البحث

عبارات مقترحة:

الوتر

كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...

الآخر

(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

الرب

كلمة (الرب) في اللغة تعود إلى معنى التربية وهي الإنشاء...

فتح عكا ونهاية الصليبيين

سار السلطان الملك الأشرف خليل بن المنصور قلاوون أوّل سنة تسعين وستمائة لحصار عَكّا، فجهز العساكر واستنفر أهل الشام وخرج من القاهرة فأغذ السير إلى عَكّا، ووافاه بها أمراء الشام والمظفر بن المنصور صاحب حماة، فحاصرها ورماها بالمجانيق، فهدم كثير من أبراجها، وتلاها المقاتلة لاقتحامها فرشقوهم بالسهام، وزحفوا في كنها وردموا الخندق بالتراب، فحمل كل واحد منهم ما قدر عليه حتى طموه، وانتهوا إلى الأبراج المتهدّمة فألصقوها بالأرض، واقتحموا البلد من ناحيتها، واستلحموا من كان فيها، وأكثروا القتل والنهب، ونجا الجفل من العدوّ إلى أبراجها الكبار التي بقيت ماثلة، فحاصرها عشرًا آخر، ثم اقتحمها عليهم، فاستوعبهم السيف، وطلع المسلمون على الأسوار مع طلوع الشمس، ونصبت السناجق الإسلامية فوق أسوار البلد، فولت الفرنج عند ذلك الأدبار، وركبوا هاربين في مراكب التجار، وقتل منهم عدد لا يعلمه إلا الله تعالى، وغنموا من الأمتعة والرقيق والبضائع شيئا كثيرا جدا، وأمر السلطان بهدم عَكّا وتخريبها، بحيث لا ينتفع بها بعد ذلك، فيسر الله فتحها نهار جمعة، كما أخذتها الفرنج من المسلمين في يوم الجمعة، وسلمت صور وصيدا قيادتهما إلى الأشرف، فاستوثق الساحل للمسلمين، وتنظف من الكافرين، وبلغ الفرنج بصور وصيدا وعتلية وحيفا الخبر بفتح عَكّا، فأجفلوا عنها وتركوها خاوية، وتسلمها السلطان بغير قتال، ومرّ السلطان بها وأمر بهدمها فهدمت جميعا، وانكف راجعا إلى دمشق.

اسم المعركة

فتح عَكّا.

وقتها

ذكره أهل السير والمغازي من أحداث سنة تسعين وستمائة من الهجرة 690ه /1291م، نزل الجيوش على عَكّا يوم الخميس رابع ربيع الآخر، وكان الفتح يوم الجمعة سابع عشر من جمادى الأولى، في خلافة. انظر: "تاريخ الإسلام" للذهبي (15 /432)، "البداية والنهاية" لابن كثير (13 /320)، "تاريخ ابن خلدون" (5 /424).

موقعها

عَكّا. قال الحموي: «اسم بلد على ساحل بحر الشام من عمل الأردن، وهي من أحسن بلاد الساحل في أيامنا هذه وأعمرها، قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر البناء البشاري: عكة مدينة حصينة كبيرة الجامع، فيه غابة زيتون يقوم بسرجه وزيادة». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (4 /143).

الطرف الأول

جيش المسلمين بقيادة السلطان الملك الأشرف خليل بن المنصور قلاوون، وسانده أمراء الشام والمظفر بن المنصور صاحب حماة.

سببها

وسبب هذه المعركة أن أهل عَكّا في هذا الحين كانوا عدوا على من عندهم من تجار المسلمين، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، كما أن السلطان الملك الأشرف خليل بن المنصور قلاوون لمّا استقرّ فِي المُلك اهتمّ بإتمام ما شرع فِيهِ والدُه من قصْد عكّا. انظر: "تاريخ الإسلام" للذهبي (15 /432)، "البداية والنهاية" لابن كثير (13 /320)، "تاريخ ابن خلدون" (5 /424).

