الغفور
كلمة (غفور) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) نحو: شَكور، رؤوف،...
عقوبة مقدَّرة وجبت حقاً لله تَعَالَى . ومن أمثلته حد الزنا، وحد القذف . ومن شواهده قوله عَزَّ وَجَلَّ : ﭽﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭼالنور :٢ . وقوله سُبْحَاْنَهُ وَتَعَاْلَى : ﭽﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟﭼالنور :٤ .
«ما كنتُ لأقيمَ حَدّاً على أحد فيموت، فأجدَ في نَفسِي، إلا صاحب الخمر، فإنه لو مات وَدَيْتُهُ، وذلك أن رسول الله -ﷺ - لم يَسُنَّهُ». علي بن أبي طالِب علي بن أبي طالب
حرَّمَ الله الزّنا في جميع الشرائع لعظم فُحشِهِ وكثرة أضراره، فهو يفسد الفرد، ويُدمِّر المجتمعات، وزَجَرَهُمُ الله عنه بالحدود الشديدة التي تختلف باختلاف حال الزاني، ولابد من توافر شروط وانتفاء الموانع حتى تقام هذه الحدود.
حرّم الإسلام التكلم في أعراض الناس بلا علمٍ، وقد جاء الشّارع بحرمة الأعراض كما جاء بحرمة الدّماء، ومن رمى مسلمًا بغير علم وقامت عليه الحجة أقيم عليه حدُّ القذف.
لقد دلَّ دليلُ الكتابِ والسُّنَّة وإجماعِ الأُمَّة على تحريم الخمر، حفاظاً على الدين والعقل والبدن والمال والعرض، فالخمر أم الكبائر، ومفتاح الرذائل، وباب كل شر، لذا أقام الشّارع عليه الحد حفاظًا على المجتمع المسلم.
حرّمَ الشّارع الاعتداء على أموال النّاس بغير حقّ، وحفاظًا على المجتمع المسلم شرع حدّ السّرقة ردعًا لكلّ من تجرّأ على أخذِ أموالِ النّاس، ولا يقام حدّ السّرقة إلا بعد أن تتحقق الشّروط وتنتفي الموانع.
يُقامُ حد الحرابة - وهو قطع الطريق - على من تعرض لمعصوم محترم بسفك دمه أو أخذ ماله أو الاعتداء على عرضه، وهذا الحد قد وضعته الشريعة ردع الشذاذ المحاربين وعصابات السلب والقرصنة، وقد بين الشارع الحكيم الأمور التي تتحقق بها الحرابة، ونحو ذلك.
لم يجبر الإسلام النّاس على الدخول في هذا الدّين، ولكن من دخل فيه ثمَّ خرج منه فهو مفسد في الأرض يستحق العقوبة، لأنّه يوقعُ ثلمًا وخللًا في بنيان المجتمع المسلم، وللردة أحكام بينها أهل العلم، وقسَّموا خلالها الردَّة إلى ما تقبل التوبة منه في الشرع وما لا تُقبَل.
لقد عظم الشرع من شأن الصلاة فجعلها الركن الثاني من أركان الإسلام؛ بل هي عمود الدين، فلا يستقيم دين العبد إلا بها، فتركها من الكبائر، وهي الفارق بين المسلم والكافر، ولأهميتها فصّل العلماء في أحكام تركها، وما يترتب عليه.
شرع الله الحدود تأديباً وتكفيراً لمن وقع بها، وزجراً لغيرهم عن الوقوع فيها، وما كان من معصية لا حدّ فيها فيشرع فيها التعزير، وهو تأديب أيضاً، ولكنه أقل من الحد، وهو من الصّلاحيات التي وكلها الشارع للحاكم أو نائبه ليضبط بها المجتمع.
حرّم الإسلام التعدّي على الأعراض والأموال، ولكن قد يعرض أن يعتدي شخصٌ على آخر، هنا أباح الشّرع للمسلم الدفاع عن نفسه وعرضه وماله، وجاء التّفصيل في أحكام الصائل وكيف يُردُّ ويُدفع، حتّى يكون المسلم على بيّنة فيما يدفع به عن نفسه الأذى.
حرّم الإسلام البغي والظّلم، خاصّة على الحكم والخلافة المسلمة التي تحفظ بيضة الدين، لذا جعل الإسلام لهؤلاء البغاة أحكامًا خاصّة حتى يرتدعوا وحتى يُحفظ المجتمع المسلم من الفتن والدّماء.
أمرَ الإسلام بملازمةِ جماعة المسلمين، وحذّر من الخروج عنها ومفارقة الجماعة، ومن خرج على الحاكم المسلم وجماعته فللحاكم قتالهم وإن لم يرى كفرهم، دفعًا لشرّهم وحفاظًا على المجتمع الإسلاميّ.
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".