المثنى ورايته، فبعث خاقان طليعة وقال: انظروا هل ترون على الإبل سريرا وكراسي؟ فعادوا إليه فأخبروه أنهم رأوها، فقال خاقان: هذا أَسَد. فصف أَسَد أصحابه، وعبى خاقان أصحابه، فلما التقوا حمل الحارث ومن معه من الصغد وغيرهم، وكانوا ميمنة خاقان على ميسرة أَسَد، فهزمهم فلم يردهم شيء دون رواق أَسَد، وحملت ميمنة أَسَد وهم الجوزجان والأزد وتميم عليهم، فانهزم الحارث ومن معه وانهزمت الترك جميعها، وحمل الناس جميعا فتفرق الترك في الأرض لا يلوون على أحد، فتبعهم الناس مقدار ثلاثة فراسخ يقتلون من يقدرون عليه حتى انتهوا إلى أغنامهم، وأخذوا منها أكثر من مائة ألف وخمسين ألف رأس ودواب كثيرة. وأخذ خاقان طريقا في الجبل والحارث يحميه، وسار منهزما، فقال الجوزجاني لعثمان بن عبد الله بن الشخير: إني لأعلم ببلادي وبطرقها، فهل تتبعني لعلنا نهلك خاقان؟ قال: نعم، فأخذا طريقا وسارا ومن معهما حتى أشرفوا على خاقان فأوقعوا به، فولى منهزما، فحوى المسلمون عسكر الترك وما فيه من الأموال، ووجدوا فيه من نساء العرب والموليات من نساء الترك من كل شيء، ووحل بخاقان برذونه فحماه الحارث بن سريج، ولم يعلم الناس أنه خاقان، وأراد الخصي الذي لخاقان أن يحمل امرأة خاقان فأعجلوه فقتلها، واستنقذوا من كان مع خاقان من المسلمين. وتتبع أَسَد خيل الترك التي فرقها في الغارة إلى مرو الروذ وغيرها فقتل من قدر عليه منهم ولم ينج منهم غير القليل، ورجع إلى بلخ. وكان بشر الكرماني في السرايا فيصيبون من الترك الرجل والرجلين وأكثر، ومضى خاقان إلى طخارستان وأقام عند جبغويه الخزلجي، ثم ارتحل إلى بلاد. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (4 /235- 237)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 84).

نتيجتها

انتصر المسلمون انتصاراً حاسماً، وانهزم الترك، وفرّ خاقان، وحوى المسلمون ما في عساكرهم من الأموال والغنائم، وانتهى المسلمون إلى أغنامهم، وأخذوا منها أكثر من مائة ألف وخمسين ألف رأس ودواب كثيرة. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (4 /236)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 84).