البحث

عبارات مقترحة:

الخالق

كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...

الأكرم

اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...

المؤمن

كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...

فتح هرقلية

وفي سنة تسعين ومائة من الهجرة في شوال غزا هارون الرشيد هِرَقْلَة ونصب عليها المجانيق وأخربها، وكان سبب مسيره إليها ما كان من غدر نَقْفُور له سنة سبع وثمانين ومائة، فتوجه إليها في مائة ألف وخمسة وثلاثين ألفا من المقاتلة ويزيدون، فحاصرها ثلاثين يوما، وسبى من أهلها ستة عشر ألفا، حتى استأمنته أهلها، ونزل الروم عن حصونهم لحكمه، ثم صالحه نَقْفُور وبعث إليه بالطاعة وحمل الخراج والجزية، واشترط عليه الرشيد أن يحمل في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار، وأن لا يعمر هِرَقْلَة.

اسم المعركة

فتح هِرَقْلَة.

وقتها

ذكره أهل السير والمغازي من أحداث سنة تسعين ومائة من الهجرة 190ه /805م، في شوال، في خلافة هارون الرشيد العباسي. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (8 /320)، "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (9 /180)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (5 /370)، "البداية والنهاية" لابن كثير (10 /203).

موقعها

استعد الرشيد لغزو نَقْفُور وهو في أرض هِرَقْلَة، وهي أوثق حصون الروم وأمنعها. قال الحموي: «مدينة ببلاد الروم، سمّيت بهِرَقْلَة بنت الروم بن اليفز بن سام بن نوح، عليه السّلام، وكان الرشيد غزاها بنفسه ثم افتتحها عنوة بعد حصار وحرب شديد ورمي بالنار والنفط حتى غلب أهلها». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (5 /398).

الطرف الأول

جيش المسلمين بقيادة الخليفة هارون الرشيد.

الطرف الثاني

جيش الروم بقيادة نَقْفُور.

سببها

وكان سبب هذا الفتح أن الروم كانوا ملكوا امرأة لم يكن بقي في زمانها من أهل المملكة غيرها، فكانت تكتب إلى المهدي والهادي والرشيد بالتبجيل والتعظيم، وتهدي لهم، حتى بلغ ابنها، فجاءه المُلْك دونها، وعاث وأفسد وتغير على الرشيد، فخافت على مُلْك الروم أن يذهب، لعلمها بسطوة الرشيد، فسملت عيني ابنها، فبطل ملكه، وعاد إليها، فعظم ذلك عند أهل مملكتها وأبغضوها، فخرج عليها نَقْفُور فأعانوه وعضدوه، وقام بأمر الملك، وكتب إلى الرشيد: من نَقْفُور ملك الروم إلى الرشيد ملك العرب، أما بعد: فإن هذه المرأة كانت وضعتك وأباك وأخاك موضع الملوك، وإني واضعك بغير ذلك الموضع، وعامل على تطرق بلادك، والهجوم على أمصارك، أو تؤدي إلي ما كانت المرأة تؤدي إليك، والسلام. فلما ورد الكتاب على الرشيد كتب جواب كتابه يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله هارون أمير المؤمنين إلى نَقْفُور كلب الروم، جوابك عندي ما تراه عيانا، لا ما تسمعه، وكانوا قد تكاتبوا نحو هذا في سنة سبع وثمانين. انظر: "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (9 /180)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 87).

