البحث

عبارات مقترحة:

العفو

كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...

الحكيم

اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...

الحسيب

 (الحَسِيب) اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على أن اللهَ يكفي...

الْفَسَاد


من معجم المصطلحات الشرعية

عدم ترتب الآثار المقصودة من العقد، أو العبادة، ونحوهما من التصرفات عليها . وهو يساوي البطلان عند الجمهور خلافاً للحنفية . مثل وصف عقد البيوع الربوية بالفساد، ووصف العبادة مع تخلف شرطها بالفساد .


انظر : بدائع الصنائع للكاساني، 5/299، مختصر الروضة للطوفي، ص :٣١، المنهاج في ترتيب الحجاج للباجي، ص :13، شرح الكوكب المنير لابن النجار، 1/473.

تعريفات أخرى

  • هو العمل المشروع بأصله دون وصفه، وينبغي تصحيحه . ومن أمثلته بيع الصغير فاسد غير باطل عند الحنفية؛ لإمكان اصلاحه بإجازة العقد، وإصلاحه من ولي الصغير

من موسوعة المصطلحات الإسلامية

التعريف اللغوي

الفَسادُ: التَّلَفُ والخَلَلُ، يُقال: فَسَدَ الطَّعامُ، يَفْسُدُ ويَفْسِدُ، وفَسُدَ فَساداً، فهو فاسِدٌ، أيْ: تَلِفَ ولَحِقَهُ خَلَلٌ. وضِدُّه: الصَّلاحُ والصِّحَّةُ، وكُّلُّ تَغَيُّرٍ مِن الحالَةِ السَّلِيمَةِ إلى الحالَةِ الضَّعِيفَةِ فهو فَسادٌ، سَواءً كان مَعْنَوِيّاً كالبَيْعِ، أو حِسِّيّاً كالطَّعامِ. وأَصْلُه: الخُرُوجُ عن الاِعْتِدالِ، يُقال: فَسَدَ الكَلامُ، أيْ: خَرَجَ عن حَدِّهِ. ويأْتي بِمعنى البُطْلانِ، ومنه: آراءٌ فاسِدَةٌ، أيْ: باطِلَةٌ. ومِنْ مَعانِيه أيضاً: النَّقْضُ، والمَرَضُ، والاِضْطِرابُ، والخَرابُ، والضَّرَرُ.

إطلاقات المصطلح

يَرِد مُصْطلَح (فَساد) في الفقه في مَواضِعَ كَثِيرَةٍ جِدّاً، منها: كتاب الصَّلاةِ، باب: شُروط الصَّلاةِ، وكتاب الحَجِّ، باب: صِفَة الحَجِّ، وكتاب النِّكاحِ، باب: شُروط النِّكاح، وكتاب البُيوعِ، باب: شُروط البَيْعِ، وغَيْر ذلك مِن الأبواب. ويُطْلَق في كتاب الرَّهْنِ، باب: الاِنْتِفاع بِالرَّهْنِ، وفي كتاب الوَقْفِ، وكتاب الأَطْعِمَةِ، وغير ذلك، ويُراد به: تَلَفُ الشَّيْءِ وزَوالُهُ.

جذر الكلمة

فسد

المعنى الاصطلاحي

مُخالَفَةُ الفِعْلِ لِلشَّرْعِ وعَدَمُ تَرَتُّبِ الأَثَرِ المَقْصُودِ مِنْهُ.

الشرح المختصر

الفَسادُ: هو صِفَةُ الفِعْلِ الذي يَقَعُ مُخالِفاً لِلشَّرْعِ بِسَبَبِ عَدَمِ وُجودِ شَرْطٍ أو رُكْنٍ مِنْ أَرْكانِهِ، أو لِوُجودِ مانِعٍ مِن المَوانِعِ، سَواءً كان ذلك قَوْلاً أو عَمَلاً، وسَواءً كان ذلك في العِباداتِ كالصَّلاةِ والصِّيامِ، أو في المُعامَلاتِ كالبَيْعِ والإِجارَةِ، فمَثَلاً: الصَّلاةُ تكونُ فاسِدَةً إذا لم يُوجَد فيها شَرْطٌ مِنْ شُروطِها كالطَّهارَةِ، أو يكونُ هناك مانِعٌ كالحَيْضِ، والبَيْعُ يكونُ فاسِداً إذا لم يُوجَد شَرْط التَّراضِي بين العاقِدَيْنِ، أو عند وُجودِ مانِعٍ كَبَيْعِ الصَّغِيرِ. والمُرادُ بِالأَثَرِ: ما عُقِدَ لأَجْلِهِ العَقْدُ أو فُعِلَتْ مِنْ أَجْلِهِ العِبادَةُ؛ فَأَثَرُ البَيْعِ: حُصولُ التَّمَلُّكِ والتَّصَرُّفُ في السِّلْعَةِ، وأَثَرُ الصَّلاةِ: حُصولُ الثَّوابِ وإِسْقاطُ المُطالَبَةِ بها.

التعريف اللغوي المختصر

الفَسادُ: التَّلَفُ والخَلَلُ، وضِدُّه: الصَّلاحُ والصِّحَّةُ. وأَصْلُه: الخُرُوجُ عن الاِعْتِدالِ.

التعريف

عدم ترتب الآثار المقصودة من العقد، أو العبادة، ونحوهما من التصرفات عليها. وهو يساوي البطلان عند الجمهور خلافاً للحنفية.