أحداثها

جاء البريد إلى دمشق في مستهل ربيع الأول لتجهيز آلات الحصار لعَكّا، ونودي في دمشق الغزاة في سبيل الله إلى عَكّا، وقد كان أهل عَكّا في هذا الحين عدوا على من عندهم من تجار المسلمين فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأبرزت المناجيق إلى ناحية الجسورة، وخرجت العامة والمتطوعة يجرون في العجل حتى الفقهاء والمدرسين والصلحاء، وتولى ساقها الأمير علم الدين الدويدارى، وخرجت العساكر بين يدي نائب الشام، وخرج هو في آخرهم، ولحقه صاحب حماة الملك المظفر، وخرج الناس من كل صوب، واتصل بهم عسكر طرابلس، وركب السلطان الملك الأشرف خليل بن المنصور قلاوون من الديار المصرية بعساكره قاصدا عَكّا، فتوافت الجيوش هنالك، فنزلها يوم الخميس رابع ربيع الآخر، ونصبت عليها المناجيق من كل ناحية يمكن نصبها عليها، واجتهدوا غاية الاجتهاد في محاربتها والتضييق على أهلها، واجتمع الناس بالجوامع لقراءة صحيح البخاري، فقرأه الشيخ شرف الدين الفزاري، فحضر القضاة والفضلاء والأعيان. وفي أثناء محاصرة عَكّا وقع تخبيط من نائب الشام حسام الدين لاجين، فتوهم أن السلطان يريد مسكه، وكان قد أخبره بذلك الأمير الذي يقال له أبو خرص، فركب هاربا فرده علم الدين الدويدارى بالمساء به، وجاء به إلى السلطان فطيب قلبه وخلع عليه ثم أمسكه بعد ثلاثة أيام، وبعثه إلى قلعة صفد واحتاط على حواصله، ورسم على أستاذ داره بدر الدين بكداش، وجرى ما لا يليق وقوعه هنالك، إذ الوقت وقت عسر وضيق وحصار. وصمم السلطان على الحصار، ثم زحف يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولى، فحاصرها ورماها بالمجانيق، فهدم كثير من أبراجها وتلاها المقاتلة لاقتحامها فرشقوهم بالسهام، وزحفوا في كنها وردموا الخندق بالتراب، فحمل كل واحد منهم ما قدر عليه حتى طموه، وانتهوا الى الأبراج المتهدّمة فألصقوها بالأرض، واقتحموا البلد من ناحيتها واستلحموا من كان فيها وأكثروا القتل والنهب، ونجا الفل من العدوّ الى ابراجها الكبار التي بقيت ماثلة، فحاصرها عشرا آخر ورتب الكوسات ثلاثمائة حمل، ودقت الكوسات جملة واحدة عند طلوع الشمس، وطلع المسلمون على الأسوار مع طلوع الشمس، ونصبت السناجق الإسلامية فوق أسوار البلد، فولت الفرنج عند ذلك الأدبار، وركبوا هاربين في مراكب التجار، وقتل منهم عدد لا يعلمه إلا الله تعالى، وغنموا من الأمتعة والرقيق والبضائع شيئا كثيرا جدا، وأمر السلطان بهدم عَكّا وتخريبها، بحيث لا ينتفع بها بعد ذلك، فيسر الله فتحها نهار جمعة، كما أخذتها الفرنج من المسلمين في يوم الجمعة، وسلمت صور وصيدا قيادتهما إلى الأشرف، فاستوثق الساحل للمسلمين، وتنظف من الكافرين، ﴿فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ الأنعام: 45. وجاءت البطاقة إلى دمشق بالفتح والنصر، ففرح المسلمون، ودقت البشائر في سائر الحصون، وزينت البلاد ليتنزه فيها الناظرون والمتفرجون، وأرسل السلطان إلى صور أميرا فهدم أسوارها وعفا آثارها، وقد كان لها في أيدي الفرنج من سنة ثمان عشرة وخمسمائة، وقد كان الملك الناصر يوسف بن أيوب أخذها من أيدي الفرنج، ثم إن الفرنج جاءوا فأحاطوا بها بجيوش كثيرة، ثم جاء صلاح الدين ليمانعهم عنها مدة سبعة وثلاثين شهرا، ثم آخر ذلك استملكوها وقتلوا من كان فيها من المسلمين. ثم إن السلطان الملك الأشرف سار من عَكّا قاصدا دمشق في أبهة الملك وحرمة وافرة، وفي صحبته وزيره ابن السلعوس والجيوش المنصورة، وفي هذا اليوم استناب بالشام الأمير علم الدين سنجر الشجاعي، وفوض إليه أن يطلق من الخزانة ما يريد من غير مشاورة ولا مراجعة، وأرسله السلطان إلى صيدا، ففتحه ودقت البشائر بسببه، ثم عاد سريعا إلى السلطان فودعه، وسار السلطان نحو الديار المصرية في أواخر رجب، وبعثه إلى بيروت ليفتحها فسار إليها ففتحها في أقرب وقت، وسلمت عثلية وأنطرطوس وجبيل، ولم يبق بالسواحل ولله الحمد معقل للفرنج إلا بأيدي المسلمين، وأراح الله منهم البلاد والعباد. انظر: "تاريخ الإسلام" للذهبي (15 /432)، "البداية والنهاية" لابن كثير (13 /320- 321)، "تاريخ ابن خلدون" (5 /423- 424).

نتيجتها

كانت النصرة ولله الحمد للإسلام وأهله، فهزمهم المسلمون هزيمة هائلة، وولت الفرنج الأدبار، وطلع المسلمون على الأسوار مع طلوع الشمس، ونصبت السناجق الإسلامية فوق أسوار البلد، وركبوا هاربين في مراكب التجار، وقتل منهم عدد لا يعلمه إلا الله تعالى، وغنموا من الأمتعة والرقيق والبضائع شيئا كثيرًا جِدًّا، وأمر السلطان بهدم عَكّا وتخريبها، بحيث لا ينتفع بها بعد ذلك، فيسر الله فتحها نهار جمعة، كما أخذتها الفرنج من المسلمين في يوم الجمعة، فاستوثق الساحل للمسلمين، وتنظف من الكافرين، وجاءت البطاقة إلى دمشق بالفتح والنصر، ففرح المسلمون، ودقت البشائر في سائر الحصون، وزينت البلاد ليتنزه فيها الناظرون والمتفرجون. لما بلغ الفرنج بصور وصيدا وعتلية وحيفا الخبر بفتح عَكّا أجفلوا عنها وتركوها خاوية، وتسلمها السلطان بغير قتال، ومرّ السلطان بها وأمر بهدمها فهدمت جميعا، وانكف راجعا إلى دمشق.