أحداثها

بعد غدر نَقْفُور لهارون الرشيد جمع جيشا كبيرا، وتوجه إلى بلاد الروم في مائة ألف وخمسة وثلاثين ألفا من المرتزقة سوى الأتباع، فدخل بلاد الروم، فجعل يقتل ويسبي ويغنم ويعفي الآثار ويخرب الحصون، حتى نزل على هِرَقْلَة، وهي أوثق حصن وأمنعه، فتحصن أهلها، وكان لها خندق يطيف بها، فلما ألح عليهم الرشيد بالسهام والمجانيق والعرادات، ففتح الباب يوما رجل منهم وخرج في أكمل زي وسلاح، فنادى: هل من مبارز؟ قد طالت مرافقتكم إيانا، فليبرز إلي منكم رجلان، ثم لم يزل يزيد حتى بلغ عشرين، فلم يجبه أحد، فدخل وأغلق الباب، وكان الرشيد نائما، فلم يعلم بخبره إلا بعد انتباهه، فغضب ولام خدمه إذ لم يعلموه، فقيل له: إن الامتناع عنه سيغريه ويطغيه، وهو يخرج في غد فيطلب مثل ما طلب، فطالت على الرشيد ليلته انتظارا له، فإذا هو بالباب قد فتح، وخرج طالبا للبراز، فجعل يدعي أنه يثبت لعشرين، فقال الرشيد: من له؟ فابتدر جماعة من القواد كهزيمة وخزيمة، فعزم على إخراج المطوعة بعضهم، فضج المطوعة، فإذا بعشرين منهم، فقال قائلهم: يا أمير المؤمنين، قوادك مشهورون بالبأس، ومتى خرج واحد منهم فقتل هذا العلج لم يكبر ذلك، وإن قتله العلج كانت وصمة على العسكر قبيحة، ونحن عامة لا يرتفع لأحد منا صوت، فإن رأى أمير المؤمنين أن يخلينا نختار رجلا من العامة فنخرجه إليه، فإن ظفر علم أهل الحصن أن أمير المؤمنين ظفر بأعرفهم على يد رجل من العامة، ليس ممن يؤمن قتله ولا يؤثر، وإن قتل الرجل كان شهيدا ولم يؤثر دما. فقال الرشيد: قد استصوبت رأيكم، فاختاروا رجلا منكم، فاختاروا رجلا يقال له: ابن الجزري، وكان معروفا بالبأس والنجدة، فقال له الرشيد: أتخرج؟ قال: نعم، واستعين بالله، وأمده الرشيد بالسلاح والمركب، فلبس سلاحه واستدناه الرشيد وودعه وأتبعه الدعاء، وخرج معه عشرون من المطوعة، فلما انقض في الوادي قال لهم العلج وهو يعدهم واحدا واحدا: إنما الشرط عشرون وقد زدتم رجلا، ولكن لا بأس، فنادوه: ليس يخرج إليك إلا رجل واحد، فلما فصل منهم ابن الجزري تلقاه الرجل الرومي وقد أشرف أكثر الناس من الحصن يتأملون صاحبهم والقرن، حتى ظن أنه لم يبق أحد في الحصن إلا أشرف، فقال الرومي: أتصدقني عما استخبرك؟ قال: نعم، قال: أنت بالله ابن الجزري، قال: اللهم نعم. فكفر له، ثم أخذا في شأنهما فاطعنا حتى طال الأمر بينهما، وكان الفرسان يقومان ولم نجد من واحد منهما صاحبه، ثم تجالدا بالسيوف، وجعل ابن الجزري يضرب الضربة التي يرى أنه قد بلغ فيها، فيتقيها الرومي، وكان ترسه حديدا، فيسمع لذلك صوت منكر، ويضربه الرومي ضرب مغدر، وكان ترس ابن الجزري درقة، فلما يئس كل واحد منهما من صاحبه انهزم ابن الجزري، فدخلت المسلمين كآبة لم يكتئبوا مثلها قط، وعطعط المشركون، ثم اتبعه العلج، فالتفت ابن الجزري، فرمى العلج بوهق فوقع في عنقه، وركض إليه فاستلبه عن فرسه، ثم عطف عليه، فما وصل إلى الأرض حتى فارقه رأسه، فكبر المسلمون وانخذل المشركون، وبادروا الباب يغلقونه، وإنما كانت هزيمة ابن الجزري حيلة منه. واتصل الخبر بالرشيد فقال للقواد: اجعلوا النار في المجانيق، فتهافت السور، ففتحوا الباب مستأمنين، وصبت الأموال على ابن الجزري، فلم يقبل النقود، وسأل أن يعفى ويترك بمكانه من الثغر، فلم يزل به طول عمره. وكان فتح هِرَقْلَة في شوال، وأخربها وسبى من أهلها ستة عشر ألفا، فأقدمهم الرافقة، فتولى بيعهم أبو البختري القاضي. انظر: "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (9 /180- 182)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 87- 88). وصالح نَقْفُور الرشيد وبعث إليه بالخراج والجزية، عن رأسه وولي عهده وبطارقته وسائر أهل بلده خمسين ألف دينار، منها عن رأسه أربعة دنانير، وعن رأس ابنه استبراق دينارين وكتب نَقْفُور مع بطريقين من عظماء بطارقته في جارية من سبي هِرَقْلَة كتابا نسخته: لعبد الله هارون أمير المؤمنين من نَقْفُور ملك الروم سلام عليكم، اما بعد ايها الملك، فان لي إليك حاجة لا تضرك في دينك ولا دنياك، هينه يسيرة، أن تهب لابني جارية من بنات أهل هِرَقْلَة، كنت قد خطبتها على ابني، فإن رأيت أن تسعفني بحاجتي فعلت والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، واستهداه أيضا طيبا وسرادقا من سرادقاته، فأمر الرشيد بطلب الجارية، فأحضرت وزينت وأجلست على سرير في مضربه الذي كان نازلا فيه، وسلمت الجارية والمضرب بما فيه من الآنية والمتاع إلى رسول نَقْفُور، وبعث إليه بما سأل من العطر، وبعث إليه من التمور والأخبصة والزبيب والترياق، فسلم ذلك كله إليه رسول الرشيد، فأعطاه نَقْفُور وقر دراهم إسلامية على برذون كميت كان مبلغه خمسين ألف درهم، ومائة ثوب ديباج ومائتي ثوب بزيون، واثني عشر بازيا، وأربعة أكلب من كلاب الصيد، وثلاثة براذين، وكان نَقْفُور اشترط ألا يخرب ذا الكلاع ولا صمله ولا حصن سنان، واشترط الرشيد عليه ألا يعمر هِرَقْلَة، وعلى أن يحمل نَقْفُور ثلاثمائة ألف دينار. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (8 /321- 322)، "البداية والنهاية" لابن كثير (10 /203)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 88).

نتيجتها

فتح الله على المسلمين هرقلة بعد حصار وقتال دام شهرا، ونزل الروم عن حصونهم وفتحوا الباب مستأمنين، وكان الرشيد قد سبى من أهلها ستة عشر ألفا، ثم صالحه نَقْفُور وبعث إليه بالطاعة وحمل الخراج والجزية، واشترط عليه الرشيد أن يحمل في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار، وأن لا يعمر هِرَقْلَة. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (8 /322)، "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (9 /182)، "البداية والنهاية" لابن كثير (10 /203)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 88).