المراجع

* العين : (7/231)
* تهذيب اللغة : (12/257)
* مقاييس اللغة : (4/503)
* المحكم والمحيط الأعظم : (8/458)
* القاموس المحيط : (ص 306)
* لسان العرب : (3/335)
* الحدود الأنيقة والتعريفات الدقيقة : (ص 74)
* المستصفى : (1/318)
* البحر المحيط في أصول الفقه : (1/320)
* التعريفات الفقهية : (ص 168)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 345)
* القاموس الفقهي : (ص 285)
* الشامل في حدود وتعريفات مصطلحات علم الأصول : (1/340) -

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - الْفَسَادُ فِي اللُّغَةِ: نَقِيضُ الصَّلاَحِ، وَخُرُوجُ الشَّيْءِ عَنْ الاِعْتِدَال، قَلِيلاً كَانَ الْخُرُوجُ أَوْ كَثِيرًا، يُقَال: فَسَدَ اللَّحْمُ: أَنْتَنَ، وَفَسَدَتِ الأُْمُورُ: اضْطَرَبَتْ، وَفَسَدَ الْعَقْدُ: بَطَل (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: عَرَّفَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ الْفَسَادَ بِأَنَّهُ: مُخَالَفَةُ الْفِعْل الشَّرْعَ بِحَيْثُ لاَ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الآْثَارُ، وَلاَ يَسْقُطُ الْقَضَاءُ فِي الْعِبَادَاتِ.
وَعَرَّفَ الْحَنَفِيَّةُ الْفَاسِدَ بِأَنَّهُ مَا شُرِعَ بِأَصْلِهِ دُونَ وَصْفِهِ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الصِّحَّةُ:
2 - الصِّحَّةُ فِي اللُّغَةِ ضِدُّ السَّقَمِ وَالْمَرَضِ، وَقَدِ اسْتُعِيرَتِ الصِّحَّةُ لِلْمَعَانِي، يُقَال: صَحَّتِ الصَّلاَةُ إِذَا سَقَطَ بِهَا وُجُوبُ الْقَضَاءِ، وَيُقَال: صَحَّ الْعَقْدُ إِذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَثَرُهُ (3) . وَلاَ يَخْتَلِفُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ
، فَالصِّحَّةُ وَالْفَسَادُ مُتَبَايِنَانِ.

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
3 - فَسَادُ التَّصَرُّفِ يُحَرِّمُهُ وَيُؤَثَّمُ فَاعِلُهُ إِذَا عَلِمَ بِفَسَادِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي الْعِبَادَاتِ، كَالصَّلاَةِ بِدُونِ طَهَارَةٍ، وَالأَْكْل فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، أَمْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمُعَامَلاَتِ، كَبَيْعِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، وَالاِسْتِئْجَارِ عَلَى الْغِنَاءِ الْمُحَرَّمِ وَالنَّوْحِ، وَكَرَهْنِ الْخَمْرِ عِنْدَ الْمُسْلِمِ وَلَوْ كَانَتْ لِذِمِّيٍّ وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ، أَمْ كَانَ فِي النِّكَاحِ، كَنِكَاحِ مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ.
وَفَسَادُ الْبَيْعِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَإِنْ كَانَ يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ إِلاَّ أَنَّ الإِْقْدَامَ عَلَيْهِ حَرَامٌ، وَيَجِبُ فَسْخُهُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى؛ لأَِنَّ فِعْلَهُ مَعْصِيَةٌ، فَعَلَى الْعَاقِدِ التَّوْبَةُ مِنْهُ بِفَسْخِهِ (4) . فَسَادُ الْعِبَادَةِ:
4 - تَفْسُدُ الْعِبَادَةُ بِأُمُورٍ مِنْهَا:
أ - تَرْكُ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْعِبَادَةِ، كَتَرْكِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ، أَوِ الطَّهَارَةِ، أَوِ اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ فِي الصَّلاَةِ. 0 وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (صَلاَةٌ ف 115 وَمَا بَعْدَهَا) .
وَكَتَرْكِ الطَّهَارَةِ مِنَ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ فِي الطَّوَافِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (طَوَافٌ ف 22) .

ب - تَرْكُ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْعِبَادَةِ، وَذَلِكَ كَتَرْكِ النِّيَّةِ، أَوْ تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ فِي الصَّلاَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، أَوِ الْقِيَامِ فِي الْفَرْضِ لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (صَلاَةٌ ف 16 - 18) .
وَكَتَرْكِ الإِْمْسَاكِ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ فِي الصَّوْمِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (صَوْمٌ ف 24) .

ج - ارْتِكَابُ فِعْلٍ مِنَ الأَْفْعَال الَّتِي تُفْسِدُ الْعِبَادَةَ، وَذَلِكَ كَالأَْكْل وَالشُّرْبِ فِي الصَّلاَةِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (صَلاَةٌ ف 107 - 114) .
وَكَالأَْكْل وَالشُّرْبِ عَمْدًا فِي الصَّوْمِ.وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (صَوْمٌ ف 32 - 39) .
وَمِثْل ذَلِكَ الْجِمَاعُ فِي الاِعْتِكَافِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (اعْتِكَافٌ ف 27) .

د - رَفْضُ نِيَّةِ الْعِبَادَةِ فِي أَثْنَاءِ الْقِيَامِ بِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ: رَفْضُ نِيَّةِ الصَّلاَةِ فِي أَثْنَائِهَا بِأَنْ قَطَعَ النِّيَّةَ أَوْ عَزَمَ عَلَى قَطْعِهَا.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (رَفْضٌ ف 6)

هـ - مُخَالَفَةُ النَّهْيِ الْوَارِدِ عَلَى ذَاتِ الْفِعْل أَوْ عَلَى الْوَصْفِ الْمُلاَزِمِ لِلْفِعْل؛ لأَِنَّهُ يَدُل عَلَى الْفَسَادِ فِي الْجُمْلَةِ، كَالنَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ.
أَمَّا النَّهْيُ الْوَارِدُ عَلَى الْوَصْفِ الْمُجَاوِرِ لِلْفِعْل، كَالنَّهْيِ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، فَلاَ يُفِيدُ الْفَسَادَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَلَكِنَّهُ يُفِيدُ الْفَسَادَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (5) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (نَهْي) وَالْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.

أَثَرُ فَسَادِ الْعِبَادَةِ:
5 - فَسَادُ الْعِبَادَةِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عِدَّةُ آثَارٍ، مِنْهَا: أ - بَقَاءُ انْشِغَال الذِّمَّةِ بِالْعِبَادَةِ (6) إِلَى أَنْ تُؤَدَّى، إِنْ كَانَتِ الْعِبَادَةُ لَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مُحَدَّدٌ كَالزَّكَاةِ، وَعَبَّرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِيهَا بِالإِْعَادَةِ (7) .
أَوْ تُقْضَى إِنْ كَانَتِ الْعِبَادَةُ لاَ يَتَّسِعُ وَقْتُهَا لِمِثْلِهَا كَرَمَضَانَ، أَوْ تُعَادُ إِنْ كَانَ وَقْتُهَا يَتَّسِعُ لِغَيْرِهَا مَعَهَا كَالصَّلاَةِ، فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ كَانَتْ قَضَاءً (8) ، أَوْ يُؤْتَى بِالْبَدَل كَالظُّهْرِ لِمَنْ فَسَدَتْ جُمُعَتُهُ (9) .
ب - الْعُقُوبَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ فِي بَعْضِ الْعِبَادَاتِ، كَالْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ الإِْفْطَارَ بِالْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ (10) .
ج - عَدَمُ الْمُضِيِّ فِي الْفَاسِدِ إِلاَّ فِي الصِّيَامِ وَالْحَجِّ، إِذْ يَجِبُ الإِْمْسَاكُ فِي الصَّوْمِ، وَالْمُضِيُّ فِي الْحَجِّ الْفَاسِدِ، مَعَ الْقَضَاءِ فِيهِمَا (11) .
د - قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى فَسَادِ الْعِبَادَةِ فَسَادُ عِبَادَةٍ أُخْرَى، كَالْوُضُوءِ يَفْسُدُ بِفَسَادِ الصَّلاَةِ بِالْقَهْقَهَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (12) .
هـ - حَقُّ اسْتِرْدَادِ الزَّكَاةِ إِذَا أُعْطِيتْ لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ لَهَا فِي بَعْضِ الأَْحْوَال (13) .
وَتَفْصِيل كُل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحَاتِهِ.

أَسْبَابُ الْفَسَادِ فِي الْمُعَامَلاَتِ:
6 - لاَ يُفَرِّقُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بَيْنَ الْفَسَادِ وَالْبُطْلاَنِ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي الْعِبَادَاتِ كَالصَّلاَةِ بِدُونِ طَهَارَةٍ، أَمْ فِي النِّكَاحِ كَنِكَاحِ الْمَحَارِمِ، أَمْ فِي عُقُودِ الْمُعَامَلاَتِ كَبَيْعِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَالْبَيْعِ بِالْخَمْرِ - ذَلِكَ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْفَسَادِ وَالْبُطْلاَنِ يَدُلاَّنِ عَلَى أَنَّ الْفِعْل وَقَعَ عَلَى خِلاَفِ مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْتَبِرْهُ وَلَمْ يُرَتِّبْ عَلَيْهِ الأَْثَرَ الَّذِي رَتَّبَهُ عَلَى الْفِعْل الصَّحِيحِ، وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ.
وَأَسْبَابُ الْفَسَادِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ هِيَ أَسْبَابُ الْبُطْلاَنِ، وَهِيَ تَرْجِعُ إِلَى الْخَلَل الْوَاقِعِ فِي رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْفِعْل، أَوْ فِي شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ، أَوْ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنِ الْوَصْفِ الْمُلاَزِمِ لِلْفِعْل، أَوْ عَنِ الْوَصْفِ الْمُجَاوِرِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (14) . يَقُول ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ: أَسْبَابُ الْفَسَادِ الْعَامَّةُ فِي الْبَيْعِ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهَا: تَحْرِيمُ عَيْنِ الْمَبِيعِ، وَالثَّانِي: الرِّبَا، وَالثَّالِثُ: الْغَرَرُ، وَالرَّابِعُ: الشُّرُوطُ الَّتِي تَئُول إِلَى أَحَدِ هَذَيْنِ أَوْ لِمَجْمُوعِهِمَا (15) .
وَيُفَرِّقُ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ الْفَسَادِ وَالْبُطْلاَنِ فِي الْمُعَامَلاَتِ، عَلَى أَسَاسِ التَّمْيِيزِ بَيْنَ أَصْل الْعَقْدِ وَوَصْفِهِ.
وَأَسْبَابُ الْبُطْلاَنِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هِيَ حُدُوثُ خَلَلٍ فِي أَصْل الْعَقْدِ، بِأَنْ تَخَلَّفَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهِ أَوْ شَرْطٌ مِنْ شَرَائِطِ انْعِقَادِهِ.
أَمَّا أَسْبَابُ الْفَسَادِ، فَهِيَ حُدُوثُ خَلَلٍ فِي وَصْفِ الْعَقْدِ مَعَ سَلاَمَةِ الْمَاهِيَّةِ، فَإِذَا اخْتَل الْوَصْفُ: بِأَنْ دَخَل الْمَحَل شَرْطٌ فَاسِدٌ، فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ لاَ بَاطِلٌ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (عَقْد) وَفِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.

التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي فَرَّقَ فِيهَا الْجُمْهُورُ بَيْنَ الْفَسَادِ وَالْبُطْلاَنِ:
7 - الأَْصْل عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ عَدَمُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْفَسَادِ وَالْبُطْلاَنِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي بَعْضِ الْمَسَائِل:
فَالْمَالِكِيَّةُ فَرَّقُوا بَيْنَ الْفَسَادِ وَالْبُطْلاَنِ فِي عَقْدِ الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ (16) .
وَالشَّافِعِيَّةُ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي عُقُودٍ ذَكَرَهَا الزَّرْكَشِيُّ فَقَال: الْفَاسِدُ وَالْبَاطِل سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ عِنْدَنَا، وَاسْتَثْنَى النَّوَوِيُّ: الْحَجَّ وَالْخُلْعَ وَالْكِتَابَةَ وَالْعَارِيَّةَ (17) .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَأْتِي التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْفَسَادِ وَالْبُطْلاَنِ فِي الْوَكَالَةِ وَالإِْجَارَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ (18) .
قَال ابْنُ اللَّحَّامِ الْحَنْبَلِيُّ: الْبُطْلاَنُ وَالْفَسَادُ عِنْدَنَا مُتَرَادِفَانِ. . . ثُمَّ قَال: إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَذَكَرَ أَصْحَابُنَا مَسَائِل فَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِل ثُمَّ ذَكَرَ أَمْثِلَةً كَثِيرَةً لِلْمَسَائِل الَّتِي فَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الْبَاطِل وَالْفَاسِدِ (19) .
وَالتَّفْصِيل فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.

مَا يَتَعَلَّقُ بِالْفَسَادِ مِنْ أَحْكَامٍ:
8 - يَتَعَلَّقُ بِالْفَسَادِ أَحْكَامٌ أَوْرَدَهَا الْفُقَهَاءُ فِي صُورَةِ قَوَاعِدَ فِقْهِيَّةٍ أَوْ أَحْكَامٍ لِلْمَسَائِل الْفِقْهِيَّةِ، مِنْهَا:

أَوَّلاً - فَسَادُ الْمُتَضَمِّنِ يُوجِبُ فَسَادَ الْمُتَضَمَّنِ:
9 - هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مِنَ الْقَوَاعِدِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْحَنَفِيَّةُ فِي كُتُبِهِمْ، وَعَبَّرَ عَنْهَا ابْنُ نُجَيْمٍ بِلَفْظٍ آخَرَ هُوَ: (الْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ) وَوَضَّحُوا هَذِهِ الْقَاعِدَةَ فَقَالُوا: يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْل بُدُوِّ صَلاَحِهَا، وَيَجِبُ قَطْعُهَا لِلْحَال، فَإِنِ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَ إِلَى وَقْتِ الإِْدْرَاكِ بَطَلَتِ الإِْجَارَةُ؛ لأَِنَّهُ لاَ تَعَامُل فِي إِجَارَةِ الأَْشْجَارِ الْمُجَرَّدَةِ، فَلاَ يَجُوزُ، وَطَابَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ - وَهِيَ مَا زَادَ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ - وَذَلِكَ لِبَقَاءِ الإِْذْنِ.
وَلَوِ اسْتَأْجَرَ الأَْرْضَ إِلَى أَنْ يُدْرِكَ الزَّرْعُ - أَيْ إِلَى وَقْتِ إِدْرَاكِهِ - فَسَدَتِ الإِْجَارَةُ لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ، وَلَمْ تَطِبِ الزِّيَادَةُ لِفَسَادِ الإِْذْنِ بِفَسَادِ الإِْجَارَةِ، وَفَسَادُ الْمُتَضَمِّنِ يُوجِبُ فَسَادَ الْمُتَضَمَّنِ، بِخِلاَفِ الْبَاطِل، فَإِنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا أَصْلاً وَوَصْفًا فَلاَ يَتَضَمَّنُ شَيْئًا، فَكَانَتْ مُبَاشَرَتُهُ عِبَارَةً عَنِ الإِْذْنِ.
وَحَاصِل الْفَرْقِ أَنَّ الْفَاسِدَ لَهُ وُجُودٌ؛ لأَِنَّهُ فَائِتُ الْوَصْفِ دُونَ الأَْصْل، فَكَانَ الإِْذْنُ ثَابِتًا فِي ضِمْنِهِ، فَيَفْسُدُ، أَمَّا الْبَاطِل فَلاَ وُجُودَ لَهُ أَصْلاً، فَلَمْ يُوجَدْ إِلاَّ الإِْذْنُ.
وَفِي حَاشِيَةِ الشَّلَبِيِّ عَلَى الزَّيْلَعِيِّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الإِْذْنِ الثَّابِتِ فِي ضِمْنِ الإِْجَارَةِ الْبَاطِلَةِ وَبَيْنَهُ فِي ضِمْنِ الإِْجَارَةِ الْفَاسِدَةِ: أَنَّ الإِْذْنَ فِي الإِْجَارَةِ الْبَاطِلَةِ صَارَ أَصْلاً مَقْصُودًا بِنَفْسِهِ؛ لأَِنَّ الْبَاطِل لاَ وُجُودَ لَهُ، وَالْمَعْدُومَ لاَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُتَضَمِّنًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الإِْجَارَةُالْفَاسِدَةُ، لأَِنَّ الْفَاسِدَ لَيْسَ مَعْدُومًا بِأَصْلِهِ، فَصَحَّ أَنْ يَكُونَ مُتَضَمِّنًا، فَإِذَا فَسَدَ الْمُتَضَمِّنُ فَسَدَ الْمُتَضَمَّنُ (20) .
وَالْحُكْمُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ يَظْهَرُ فِي الْعُقُودِ الَّتِي يُفَرِّقُونَ فِيهَا بَيْنَ الْبَاطِل وَالْفَاسِدِ، كَالْعُقُودِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلإِْذْنِ، مِثْل الشَّرِكَةِ، وَالْمُضَارَبَةِ، وَالْوَكَالَةِ، فَهَذِهِ الْعُقُودُ لاَ يَمْنَعُ فَسَادُهَا صِحَّةَ تَصَرُّفِ الْمَأْذُونِ لِبَقَاءِ الإِْذْنِ.
فَفِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ: الْفَاسِدُ مِنَ الْعُقُودِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلإِْذْنِ إِذَا صَدَرَتْ مِنَ الْمَأْذُونِ صَحَّتْ، كَمَا فِي الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ إِذَا أَفْسَدْنَاهَا فَتَصَرَّفَ الْوَكِيل، صَحَّ لِوُجُودِ الإِْذْنِ، وَطَرَدَهُ الإِْمَامُ فِي سَائِرِ صُوَرِ الْفَسَادِ (21) .
وَفِي الْقَوَاعِدِ لاِبْنِ رَجَبٍ الْحَنْبَلِيِّ: الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ كَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْوَكَالَةِ لاَ يَمْنَعُ فَسَادُهَا نُفُوذَ التَّصَرُّفِ فِيهَا بِالإِْذْنِ (22) .
وَيَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: إِذَا تَصَرَّفَ الْعَامِل فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ لأَِنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِيهِ، فَإِذَا بَطَل الْعَقْدُ بَقِيَ الإِْذْنُ، فَمَلَكَ بِهِ التَّصَرُّفَ (23) . وَقَوَاعِدُ الْمَالِكِيَّةِ لاَ تَأْبَى ذَلِكَ (24) .

ثَانِيًا - الْمِلْكُ:
10 - التَّصَرُّفُ الْفَاسِدُ لاَ يُفِيدُ الْمِلْكَ قَبْل الْقَبْضِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.
أَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ، فَلاَ يُفِيدُ الْمِلْكَ كَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
يَقُول الزَّرْكَشِيُّ: الْفَاسِدُ لاَ يُمْلَكُ فِيهِ شَيْءٌ، وَيَلْزَمُهُ الرَّدُّ وَمُؤْنَتُهُ، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِقَبْضِ الْبَدَل، وَلاَ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ إِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ، وَكَذَا إِنْ جَهِل فِي الأَْصَحِّ.
وَيُسْتَثْنَى صُورَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ يَمْلِكُ فِيهَا أَكْسَابَهُ.
الثَّانِيَةُ: إِذَا صَالَحْنَا كَافِرًا بِمَالٍ عَلَى دُخُول الْحَرَمِ، فَدَخَل وَأَقَامَ، فَإِنَّا نَمْلِكُ الْمَال الْمَأْخُوذَ مِنْهُ (25) .
وَيَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: إِنْ حَكَمْنَا بِفَسَادِ الْعَقْدِ لَمْ يَحْصُل بِهِ مِلْكٌ، سَوَاءٌ اتَّصَل بِهِ الْقَبْضُ أَوْ لَمْ يَتَّصِل، وَلاَ يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِيهِ بِبَيْعٍ وَلاَ هِبَةٍ وَلاَ عِتْقٍ وَلاَ غَيْرِهِ (26) . أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَإِنَّ التَّصَرُّفَ الْفَاسِدَ يُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَهُمْ بِالْقَبْضِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَيَمْلِكُ الْقَابِضُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مِلْكٌ غَيْرُ لاَزِمٍ، لأَِنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْفَسْخِ رَفْعًا لِلْفَسَادِ، وَلِذَلِكَ فَهُوَ مَضْمُونٌ (27) .
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: الأَْصْل فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ أَنَّ كُل مَا يُمْلَكُ بِبَيْعٍ جَائِزٍ يُمْلَكُ بِفَاسِدٍ، فَلَوْ شَرَى قِنًّا بِخَمْرٍ - وَهُمَا مُسْلِمَانِ - مَلَكَ الْقِنَّ مُشْتَرِيهِ بِقَبْضِهِ بِإِذْنٍ، وَلاَ يَمْلِكُ الْبَائِعُ الْخَمْرَ (28) .
وَالْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ، وَبِهِ يُفْتَى، وَهِيَ مَضْمُونَةٌ (29) .
وَالْمَقْبُوضُ بِالْقِسْمَةِ الْفَاسِدَةِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ وَيَنْفُذُ التَّصَرُّفُ، كَالْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ (30) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَتَقَرَّرُ الْمِلْكُ فِي الْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ بِالْفَوَاتِ:
يَقُول ابْنُ رُشْدٍ: الْبُيُوعُ الْفَاسِدَةُ عِنْدَ مَالِكٍ تَنْقَسِمُ إِلَى مُحَرَّمَةٍ وَإِلَى مَكْرُوهَةٍ: فَأَمَّا الْمُحَرَّمَةُ فَإِنَّهَا إِذَا فَاتَتْ مَضَتْ بِالْقِيمَةِ، وَأَمَّا الْمَكْرُوهَةُ فَإِنَّهَا إِذَا فَاتَتْ صَحَّتْ عِنْدَهُ، وَرُبَّمَا صَحَّ عِنْدَهُ بَعْضُ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ بِالْقَبْضِ، لِخِفَّةِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ (31) .

ثَالِثًا - الضَّمَانُ:
11 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةَ تُرَدُّ إِلَى حُكْمِ صَحِيحِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، فَإِنِ اقْتَضَى التَّصَرُّفُ الصَّحِيحُ الضَّمَانَ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ، وَإِنِ اقْتَضَى عَدَمَ الضَّمَانِ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ (32) .
وَلِلْحَنَفِيَّةِ قَاعِدَةٌ شَبِيهَةٌ بِمَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَهِيَ: الأَْصْل أَنَّ كُل مَا قُبِضَ بِجِهَةِ التَّمَلُّكِ ضُمِنَ، وَكُل مَا قُبِضَ لاَ بِجِهَةِ التَّمَلُّكِ لَمْ يُضْمَنْ (33) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (ضَمَان ف 35، وَمَا بَعْدَهَا) .

رَابِعًا - سُقُوطُ الْمُسَمَّى فِي التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ:
12 - الْوَاجِبُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا تَسْمِيَةُ نَحْوِ الأَْجْرِ أَوِ الرِّبْحِ أَوِ الْمَهْرِ، هُوَ الْمُسَمَّى، فَإِذَا فَسَدَتْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ، فَإِنَّ الْمُسَمَّى يَسْقُطُ، وَيَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَجِبُ إِذَا سَقَطَ الْمُسَمَّى (34) ، وَمِنْ ذَلِكَ:

أ - الإِْجَارَةُ:
13 - إِذَا فَسَدَتِ الإِْجَارَةُ وَاسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ، فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْل بَالِغًا مَا بَلَغَ، أَيْ وَلَوْ زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْل، بِشَرْطِ أَنْ لاَ يَزِيدَ عَنِ الْمُسَمَّى إِذَا كَانَ فِي الْعَقْدِ تَسْمِيَةٌ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْدِ تَسْمِيَةٌ وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْل بَالِغًا مَا بَلَغَ (35) .
وَالتَّفْصِيل فِي: (إِجَارَة ف 43 - 44) .

ب - الْمُضَارَبَةُ:
14 - الْوَاجِبُ فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ هُوَ الرِّبْحُ الْمُسَمَّى لِلْمُضَارِبِ، فَإِذَا فَسَدَتِ الْمُضَارَبَةُ فَلاَ يَسْتَحِقُّ الْمُضَارِبُ الرِّبْحَ الْمُسَمَّى، لأَِنَّهَا تَسْمِيَةٌ لَمْ تَصِحَّ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ أُجْرَةُ مِثْل عَمَلِهِ إِذَا عَمِل، وَيَكُونُ الرِّبْحُ جَمِيعُهُ لِرَبِّ الْمَال، لأَِنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ. وَالْمُضَارِبُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْل بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، سَوَاءٌ أَرَبِحَتِ الْمُضَارَبَةُ أَمْ لَمْ تَرْبَحْ، لأَِنَّهُ عَمِل طَامِعًا فِي الْمُسَمَّى، فَإِذَا فَاتَ وَجَبَ رَدُّ عَمَلِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ، فَتَجِبُ قِيمَتُهُ وَهِيَ الأُْجْرَةُ.
وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - غَيْرَ أَبِي يُوسُفَ - وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ غَيْرَ الشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ (36) .
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا لِلْمُضَارِبِ قِرَاضَ الْمِثْل فِي مَسَائِل مَعْدُودَةٍ، وَأُجْرَةَ الْمِثْل فِيمَا عَدَاهَا، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ ضَابِطٌ، هُوَ: كُل مَسْأَلَةٍ خَرَجَتْ عَنْ حَقِيقَةِ الْقِرَاضِ مِنْ أَصْلِهَا فَفِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْل، وَأَمَّا إِنْ شَمَلَهَا الْقِرَاضُ، لَكِنِ اخْتَل مِنْهَا شَرْطٌ، فَفِيهَا قِرَاضُ الْمِثْل (37) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (مُضَارَبَة)

ج - النِّكَاحُ:
15 - الْمَهْرُ يَسْقُطُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ - سَوَاءٌ اتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ أَمْ لاَ - إِذَا حَصَل التَّفْرِيقُ قَبْل الدُّخُول عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَقَبْل الْخَلْوَةِ فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (38) . هَذَا مَعَ اسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْمَسَائِل الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا نِصْفُ الْمَهْرِ قَبْل الدُّخُول، كَمَا إِذَا ادَّعَى الزَّوْجُ قَبْل الدُّخُول رَضَاعًا مُحَرِّمًا بِلاَ بَيِّنَةٍ، وَكَذَّبَتْهُ الزَّوْجَةُ، فَإِنَّهُ يُفْسَخُ النِّكَاحُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ كَمَا يَقُول الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (39) .
وَيَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِالدُّخُول، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَل بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَل مِنْ فَرْجِهَا. (40)
فَقَدْ جَعَل النَّبِيُّ ﷺ لَهَا الْمَهْرَ فِيمَا لَهُ حُكْمُ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَعَلَّقَهُ بِالدُّخُول، فَدَل عَلَى أَنَّ وُجُوبَهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَاجِبِ مِنَ الْمَهْرِ، هَل هُوَ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْل أَوِ الأَْقَل مِنْهُمَا؟ فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ لَهَا مَهْرُ الْمِثْل.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - غَيْرَ زُفَرَ - لَهَا الأَْقَل مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَمِنَ الْمُسَمَّى.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَهَا الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى كَنِكَاحِ الشِّغَارِ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْل.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لَهَا الْمُسَمَّى فِي الْفَاسِدِ (وَهُوَ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ) وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْل فِي الْبَاطِل (وَهُوَ مَا اتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ) (41) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (مَهْر - نِكَاح) .

خَامِسًا: الْفَسَادُ فِي الأَْشْيَاءِ الْمَادِّيَّةِ:
16 - يَرِدُ الْفَسَادُ فِي الأَْشْيَاءِ الْمَادِّيَّةِ كَعَطَبِ الأَْطْعِمَةِ، وَيَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ مِنْ حَيْثُ إِيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا، كَمَا فِي الرَّهْنِ، أَوْ مِنْ حَيْثُ الْتِقَاطُهَا، أَوْ مِنْ حَيْثُ اعْتِبَارُهَا عَيْبًا فِي الْمَبِيعِ يُوجِبُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ.
وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:

أ - رَهْنُ مَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ:
17 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَصِحُّ رَهْنُ مَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ، لَكِنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَالُوا: يَصِحُّ رَهْنُ مَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ إِنْ أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ، كَرُطَبٍ وَعِنَبٍ يَتَجَفَّفَانِ، فَإِنْ كَانَ لاَ يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ وَلَكِنْ رُهِنَ بِدَيْنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ لَكِنَّهُ يَحِل قَبْل الْفَسَادِ وَلَوِ احْتِمَالاً جَازَ. أَمَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُهُ وَرُهِنَ بِمُؤَجَّلٍ يَحِل بَعْدَ فَسَادِهِ أَوْ مَعَهُ، لَمْ يَجُزْ إِلاَّ إِنْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهُ عِنْدَ خَوْفِ فَسَادِهِ، وَأَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ رَهْنًا.
وَلَوْ رُهِنَ مَا لاَ يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ فَحَدَثَ قَبْل الأَْجَل مَا عَرَّضَهُ لِلْفَسَادِ - كَحِنْطَةٍ ابْتَلَتْ وَتَعَذَّرَ تَجْفِيفُهَا - لَمْ يَنْفَسِخِ الرَّهْنُ، بَل يُبَاعُ وُجُوبًا وَيُجْعَل ثَمَنُهُ رَهْنًا (42) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَصِحُّ رَهْنُ مَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ إِصْلاَحُهُ بِالتَّجْفِيفِ كَالْعِنَبِ وَالرُّطَبِ، أَوْ لاَ يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ كَالْبِطِّيخِ وَالطَّبِيخِ.
ثُمَّ إِنْ كَانَ مِمَّا يُجَفَّفُ، فَعَلَى الرَّاهِنِ تَجْفِيفُهُ، لأَِنَّهُ مِنْ مُؤْنَةِ حِفْظِهِ وَتَبْقِيَتِهِ، فَيَلْزَمُ الرَّاهِنَ كَنَفَقَةِ الْحَيَوَانِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لاَ يُجَفَّفُ، فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُقْضَى الدَّيْنُ مِنْ ثَمَنِهِ إِنْ كَانَ حَالًّا، أَوْ يَحِل قَبْل فَسَادِهِ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لاَ يَحِل قَبْل فَسَادِهِ، جُعِل ثَمَنُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ، سَوَاءٌ شُرِطَ فِي الرَّهْنِ بَيْعُهُ أَوْ أُطْلِقَ، لأَِنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِي ذَلِكَ، لأَِنَّ الْمَالِكَ لاَ يُعَرِّضُ مِلْكَهُ لِلتَّلَفِ وَالْهَلاَكِ، فَإِذَا تَعَيَّنَ حِفْظُهُ فِي بَيْعِهِ حُمِل عَلَيْهِ مُطْلَقُ الْعَقْدِ، كَتَجْفِيفِ مَا يَجِفُّ، وَأَمَّا إِذَا شَرَطَ أَنْ لاَ يُبَاعَ فَلاَ يَصِحُّ، لأَِنَّهُ شَرَطَ مَا يَتَضَمَّنُ فَسَادَهُ وَفَوَاتَ الْمَقْصُودِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لاَ يُجَفَّفَ مَا يَجِفُّ.
وَفِي وَجْهٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ أَطْلَقَ لاَ يَصِحُّ.
وَإِذَا شَرَطَ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعَهُ، أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ، أَوِ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ الرَّاهِنُ أَوْ غَيْرُهُ، بَاعَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ بَاعَهُ الْحَاكِمُ وَجَعَل ثَمَنَهُ رَهْنًا، وَلاَ يُقْضَى الدَّيْنُ مِنْ ثَمَنِهِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَعْجِيل وَفَاءِ الدَّيْنِ قَبْل حُلُولِهِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِنْ رَهَنَهُ ثِيَابًا يُخَافُ فَسَادُهَا، كَالصُّوفِ، قَال أَحْمَدُ فِيمَنْ رَهَنَ ثِيَابًا يُخَافُ فَسَادُهَا كَالصُّوفِ: أَتَى السُّلْطَانَ فَأَمَرَهُ بِبَيْعِهَا (43) .
وَنَقَل الْحَصْكَفِيُّ عَنِ الذَّخِيرَةِ: لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ ثَمَرَةِ الرَّهْنِ وَإِنْ خَافَ تَلَفَهَا، لأَِنَّ لَهُ وِلاَيَةَ الْحَبْسِ لاَ الْبَيْعِ، وَيُمْكِنُ رَفْعُهُ إِلَى الْقَاضِي، حَتَّى لَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لاَ يُمْكِنُهُ الرَّفْعُ لِلْقَاضِي أَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ بِحَالٍ يَفْسُدُ قَبْل أَنْ يُرْفَعَ، جَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَهَذَا إِذَا لَمْ يُبِحِ الرَّاهِنُ لَهُ الْبَيْعَ.
وَفِي الْبِيرِيِّ عَنِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ: وَيَبِيعُ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، وَيَكُونُ رَهْنًا فِي يَدِهِ، قَال الْبِيرِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَازُ بَيْعِ الدَّارِ الْمَرْهُونَةِ إِذَا تَدَاعَتْ لِلْخَرَابِ (44) . وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الأَْصْل أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الْمَرْهُونِ إِلاَّ إِنْ خَشِيَ فَسَادَهُ، فَإِنْ خَشِيَ فَسَادَهُ جَازَ بَيْعُهُ (45) .

ب - الْتِقَاطُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ:
18 - مَنِ الْتَقَطَ مَا لاَ يَبْقَى وَيَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ، كَاللَّحْمِ وَاللَّبَنِ وَالْفَوَاكِهِ، فَإِنَّهُ يُعَرِّفُهُ إِلَى أَنْ يَخْشَى فَسَادَهُ، ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهِ خَوْفًا مِنَ الْفَسَادِ.
وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الأَْوْلَى عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (46) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مَنِ الْتَقَطَ شَيْئًا مِمَّا يُسْرِعُ فَسَادُهُ وَلاَ يَبْقَى بِعِلاَجٍ، فَإِنَّ آخِذَهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ خَصْلَتَيْنِ: فَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ اسْتِقْلاَلاً إِنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا، وَبِإِذْنِهِ إِنْ وَجَدَهُ وَعَرَّفَ الْمَبِيعَ بَعْدَ بَيْعِهِ لِيَتَمَلَّكَ ثَمَنَهُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، وَإِنْ شَاءَ تَمَلَّكَهُ فِي الْحَال وَأَكَلَهُ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ.
وَإِنْ أَمْكَنَ بَقَاءُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ بِعِلاَجٍ، كَرُطَبٍ يَتَجَفَّفُ، فَإِنْ كَانَتِ الْغِبْطَةُ فِي بَيْعِهِ بِيعَ جَمِيعُهُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ إِنْ وَجَدَهُ، وَإِلاَّ بَاعَهُ اسْتِقْلاَلاً، وَإِنْ كَانَتِ الْغِبْطَةُ فِي تَجْفِيفِهِ وَتَبَرَّعَ بِهِ الْوَاجِدُ لَهُ أَوْ غَيْرُهُ، جَفَّفَهُ، لأَِنَّهُ مَال غَيْرِهِ، فَرُوعِيَ فِيهِ الْمَصْلَحَةُ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِتَجْفِيفِهِ بِيعَ بَعْضُهُ بِقَدْرِ مَا يُسَاوِي التَّجْفِيفَ لِتَجْفِيفِ الْبَاقِي، طَلَبًا لِلأَْحَظِّ (47) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَنِ الْتَقَطَ مَا لاَ يَبْقَى عَامًا وَكَانَ مِمَّا لاَ يَبْقَى بِعِلاَجٍ وَلاَ غَيْرِهِ، فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَكْلِهِ وَبَيْعِهِ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ، فَإِنْ أَكَلَهُ ثَبَتَتِ الْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ بَاعَهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ جَازَ، وَلَهُ أَنْ يَتَوَلَّى بَيْعَهُ بِنَفْسِهِ دُونَ حَاجَةٍ إِلَى إِذْنِ الْحَاكِمِ، وَعَنْ أَحْمَدَ: لَهُ بَيْعُ الْيَسِيرِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا دَفَعَهُ إِلَى السُّلْطَانِ.
وَإِنْ أَكَلَهُ أَوْ بَاعَهُ حَفِظَ صِفَاتِهِ، ثُمَّ عَرَّفَهُ عَامًا.
وَإِنْ كَانَ مَا الْتَقَطَهُ مِمَّا يُمْكِنُ إِبْقَاؤُهُ بِالْعِلاَجِ، كَالْعِنَبِ وَالرُّطَبِ، فَيَنْظُرُ مَا فِيهِ الْحَظُّ لِصَاحِبِهِ: فَإِنْ كَانَ فِي التَّجْفِيفِ جَفَّفَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلاَّ ذَلِكَ، وَإِنِ احْتَاجَ التَّجْفِيفُ إِلَى غَرَامَةٍ بَاعَ بَعْضَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْحَظُّ فِي بَيْعِهِ بَاعَهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُهُ تَعَيَّنَ أَكْلُهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْلُهُ أَنْفَعَ لِصَاحِبِهِ فَلَهُ أَكْلُهُ لأَِنَّ الْحَظَّ فِيهِ (48) .
__________
(1) لسان العرب، والقاموس المحيط، والمفردات للراغب الأصفهاني، والمعجم الوسيط.
(2) جمع الجوامع 1 / 105، المنثور 3 / 7، والأشباه والنظائر للسيوطي 312، القواعد والفوائد الأصولية 110، والأشباه والنظائر لابن نجيم 337.
(3) التوضيح والتلويح 2 / 123، وجمع الجوامع 1 / 100.
(4) جمع الجوامع 1 / 105 - 107، والتلويح على التوضيح 1 / 216 - 221، والموافقات للشاطبي 2 / 333 - 337، وابن عابدين 4 / 99، والبدائع 5 / 300 - 305، و4 / 190، والمستصفى للغزالي 2 / 25 - 30، وكشف الأسرار 1 / 257 - 261، وروضة الناظر ص113، ومغني المحتاج 2 / 30، والمنثور 1 / 352 - 355، والمغني 5 / 550، والدسوقي 3 / 54.
(5) الشرح الكبير مع الدسوقي 3 / 54، المنثور في القواعد 3 / 313، القواعد لابن رجب ص 12، وحاشية ابن عابدين 1 / 255، والبحر المحيط 2 / 439، والفروق للقرافي 2 / 82، والتلويح 1 / 218.
(6) دستور العلماء 1 / 251، وجمع الجوامع 1 / 105، وكشف الأسرار 1 / 258.
(7) فواتح الرحموت 1 / 86، والمستصفى 1 / 94، 95، والبدائع 2 / 40 - 43.
(8) التلويح 1 / 161 وما بعدها، وجمع الجوامع 1 / 109 - 118، والبدخشي 1 / 64.
(9) المغني 2 / 332، وجواهر الإكليل 1 / 97.
(10) البدائع 2 / 98، و102، والفواكه الدواني 1 / 363، والمهذب 1 / 190.
(11) البدائع 2 / 102 - 103، 218، وجواهر الإكليل 1 / 192، والمنثور 3 / 18 - 19، ومنتهى الإرادات 1 / 451.
(12) الاختيار 1 / 11.
(13) البدائع 2 / 40 - 43، وجواهر الإكليل 1 / 140، والمهذب 1 / 182، ونيل المآرب 1 / 266.
(14) جمع الجوامع 1 / 105 - 107، والتلويح 1 / 218، وكشف الأسرار 1 / 259، وروضة الناظر ص 31، وحاشية الدسوقي 3 / 54، ونهاية المحتاج 3 / 429 ومغني المحتاج 2 / 30، والأشباه والنظائر للسيوطي ص310، والمنثور 3 / 7.
(15) بداية المجتهد 2 / 125 - 126.
(16) منح الجليل 3 / 671 - 721.
(17) المنثور 3 / 7.
(18) القواعد والفوائد الأصلية ص110 - 114، والقواعد لابن رجب ص65 - 67.
(19) القواعد والفوائد الأصولية ص110 - 114.
(20) حاشية ابن عابدين4 / 39 - 40، وحاشية الشلبي على الزيلعي 4 / 12، وفتح القدير وهوامشه 5 / 490 نشر دار إحياء التراث، والبحر الرائق 5 / 327، والاختيار 2 / 7.
(21) المنثور في القواعد 3 / 15، و2 / 409، والجمل 3 / 517.
(22) القواعد لابن رجب ص64 - 66.
(23) المغني 5 / 72.
(24) الكافي لابن عبد البر 2 / 777، وفتح العلي المالك 2 / 219 - 220، ومنح الجليل 3 / 671، 722.
(25) المنثور في القواعد 3 / 13.
(26) المغني 4 / 252.
(27) البدائع 5 / 299 وما بعدها.
(28) جامع الفصولين 2 / 36.
(29) جامع الفصولين 2 / 35.
(30) غمز عيون البصائر 2 / 208، 609.
(31) بداية المجتهد 2 / 193.
(32) القواعد لابن رجب ص67، وشرح منتهى الإرادات 2 / 326، والمغني 4 / 425 و5 / 73، والقواعد والفوائد الأصولية ص112، ونهاية المحتاج 4 / 274، 275، الجمل 3 / 291، 517، والمنثور 3 / 8 - 9، والفواكه الدواني 2 / 129 و5 / 228، منح الجليل 3 / 670، وفتح العلي المالك 2 / 219.
(33) جامع الفصولين 2 / 58 - 59.
(34) المغني 5 / 21، والمنثور 3 / 12، ومغني المحتاج 2 / 359، والبدائع 4 / 218.
(35) البدائع 4 / 218، وجامع الفصولين 2 / 38، والشرح الصغير 2 / 277 ط الحلبي، والمنثور في القواعد 3 / 12، ومغني المحتاج 2 / 358 - 359، والمغني 5 / 445 - 446.
(36) الاختيار 3 / 20، وابن عابدين 4 / 484 وما بعدها، ومغني المحتاج 2 / 315، والمغني 5 / 72.
(37) الشرح الصغير 2 / 248.
(38) بدائع الصنائع 2 / 335، والدسوقي 2 / 240، والمنثور في القواعد 3 / 9، ومنتهى الإرادات 3 / 83، والمغني 6 / 455.
(39) جواهر الإكليل 1 / 285، والمغني 6 / 560، ومنتهى الإرادات 3 / 243.
(40) حديث: " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها. . . " أخرجه الترمذي (3 / 399) وقال: حديث حسن.
(41) بدائع الصنائع 2 / 335، وابن عابدين 2 / 350 - 351، والدسوقي 2 / 240 - 241 - 317، وجواهر الإكليل 1 / 285، والمهذب 2 / 36، 63، ونهاية المحتاج 6 / 220، والمنثور 3 / 9، ومنتهى الإرادات 3 / 83، والمغني 6 / 727، ونيل المآرب 2 / 200.
(42) أسنى المطالب 2 / 146.
(43) المغني 4 / 377 - 378.
(44) الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 5 / 323.
(45) الدسوقي 3 / 250 - 251.
(46) الاختيار 3 / 33، والبدائع 6 / 202، ومنح الجليل 4 / 127.
(47) مغني المحتاج 2 / 411.
(48) المغني 5 / 739 - 740.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 117/ 32